في سابقة خطيرة وبعد استباحته الكاملة لسوريا، أقدم الكيان الصهيوني المجرم على انتهاك سيادة قطر ونفذ بطائراته الحربية عمليات قصف لمبان في العاصمة القطرية الدوحة وأعلن في بيان عن العملية أنه تم استهداف رئيس وأعضاء الوفد الفلسطيني المفاوض أثناء اجتماع لمناقشة مقترح المجرم ترامب لوقف الحرب، هذه السابقة الخطيرة تؤكد أن هذا العدو المجرم لم يعد يحسب للدول العربية وخصوصا المطبعة منها أي حساب ويسعى لفرض هيمنته على كل الدول العربية وصار يعتبر مجالها الجوي مفتوحا على مصراعيه لعربدته وإجرامه ويراها دولا مباحة منزوعة السيادة لصالح سيادته.
إن هذا العدوان الهمجي الغاشم هو عدوان سافر على دولة قطر وعلى أميرها وشعبها وليس على وفد حماس المفاوض فهو استهدف دولة وانتهك سيادتها واستباح لجوها وبرها وعاصمتها وقطع بطائراته الحربية اكثر من ١٧٥٠كم ليعتدي عليها اعتداء مباشر لا على حركة حماس وهذه هي الحقيقة التي لا يمكن له أو لغيره قلبها أو تغييرها في العرف الدولي .
تصريحه رسميا عن عدوانه الغاشم هو تأكيد لعدوانيته واستكباره ولعدم اكتراثه بفضاعة ما قام به واستخفافه بكل الدول العربية وعدم مراعاته لأي اعتبارات دولية أو قانونية وخروج سافر عن كل الأعراف والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، وهو أيضا دلالة واضحة على أن هذا الكيان الخبيث كيان عدواني إجرامي لا يؤمن بالسلام ولا يمكن أن يتحقق سلام عربي حقيقي معه إطلاقاً، كما يؤكد قائد الثورة في كل مناسبة، أن مفهوم السلام الذي ينشده الكيان الصهيوني مع الدول العربية هو الاستسلام المطلق له والخضوع والإذعان لسلطته والاستباحة الكاملة لسيادة الدول العربية في الجو والبر والبحر، بل هو أصلاً لا يؤمن بأن هناك سيادة لأي دولة عربية غير سيادته ولا حاكم لها إلا سلطانه فلا قيمة للعرب عنده دولا وأنظمة وشعوب ولا غرابة في ذلك كون هذا معتقد من معتقداته المنحرفة المتجذرة في أعماقه من أن العرب مجرد كائنات خلقها الله لخدمته وإسعاده وكل ما يملكون ليس لهم حق فيه بل هو حق لليهود.
الغريب أن قطر ونظامها لم تستعرض عنترياتها التي أظهرتها تجاه جمهورية إيران أبان الرد الإيراني الذي استهدف قاعدة العديد الأمريكية في قطر ردا على العدوان الأمريكي على ايران، فلم تتحرك منظوماتها الجوية لصد هذا العدوان الذي استهدف مبان سكنية في حي مدني على أراضيها مثلما فعلت لصد الصواريخ الإيرانية التي استهدفت قاعدة عسكرية أمريكية تعتبر في العرف الدولي جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الأمريكية سياسيا وعسكريا، فهل تم هذا العدوان بعد التنسيق المسبق مع نظام قطر ؟ أم أن العدو الصهيوني فاجأ النظام القطري بهذا العدوان ونفذه على حين غفلة؟ ولماذا لم تقم أنظمة الدفاع القطري بمهمتها من حيث الرصد للطائرات المعادية والصد للصواريخ التي اطلقتها كما فعلت أثناء الرد الإيراني على قاعة العديد ؟
لن استبق الأحداث وأجيب عن هذه التساؤلات لكني سأترك الإجابة عنها للأيام القادمة رغم أن الموقف باين من أوله.
الأمر الآخر والأهم هو الموقف العربي العام تجاه هذا العدوان هل سيكون موقفاً عربياً أساساً؟ وكيف سيكون؟ وكيف يجب أن يكون؟
وسأترك التساؤلين الأولين لتجيب عليه الأنظمة العربية واكتفي بالإجابة عن التساؤل الثالث لأهميته وكما يلي:
كان من المفترض أن نرى موقفاً عربياً موحداً تجاه الاعتداءات الصهيونية في فجر الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣م مع أول لحظة تصعيد للعدو الصهيوني على غزة وكان من المفترض أن تعقد قمة عربية طارئة فورا ويتم فيها إبراز موقف عربي قوي تجاه العدوان الصهيوني على غزة يسفر عن تحرك عربي رسمي متكامل، بمعنى تحرك سياسي ودبلوماسي وعسكري لوقف العدوان الصهيوني، بداية بإغلاق سفارات العدو في الدول العربية المطبعة وطرد بعثاته الدبلوماسية ورفع جاهزية الجيوش العربية ووضع خطة مواجهة عربية موحدة، يتزامن ذلك مع دعوة إلى حراك شعبي صاخب في كل العواصم والمدن العربية وإعلان فتح أبواب التعبئة العامة ومراكز لجمع الدعم الشامل لإخواننا بغزة في كل المدن العربية وفتح باب التطوع للجهاد ضد العدو الصهيوني وهذا أقل موقف يفترض أن يكون للعرب.
لكن ذلك لم يحدث ووقفت كل الدول العربية موقف المتفرج وكأن الأمر لا يعنيها بل للأسف وقفت الأنظمة في معظم الدول العربية ضد تحرك أطراف محور المقاومة وقفت ضد تحرك حزب الله في لبنان وضد تحرك اليمن وضد عمليات الحشد الشعبي بالعراق بل واعتبرتها عمليات ضارة بالأمن القومي العربي ولم تكتف بذلك بل أدانت عدة دول عربية عملية السابع من أكتوبر وعمليات الأطراف المساندة لها، وليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل تحركت بعض الأنظمة العربية لمساندة ودعم العدو الصهيوني في وضح النهار وتحركت معه دول خليجية لإسقاط سوريا وإخراجها عن دائرة محور المقاومة بمؤامرة صهيوامريكية، وبذلك قدموها على طبق من ذهب للجماعات الإرهابية الموالية للعدو الصهيوني وباركوا سقوطها بكل الوسائل ومن كل منبر، فأصبحت مرتعا مباحا للعدو الصهيوني وساحة لتصفية حساباته، فدمر مقدراتها وتوغل في أراضيها حتى غدا اليوم على بعد بضع كيلومترات من العاصمة دمشق.
اليوم استفحل الغرور الصهيوني وتضاعف غروره واستكباره فوصل إلى قطر.. فهل سيكون لهم موقف جديد؟ أم أن موقفهم لن يتغير قيد أنملة وسيباركون له استهدافه لقادة حماس ووفده المفاوض كما عودونا؟
اعتقد لن نرى منهم إلا ما اعتدنا عليه ولذلك على الشعوب العربية أن تعلم علم اليقين أن لا سيادة لأي شعب عربي على أرضه بعد اليوم وكما قال الشاعر :
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام.