البرلمان التونسي يقر بأغلبية ساحقة قانونا جديدا لمكافحة الإرهاب

بعد نقاشات وتجاذبات سياسية حادة استمرت لأيام أقر البرلمان التونسي أمس قانونا جديدا لمكافحة الإرهاب بأغلبية ساحقة ويهدف القانون إلى تعزيز وسائل التصدي للتيارات الإرهابية والمتطرفة المسؤولة عن العمليات والهجمات الإرهابية خاصة الهجمات الأخيرة التي ادمت البلاد كما يعد إقرار هذا القانون الذي يعود حضوره إلى فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 2003م كضمانة قوية لمواجهة خطورة تنامي آفة الإرهاب الذي يتوسع بشكل سريع خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
ويرى مراقبون أن إقرار هذا القانون يعتبر خطوة جديدة في إطار التعامل مع هذه الآفة وخطوة هامة في نظر التونسيين والأطراف المساهمة في الشأن العام وهذه الخطوة تعطي دلالة على أنه لا نجاح في مقاومة  الإرهاب بدون رافد قانوني عملي يضبط كل عملية ويضع الجميع أمام حقوقهم وواجباتهم وهو ما يقطع مع حالة شبه الفراغ القانوني في التعامل مع الأحداث الإرهابية خلال الفترة الماضية.
في حين أثار القانون الجديد مخاوف العديد من المنظمات المدنية ونشطاء حقوق الإنسان بسبب استغلال هذا القانون للتضييق للحريات المدنية والسياسية في ظل تجربة ديمقراطية هشة ومتعثرة.
وبعد ثلاثة ايام من النقاش اقر “مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال ” بأغلبية 174 نائبا وامتناع عشرة نواب عن التصويت في حين لم يصوت ضده أي نائب خلال جلسة عامة حضرها رئيس الحكومة الحبيب الصيد وعدد من الوزراء وكتاب الدولة.
وما أن تمت المصادقة على القانون حتى وقف النواب لإنشاد النشيد الوطني في حين وصف رئيس المجلس محمد الناصر اقرار القانون باللحظة “التاريخية”.
ووصف الناصر التصويت على مشروع القانون بأنه “انجاز عظيم” ويستجيب لرغبة التونسيين.
وجاءت المصادقة على قانون الإرهاب ومكافحة غسيل الأموال بعد هجوم وقع في يونيو على منتجع ساحلي في مدينة سوسة أدى إلى مقتل 38 سائحا معظمهم بريطانيون.
ووقع هجوم مماثل قبل ثلاثة أشهر في متحف باردو بالعاصمة تونس على يد مسلحين إسلاميين.
لكنه قال إن مقاومة الارهاب لن تنتهي بالمصادقة عل القانون وأكد أنه “جزء من خطة اتخذتها الحكومة وبموافقة من البرلمان لمكافحة الارهاب و منع غسل الاموال وتقتضي ايضا جهودا على مستويات عدة وتعبئة وطنية للقضاء على هذه الآفة”.
وأوضح الناصر ان مشروع القانون سيحال إلى هيئة مراقبة دستورية القوانين قبل تصديق رئيس الجمهورية عليه.
ويحل قانون “مكافحة الارهاب” الجديد محل قانون صادر في 2003م في عهد زين العابدين بن علي يقول المدافعون عن حقوق الانسان انه كان يستخدم لقمع المعارضة.
لكن معارضي القانون الجديد يقولون انه لا يحمي حقوق المشتبه بهم وانه فضفاض في تعريفه “للإرهاب” وقد يحد من حرية التعبير والصحافة.
وأقر القانون الذي ينص على عقوبات تصل الى الاعدام رغم دعوات المدافعين عن حقوق الانسان ومنظمات غير حكومية الى الغاء هذه العقوبة في تونس.
وتنص المادة 26 من القانون الجديد على انه “يعد مرتكبا لجريمة ارهابية ويعاقب بالاعدام كل من يتعمد قتل شخص يتمتع بحماية دولية”.
وتنص المادة 27 على الاعدام على “كل من قبض على شخص او اوقفه او سجنه او حجزه دون اذن قانوني وهدد بقتله او ايذائه او استمرار احتجازه من اجل اكراه طرف ثالث” اذا نتج عن ذلك الموت.
وتنص المادة 28 على عقوبة الإعدام “إذا تسبب الاعتداء بفعل الفاحشة في موت المجني عليه كما يعاقب بالإعدام كل من يتعمد في سياق جريمة ارهابية مواقعة انثى دون رضاها”.
ويقول مراقبون إن ظاهرة الإرهاب في تونس أشد تعقيدا من أن يحتويها هذا القانون الجديد. ويضيف هؤلاء إن مشكلة تونس الاساسية مع الإرهاب اليوم ـ وهذا ما ترفض الأطراف السياسية الاساسية في الحكم (في إشارة لحزب نداء تونس الحاكم) ـ الاعتراف به تتمثل في ان أحد أطراف اللعبة السياسية في البلاد وأحد المصدقين على القانون وهو حركة النهضة تحوم حوله شبهات عديدة بشأن دوره في تغذية الإرهاب في تونس.
ويؤكد المراقبون أن هذا القانون لن تكون فيه فائدة مرجوة لتونس ما دام لم يعالج جذريا احد الاسباب الرئيسية لتغذية الإرهاب في البلاد وأخطرها وهو حزب النهضة الذي يلعب أدوارا مزدوجة تراوح بين ادعاء الحرص على الدولة المدنية وعلوية القانون فيها وبين معارضته الشديدة لأن تمارس هذه الدولة سلطتها على الجميع بما فيها ملاحقة الكثير من المتهمين من كوادر الحزب الإخواني بدعم الإرهاب وهي تهم مدعومة بأدلة ووثائق لا تقبل التشكيك.

قد يعجبك ايضا