لا شيء في الماء إلا الفحم والزبد
وتلة للأسى ما عندها أحد
وذكريات بلا طعم, وفنقلة
نمامة وعيون هدها الرمد
وحين تسأل صنعاء ما حكايتها
مع الذين على الحرية اعتمدوا¿
نقول أن زمان الوصل غادرها
وليس في يده صبر ولا جلد
وأن كل اليتامى في موائدها
ظلوا كما هم, ولا غوث ولا مدد
وكان في يدها اليمنى وفي فمها
سر تكاثر منه المال والولد
وكان ما كان حتى قال قائلهم:
إن”الرباح” على الأبواب تحتشد
هناك راحت بنان الأثلö تأكل من
أثدائها والضلوع الغبر ترتعد
ومثل أي بعيد عن منابته
راحت إلى وجهها تدنو وتبتعد
وراحت الذاريات الجامحات بها
إلى الذي ضاع منه الحبل والمسد
هنا مضى عشقها المجنون يسألها
عنها وفي نفسه مöن نفسه عقد
ولا إجابة في رمل ولا زبد
حتى يقول فلان ها هنا بلد
كأي أحجية مöن ألف أحجية
بلهاء طال على إنسانها الأمد
وبين سد وسد فأرة ويد
طويلة ما رأتها في المكان يد
***
وحين تسأل صنعاء ما حكايتها
مع اللواتي بهن استفرد الكمد¿
من اللواتي وجدن البحر أرملة
وهن كالبحر يستجدي ولا يجد
أو اللواتي عرفن البحر طاولة
يطل من رئتيها عيشها الرغد
أو اللواتي عزفن البحر أغنية
أثوابها من نسيج المشتهى جدد
تقول صنعاء ما عاد الجواب هنا
من بعد ما غاب ذاك الطائر الغرöد
من جاءها ذات صيف من خميلته
وعينه بالطموحö البكر تتقد
وفي غداء بطعم الزفت قيل له
مت ثم مات ليبقى الحقد والحسد
وما بحولك إلا اليتم منتحبا
وما بطولك إلا الحزن والنكد
وهكذا هي من أيام فعلتهم
بكöل آثامها السوداء تتحد
ومن يصلي على من في جنازتها
وكلهم صدروا من حيثما وردوا
وأنت خذ من قصاص الغيب موعده
وفيه للعدل من غابوا ومن شهدوا.
المحابشة/ 1987م