خطر الوهابية على الإسلام !!

يكتبها اليوم / أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

من يُتابع ما يجري اليوم في العالمين العربي والإسلامي من مآسٍ وفتن وحروب وما تتعرض له الأمة من عدوان همجي سافر على يد الصهاينة والأمريكان، لا شك أنه سيصل إلى نتيجة واحدة، وهي أن إدخال الإسلام في المشاكل القائمة والتستر بالمذهبية لإثبات الوجود وتأكيد الحضور في الواقع الحياتي، كل ذلك يؤكد ما ذهب إليه شيخ الأزهر الأسبق الشيخ العلامة محمد حسين مخلوف Œطيب الله ثراه˜ عندما زاره فيصل بن عبدالعزيز آل سعود وكان يومها وزيراً للخارجية، واستنكر عدم وجود علم بلاده في ساريات الأعلام الثابتة في الأزهر الشريف، ووجود كل أعلام الدول العربية والإسلامية، واستنكر أكثر لأن علم اليمن موجود في مكان بارز، فكشف عن الضغائن المدفونة في صدور آل سعود ضد اليمن واليمنيين، وقال: كل أعلام الدول موجودة وفي المقدمة علم اليمن، بينما علم السعودية حاضرة البيت الحرام غير موجود، قال الشيخ مخلوف : إن هذه الدولة مارقة يكفي أنها تُدين بالوهابية وهذا المذهب يُكفر عامة المسلمين، وسيكون وبالاً على الأمة وعلى الإسلام، هُنا نُدرك أن الرجل كان قوي الملاحظة والإدراك ولديه قراءة للمستقبل.

وهذا ما نعانيه اليوم، فالحروب القائمة في السودان واليمن وليبيا والعراق وسوريا، وكذلك العدوان الهمجي السافر من قبل الكيان الصهيوني على غزة، كُلها مؤشرات هامة لا تخرج عن كونها بذرة من بذرات هذا المذهب الشوفيني الذي التقى مع حركة الإخوان المسلمين وحاول استقطابها وتحويلها إلى فرع من فروع المذهب، وهو الذي زرع الحقد في النفوس وأشعل الفتن والحرائق بين المسلمين بعضهم البعض، وأعطى الآخر المتربص بالإسلام فرصة لكي يقدح في الدين ويتآمر على المسلمين من داخل هذا الدين وبأدواته .

الغريب أن حلقات التآمر هذه تواصلت حتى أصبحت عصا غليظة يستخدمها الصهاينة لكي يثبطوا الأمة عن دورها الجهادي، ويزرعوا في نفوس أبنائها كل عوامل الخوف والذُل والانقياد الطوعي للآخر المعادي للدين، هذه فقط مجرد صورة بسيطة لما ترتب على مؤامرات هذا المذهب المدعوم بحركة الأخوان المسلمين ذات الامتداد الإنجليزي الواضح، فلقد أثبت الكثير من الكُتّاب أن هذه الحركة ولدت في السفارة البريطانية، ومن رحم مخابرات نفس الدولة، وكانت تُحرم الجمهورية والحزبية وتعتبرهما أفكاراً عميلة غريبة على الأمة وعلى الدين، وهذا ما نلاحظه اليوم ويتم التعبير عنه بوضوح وبدون خجل، إذاً طالما عُرف السبب كما يُقال يبطل العجب، وعلينا أن نصحح المسار بأن نعود إلى أفكار ومخرجات هذه الحركة البغيضة التي أصبح من احتضنها في الماضي يتأفف منها، بل ويتولى سجن مراجعها والقائمين عليها، كما هو حادث الآن في نجد والحجاز، لكن محاولة التخلص من هذه الآفة الخطيرة جعل الدولة الراعية تخرج عن نطاق الدين وتحاول أن تُقلد كل ما هو قائم في الغرب وتعتبر أن السفور وإباحة كل ما هو محرم هو المدخل الوحيد للتطور واللحاق بالركب الحضاري المتقدم .

للأسف الشديد.. حتى علماء الدين عندنا لازالت نظرتهم إلى الدين قاصرة ومتحجرة لم تصل إلى مرحلة الفهم الكامل للنصوص والتفريق بين النصوص قطعية الدلالة والثبوت والأخرى الظنية، وفهم الفلسفة الإلهية في بقاء الأمر على هذه الشاكلة، لأن الخالق سبحانه وتعالى جعل الأحكام الثابتة تستند إلى أصول قطعية، بينما الأحكام المتحركة القابلة للتطور أو التي تمنح المسلمين حق الاجتهاد، جعلها ظنية ومفتوحة أمام المسلمين للتعاطي معها بحسب حركة المكان والزمان، وهذا ما غاب عن أذهان علمائنا الأجلاء في الكثير من القضايا المتصلة بحركة الزمن وما تترتب عليها من تطورات وأحكام مختلفة، تتطلب من العلماء الإمعان في مضامينها برؤية حضارية، لا بعقلية الكهوف والمنازل، بل بعقلية المسلم صاحب البصيرة الباحث عن الحقيقة لذاتها، والقادر على تنمية وعي المسلمين بدينهم، وتعريف الآخرين بأحكامه السليمة لمنع القدح فيه وتناول أحكامه بطرق غير سوية .

المهم أننا في الأساس لا بد أن نواجه الفكر الوهابي، لا أقول المذهب لأن الوهابية ليست مذهباً، وحركة الإخوان المسلمين كذلك، وكلاهما استقت معلوماتها – كما سبق – من المخابرات البريطانية للأسف .. وهي التي اليوم تنخر في جدار الدين وتحرف أحكامه بحسب هوى النفوس المتربصة به، وعند هذا المستوى من الفهم المغلوط للدين، يمكننا أن نُدرك لماذا استطاع اليهود أن يتغلبوا على المسلمين ويفرضوا إرادتهم ويمكنوا الـ˜ترامب˜ من القدح في الدين ومواجهة أتباعه بوسائل اهتدوا إليها من خلال المسلمين أنفسهم، إنا لله وإنا إليه راجعون .

الموضوع يطول .. ولنا عودة معه إن شاء الله، حتى نبين الحقيقة ونوضح الثغرات التي مكنت الأعداء من استهداف الدين، والله من وراء القصد .

قد يعجبك ايضا