بقلوب أثقلها الحزن ولكنها عامرة بالإيمان والثبات تنحني الأقلام اليوم لتسطر ملحمة الشهادة التي خطها أبطال الكلمة بكلماتٍ من نور ودم.
في قاعات صحيفتي “26 سبتمبر” و”اليمن” حيث كان الصوت يعلو والحقيقة تتجلى ارتقى أربعة وعشرون فارسا من فرسان الإعلام، سقطوا شهداء الكلمة الصادقة في مواجهة آلة الكذب الصهيونية.
لم تكن غرفة الأخبار مجرد جدران وأجهزة، بل كانت خندقا من خنادق المواجهة وساحة من ساحات التشريف التي اختارها الله لرفع راية الحق. هنا حيث كان قلم الصحفي سلاحه وكلمته رأسماله، استهدف المبنى بعنف غادر، فسقط الأبطال واحدا تلو الآخر، لكن كلمتهم لم تسقط، بل ارتفعت إلى عنان السماء تحمل في طياتها دماء طاهرة اختلطت بحبر الحق لتكتب فصلًا جديدًا من فصول الصمود اليمني.
لقد عرفنا هؤلاء الشهداء أقلامًا لا تلين وصوتا لا يخفت وصورًا تنقل الواقع بكل شفافية وشجاعة. كانوا عيون أمتهم الناظرة وآذانها المصغية وقلبها النابض بالحق. في كل تقرير في كل لقطة في كل سطر حر كانوا يذكرون العالم بأن في اليمن قلبًا ينبض بالكرامة وأن في فلسطين روحًا تتوق إلى الحرية.
استهداف الصحفيين أثناء أداء رسالتهم السامية في نقل الحقيقة، يعد جريمة حرب وانتهاكًا صارخًا لكل القوانين والأعراف الدولية.
لم يكن هذا الاستهداف سوى حلقة من حلقات الحرب الممنهجة على حرية الإعلام حرب تمتد جذورها من فلسطين إلى لبنان، ومن إيران إلى اليمن، حيث يسعى الكيان الصهيوني لخنق الصوت وطمس الحقيقة وإسكات الكلمة الحرة التي تفضح جرائمه أمام العالم.
لكن الدماء التي سالت في مبنى الصحيفتين، لم تكتب لها أن تذهب سدى، بل ستظل شعلةً تضيء الطريق للأجيال القادمة وترسخ يقينا بأن القلم حين يكون في يد الحق لا يكسر.
هذه الجريمة لن تكسر الإرادة ولن تثني العزيمة، بل ستبقى دافعًا لإعلام أكثر قوة وتأثيرًا يحمل على عاتقه مسؤولية فضح الجرائم ومواجهة السردية الصهيونية الزائفة.
لقد باركت دماء الشهداء الطاهرة مسيرة الكفاح وأضافت إلى رصيد اليمن والإعلام الوطني بطولات جديدة ترويها الأقلام وتخلدها الأرواح التي ضحت لأجل أن تظل الكلمة حرة شامخة أبية.
نحن إذ ننحني إجلالاً لأرواح الشهداء ونعزي أسرهم وزملاءهم ومحبيهم، نؤكد أن سيرتهم ستظل نبراسا يضيء الطريق لكل صحفي شجاع وكل إنسان حرّ يؤمن بأن الكلمة في زمن الحرب قد تكون أقوى من الرصاصة.
إلى أولئك الذين رحلوا بأجسادهم لكنهم بقوا فينا بأفكارهم وكلماتهم: لن ننساكم.. ولن ننسى رسالتكم. سنظل نحمل القلم كما حملتموه مدافعين عن الحق رافضين للظلم منحازين للإنسان.
وعدًا لكم.. سنمضي حتى النصر.