معامل مدرسية تتحول إلى مختبرات لإنتاج سموم القات وطلاب يعتدون على معلميهم بالضرب

عندما نتحدث عن مشاكل التعليم في اليمن فإن تعز ستكون أقل المحافظات ضررا فالمدارس منتشرة في أغلب تجمعاتها السكانية والمعلمون متوفرون بدرجة لا بأس بها ــ وإن لم تكن بالشكل المطلوب ــ  حتى أن مشاكلها التعليمية حتى قبيل  أن تهب رياح الأزمة اليمنية في العام 2011م تكاد تنحصر في عدة نقاط  منها حاجتها إلى توسيع البنية التحتية وتعميم التعليم للجميع وتسهيل الوصول إليه ومكافحة ظاهرة الغش المدرسي ..
للأسف الشديد إن ما يشهده الجانب التعليمي في أرياف المحافظة لم يأت من فراغ أو عن طريق الصدفة بل جاء بعد أن تخلت المدرسة التي تعتبر حاضنة للأجيال عن مهمتها وتحولت إلى منصات لصناعة الفشل.
“الثورة ” تنقلت في أرياف محافظة تعز لتوضح لكم صورة معاناة  وحقائق التعليم فيها .. فإلي التفاصيل :
في إحدى مدارس ريف محافظة تعز صبِح احد المعلمين على طالبيه عند تماما الساعة العاشرة صباحا بصورة مكفهرة عابسة وترجم تلك الصورة بكلمات مسيئة  لهم ولأعراضهم كان هذا الموقف مجرد عنوان لغضب المعلم من طالبيه قبل أن يخطو خطواته المتسارعة  نحوهم لتأديبهم بالضرب ــ كالعادة ــ وقتها لم يكن الطالبان قد أخذا جرعة كافية من التربية الاخلاقية في مدرستهم ليتعاملوا مع الموقف بشكل إيجابي فأغلب ما كانوا يتلقونه كان على هذه الشاكلة لذا لم يكن غريبا عليهم أن يفكروا برد “الصاع بصاعين” للمعلم وهو ما حدث بالفعل فما إن وصل إليهما حتى طرحاه أرضا وأخذا يكيلان له اللكمات والضربات القاسية ولولا تدخل من كانوا حاضرين  في ساحة المدرسة  لقضيا عليه وكما هو متوقع لم تقم إدارة التربية باتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تحمي المعلم من تطاول طلابه ولا الطالب من همجية أستاذه والنتيجة بالطبع تسجيل عدد كبير من هذه الحالات في مدارس متفرقة وهذا يعني أن المدارس التي تعتبر حاضنة أجيال الحاضر والمستقبل قد تحولت إلى مستنقع مليء بالأمراض الأخلاقية من جهة والفشل التعليمي من جهة أخرى واللذين سيدمران مستقبلنا وقبله حاضر أجيالنا .

نقص حاد
  استهتار بعض المعلمين لم يقتصر على توبيخهم لطلابهم بل تعدى إلى أكثر من ذلك حيث ترك عدد كبير من المعلمين في مدارس متفرقة مهمتهم في المدرسة وتوجهوا إلى تقمص مهن أخرى كالبيع والشراء في “القات” وقيادة مركبات الأجرة “كتجارة ” ورغم أن هذه الظاهرة ليست بالجديدة إلا أنها توسعت بشكل ملفت خلال السنوات الاربع الاخيرة وبالتحديد منذ فبراير من العام 2011م وحتى اللحظة وبالتالي تعاني حاليا عدد كبير من المدارس من نقص حاد في معلمي بعض المواد لاسيما المواد العلمية منها.

معامل مدرسية للقات
  شيء لم يكن على بال أحد ولا حتى متوقعا فنحن نعلم أن نسبة المدارس التي تمتلك معامل مدرسية  15% فقط من إجمالي مدارس الجمهورية   ومع ذلك نجد بعض هذه المدارس تحول معاملها إلى بؤر لصناعة سموم لشجرة القات  متناسين الاضرار الصحية التي يمكن أن تلحق بالناس بسبب هذا التهور مدرسة ( أ ـ د ) هي إحدى المدارس التي حولت معاملها الخاصة إلى مختبر لصناعة السموم والأسمدة لشجرة القات هذه المشكلة قائمة منذ ثلاث سنوات تقريبا وما تزال مستمرة حتى كتابة هذه السطور والمضحك أن إنتاج هذه الاسمدة ليست وفقا لمواصفات علمية بل خلطت المواد الكيميائية بطريقة عشوائية وكانت النتائج أنها تسرع من عملية إنتاج شجرة القات ولم تمر هذه القضية على مسامع بعض الاطباء حتى أطلقوا تحذيراتهم شديدة اللهجة من استمرار هذه المشكلة التي وصفوها بالكارثة وطالبوا الجهات المختصة باتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع استمرار هذه المخالفات .

غياب الرقابة
الأخت / تقوى الهتار عضو لجنة تطوير التعليم بوزارة التربية والتعليم استاءت كثيرا لما يحدث للتعليم في الوطن وتحدثت بحرقة قلب عما يحدث قائلة :
كما هو معروف منذ زمن بأن الريف منبع النبوغ ومواطن العباقرة من كتاب وشعراء وفقهاء وقضاة لما كان يتسم به من قوة اللغة والمصداقية في العلم والبيئة الحاضنة لكل مبدع وهو عكس ما هو موجود في الساحة التعليمية اليوم  حيث للأسف نرى تدهورا في الوضع التعليمي يدمي له القلب ويندى له الجبين ففلذات أكبادنا يحتاجون الكثير والكثير من الرعاية.

وأردفت: هناك أسباب عديدة أوصلت التعليم في بلادنا عامة ومحافظة تعز خاصة إلى هذا المستوى المزري أبرزها غياب الرقابة على تلك المدارس أيضا من يمتلكون زمام القرار ليسوا على مستوى واعُ من المسؤولية فالمحسوبية تحكم تصرفاتهم فبعض مدراء مكاتب التربية حولوا مهامهم من وسيلة لإنجاح العملية التعليمية إلى وسائل للكسب المادي الخاص بجنيهم للضرائب المستقطعة من رواتب المعلمين المتغيبين إلى جانب ذلك هناك عدد كبير من مدراء المدارس لا تنطبق عليهم المعايير العلمية لقيادة العملية التعليمية والتربوية ومعلمون كثر يحملون شهادات ابتدائي وإعدادي وثانوي وبالتأكيد أن مثل هذه الاسباب تعمل على إفشال التعليم في بلادنا خصوصا في الريف الذي يمثل 70 % من إجمالي تعداد سكان اليمن .

تراكمات الفشل
أما الأخ /عبدالجليل محمد – معلم –  يرى أن ثمة أسباباٍ متداخلة تقف وراء هذا الفشل الذي يقتل أجيالنا ويقضي على مستقبلهم  حيث قال :
 الفشل في العملية التعليمية باليمن ليس وليد اللحظة بل هو نتاج لتراكمات من التخطيط العشوائي والتقنين التربوي الخاطئ  عبر السنين فنحن نلاحظ مدى التخبط العشوائي في الادارة التعليمية في البلد وكذا تراخي المسؤولين عن القيام بمهامهم سواء في مجال الرقابة على التعليم المدرسي أو في مجال إعداد الكوادر التعليمية في الجامعة    وكما ان النجاح في العملية التعليمية ـ  بإجماع الخبراء ـ يكمن في تكاتف وترابط كافة خطوط التعليم بدءا من الجهة التي تعد المعلمين للمدارس وهي الجامعات مرورا بالإدارة المتمثلة بوزارة التربية وفروعها بالمحافظات بما في ذلك المدارس وانتهاء بالمجتمع وفي مقدمته الأسرة فإن الفشل يعني تفكك هذه الخطوط وبالأحرى فشل حلقة  واحدة من حلقات التعليم يعني فشل العملية التعليمية برمتها .
واختتم بالقول: أتمنى من الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الإهمال الحاصل في العملية التعليمة ليتسنى لنا بناء جيل متسلح بالعلم والمعرفة وهذا لن يأتي من فراغ أو عن طريق الصدفة فبغياب النوايا الصادقة  وتضافر الجهود سيبقى حال التعليم في بلادنا في تدنُ مستمر والنتيجة ستكون كارثية.
 
المحرر
  تراكمت المشاكل وتوسعت دائرة الفشل وأصبح التعليم خصوصا الريفي على “شفا جرفُ هار” يحدث كل ذلك دون اتخاذ الجهات المسؤولة أي خطوة لتدارك الموقف فهل سيستمر الوضع على ما هو عليه¿! أم أن هناك من سينتفع بالتذكير ويوقف عجلات العربة قبل أن تحل الكارثة .. هذا ما نأمله .

قد يعجبك ايضا