شهر رمضان شهر التكافل والإحسان والعطاء شهر تتجسد فيه أعمق معاني التضحية والإيثار بين المسلمين ابتغاء وجه الله تعالى والظفر بعظيم الثواب في أيام مباركة تتضاعف فيها الأجور والحسنات.
من كل عام يأتي شهر التوبة والغفران مطهراٍ لدنس الذنوب والخطايا ومحطة لمراجعة الذات وتقييمها وملء الزاد الإيماني في النفس قولاٍ وعملاٍ والبحث عن سبل الرشاد والأعمال الصالحة وطرق الخير ومسالكه .. هكذا استهل العلامة مصطفى الريمي حديثه معنا وأضاف: فأعظم ما يجود به المسلم في هذا الشهر المبارك هو الإحسان للفقراء والمحتاجين والمنكوبين ومن تقطعت بهم سبل العلاج وحال افقر بينهم وبين الشفاء وما أكثرهم إثر التطورات الأخيرة المؤلمة التي يشهدها واقعنا اليمني .. ولهذا فباب التكافل الاجتماعي والتصدق والإحسان أفضل وأعظم ما يطرق بابه في هذا الشهر الكريم.
وأضاف مستدلاٍ بقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) وما أحوجنا اليوم إلى إعلاء ثقافة العطاء والإيثار من مال (حلال) وقلب طيب فالله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وفي هذا يقول المولى عز وجل 🙁 أِنفقْواú من طِيبِات مِا كِسِبúتْمú) وفي ذلك جزاء عظيم امتثالاٍ لقوله الله تعالى (وِمِا تْنفقْواú من شِيúءُ في سِبيل الله يْوِفِ إلِيúكْمú وِأِنتْمú لاِ تْظúلِمْونِ) فما عندكم سينفذ وما عند الله هو الباق.
دعاة الخير
ومن جانبه استهل العلامة ابراهيم العلفي حديثه بقوله صلى الله عليه وآله وسلم (ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشام منه فلا يرى إلا ما قدم فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة).
ومضى العلفي يقول: وها هو شهر الجود والإحسان قد أقبل علينا فيا داعي الخير أقبل وياداعي الشر أدبر فالشهر الكريم لا يقبل إلا المخلصين في أعمالهم وعطاءاتهم الباحثين عن عظيم الفضل والأجر والمثوبة من الله وهنا يأتي فضل الإنفاق وعظمته في هذه الأوقات المباركة ولذلك الفضل الكبير في الدنيا والآخرة .. فالصدقة تطفئ غضب الرب وتمحو الخطيئة وتبارك في المال والعمر وانضمام إلى السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله وقد بين ذلك الفضل صلوات ربي وسلامه عليه حين قال: أفضل الصدقة صدقة في رمضان وكان الحبيب المصطفى أجود الناس وكان أجود ما يكون في شهر رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فيلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة.
وختم حديثه بالقول: هي رسالة للمؤمنين كافة بأن يستغلوا أوقات وأيام هذا الشهر المبارك وليبادروا إلى ميادين الطاعات والإحسان والإنفاق والتكافل والصدقات ليفوزوا برضا الله والظفر بشهر رمضان فمن يدري لعل هذا العام آخر محطة في حياته ولعله لا يدرك فضل وعظمة هذا الشهر مرة أخرى (مِن ذِا الِذي يْقúرضْ اللِهِ قِرúضٍا حِسِنٍا فِيْضِاعفِهْ لِهْ وِلِهْ أِجúرَ كِريمَ).
أبعاد ودلالات
من جانبها أوضحت الداعية إيمان أحمد ياسين – جامعة القرآن الكريم وعلومه : إن هذا الشهر لم يأت مانعاٍ للعبد من الطعام والشراب فحسب بل يحمل دلالات وأبعاداٍ إيمانية وتربوية وأخلاقية وإنسانية تتجلى في مفاهيم وقيم الصوم ومنها تبرز وتتجلى روح الأخوة الإيمانية والتوحد الإيماني والرباط الوثيق بين أبناء الإسلام فالمسلمون مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وهذه هي القيمة الحقيقية لتلك المعاني السامية التي يحملها شهر الصيام والبركة حيث تتضاعف الأجور والحسنات ويتحقق معنى التكافل والتضافر وقيم الإحسان والإيثار والجود وكلاٍ يجود بسعته وقدرته تجاه المستضعفين والفقراء ولمن هم أولو حاجة وعوز.
وأضافت بالقول: إن أعمال الخير كثيرة وقد بينها لنا رسولنا الاكرم بالقول: وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن تكشف عنه كربا أو تقضي عنه ديناٍ أو تطرد عنه جوعاٍ ولا أحد ينكر فضل الإحسان والانفاق والتصدق في الدنيا فصنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
بشارات
وأما المرشدة الدينية خديجة المتوكل – وزارة الأوقاف فتقول: ما تصدق أحد بصدقة أو عطاء فهي تربو عند الله أضعافاٍ مضاعفة وفيها نجاة من مصائب الشر والسوء وبشارة بحسن الخاتمة والبركة في العيش والولد والنجاة من النيران (ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب – إلا أخذها الرحمن بيمينه وأن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيلة).
وختمت الحديث بالقول: فليكن هذا رمضان محطة للزاد الإيماني بتكريس وغرس ثقافة الإحسان والعطاء والتكافل والتصدق وما عند الله خير وأبقى للمحسنين.