سبق وأن جربت ليبيا الحوار عقب اندلاع الاحتجاجات الشعبية في فبراير 2011م والآن يتم طرح حوار من جديد في بلد تسيطر عليه القوى الدولية التي تتحكم بمجريات الأحداث حتى أن ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) نتيجة ترتبت على قوى الهيمنة الخارجية في إطار ما يشهده البلد من صراعات داخلية أظهرت حقيقة مفادها أن يقال بأن هناك حوارا ما هو وما هي أسسه وما شروطه ليس إلا تعبيرا عن حالة عبثية تستوطن الوعي الزائف.
لأن ما جرى تسميته بالمؤتمر الوطني العام هو نتيجة ترتبت على قوى التدخل الخارجي المختلفة وأداة سياسية أوجدتها قوى الهيمنة المتمثلة الغريم الأول لذلك البلد يلي ذلك بريطانيا وفرنسا فالقوى الدولية كما أشرنا هي من يتحكم ويدير الشؤون الداخلية والصراعات الجارية ويتم تظليل وخداع الشعب بكلمات فارغة وعبارات مزيفة عن حوار في جنيف وحوار آخر في المغرب.
فهذه المسميات ليست إلا إكليشات شكلية يتم من خلالها تزييف الوعي الجمعي للشعب العربي المسلم في ذلك البلد وإغفال حقيقة الاستعمار الثلاثي المسيطر على إمكانيات ومقدرات الشعب الليبي وبالتالي تظهر المليشيات المسلحة بمختلف أنواعها وأشكالها وكذلك الحكومات المتعاقبة وما يسمى بالبرلمان والحكومتين المتوازيتين كل ذلك ليس إلا صدى للمشروع الدولي وإنعكاس طبيعي لحالة الهيمنة الخارجية.
الأمر الذي يثير جملة من الاستفسارات المشروعة عن أي حوار يتحدثون لبلد تهيمن عليه القوى الخارجية والأجنبية هيمنة تكاد تكون مطلقة وبالتالي فإن القول بأن مجاميع مسلحة تتبع داعش تهاجم حقول النفط ليس إلا لذر الرماد على العيون وإخفاء حقيقة السيطرة الخارجية على ذلك النفط من قبل دول الهيمنة المعروفة.
والتي تأتي في مقدمتها ايطاليا حيث سبق وأن صرح وزير دفاعها بأنها سترسل قوات لحماية السواحل من المتطرفين الذين أغلبهم محسوبون على روما لأنها المحتل الأول لذلك البلد فالحوار يجب أن يكون بين محتل ومحتل كلي تكون الأمور واضحة بدلا من تزييف الحقائق والقول بأن هناك حوارا ليبيا ليبيا بينما ما هو حاصل هيمنة ايطالية ـ بريطانية ـ فرنسية مشتركة الأمر الذي يترتب عليه القول بشكل واضح وصريح بأن يكون الحوار بين القوى المهيمنة والمحتلة لذلك البلد والمستفيد الأول من الصراعات الجارية.
في ظل تدني وتدهور الأوضاع العامة وانتشار ظاهرة المليشيات المسلحة والاختلالات الأمنية إلى درجة أن قوى السيطرة الأجنبية دفعت ذلك البلد الغني بالنفط نحو مزيد من الفقر والمجاعة فيما يجري التذرع بمكافحة الإرهاب بينما الإرهاب الحقيقي يتمثل بالغزاة الأوروبيين المسيطرين على الأرض والعملية السياسية وذلك جذر المشكلة لأن الحديث عن حوار في ظل الاحتلال ليس إلا عملية عبثية الهدف منها تضليل الشعب والرأي العام المحلي والعالمي.
Prev Post