بريطانيا تضع ثقتها في كاميرون مجددا

حقق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون انتصارا كبيرا ومفاجئا في الانتخابات العامة التي جرت أمس الأول بينما اجتاح الحزب القومي الاسكتلندي المقاعد المخصصة لاسكتلندا في مجلس العموم البريطاني كما افاد استطلاع الخروج من مراكز التصويت.
وأشاد كاميرون أمس بالأداء “القوي” لحزب المحافظين الذي يتزعمه والذي شهد “ليلة حافلة جدا” في الانتخابات البريطانية.
وأعلن كاميرون “من الواضح انها ليلة حافلة جدا لحزب المحافظين” لكنه اضاف انه “لا يزال من المبكر جدا القول ما ستكون عليه النتيجة في النهاية”.
وأظهرت التوقعات الأخيرة أن المحافظين سيحصلون على 325 مقعدا في مجلس العموم أي أقل بمقعد واحد من الاكثرية المطلقة.
وبحسب هذه التوقعات فإن المحافظين سيحصلون على 325 مقعدا في مقابل 232 للعماليين و56 للحزب القومي الاسكتلندي.
واعلنت في النتيجة مخالفة لكل الاستطلاعات التي اجريت طيلة ستة اشهر سبقت الانتخابات وتوقعت نتيجة متقاربة بين الحزبين يكون كاميرون قادرا على تشكيل حكومة اقلية وتنظيم استفتاء بحلول العام 2017م حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي او خروجها منه كما وعد.
وعلق كاميرون على اجتياح القوميين لمقاعد اسكتلندا بان هدفه هو ان “يحكم البلاد من اجل الجميع” في بريطانيا.
كما اشار الى منح سلطات اضافية الى المناطق إذا “عهد اليه تشكيل حكومة في الايام المقبلة”.
وأكد كاميرون: لقد قلت دائما ان استطلاع الراي الوحيد المهم هو ما يحصل يوم الاقتراع واليوم دليل على ان ذلك صحيح.. لقد حصلنا على نتيجة ايجابية لحملة ايجابية”.
وتثير امكانية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي مخاوف الشركاء الاوروبيين للندن اضافة الى قلق اوساط المال والاعمال في المملكة المتحدة.
لكن ورغم ذلك فإن رد الفعل الاولي للاسواق على انتصار المحافظين على العمال كان إيجابيا اذ ارتفع الجنيه الاسترليني امام الدولار واليورو على حد سواء في بورصة طوكيو الجمعة.
ولعل الخاسرين الاكبرين في هذه الانتخابات هما إد ميليباند (45 عاما) الذي ظل طوال الاشهر الستة الاخيرة يتنازع مع كاميرون صدارة استطلاعات الرأي فإذا بالنتائج تأتي عكس ذلك ونيك كليغ (48 عاما) نائب رئيس الوزراء في الحكومة الائتلافية المنتهية ولايتها الذي نجح في انقاذ مقعده في شيفيلد هالام بصعوبة.
وقال زعيم حزب العمال البريطاني اد ميليباند أمس: إن حزبه عانى من ليلة “محبطة للغاية” بعد أن أظهرت نتائج الانتخابات انه سيخسر مقاعد وسيأتي بفارق كبير وراء حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
وقال لانصاره: بعد ان احتفظ بمقعده البرلماني في دونكاستر بشمال انكلترا “كانت ليلة محبطة وصعبة للغاية لحزب العمال”.
وأضاف ميليباند الذي أقر فعليا بالهزيمة إنه يشعر “بأسف عميق” لما حدث في اماكن اخرى في بريطانيا خاصة في اسكتلندا حيث قال ان موجة من القومية طغت على حزب العمال.
كما اشار كليغ الى ان حزبه “شهد ليلة قاسية” ملمحا الى امكان استقالته.

واظهر الاستطلاع الذي اجرته شبكات التلفزيون البريطانية الرئيسية وشمل عينة من 22 الف مقترع ان المحافظين حصلوا على 316 مقعدا (بزيادة تسعة مقاعد عن انتخابات 2010م) في حين حصل العمال على 239 مقعدا ما يعني انهم خسروا 18 مقعدا مقارنة بما كانت عليه حصتهم في البرلمان السابق.
اما الحزب القومي الاسكتلندي (اس ان بي) فقد اجتاح المقاعد المخصصة لاسكتلندا في البرلمان البريطاني بفوزه بـ58 من اصل 59 مقعدا ما يعني انه ضاعف عشر مرات تقريبا عدد نوابه في مجلس العموم بحسب الاستطلاع نفسه.
أحرز القوميون انتصارا يرمز الى نهاية حزب العمال في مقاطعتهم مع فوز مرشحتهم ميري بلاك الطالبة البالغة من العمر 20 عاما والتي تمكنت من ازاحة احد اعمدة حزب العمال دوغلاس الكسندر واصبحت ايضا اصغر نائب يدخل قصر وستمنستر منذ نحو ثلاثة قرون ونصف وتحديدا منذ 1667م.
وجاء دور زعيم حزب العمال في اسكتلندا جيم مورفي ليخسر مقعده امام احد مرشحي الحزب القومي.
في المقابل دعا زعيم الحزب القومي الاسكتلندي نيكولا ستورجون الى التريث مشككا في تغريدة نشرها على حسابه على موقع تويتر في قدرة حزبه على الفوز بكل هذه المقاعد.
إلا أن مؤيديه في غلاسكو وادنبرة لم يخفوا رغبتهم في “الانتقام” فهم يتطلعون لاجراء استطلاع جديد من اجل الاستقلال.
وبحسب استطلاعات الراي فإن عدد مقاعد الليبراليين الديمقراطيين سيتراجع من 56 الى 10 بينما سيحتفظ حزب يوكيب الشعبوي والمناهض لأوروبا على مقعدين مع انه لم يحصل سوى على 14% من نوايا التصويت. وكان زعيم الحزب نيك فاراج قد أعلن أنه “سيستقيل” في حال الخسارة.
في المقابل يرى باتريك دانليفي استاذ العلوم السياسية لدى معهد لندن للاقتصاد أن “مكانة كاميرون ازدادت بشكل كبير فهو سيظل رئيسا للوزراء حتى لو لم يحصل بعد على الغالبية المطلقة”.
ورحب رئيس بلدية لندن بوريس لندن بالنتائج قائلا: إنه انتصار واضح جدا للمحافظين وليلة سيئة للعماليين”.
وفي حال عدم حصول اي من الحزبين الرئيسيين على الغالبية القصوى من 326 مقعدا في مجلس العموم تبدأ مشاورات مع الأحزاب الأصغر.
ويركز المراقبون على اثنين من الاحزاب الصغيرة دون سواهما يمكن أن يؤديا الى ترجيح كفة الميزان هما الليبراليون الديمقراطيون والحزب الديمقراطي الوحدوي في ايرلندا الشمالية.
وبدأت الاحتفالات بالنتائج في مختلف أنحاء بريطانيا خلال الليل. وقال بين وودثورب (39 عاما) وهو يقف أمام حانة في لندن: صوتت للمحافظين لأن حزب العمال ليس كفءا في الشؤون المالية”.
في المقابل كانت خيبة الأمل واضحة في معسكر العماليين “لقد خاب املي إلى حد كبير لأن الغالبية يبدو انها في صالح المحافظين”.
وفي حال فوز كاميرون بولاية جديدة فستثار قضية خروج بريطانيا خامس أكبر اقتصاد في العالم من الاتحاد الأوروبي إذ أنه وعد بإجراء استفتاء حول عضوية بلاده بحلول العام 2017م.

قد يعجبك ايضا