■ 3 مليارات و400 مليون دولار سنويا حجم التحويلات المالية للمغتربين اليمنيين
تعتبر التحويلات المالية للمغتربين خارج الوطن من أهم ركائز دعم الاقتصاد الوطني وتحريك عجلة التنمية نحو الأمام في إطار التنمية المستدامة للبلدان التي تمتلك بنية تحتية اقتصادية هشة في ظل وجود إمكانات اقتصادية كبيرة لم تستغل بالشكل المطلوب ومن ضمن هذه الدول اليمن , حيث يبلغ حجم تحويلات المغتربين اليمنيين والتي تبلغ بحسب إحصاءات رسمية ودولية نحو 3 مليارات و400 مليون دولار سنويا يتم استهلاك نسبة 90% منها وهو الأمر الذي يحد من الاستفادة من تلك التحويلات في عملية التنمية المستدامة لليمن .
وتكمن إشكالية عدم الاستفادة من هذه التحويلات المالية للمغتربين بحسب دراسة أعدها المرصد الاقتصادي للدراسات والاستشارات في تخلف القطاع البنكي وعدم مواكبته للتطورات خلال الفترة الماضية وذلك لأنه يعاني من تدني مستوى البنية التحتية المالية المؤسسية وكذلك ضعف الرقابة عليه والذي يحول دون تأسيس نظام بنكي سليم , وتفتقر معظم البنوك الحالية للكوادر البشرية والكفاءات الملائمة لتقديم الخدمات والمنتجات المصرفية والمالية الحديثة وكذلك لاتزال معظم البنوك المحلية غير كافية بسبب القروض متعثرة السداد وارتفاع نسبة القروض المقدمة لمصالح داخل المؤسسات نفسها , وهذا ما جعل الغالب من تحويلات المغتربين والعاملين اليمنين في الخارج تتم عبر جهاز الصرافة (شركات الصرافة والمنشآت الفردية ووكلاء المغتربين ) حيث يستحوذ على 70-85 % من إجمالي التحويلات مقارنة بـ 7 % في دولة لبنان و22 % في الأردن و33 % في دولة مصر ,وتشير الدراسة إلى أن تطوير البنية التحتية المالية الحالية يتطلب سياسات وإجراءات تعالج المشاكل والصعوبات التي تحول دون إرسال التحويلات عبر القنوات الرسمية وفي مقدمتها تحديث آلية عمل البنوك وانتشار فروعها وخدماتها لزيادة فرص النفاذ وخفض تكلفة التحويل وسرعة التسليم بالإضافة إلى التوعية وتقديم خيارات استثمارية تلائم مستويات الدخول المختلفة , حيث يحتاج تعزيز دور تحويلات المغتربين والعاملين اليمنيين في الخارج إلى بنية تحتية مالية متطورة وخدمات بنكية متنوعة تلبي احتياجاتهم وتمكنهم من توصيل تحويلاتهم إلى أسرهم في أوطانهم بسهولة ويسر وبتكلفة منخفضة وفي الوقت المناسب , ويعتبر توفر خدمات هذه البنية التحتية أساسا في إعادة توجيه تحويلات المغتربين والعاملين اليمنيين في الخارج نحو القنوات الرسمية من البنوك والشركات وغيرها وذلك لتعزيز دورها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد .
وتؤكد الدراسة أن جهاز الصرافة في اليمن والذي يضم ثلاث فئات رئيسية هي كبار الصرافين وصرافي التجزئة ووكلاء المغتربين هو القناة الأساسية منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي التي تصل من خلالها تحويلات المغتربين والعاملين اليمنيين في الخارج ويهيمن هذا الجهاز وحتى اليوم على تلك التحويلات نتيجة عدة عوامل وأسباب اقتصادية ومالية وقانونية كان ابرزها تعدد سعر الصرف وحتى توحيدها في عام 1997م وكذلك عدم السماح للبنوك التجارية قبل 1995م من التعامل في سوق الصرف الموازي والذي عمل على انسياب التحويلات عنه .
وتشير الدراسة إلى تزايد أهمية وكلاء المغتربين داخل اليمن في السنوات الأخيرة مع تزايد العمالة والاغتراب الدائري إلى السعودية والتي تمثل الدولة الأكثر احتواء للمغتربين والعاملين اليمنيين والسبب الآخر هو أن نشاط الوكلاء ينتشر بشكل كبير في كل أنحاء اليمن وخصوصا في المدن الصغيرة التي لا توجد فيها مكاتب أو فروع لشركات الصرافة وكذلك في الأرياف والمناطق النائية التي لاتصل إليها إطلاقا الخدمات المالية , ويقوم وكلاء المغتربين عادة باستلام الحوالات مباشرة من المغتربين والعاملين في الخارج أو من وكلائهم وأيضاٍ تلقي التحويلات عن طريق صرافي التجزئة وأحيانا من شركات الصرافة .
وتواجه معظم الدول المتلقية للتحويلات الخارجية العديد من التحديات حسب الدراسة وأهمها استحواذ القنوات غير الرسمية على التحويلات نتيجة ارتفاع تكلفة التحويلات عبر القنوات الرسمية وغياب الشفافية لعمليات التحويل وكذلك عدم الاستفادة من التحويلات في جهود التنمية , وأوضحت الدراسة أن المعوقات التي يشكو منها المغتربون والعاملون اليمنيون في الخارج بشأن تسهيل تحويلاتهم هي ذاتها التي يشكو منها بقية المتعاملين مع القطاع البنكي والتي يمكن إجمالها بشكل عام في تخلف النظام البنكي والذي مازال إلى حد كبير يستخدم أنظمة وآليات تعود إلى ثمانينات القرن الماضي وأيضا أمتد ذلك إلى أساليب إدارة مقدمي الخدمات البنكية والذين يحتاجون إلى إعادة بما يتناسب مع تطورات القطاع المصرفي خلال العقود الثلاثة الماضية في العالم عموما والمنطقة العربية خصوصاٍ ,فضلاٍ عن ضرورة استيعاب التغييرات الجذرية في أهداف ومضمون النشاط البنكي وخدماته .
وخلصت الدراسة إلى العديد من التوصيات والتي ركزت بشكل أساسي على تطوير البنية التحتية المالية من خلال تحسين خدمات التحويلات عبر القنوات الرسمية وتشجيع مدخرات المغتربين وتوجيهها نحو استثمارات تحفز التنمية , وقد توزعت التوصيات على الجهات المناط بها التنفيذ وهي البنك المركزي والبنوك التجارية والإسلامية وشركات الصرافة وكذلك الجهات الحكومية الأخرى والتي تختص بالجانب المالي والمصرفي .