منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 17 فبراير 2011م وحتى اللحظة الراهنة لا يزال المشهد السياسي الليبي يتقدم من سيئ إلى أسوأ جراء ما تشهده البلاد من فوضى سياسية وأمنية وما نتج عنها من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والأمنية ظهرت من خلالها الحكومات المتعاقبة عاجزة وغير قادرة على تحقيق أقل قدر ممكن من الأمن والاستقرار.
حيث تبدو الحالة الليبية القائمة أسوأ بكثير مما كانت عليه البلاد بالمراحل الاستعمارية السابقة وصارت ليبيا منقسمة بين حكومتين وبرلمانين يتنازعان الشرعية ناهيك عن المعضلة الكبرى التي تواجهها البلاد والمتمثلة بظاهرة المليشيات المسلحة التي تنتشر في أنحاء متفرقة داخل ليبيا وما تفرعت عنها من جماعات أظهرت غياب الدولة بل إنعدامها تماما.
وأصبحت تلك المليشيات تمتلك أسلحة متطورة وطائرات عسكرية زادت من تعقيد الوضع الأمني حيث وصل تأثير تلك الأسلحة المتطورة إلى استهداف مرافق حيوية تشكل عصب الاقتصاد الليبي ففي الأسبوع الماضي تعرض مرفأ السدرة النفطي لقصف صاروخي أدى إلى اشتعال النيران في الخزانات النفطية عجزت السلطات الأمنية عن السيطرة على تلك الحرائق فما بالك بحماية وطن بكامله.
بدليل أن الحكومة سارعت إلى إبرام عقد مع شركة أمنية بقيمة ستة ملايين دولا بهدف اخماد الحرائق التي نشبت في صهاريج النفظ بميناء السدرة ما جعل الكثير من المراقبين يؤكدون أن ذلك الهجوم لا يعدو عن كونه مبررا كافيا الهدف منه استكمال القوى الغربية ترتيباتها الجديدة للسيطرة المطلقة على آبار النفط مشيرين إلى أن ما حدث في ميناء السدرة كان بدافع واضح من قبل تلك القوى.
وهذا الهجوم يتطابق مع ما قاله الجنرال جرزياني بأن إثارة النزاعات الداخلية في ليبيا أمر ضروري لتحقيق سيطرة الحكومة الفاشية كان ذلك عندما أعلنت روما ليبيا مستعمرة إيطالية في سبتمبر عام 1934م وكأن الهيمنة الغربية لا تكفي حتى تتم المطالبة بتدخل خارجي إضافي تحت ذريعة إطفاء الحرائق في مرفأ السدرة النفطي لكن الواضح على ما يبدو حماية مصالح تلك القوى الاستعمارية التي تعبث بإمكانيات ومقدرات الشعب اليبي.
لأن من مصلحة القوى الدولية عدم وجود حكومة وطنية كون ذلك يهدد مصالحها الاقتصادية ولا يجعلها تستحوذ على الثروات النفطية إلا عبر طريقتين كما أشارنا إما الاحتلال العسكري المباشر أو من خلال تأجيج النزاعات وتغذية الصراعات بين الفصائل المتناحرة لكي لا تبادر القوى السياسية إلى وضع أسس عملية تراعي أهمية إصلاح الأوضاع الداخلية بمعزل تام عن التدخلات الأجنبية.
وبالتالي فإن الحالة السياسية القائمة مرشحة للتصعيد بالنظر لغياب السياسة المحلية وإحلال السياسة الدولية باعتبارها اللاعب الرئيسي والمؤثر في رسم الأحداث الجارية لا سيما وتعميق الصراعات الداخلية من متطلبات القوى الغربية لضمان التقاسم لثروات ذلك البلد لكي تكون الإدانة للجماعات المسلحة في ظاهر المعنى والدلالة من أجل إخفاء أي إدانة أو استنكار لتلك القوى.
Prev Post
قد يعجبك ايضا