أبان النتن ياهو وحكومته اليمينية المتطرفة من خلال اعترافهما باستقلال ما يسمّى بجمهورية أرض الصومال عن طبيعة المخطط الذي يسعى الكيان، ومن خلفه الراعي الرسمي له أمريكا الشيطان الأكبر لتنفيذه عبر أدواته ووكلائهم العرب والمحليين وفي مقدمتهم دويلة الإمارات التي لم يعد بخافٍ على أحد أنها باتت تمثل الأداة والوسيلة التي تستخدمها الصهيونية وتوظفها بكل قدراتها وإمكانياتها وثرواتها ومقدراتها؛ من أجل تفكيك وتقسيم المنطقة العربية وتمكين كيان العدو الصهيوني من السيطرة عليها، والاستحواذ على مقدراتها وثرواتها.
هذا الاعتراف الذي صدر من كيانٍ غير شرعي لكيانٍ غير شرعي هو الآخر، وفي هذا التوقيت يدق ناقوس الخطر بشأن الأهداف الشيطانية الصهيونية من وراء ذلك والتي يتصدّرها منح كيان العدو الصهيوني السيطرة والهيمنة على باب المندب عبر ما يسمّى بجمهورية أرض الصومال المزعومة التي سارعت بالاعتراف بالكيان الإسرائيلي كدولة وأبدت رغبتها في تطبيع العلاقات والاندماج معها، بعد أن أدرك الكيان الأهمية التي يحتلها مضيق باب المندب وحجم التهديد الذي يتهدّده جرّاء إشراف اليمن على هذا الممر الدولي الهام وتحكّمه في نسبةٍ كبيرة من حركة الملاحة البحرية، والذي كان له أثره البارز في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس التي تخوضها بلادنا دعمًا وإسنادًا ونصرةً لإخواننا في قطاع غزة من خلال فرض الحظر على السفن الإسرائيلية والمتعاونة مع الكيان والتي تصل إلى موانئ فلسطين المحتلة.
بمعنى أن استقلال ما يسمّى بجمهورية أرض الصومال واعتراف الكيان الإسرائيلي المحتل بها، يضمن للكيان تواجده وإطلالته على باب المندب، ويفتح له الباب على مصراعيه لإنشاء القواعد العسكرية الخاصة به، التي ستخفّف عليه فاتورة شن أي عدوان على اليمن، حيث سيقرب على طائراته المسافة التي تقطعها من مطارات فلسطين المحتلة وصولًا إلى اليمن من جهة، وسيمنحه القدرة على توجيه ضربات مباشرة ومكثفة من هذه القواعد من جهة أخرى؛ لذلك كان الكيان السبّاق في الاعتراف، وهذا يمثّل أيضًا ترجمةً عمليّةً لمخطط ما يسمّى بمشروع دولة إسرائيل الكبرى، والذي يتماشى ويتناغم مع المشروع الأمريكي المسمّى بالشرق الأوسط الجديد.
والعجيب الغريب في الأمر هو الموقف العربي تجاه هذا الموضوع، والتعاطي بسلبية مفرطة جدًّا معه، وعدم الاكتراث بخطورته وتداعياته وأبعاده الكارثية بكل المقاييس وعلى كل المستويات، حيث يعتمد الإسرائيلي على معادلة الاستباحة للمنطقة ويستغل سقوط العديد من الأنظمة العربية وانغماسها في مستنقع التطبيع واليهوَدَة والتصهيُن، للمضي في تنفيذ مشروعه وتحقيق أهدافه، بعد أن كسر الأعراب حاجز التطبيع وقدّموا له ما لم يكن يتوقعه من تنازلات، وأظهروا له من الولاء والتبعيّة والطاعة ما كان بالنسبة لهم في عداد المستحيلات التي لا يمكن بلوغها أو الوصول إليها.
️هناك أنظمة عربية مطبّعة مع كيان العدو الإسرائيلي ذهبت إلى إصدار بيانات ندّدت من خلالها بما أسمته الاعتراف الإسرائيلي بجمهورية أرض الصومال، وأكّدت على دعمها لوحدة الصومال كدولة عربية واحدة مستقلة، وتظن هذه الأنظمة أنها بذلك سجّلت موقفًا مشرّفًا لها، أو وجّهت صفعةً قويةً للكيان الصهيوني، في حين أن هذه المواقف توصف على أنها بمثابة تنصُّل عن المسؤولية المنوطة بها، وسياسة مكشوفة تخدم الكيان وتصب في مصلحته، وتمنحه المزيد من التطمينات للذهاب نحو ما هو أكثر توسعًا وأشد خطرًا وأبلغ ضررًا على المنطقة العربية، لأنها لو كانت جادةً في ما ذهبت إليه في بياناتها لسارعت إلى استخدام أوراق الضغط المختلفة التي تملكها تجاه هذا الكيان ومخططاته الشيطانية، التي يدرك هؤلاء قبل غيرهم أنها لا تقتصر على دعمها وإسنادها لتقسيم الصومال فحسب، وإنما تمتد لتشمل الكثير من دول المنطقة، بما في ذلك دولهم المطبّعة معه.
خلاصة الخلاصة: هناك دعم وإسناد أمريكي غير محدود للمشروع الإسرائيلي في المنطقة، الكيان الإسرائيلي لا يتحرك منفردًا، ولا يتخذ قراراته جزافًا هذا من جهة، وهناك تواطؤ عربي قذر من بعض الأنظمة المحسوبة على العروبة والإسلام يهدف لتمرير المشاريع الإسرائيلية، وهذا ما حذّر منه السيد القائد يحفظه الله في كلمته بمناسبة جمعة رجب، فالمخطط الأمريكي والإسرائيلي أخطر وأكبر مما نتخيل، وهو ما يحتم علينا الإعداد والجهوزية والاستعداد لخوض المرحلة المقبلة من المواجهة مع الأعداء، التي يشتغلون عليها ومن أجلها، لا أمان للأمريكي وتصريحاته الناعمة، ولا للإسرائيلي الذي يحاول التظاهر بالمظلومية والرغبة في السلام وهو يتوسع ويتغول ويجرم ويهدد ويتوعد، ويرعد ويزبد.
وحدة الصومال من وحدة اليمن والدول العربية مجتمعة، وأي تقسيم للصومال سيكلّف المنطقة كثيرًا جدًّا، يكفينا جرم تفريطنا بوحدة السودان وفرجتنا على تقسيمه، وصمتنا تجاه مشاركة الإمارات في التآمر عليه وتدميره، آن الأوان لأن يكون للعرب موقفٌ حازمٌ وحاسمٌ تجاه الإمارات ونظامها المتصهين وتدخلاتها السافرة في شؤون الدول العربية، آن الأوان لوضع حدٍّ للغطرسة والفرعنة الإسرائيلية، والتغول والتمادي الإسرائيلي، المصحوب بالتماهي والتناغم والمساندة الأمريكية، والتواطؤ والتآمر العربي القذر.
والعاقبة للمتقين.
