” رأس المال جبان ” بهذه العبارة يتضح معنى تنمية الاقتصاد فالأمن والاستقرار أهم عامل من عوامل ازدهار الدول لكن العمليات الإرهابية التي تحدث تسببت في إصابة الدول بعجز اقتصادي وصل في بعضها حد الانهيار.. ” الثورة ” استطلعت آراء أكاديميين ومختصين حول الإرهاب وأثره على الاقتصاد الوطني ومعيشة المواطنين.. فإلى التفاصيل :
يحدثنا الأستاذ الدكتور أحمد مطهر عقبات مستشار جامعة صنعاء عن تأثير ظاهرة الإرهاب على الاقتصاد الوطني ومعيشة المواطن قائلاٍ : تأثيرات الإرهاب متعددة وكل جانب له سلبياته ومداخله وانعكاساته على أمن المجتمع واقتصاده ولعل الجانب الاقتصادي هو الأكثر تضررا باعتبار أن البيئة الاستثمارية تنهار بسبب خوف رؤوس الأموال من القيام بأي نشاط تجاري أو استثماري مهدد بالفشل أو الإفلاس أو السطو أو نحو ذلك انطلاقا من المثل القائل (رأس المال جبان) وهذا يعني أنه من الصعب أن يجد الاستثمار الداخلي والخارجي والسياحة كمورد قومي مهم طريقه للعمل والنمو في ظروف أمنية رخوة خاصة في حالة تزايد العمليات الإرهابية الطاردة لديمومة حياة الإنسان ولقمة عيشه.. و يلاحظ في السنوات الأخيرة ومنذ ظهور العمليات الإرهابية في اليمن والاختطافات وغيرها تراجع الاقتصاد الوطني كثيرا بسبب الخوف من القيام بأي مغامرة تجارية أو توافد السياح من خارج اليمن الأمر الذي أثر وسيظل يزداد تدهورا في ظل غياب الأمن والاستقرار.
ويضيف : باختصار إن البيئة الآمنة شرط أساسي لتطور الاقتصاد وازدهاره ليس فقط في اليمن بل وفي كل البلدان والمواطن هو الأكثر تضررا ويتحمل عادة تبعات عدم الاستقرار وتدهور الاقتصاد على مستوى معيشته ويكفي الإشارة بأن نسبة الفقر في اليمن وفي الدول التي تعاني من الإرهاب تزيد بطريقة متسارعة خاصة في ظل الزيادة السكانية المضطردة وغياب التوازن بين عدد السكان والموارد المتاحة وهذه الأخيرة يصعب توفرها بشكل مناسب في أي بلد يعاني من مشكلة الإرهاب. ..أ.د. أحمد مطهر عقبات مستشار جامعة صنعاء
استنزاف مقدرات
من جانبه يقول الدكتور عمران الضبيع – أستاذ إدارة الأعمال : من القضايا المتفق عليها أن للإرهاب آثار سلبية على جوانب متعددة من حياة الناس ولعل من أبرزها الجوانب الاقتصادية وتتمحور الآثار السلبية الاقتصادية للإرهاب في عدة محاور: أولها الإضرار بالقدرة التناسبية للاقتصاد المحلي في مجال جذب الاستثمارات ذلك أن الإرهاب يوفر بيئة طاردة للاستثمارات مهما كانت طبيعة البنى التحتية المادية والقانونية المتاحة ومهما كانت الظروف الاقتصادية والاجتماعية مواتية فهو لايؤثر على مجرد جذب الاستثمارات بل يفرغ البرامج والخطط والسياسات الاقتصادية والتنموية من مضمونها.
ويضيف : المحور الثاني يؤدي تراجع المناخ الاستثماري بسبب الإرهاب إلى تقليل فرص العمل المتاحة وإلى تدني مستوى التدريب والتأهيل الذي يمكن أن يتوافر عليه عنصر العمل المحلي موازنة بالأحوال الطبيعية اما المحور الثالث يتمثل في استنزاف مقدرات المجتمع وترجيحها نحو محاربة الإرهاب عوضاٍ عن صرفها نحو دعم العملية التنموية وهذا يعني أنه بدلاٍ من إنشاء الطرق والإنفاق على إقامة المدارس والمستشفيات والمشاريع الحيوية يتوجه الإنفاق نحو برامج مكافحة الإرهاب وفي هذا إلغاء لكثير من البرامج التنموية.
وأردف : يترتب على ما سبق حرمان المجتمع من الاستفادة من الخبرات والكفاءات الأجنبية في مختلف التخصصات. ولا يقتصر هذا على مجال بعينه فالجامعات ومراكز البحث العلمي والمستشفيات وغيرها ستكون متضررة إلى جانب الشركات والقطاعات الإنتاجية المختلفة. أيضاٍ تتضرر بعض القطاعات بشكل مباشر بالعمليات الإرهابية وذلك مثل قطاع السياحة والذي عادة ما يكون قطاعاٍ حيوياٍ هاماٍ للمجتمع تعتمد عليه عشرات الآلاف من الأسر في الحصول على دخولها وتبدأ عملية قياس تأثير الأعمال الإرهابية على مجمع أداء الاقتصاد بالأخذ في الاعتبار بآثارها المباشرة وغير المباشرة سواء على القطاع العام أو الخاص وسواء على جانب الإنتاج أو الاستهلاك وتأخذ معايير القياس في عدة صور منها: عدد فرص العمل المفقودة بسبب الإرهاب مقدار الانخفاض في الفرص الوظيفية الجديدة حجم الارتفاع في تكلفة الإنتاج الذي يمكن عزوه إلى العمليات الإرهابية مقدار الانخفاض في أحجام المبيعات أو الإنتاج ومستويات الأرباح حجم رؤوس الأموال الخارجة من البلاد وغيرها من المعايير.
مكتسبات وثروات
وفي هذا الإطار يؤكد الدكتور الضبيع أنه و من المهم عدم المبالغة في تضخيم حجم الأعمال الإرهابية وإظهار المجتمع وكأنه يعيش حالة حرب. ذلك أن ما تتركه هذه الممارسات من آثار سلبية لايقل خطورة من الآثار السلبية المباشرة للأعمال الإرهابية فإشاعة حالة من الخوف وعدم الاستقرار وعدم الإحساس بالطمأنينة هو مقصد من مقاصد الإرهاب بل يعد كافياٍ لتحقيق ما يصبو إليه من يقفون خلفه حتى ولو لم تكن هناك أعمال إرهابية على أرض الواقع.
وشدد الدكتور الضبيع على أهمية تعزيز المواطنة وحب الوطن في عقول الناس وخاصة الجيل الجديد فالمواطنة ثقافة وسلوك يجب ترسيخها من أجل الوطن والانتماء إليه لأن الذي يحب وطنه يعزه فالمواطنة تعني الصدق والإخلاص في العمل من أجل أبناء وبنات هذا الوطن كما تعني المحافظة على مكتسبات وثروات الوطن ومرافقه العامة فنحن في سفينة واحدة بجانب الاهتمام بالأمن الفكري وإعطائه الأولية والتقليل من الآثار السيئة للغزو الثقافي عبر الفضائيات أو الشبكة العالمية وصد ذلك بوسائل إعلامية مماثلة هنا لابد من الوقاية ومعالجة آثار التلوث الفكري لأن الإسلام النقي والعقيدة الخالصة هي التي بنيت عليها اليمن.
استغلال الحالة الاقتصادية
يحيى علي الشامي – الباحث الاجتماعي ومدير عام الدراسات بالمركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل يقول : الإرهاب لا دين له وهذه العمليات تأتي من خارج اليمن ليست من ثقافة اليمنيين المتعايشين بسلام وللأسف يجدون لهم عناصر داخل اليمن تساندهم في ذلك بسبب استغلال الحالة الاقتصادية لدى البعض من ضعفاء النفوس..
ويضيف : يتأثرالاقتصاد الوطني والمواطن تأثراٍ كبيراٍ جداٍ بسبب الأعمال الإرهابية التي تلقي بظلالهاعلى الاستثمار والأعمال فتتقلص الاستثمارات نتيجة تخوف الناس في أي عمل استثماري وبالتالي يتأثر الاقتصاد الوطني كذلك من ناحية الخسائر ليست فقط على المستوى المادي او الاستثماري نتيجة الإرهاب هناك خسائر بشرية وخسائر اجتماعية ونفسية.. والحوادث الإجرامية التي حدثت خلال السنوات القليلة الماضية كانت حوادث فظيعة وأثرت سلباٍ على كل شيء ليس فقط على المستوى الاقتصادي بل على كل المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية..
بدون أعمال
أما عبدالله النويرة مسؤول العلاقات العامة بشرطة سير العاصمة يحدثنا قائلاٍ : الإرهاب أينما حل يتسبب بدمار للشعوب التي ابتلاها الله به وهو يؤثر تأثيراٍ مباشراٍ في الحياة اليومية لكل فئات الشعب لأنه يتسبب في تدمير الاقتصاد الوطني وهروب رؤوس الأموال وتدمير البنية التحتية للبلاد وينهي فرص العمل التي كانت موجودة قبل وجوده فيزيد معدل البطالة إلى درجة أن معظم السكان يصبحون بدون أعمال وبالتالي بدون دخل يساعدهم على تسيير حياتهم ويصبح معظم المواطنين بدون أمل في الحياة
ومضى بالقول : إن الاقتصاد هو أول من يتأثر بالقلاقل التي يتسبب بها الإرهابيون لأن رؤوس الأموال المحلية والأجنبية تهرب من الدول التي تتعرض للأعمال الإرهابية وبالتالي يفقد الاقتصاد الوطني أهم روافده وهو الاستثمار بكل أنواعه وكما يقال أن رأس المال جبان يفر من أي مكان لا يوفر لرأس المال الأمن والأمان وهذا ما هو حاصل لدينا منذ 2011م وحتى الآن حيث فقد الوطن مليارات الدولارات التي كانت تعمل في مختلف القطاعات الإنتاجية وكان أخرها القطاع النفطي الذي فقد العديد من الشركات التي قلصت أعمالها بل إن بعضها أوقفت أعمالها تماما ونقلت نشاطها إلى بلدان أكثر أمنا واستقرارا وهذا شيء يضر بالاقتصاد الوطني أيما ضرر بل ويصيبه في مقتل كما إن البعض قد يقول بأننا لا زلنا في وضع مستقر وهذا غير صحيح فقد أثبتت منظمات دولية أنأكثر من 60% من السكان تحت خط الفقر وهذا الرقم مرشح للتصاعد نظر للانحدار المخيف الذي يعيشه الوطن في الناحية الأمنية ولعل بقاء الريال في وضع مستقر هو الأمل الأخير في بقاء الخيط الرفيع الذي يفصل بين الوطن وبين الانهيار التام ولو حصل لا سمح الله انهيار للعملة لفقدنا آخر ورقة تربطنا بالحياة ولأصبحنا لاجئين في الآفاق لا سمح الله
إثارة الرعب والخوف
عبد المجيد الهاملي مسؤول مالي بشركة جرين بوينت للاستشارات والتدريب يقول : الإرهاب له أثره على الحياة الإنسانية برمتها غير انه يبرز أثره على الاقتصاد الوطني باعتباره ملازما ومؤثرا رئيسا على حياة الفرد والمجتمع هذا من جهة ومن جهة أخرى يعتبر قوة الاقتصاد وضعفه من المعايير الأولى التي تبين وتوضح الدرجة التي يتمتع بها أي بلد من الاستقرار والأمن ولقد استطاع الإرهاب أن يؤثر على الحالة الاقتصادية وأن يجعلها تترنح بل وتتهاوى كلما زادت عمليات الإرهابيين سواء في ضربهم لشرايينه الاقتصادية ( النفط والغاز) أو الكهرباء أو حتى في تلك الهجمات الإرهابية على المدن وإثارة الرعب والخوف مما جعل الكثير من الشركات النفطية أو حتى المستثمرين أو التجار المحليون يعزفون عن أي نشاط اقتصادي كبيرا كان او صغيراٍ داخل البلد مما أثر على الاقتصاد وضربه في مقتل فقلت إيرادات الدولة ودخلها سواء بفعل تلك العمليات الإرهابية أو لسبب زيادة النفقات التي تنفق لحماية المنشآت الاقتصادية الكبيرة والصغيرة من العمليات الإرهابية بل إن العمليات الإرهابية تلقي بالوطن واقتصاده إلى أحضان الارتهان الأجنبي وهو الإرهاب الخفي بعينه.