الصوفية في ديوان الوردة تفتح سرتها


سامي الشاطبي –

شعر:
هل سندافع أطواق خصاصتنا/لو قال الجوع لنا:/يكفي شعرا¿..علوان الجيلاني
الوردة لم تفتح سرتها بعد:
علوان مهدي الجيلاني شاعر ظلمته الجغرافية …كان حتى نهاية التسعينيات من أنشط الشعراء وأكثرهم إبداعا ونتاجا وقد صدر له عدد من الدواوين الشعرية ..سنتناول في هذا العدد واحدة من دواوينه الشعرية..
غاب الشاعر الجيلاني عن الشعر مدة طويلة من الزمن لحساب الاشتغال في المجال النقدي والتوثيقي ..وها نحن في هذا العدد نستعيد واحدة من ابرز دواوينه الشعرية والمعنونة بـ”الوردة تفتح سرتها” والتي صدرت عام 1998م عن أزمنة… عمان ..بعدد صفحات 64 من القطع المتوسط.
دهشة العنوان:
عنوان الديون بحد ذاته مثير ..يحمل دلالات كثيرة ..يقود عند القراءة المتشائمة إöلى عتمات وعند القراءة المتفائلة يقود إöلى الضوء والأمل وفي ظلمة الليالي يقود إöلى الجنس!
التصوف في شعر علوان:
التصوف بعوالمه الروحانية هي اللغة والخطاب الشعريين الذان يتصف بهما نتاج الجيلاني الشعري..أنها قصائد تنزح نحو مخاطبة الروح ..تدين العالم المادي وطغيانه على المجتمعات لحساب تبرئة الروح من كل خطايا العولمة والاستهلاك المادي المريع والتي أوصلت الروح إلى هكذا انحدار.
ويتضح جليا أن روح الصوفي المتحررة من أغلال الحياة المادية واستهلاكياتها المدمرة للروح حافظت على قدرتها على الصمود في قصيدة الوردة تفتح سرتها فرغم كل الآلام تبقى روح الصوفي مدافعه عن حق الإنسان في القليل من الحياة والحرية والأمل..
“هلي ألقي تعبي/وأمد شقوق عذاباتي/وأنام الآن¿/هل أدرك بابي مفتوحا لملاك يأتي الآن/يقرأ في أذني فاتحة الغيب..¿ /يهمس أني مغسول بضياء الله/أغمض عينك/أفتح عينيك/تبارك رب الحب/هنا اتكئي/شعشعت الكأس بأنوار/فتقها الأنس/فدوري يا دنيا دوري/ألف لام/لام ألف”
العطاء الصوفي يتواصل بصور وعبارات مدهشة ..حتى إن اخذ الصوفي يكون عطاء من نوع كارزمي وبديع ويعبر عن روح إنسان منح كل ما يملك لمن لا يملك!
“أغسل عيني بماء شحوبك/كل صباح/كل مساء/أستقرئ/في الوجه المسكون بأحوالي/أسئلة الريöح.. /اتشمم خيط الدمع المخذول.. /رمى التفاح رسائله..! /ناديتك: لا تنكسري/حتى أسمع نبض الهجسö/انفتحي/اشواقا تتعرى/سنمد المسرى أطواقا لبساتين الوجد/مسارات لطيور تحتفل بنا/حتى تسيل سحابتنا حزنا وغناء”
يتحرر الشاعر علوان الجيلاني من عوالمه المادية..ينظر لشحوب المرأة بأنه نعمة من نعم الرب..يغسل نفسه بهذا الشحوب فيخرج نقيا وطاهرا من كل سوء!
أقمار:
يتابع الجيلاني وجعه الممتد على خارطة لا متناهية من الألم والحزن ولكنه الألم الذي يقود القارئ إلى البهجة “آه يا وجعا يشطرني على شفتين/اختلجت جمرة قلبي بينهما/اشتعل القلب/اشتعلت يا سيدتي كل الدنيا/هانت تدورين/تدورين/وهأنذا بين يديك/أدور/أدور.”
ثورة الروح:
يرى الجيلاني بان خلاص الإنسان من مشاكله ومتاعبه الدنيوية لا يتم بالثورات الغوغائية والمطالبة بتوفير المزيد من الماديات باعتبار ان تلك الماديات ستزيد من الم وانشطار الإنسان وتشظيه..انه يثور بطريقته الخاصة جدا
“هل سندافع أطواق خصاصتنا/لو قال الجوع لنا: /يكفي شعرا¿/ لا بد لزلزال أن يصدع هذا الصبر.”
نهاية الحنين:
علوان الجيلاني تجربة شعرية تجاوزت نفسها ومحيطها الجغرافي العربي..لكن ذلك التجاوز الذي كاد يتجاوز الإقليم العربي سكن قبل سنوات..في سؤال يقفز من على الشرفات ..ما الذي حدث واسكن صوتا شعريا صادحا وباذخا في عطائه الشعري كصوت الجيلاني!
حاليا..لا إجابة مقنعة!

قد يعجبك ايضا