شواهد حية لحضارة شامخة وتاريخ عريق


كتب/عبدالباسط محمد –
عندما تتحدث الكلمات عن شموخ الحضارة والتاريخ اليمني يتبادر إلى الذهن الكثير من الشواهد التاريخية التي تزخر بها بلاد اليمن السعيد ولعل أبرز الشواهد التي تتبادر إلى الذهن وتمثلان إحدى حالات الإبداع المعماري للإنسان اليمني القديم فدار الحجر القريب من العاصمة صنعاء وحصن الغويزي الموجود على مدخل مدينة المكلاء بمحافظة حضرموت معلمان تاريخيان فيهما الكثير من التشابه حيث علت عمارتهما فوق ربوتين اقتصرت على حملهما وامتلأت بهما وشمخت بهما إلى معانقة السماء حتى في الفترة الزمنية التي بنيا فيها والتي يمثل التقارب أبرز سماتها فكلاهما بني في القرن الثامن عشر , كما أن الطين يمثل أبرز المواد المستخدمة في البناء .
وبصرف النظر عن حجم البناء ومدى الارتفاع الذي يختلف باختلاف تضاريس كل منطقة إلا أن هاذين المعلمين لا يذكر أحدهما إلا ويذكر الأخر .
يمثل العلو والارتفاع عما جاورهما في المحيط ميزة تجسد مدى الإبداع الهندسي وتغلب المعماري اليمني على التضاريس بل وتوظيفها لصنع لوحة معمارية بديعة قادرة على مواجهة تغيرات المناخ وتقادم السنين وهنا يبرز التحدي الذي يبدأ منذ أن كان هاذان المعلمان مجرد فكرة إلى أن تم بناؤهما وإنجازهما رغم وعورة العمل ومشاقة وبدائية وسائل البناء في تلك الفترة ويستمر التحدي مع بقائهما وصلابتهما بالرغم من مرور السنين وتعاقبها .
دار الحجر ذلك القصر الشامخ الواقع في قرية القابل على بعد 14 كم من العاصمة والمطل على أحد الأودية الجميلة (وادي ظهر) ضخامة وتفنن كبير في البناء بواسطة الحجر الأسود والياجور وغرائب وعجائب لا تنتهي خاصة تلك البئر المنحوته وسط الربوة أو الصخرة شديدة الارتفاع إلى أعماق الوادي تمثل أعجوبة بحد ذاتها ناهيك عن مكونات ذلك المبنى الواسع ذو الطوابق والملحقات المتعددة التي تشعر الزائر بالمتعة والسعادة الممزوج بالدهشة والإعجاب , وتشير المصادر التاريخية أن الأمام المنصور بن العباس هو من أمر ببناء هذا القصر وقام الإمام يحيى حميد الدين بترميمه مطلع القرن الماضي وبني فوق صخرة من الجرانيت , وحاليا يمثل الدار ابرز المزارات السياحية وتم تسليمه للقطاع الخاص لتشغيله .
أما حصن الغويزي والذي بني لأغراض عسكرية بحتة على صخرة منحنية من قبل سلاطين الكساد وبني من اللبن المخلوط بالتبن وتحيط به حديقة صغيرة إلا أن هذا المبنى الصغير والمكون من طابقين مغلقين تعرض للعديد من الأخطار لعل أشدها الفيضانات والسيول التي حدثت في محافظتي حضرموت والمهرة وأدت إلى الإضرار بأجزاء من هذا الحصن الذي يحتاج إلى اهتمام وعناية من قبل الجهات المختصة ليكون مزارا سياحيا مهيئا ومتاحا لكل الزوار .
حصن الغويزي ودار الحجر قيمة حضارية فريدة تمتزج بالعظمة والشموخ لتاريخ بلد عريق وشعبه أصيل توارث الأمجاد منذ القدم .

قد يعجبك ايضا