نماذج من الشعر التهامي في موكب الثورة


الحديدة/فتحي الطعامي –
لعب الشعر التهامي الشعبي دوراٍ بارزاٍ في صياغة الوعي الجمعي للمجتمع آنذاك وتحريضهم ضد الحكم الإمامي سواء (يحيى أو أحمد) فالشعراء كانوا موجودين وحاضرين في الأوضاع السياسية وفي المعارك العسكرية التي كانت تقع ما بين الفينة والأخرى .. وكان الشعر هو وسيلة الإعلام الحية وطريقة النشر التي يتفاخر بها الأبناء والقبائل جيلاٍ بعد جيل .. فمنذ اليوم الأول لصراع الأئمة مع هذه المنطقة دخل الشعر والأدب في معركة .. ولازم قوارح البنادق وتفجير المدافع ..
فعلى سبيل المثال وفي أبرز مناسبة يفتخر بها أبناء الزرانيق وهي معركة الجلة والتي أذاق فيها الزرانيق الإمام يحيى ونجله ولي العهد أحمد الأمرين وقتلوا في جيشه العديد .. هذه المعركة التي حصلت في 1928م وقتل فيها قائد الجيش الإمامي القيسي يقول فيها الشاعر التهامي (علي حسن بكار).

هبِ اميِوúمú منú بِلـِجú
على سْفوحِ (امúجلـهú)
إيت وحيدú اúتúفرجú
جهلهú كْلـْهْنú أفجú
مْبيتهú تتوهِجú
واهل امúسْوح واúمúهيِجú
منú فعúلú تاك الجهلـهú
أمْوت ما تأمِلـهú
في شِبهú و أِوúيِلـهú
أتوا بتاكú العِشúلـهú
ثم يذكر الشاعر مقتل قائد الجيش القيسي وهو أحد القادة الذين كان الإمام يعتمد عليهم في حروبه في مختلف اليمن فيقول الشاعر :
ويومْ كيوم الإفرنج
و(اúمúقيسي) هنا دبِجú
دبِج ونفسْهú تزعج
وما حسِبúشي اúمِخرج
ومن كان قائد أهوج
في امúليل بيِتú يشحِجú
خدرú بها يتمغنج
ذا فرعú زرنوق لاهج
خلـوا امúرْوسú كامúحِدِجú
وخلـْوا امúجــيش في حِرِجú
ثم يمتدح قبيلة المجاملة وهي إحدى قبائل الزرانيق ومعروفة بالشكيمة والقوة وصلابة رجالها ..
وطـْوه (امجاملـه)
ومحسوب ضمن الجملـه
يحيد (امúدينه) سفلـه
من قبل بدء امúدْخله
يبيدú كمú منú حمله
واúمْهúرú صبِحú بغله
يحيد اúمúزرانيق سهله
وحدْ يقابلú عْزلـه
وامúرجليúن مْشنجله
وامسِبع يعرف أكله
ويختتم الشاعر قصيدته بتوجيه بعض النصائح للإمام يحيى حميد الدين يوصيه فيها بعدم المغامرة بدخوله في حرب مع قبائل الزرانيق القوية ما لم فإنه كما يعبر الشاعر التهامي سيفتقد أبناؤه السيوف واحداٍ تلو الآخر وسيصبح بحاجة إلى أبناء آخرين..
قل للإمام لا تـْحرجú
و الأرض لما ترتج
و من بعد هْوذِا المخدج
و الله يعينك تنتج
الحرب وِهúله وِهúـلهú
أمْوت ما فيهش مْهله
الله يزيدك حِبِـله
و تبد لحنا جِهúله
واصل الشاعر التهامي نضاله ضد الحكم الإمامي من الاب (يحيى) إلى الابن (أحمد) وكان في عهد الإمام أحمد أقوى من ذي قبل حيث ينتقد الشاعر التهامي الأوضاع التي تعيشها البلد من ظلم وتجهيل وانتهاكات وتعسف منقطع النظير وتغييب للإنسان وتقييدا لحريته .. يتضح ذلك من خلال ما قاله الشاعر سليمان قطاب:
أدعوكú اúنا يا متعالú
رحمهú لأجل الأطفال
( إمامنا ) في إغفال
ما خلــى ولا ريال
ضِرِ العباد بالعْمِال
وزاد أتى كاشف حال
ما حصل .. بيت المال
تفك قيد المأسورú
من الظمأ حزن جور
الأمر بيده والشور
يلجح في اليمن ويدور
و طائفين والمأمور
للي مغطي مستور
زكاه وفطره وعشور ..
ثورة 26 سبتمبر حضر فيها الشاعر التهامي بقوة وعبر عن مكنونات النفوس التهامية التواقة للانعتاق والتحرر من قيود الذل والاستعباد .. ظهر ذلك جليا في القصائد التهامية الشعبية الأكثر تداولاٍ في ذلك الحين .. حيث يقول الشاعر التهامي علي فتيني في ذلك الوقت:
كل طاغي زالú
ولكن شعبي هو الأبطال
عاش قاداتنا الأبطال
واúصبح من العبيد منحلú
هو الذي للمشاكل حِلú
وعاش اليمن حْر لم يْحúتلú
لم يتوقف الشاعر التهامي عند احتفالات قيام الثورة السبتمبرية بل ذهب إلى أبعد من ذلك وهو مكافحة بقايا وفلول النظام الإمامي الاستبدادي والتي قد تسعى تقويض الثورة والعمل على وأدها في ذلك الوقت فقد عمل الشعراء والأدباء على التحذير من تلك المؤامرات الرامية الى القضاء على أحلام اليمنيين في مستقبل جميل ومزدهر .. يقول الشاعر التهامي وهو ينظر الى معارك الجمهوريين مع بقايا الجيوب الإمامية التي تعبث في صنعاء وحجه فيقول :
أنا حْرú حان وقتي
وشوف أخي الآن سايأتي
قل ( للحسن ) البغيض يأتي
يسقيك كاس الحمام يأتي
للمجد من بعد ذل طالú
شباب يحمي الوطن أبطال
سوف ترى الشعب يا محتال
و يهنئ بزعيمنا البطل ( سلال )
أما الشعر الموزون ( شعر القافية فقد كان حاضراٍ في صراع الثوار مع الإمام أحمد يعبر من خلاله المثقفون والمفكرون عن مطالب هذا الشعب المظلوم ويناشدون أهل النجدة للتدخل لحمايته من بطش آلة الظلم لدى الإمام أحمد فنرى الشاعر أحمد شعب وهو من أبناء بيت الفقيه في قصيدة مهداة من اليمن إلى عبدالرحمن عزام أمين عام جامعة الدول العربية وهي انتقاد لدور الجامعة وسميت برأي الشعب في الجامعة العربية :- (ذكرها الدكتور عبد الودود مقشر في رسالته للدكتوراه) يقول الشاعر:
لا شك أن الجامعة
لصدى ندائي سامعه
لكنها مخذولة
عن نصرتي متراجعة
يا ليت شعري ما عسى
تنوي وما هي صانعه¿
كم لي أصيح وأشتكي
وصوارخي متتابعة
عزام أين وفاؤكم¿
خدعتك عني الخادعة
الفتموا أعضاءكم
ولكم تعود النافعة
أين الذمام ¿ وأين من
قالوا سنعمل جامعة¿
كذبوا بزعمهمو وقد
خدعوا الشعوب الوادعة
وأصاب كل منهمو
أغراضه ومنافعه
بيت الفقيه – اليمن[ م.ش ]
أما شاعر تهامة ابراهيم صادق فكان شعره أكثر لذعا من غيره وانتقاداته أقوى كيف لا وهو من سْجن:
– مــظلــوم ..!
كيف أرضى بجمال ليس لي !!
أو أرى الدنيا بعين الأمل ! ! !
وأنـاس فـي سنيـن الـعســل !
وأنــا أشـرب كــأس الـحنـظل
فأعطني أيها العقل صوابك .
لأرى الـدنيـا بـعيــن الـحـالـم
بــــصبـــــاح وســـلام دائــم
وكــفـــاح مسـتمــر عــــارم
حيـث ْأودي بنـظـام ظــالـــم
وسترضي أيها الجسم شبابك .
– القصيدة الثانية :- لن نموت
… وسنستمر
وسنقهر الموت المخيف
وسننتصر
لربيعنا ضد الخريف
سنصيح في وجه الزمن
نحن الألى صنعوا الحياة
لا .. لن نموت وسوف لن .
نحيا عبيداٍ للطغاة
أما الأديب والشاعر والمفكر علي عبد العزيز نصر فكان شعره مفعما بالحرية والتحرر ويعمل على تجسيد وتوضيح مآسي الشعب اليمني الذي يتعرض للتنكيل والتهميش والتجهيل في تلك الحقبة المظلمة في كل مجالات الحياة فلا أمل بالإزدهار مع حكم تلك العقول المنغلقة يقول الشاعر علي عبد العزيز نصر في قصيد رائعة وهو يفرح بانتصار الشعب اليمني في ثورته ثورة 26 سبتمبر 1962م
سنمضي .. ولكن على أرضنا
سنمضي .. بأفئدة من حديد
نهد البروج .. بروج الطغاة
ندك الحصون .. حصون الجباة
كل ذلك يدل دلالة واضحة على مشاركة الشعراء والأدباء للنضال ضد العقليات الإمامية المستبدة .. بل إن بعضهم دف حياته ثمنا للكلمة الصادقة والقصيدة المعبرة والبيت الشعري التواق للحرية..

قد يعجبك ايضا