قطاع الدواجن في الحديدة.. حراك واسع نحو الاكتفاء الذاتي واستقرار الإنتاج

 

الثورة / سبأ

يشهد قطاع الدواجن في محافظة الحديدة حراكاً إنتاجياً واسعاً يعكس رؤية تنموية جادة لبناء قاعدة محلية قوية في إنتاج لحوم الدواجن والبيض، ضمن برنامج تطوير شامل يقوده مشروع سلاسل القيمة للدواجن والبيض بالتنسيق مع الجهات المختصة والجمعيات التعاونية والقطاع الخاص.
وانطلقت تلك الجهود من دراسة دقيقة للواقع الإنتاجي، بدأت بتنفيذ مسح شامل لمزارع الدواجن والمسالخ وتحديد قدراتها الاستيعابية واحتياجاتها الفعلية من الأعلاف والمدخلات، إلى جانب إعداد دراسة تفصيلية لسلاسل القيمة التجاري والبلدي، شكلت مرجعاً لتحديد الفجوات ووضع خطط التدخل وفق أولويات واضحة وقابلة للتنفيذ.
وانعكست هذه المعطيات على الواقع الميداني، حيث توسع الإنتاج التعاقدي عبر الجمعيات التعاونية في الحديدة، وجرى تسويق كميات كبيرة من الدجاج المحلي بلغت نحو 2,800 طن كمنتج وطني يحل محل المجمد المستورد، مع استفادت مئات المزارع من عقود الإنتاج المنظمة التي عززت الاستقرار التشغيلي للمربين.
وأسهم ذلك في إعادة تشغيل 800 هنجر وإيجاد شراكة مباشرة بين صغار المربين والقطاع التجاري الذي تحول من الاستيراد إلى دعم التسويق المحلي، بما يعزز بقاء العوائد الاقتصادية داخل البلد ويرفع فرص العمل في الأرياف والمراكز الإنتاجية.
وفي الجانب الاستثماري، تم تشغيل خمسة مسالخ كانت خارج الخدمة بطاقة تصل إلى 120 ألف دجاجة يومياً، مع المضي في إنشاء ثلاثة مسالخ آلية جديدة بطاقة 80 ألف دجاجة يومياً، الأمر الذي يعزز القدرة على الذبح والتجهيز وفق معايير صحية حديثة.
كما يجري إنشاء ثلاث ثلاجات مركزية ذات سعة تخزينية كبيرة تصل إلى عشرة ملايين دجاجة، بما يهيئ القطاع لامتلاك مخزون استراتيجي قادر على تلبية الطلب وتثبيت إمدادات السوق على مدار العام.
ترافق التطوير مع تنظيم دقيق للسوق المحلي، حيث بدأ التسويق عبر الجمعيات في مديريتي باجل والزهرة بمعدل يومي يصل إلى ألفي دجاجة، مع اعتماد البيع وفق الوزن وبأسعار مدروسة تشمل 1300 ريال للكيلو الحي و1400 للمبرد و1550 للمجمد.
ويسهم تنظيم السوق، في وصول المنتج بسعر عادل وجودة مضمونة للمستهلك، إلى جانب حماية المربي من التغيرات المفاجئة في السوق، وتوفير بيئة تجارية مستقرة تشجع الاستمرار في الإنتاج.
ويمتد التطوير ليشمل الجانب البحثي والاستدامة، إذ أثبتت التجارب إمكانية استخدام الدخن والذرة الرفيعة كمكونات بديلة للأعلاف بنسبة تصل إلى 75 بالمائة، ما يقلل الكلفة ويعزز الاعتماد على المحاصيل المحلية.
كما نُفذت دراسات لتحسين سلالات الدجاج البلدي وتوزيع السلالات المحسنة للجمعيات، إضافة إلى إعداد 14 دليلاً فنياً وإرشادياً ينظم جوانب التربية والوقاية والتسويق، مع إعداد مشروع قرار لتنظيم تداول مخلفات الدواجن وتحويلها إلى سماد عضوي مخمر يعزز نهج الاقتصاد الدائري في القطاع الزراعي.
وفي جانب المدخلات، جرى إعداد آلية متكاملة لتأمين احتياجات المربين من الأعلاف والمستلزمات عبر الجمعيات التعاونية وبضمانات رسمية، بما يوفر استقراراً تشغيلياً ويقلل من تأثير تقلبات السوق العالمية، فيما تعمل الجهات المختصة حالياً على التوسع في التسويق التعاوني، واستكمال تشغيل المسالخ الجديدة والثلاجات المركزية، وتهيئة القطاع لمتطلبات التصدير.
وفي هذا الإطار أوضح ضابط سلاسل القيمة للدواجن والبيض المهندس هلال الجشاري، أن قطاع الدواجن في الحديدة يتجه نحو مرحلة إنتاجية متقدمة، ترتكز على رؤية واضحة لبناء منظومة متكاملة تربط المزرعة بالمسلخ والسوق، وتمنح المنتج المحلي حضوراً ثابتاً في منظومة الأمن الغذائي الوطني، من خلال برامج عملية تنطلق من الواقع الميداني وتستند إلى شراكة مسؤولة بين الدولة والقطاع الخاص والجمعيات التعاونية.
وأشار إلى أن المسح الشامل للبنية التحتية ودراسة سلاسل القيمة، وفرّت قاعدة بيانات ميدانية دقيقة أسهمت في إعادة ترتيب أولويات التدخل، وتوجيه الاستثمارات نحو الحلقات الأكثر تأثيراً في سلسلة الإنتاج، الأمر الذي انعكس في تحسين أداء المزارع، ورفع كفاءة إدارة المدخلات، وتعزيز قدرة المربي على التخطيط لدوراته الإنتاجية بثقة أعلى واستقرار أكبر.
ولفت الجشاري إلى أن التوسع في الإنتاج التعاقدي عبر الجمعيات التعاونية أحدث تحوّلاً في آلية تسويق المنتج المحلي، حيث أوجد عقوداً واضحة بين المربين والقطاع التجاري، في إطار قنوات تسويق منظمة تضمن انسياب الدجاج المحلي إلى السوق بأسعار مدروسة، مع توفير عائد مجز للمربين، الأمر الذي يدعم استقرار آلاف الأسر الريفية التي تعتمد على تربية الدواجن كمصدر دخل رئيسي.
وأفاد بأن تشغيل المسالخ المتوقفة والشروع في إنشاء مسالخ آلية جديدة وثلاجات مركزية بسعات كبيرة يشكل محوراً أساسياً في تطوير القطاع، إذ يرفع القدرة على الذبح والتجهيز والتخزين وفق معايير صحية ورقابية معتمدة، ويمنح المنتج المحلي قيمة مضافة من خلال تقديم دجاج مجمد ومبرّد بجودة عالية، واستعداد دائم لتغطية احتياجات السوق في مختلف المواسم.
وأكد ضابط سلاسل القيمة للدواجن والبيض، أن المرحلة المقبلة ترتكز على تعميم نتائج الأبحاث الخاصة ببدائل الأعلاف وتحسين السلالات البلدية، وتعزيز دور الجمعيات التعاونية في إدارة سلاسل الإمداد والتسويق، والتحضير المنهجي لمرحلة التصدير عبر استيفاء المتطلبات الصحية والفنية، بما يرسخ موقع قطاع الدواجن في الحديدة كأحد المرتكزات الرئيسة للاقتصاد الزراعي والغذائي في البلاد.

قد يعجبك ايضا