الزهراء نموذج الكمال والطهر

البتول المحطوري

 

ضياءٌ لامع، ونورٌ ساطع، لا تَكسِيه عتمة، ولا تُطفئه محنة، ولا يثنيه ليلٌ مُعتِم، ولا ستارٌ مُزخرف. سمتْ إلى العُلا لتَرْسو في كل قلبٍ امرأةٍ تسعى للكمال، وكأنها طهر يمشي على الأرض ليذكر العابرين أن الجنة لاتنال إلا بقلوب طاهرة مثل قلبها.
وُلدت فاطمةُ الزهراء، فانتفضت الدنيا ضياءً، واخضرّت الأرض حياءً، وتبددت من حولها الظلمات، وتجلى في الآفاق نورٌ من العفّة انبثق، ومن العطف والرحمة انسكب، ومن الإيمان اكتمل؛ حتى ركع الفجر تهليلاً، والظهر تكبيرًا، والعصر تسبيحًا، والمغرب استغفارًا، والعشاء اختُتم ما لم يُكمله البقية ترحيبًا بها.
كانت فاطمة الزهراء (عليها السلام) نموذجًا راقيًا لأي امرأةٍ تبحث عن الكمال الإيماني والأخلاقي؛ فهي كالشمس تشرق لتزيل عتمة الليل بنورها ودفئها.
زرعت في باطن هذه الأرض سيرةً مشرِّفة من الصبر والثبات ما لم تزرعه أي امرأة.
لم تحمل من الدنيا إلا ما يعينها على عبور الحياة، ولم تركض خلف ما هو فانٍ كما نرى اليوم نساءً يركضن خلف الشهرة، حتى نرى الحياء قد انسلخ منهن.
قارعت كل محنة أتتها بإيمانٍ وصبرٍ تتصدع له الجبال، لنرى الدعاء يرافقها أينما حلّت كطيفٍ ملازم لها، يبث لقلبها العليل الطمأنينة.
اليوم حين نرى النساء نتأسف على حالهن: كيف يرضين أن يكنّ كالدمى بيد أراذل الخلق؟ كل هذا من أجل أوراقٍ ستلتهمها النار لِهشاشتها، وتعصف بها الريح إن لمستها، ويفتتها الماء إن هطل عليها.، لو عدن إلى سيرة فاطمة لما أصبح حالهن أسوأ من الأنعام.
اليوم حين ننغمس بين أسطر حياتها المشرقة، يمتلئ القلب فخرًا أن تكون تلك الملاكُ سيدتَه، كيف لا وهي من سطّرت كل صفحةٍ من القرآن آية، وبُشِّرت بقدومها مريمُ وآسية؟
صقلتها التجارب دون أن تُطفئها، وأهلكها الزمان الغادر دون أن يقعدها. رقّتها العبادة، ورفعتها الأخلاق، وثباتها الصبر والاحتساب.
ولهذا، كلما ضاقت بنا طرق الحياة، تفتّح لنا من سيرتها طريقٌ آخر، طريقٌ لا يعرف الانكسار، ولا ينحني لظلم، ولا يخضع لفتنة زائلة. فمن أراد النور فليقتبس من نورها، ومن أراد الثبات فليتعلم من صبرها، ومن أراد العلو فليقرأ أثرها في هذا الكون.

قد يعجبك ايضا