لن يكون الأمر أو الموقف الذي يدفعك إلى القيادة بسرعة زائدة, أهم من حياتك وسلامة الآخرين.. فالقيادة “المجنونة” قد ترسلك خلال لحظات إلى الحياة الأخرى ومعك عدد من الأبرياء, أو تصاب بعاهة دائمة ترافقك بقية أيامك ومثلك سيكون آخرون سواء من هم مستقلون على سيارتك أو سيارة ثانية, أو من المارة.
ورغم وجود لوحات إرشادية تحدد السرعة المسموح بها في بعض شوارع العاصمة والمدن والخطوط الطويلة التي تربط بين المحافظات, إلا أن السرعة الزائدة ما تزال السبب الأول والمتهم الأساسي في وقوع حوادث السير التي يروح ضحاياها الآلاف من أبناء اليمن.. “الثورة” تطرقت في هذه المادة إلى أهمية تواجد اللوحات الإرشادية للسرعة وأهمية الالتزام بها من قبل السائقين.. نتابع..
عام تلو الآخر يمر على مجتمعنا اليمني ويطوي صفحته ويطوي معها صفحات ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف, من اليمنيين, ويترك خلفه آلافاٍ من المواطنين مصابين ومشوهين, وتتراوح إصاباتهم ما بين “بليغة ومتوسطة وبسيطة”.. كل ذلك يحدث أمام أعيننا بشكل مستمر, دون أن نشعر بالمسئولية تجاه هذه الحرب التي تحصد أرواح شيوخنا وشبابنا وأمهاتنا وفتياتنا, دون أن نحاول أن نقف بجد وحزم أمام الخطر المحدق بنا والنازف لدمائنا, دون أن نعلن ساعة إيقاف الحرب عبر الالتزام بلوحات وإرشادات السلامة المرورية بالطريق.
رصدت الداخلية في تقريريها السنوي أن السرعة تسببت في وقوع (2370) حادثاٍ من إجمالي الحوادث التي شهدها العام الماضي 2014م التي بلغت ما يقارب 7178 حادثاٍ مرورياٍ نتج عنها وفاة (2,065) شخصاٍ وإصابة (10,227) شخصاٍ بإصابات بليغة ومتوسطة بينما الخسائر المادية فقد قدرت (1,975,230,803) ريالات.
وبحسب ما ورد في تقرير صادر عن الإدارة العامة لشرطة السير التابعة لوزارة الداخلية, فإن يناير الماضي من العام الجاري 2015م قد شهد 537 حادثاٍ مرورياٍ منها 178 حادثاٍ بسبب السرعة الزائدة, نتج عنها وفاة 157 شخصاٍ بينهم 17 من الإناث, و30 من الأحداث وإصابة 784 شخصاٍ, بإصابات بليغة ومتوسطة وبسيطة, منهم 71 أنثى بالغة و132 حدثاٍ من الذكور والإناث.
العوامل التي تحد من سرعة السيارة عديدة لخصها لنا العقيد عبدالله النويرة منها ” السرعة التي قررتها الجهة المسئولة عند تصميم الطريق ونوعية الخطوط من حيث المنعطفات والمرتفعات أو طريق مستو, بالإضافة إلى نوعية السيارة من حيث الحجم والنوع والحمولة وكذا عمر السائق وقدراته القيادية وخبرته المتراكمة”.
ولكل طريق سرعة محددة حسب جودتها ونوعيتها ( أو تسترد -درجة أولى- درجة ثانية- درجة ثالثة) وعلى السائق التقيد بالسرعة المحددة له من قبل الجهات المعنية التي تحددها وتضعها على كتف الطريق بعد دراسات علمية دقيقة ينفذها متخصصون بمجال الطرق والسرعة.
لكن مهما تعددت العوامل التي تحدد سرعة السيارة, تبقى السرعة المحددة من قبل الجهات الرسمية العامل الوحيد الذي يجب على السائق التقيد به, ذلك يأتي بعد التزام السائقين بقواعد وقوانين السير بشكل عام, أهمها الصيانة المستمرة للسيارة.
وأكد العقيد النويرة وهو خبير وأحد منتسبي شرطة السير, على أن السرعة تحتل المرتبة الأولى في حوادث المرور الخطيرة.. وأضاف “ترتفع خسائر الحادث المرورية كل ما كان ناتجاٍ عن سرعة عالية, وتقل النتائج حين يقع الحادث والسيارة تسير بسرعة “أقل”.
وتصبح السرعة أكثر خطورة عند ما تترافق في العادة, بحسب العقيد النويرة, مع العديد من التصرفات الخاطئة مثل استخدام الهاتف أو الانشغال في حديث جانبي والسرحان (عدم التركيز الكامل على القيادة) والتجاوز الخاطئ وعدم صيانة السيارة بشكل مناسب أو استخدام إطارات تالفة ومنتهية الصلاحية.. مشيراٍ إلى أن الوقوف بالسيارة يحتاج إلى وقت ومسافة تزداد طرديا مع السرعة فكلما كانت السرعة أكبر كانت مسافة الوقوف أطول وزمن الوقوف اكبر, وهذا يعني انه كلما زادت السرعة, كلما كان وضع السائق في موقف حرج لعدم قدرته على الوقوف في الوقت المناسب وقد لا يقف إلا بحصول حادث مروري.
وأوضح العقيد النويرة أن اللوحات الإرشادية التي يتم نصبها في الشوارع لتحديد السرعة وغيرها من مسئولية البلديات- الأشغال ويتم تحديد السرعة بناءٍ على اتساع الشارع ووجوده داخل المدينة أو على أطرافها وبناءٍ على كثافة الحركة المرورية والقدرة الاستيعابية للشارع.
في السياق ذاته أعتبر رئيس منظمة قف للسلامة المرورية محمد الشامي السرعة الزائدة السبب الأساسي وراء وقوع حوادث الطرق إضافة إلى أن بعض المركبات غير مؤهلة.. مشيراٍ إلى أن زيادة السرعة تؤدي إلى ارتفاع شدة الاصطدام ما يزيد من احتمال الوفاة أو الإصابة الجسدية.
وأضاف الشامي” من يْلقي نظرة على شوارع بلادنا يجد أنها تشتكي من قلة إشارات حدود السرعة المسموح بها على الرغم من أهميتها على الطرق وهو ما قد يْسبب بعض الحوادث المؤسفة وربما كانت النتائج إصابات خطيرة أو وفيات وهنا يجب أن تلتفت الجهات المعنية إلى هذا الأمر وندعو جميع السائقين إلى الالتزام بالسرعة المقررة للحفاظ على سلامتهم وسلامة مستخدمي الطريق الآخرين”.
وقال الشامي: إن هناك نسبة كبيرة ممن يتولون قيادة السيارة من جميع الفئات يفتقرون للثقافة والوعي المروري ولقواعد وقوانين السير والإشارة والإرشادات الخاصة بالسلامة على الطريق.. لافتاٍ إلى أن الأغلبية من السائقين لا يهتم بتطبيق القانون المروري وإنما بكيفية القيادة والعبور بها في الشوارع بسرعة مختلفة دون أي مراعاة للسرعة المحددة أو إشارات المرور.
“نشر الثقافة المرورية بين فئات المجتمع عامة وبين الفئات المستهدفة (الأكثر مخالفة لأنظمة المرور) كالشباب بشكل خاص وتوعية المجتمع بمخاطر السرعة وحثه على الالتزام بقواعد السير عبر وسائل الإعلام المختلفة وتنفيذ العقوبة من قبل شرطة السير لمن يرتكب مخالفة السرعة غير المسموح بها”.. تعتبر من أهم الحول التي يمكننا من خلالها إيقاف أو وضع حد للحوادث المرورية بشكل عام وخسائرها بحسب رئيس منظمة قف للسلامة المرورية.
مدير عام شرطة السير بالجمهورية العميد بامشموس أكد على أن تصميم الطرق تجري على عدد من الشروط والأساسيات منها السرعة ومستوى الحركة كماٍ وكيفاٍ وكذا الأوزان المحورية للمركبات التي تعبرها وظروف البيئة المحلية وغيرها من الاعتبارات الهامة التي يجب مراعاتها.
و قانون المرور رقم 46لعام 1991م في المادة (44) حدد السرعة القصوى للمركبات الآلية في الطرق الطويلة بالآتي: السيارات الخصوصية والعمومية والحافلات التي لا يزيد عدد ركابها عن 27 راكباٍ والسيارات الخاصة وسيارات الأجرة والدراجات النارية..وسيارات النقل التي لا يزيد وزنها على 3000 كغم في الساعة بسرعة أقصاها.100كم- ساعة بينما سيارات النقل الثقيلة التي بزيد وزنهاعلى3000كغم بسرعة اقصاها80 كم-ساعة..كما حددت لائحة القانون في المادة 59 السرعة القصوى والدنيا للمركبات الميكانيكية على الطريق العام بداخل المدن 10كم-ساعة وخارج المدن 20 كم-ساعة..
وأضاف بامسموش “أهميتها تكمن. في ضمان بقاء قدرة السائقين على السيطرة على مركباتهم وتلافي الوقوع في الخطر المحدق.. ويتم وضعها بالتنسيق.مع وزارة الأشغال. والطرق .. أو المجالس المعنية بذلك .. لكن للأسف أن السائقين لا يتقيدون بهذه السرعات وغيرها .. وإلا لما الحوادث والمخالفات ترتفع بين الحين والآخر”.