من إدلب الى عدن فشل مُحقق ورهان خائب

أحمد الضبيبي

 

 

إن المتتبع المتفحص للسياسات الإقليمية لا يمكنه أن يغفل أوجهَ الشبه الصارخة والمقلقة بين تصرفات ومخططات أمريكا وكيان الاحتلال الصهيوني قبل انهيار الدولة السورية، وبين ما يحدث اليوم في الأراضي اليمنية المحتلة.
فكلاهما يتشابه بشكل لافت في التصريحات الأمريكية واندفاع الوفود العسكرية الأمريكية والصهيونية بشكل متكرر إلى عدن، كما كانت تتدافع إلى إدلب قبل سقوط الدولة السورية، في أيدي العناصر الإرهابية، وفي الإجرام المنظم نفسه، سواء في سوريا أو في الأراضي اليمنية المحتلة.
هذه السياسات والمخططات المتطابقة ليست محض مصادفة عابرة، بل هي نتاج تحركات مريبة على الساحة اليمنية، كان أبرزها زيارة وفد إسرائيلي إلى عدن وعقد لقاءات مع ما يسمى بقيادة المجلس الانتقالي، ولم يكتف هذا الوفد باللقاءات، بل ذهب لتفقد محاور القتال وخطوط التماس الأمامية والاطلاع عليها، مما يؤشر إلى تنسيق واضح ومباشر للتحضير للمرحلة القادمة.
إن واشنطن وتل أبيب تحاولان بوضوح استخدام أبوظبي والرياض كأداة عقابٍ رخيصة لتنفيذ هذا المخطط المتوقع كرد فعل من واشنطن وتل أبيب على الموقف اليمني الثابت والمساند لغزة ولبنان، وسيعمل الكيان الصهيوني على دعم وتحريك أدواته في المنطقة لتنفيذ هذه الأجندة الخبيثة.
إن ما يحدث هذه الايام في الجنوب اليمني المحتل من تحركات ميدانية، والتي سبقها زيارة ما يسمى بوزير دفاع مرتزقة العدوان، محسن الداعري، إلى عدن وحضوره وحشده لـ “قطعان المرتزقة”، مما يؤكِّد أنها لا تعدو كونها تنفيذاً لتوجيهات صهيونية وخدمة لأهداف الكيان في استنزاف اليمن وإثارة الفوضى الداخلية.
وفي السياق ذاته، يمثل تحرك مرتزقة الإمارات ما يسمى بالانتقالي “العصابات الإرهابية” لاستلام المحافظات الشرقية والسيطرة على المنطقة العسكرية الأولى والثانية وأخذ كل الأسلحة المكدسة في هذه القواعد العسكرية، تكراراً لصفقات التسليح لهذه الجماعات المتطرفة استعداداً للمرحلة القادمة.
وقد حصلت هذه الجماعات المتطرفة على عدد من صفقات التسليح من الكيان الصهيوني، ولكن يتم تبرير هذا الدعم، تحت عناوين زائفة ومكشوفة، بادعاءات كاذبة حول القبض على سفن إيرانية تقل “أسلحة متطورة وطائرات مسيرة كانت في طريقها إلى الحوثيين”، تارة في المخاء، وأخرى في ميناء عدن، واليوم في المهرة وحضرموت وشبوة.
في مقابل هذه المخططات الشيطانية الصهيونية والتهويل والإرجاف المصاحب لها، ترسل صنعاء رسالة واضحة لا لبس فيها، أي عدوان جديد على اليمن، تحت أي مسمى، يعني دخول المنطقة كلها في الجحيم الذي لا خلاص منه، وسيدفع كل من تورط فيه ثمنًا باهظًا.
وأمام هذه التحذيرات المتكررة، لا يبقى لـ دويلة الإمارات والمملكة العربية السعودية إلا أن تتأمل بإمعان تحذيرات صنعاء، فإذا أصرّت على المراوغة، ومحاولة تنفيذ هذه المخططات، فستكون قد جنت على نفسها وعلى المنطقة كارثةً تتجاوز كل التوقعات، وأنَّ كل صاروخ سوف يطلق عليهم ليس مجرد مادة متفجرة، بل ثأر للدَّمِ العربي المسفوك في غزة ولبنان والفاشر وليبيا والجنوب المحتل.
إن صنعاء اليوم هي بوابة الفعل الرادع، قوة لا تقبل القياس بمقاييس الذل، تُشعل قناديل يقظتها على الدوام، ترصد بعين البصيرة كل وشوشة مكرٍ تُحاك في سراديب هذه الرقعة المستباحة، رجالها مرابطون كقمم الجبال الشم، قد زجُّوا بأنفسهم في معمعة الجهاد الأكبر، لاجتثاث المشروع الصهيوني من كل ربوع اليمن.
فاليمن لن يسقط، ولن يتقاسم مصير سورية، بل هو سيد حقيقي وحصن من الإباء، تنكسر على أعتابه غرور كل قوة ظالمة، إقليمية كانت أم عالمية، حلمت بإخضاعه أو بتر عزيمته الفولاذية.

قد يعجبك ايضا