لو تأملنا ملياً في أحداث الماضي والحاضر في هذه البسيطة، سنجد أنها عصفت وتعصف بالناس على الدوام وعلى مر العصور، ما لم يحملوا الوعي الكافي تجاه أحداث جرت أو تجري في واقعهم والعالم من حولهم، بكون الإنسان عموماً قد يكون هو المؤثر أو المتأثر تجاه أي حركة أو سكنة تقع من بني البشر بعيداً عما يسمى بالكوارث الطبيعية لا سمح الله وغيرها التي ليس للإنسان دخل فيها، لذا فبمجرد أن يحمل الإنسان الوعي في كيفية التعامل أو التصرف أو حتى التحكم بالذات تجاه ما يحدث، هنا تنبعث ضالة المؤمن التي إن وجدها أو متى ما وجدها فهو أحق بها كما ورد في حديث المصطفى والمجتبى محمد “صلوات الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً”، وكم هي تلك الأمور التي دائماً ما يحتاج الناس وخاصة المؤمنون إلى الحكمة والفراسة والفطنة فيما هو الأوجب للدخول أو الخروج أو التريث أو العمل أو التحدث أو الصمت في أي حدث يعد من معترك الحياة بين الناس، وهنا تبدو صفة إما العموم أو الخصوص فيما هو السبيل الأمثل لخوض غمار الأحداث بحيث إن كان حدثاً عاماً فيحسب حينها بحساب العموم وإن كان حدثاً خاصاً أو عائلياً مثلاً فيحسب على هذا النحو، وهكذا يتعامل الناس مع مختلف الأحداث الحياتية، بيد أن الفرق فيما بينهم – وهو جوهر الأمر باعتقادي – هو في مدى الوعي وكيفيته وما مصادره ومن أين استقاه حتى صار بتلك الكيفية والأسلوب، لذا عندما نتحدث عن الوعي وضرورته، فنحن نتحدث عن مصير الواقع الإنساني الذي يتأتى إما بالسلب أو الإيجاب تباعاً للوعي الذي يحمله عامة الناس وخاصتهم ويتصرفون وفقه في كل مجريات حياتهم، فيتميزون أو يخفقون وفقه أمام الله وخلقه.
الواقع اليوم يشدنا أكثر للنظر بتروٍ وجديةٍ مطلقة إلى الأهمية القصوى التي بات الوعي يحملها وأنه أصبح باباً من أبواب الجهاد في سبيل الله – بحكم أن الغباء أو التغابي من قبل أي مواطن حتى ولو كان بسيطاً يخدم أعداء الأمة وهذا ما يبدو تحديداً في الجبهة الداخلية، فالعدو حتماً يستغل غباء الكثير من الأغبياء ليطبلوا لهم ويمرروا الكثير حتى على مستوى بث الشائعات المريضة في أساط الناس -، وضرورة أن ينبه أحدنا نفسه وغيره من حوله إلى أكبر قدر ممكن أن يوصل تنبيهه للآخرين عن ضرورة التحلي بالوعي لأننا نمر بمنعطفات غاية في الخطورة جراء مؤامرات جمة لا تعد ولا تحصى، دينية وسياسية وعسكرية وثقافية ومجتمعية واقتصادية ومما لا يمكن عليا توصيفه هنا في هذه المادة المتواضعة عن ضراوة الاستهداف والإمعان الشديد لشخصك وعالمك أيها اليمني والعربي والمسلم، غير أنه لو نظر أحدنا بنظرة تأمل وعقلانية وواقعية وجدية، فصدقوني لن تمضي عليه فكرة تلك الضرورة التي توجب عليه الوعي التام والحذر والحرص الشديد أولاً تجاه نفسه وثانياً تجاه الآخرين من حوله ممن يهمه شأنهم ويهمهم شأنه، وهنا تبدو الفطنة الحقيقية لدى الفرد والجماعة في كيفية قراءة الأحداث والوقائع جيداً وكيفية التعامل معها ووفقها، ومن خلال هذا صدقوني سيستفيد الكثير منا ونتجنب الكثير من المضار ونجلب الكثير من المنافع بفضل الله.
