خطر الاعتماد على النفط



تمر بلادنا في الوقت الحاضر بوضع اقتصادي صعب نتيجة للأحداث التي مرت بها خلال الأعوام القليلة الماضية والتي أثرت سلبا بصورة كبيرة وواضحة على الموازنة العامة للدولة بسبب اعتمادها على مصدر وحيد وهو النفط الذي تعرض ويتعرض بين الحين والآخر لأعمال تخريبية إجرامية تنفذها عناصر خارجة عن النظام والقانون من خلال تفخيخ المنشآت النفطية وانابيب التصدير والتي بسبب تلك التصرفات الطائشة كبدت الوطن خسائر اقتصادية ضخمة تجاوزت مئات المليارات من الريالات سنويا .
لذا فان حكومة الأستاذ / خالد محفوظ بحاح في وضع لا تحسد عليه يتطلب منها الوقوف بجد أمام الوضع الاقتصادي الصعب خاصة مع انخفاض الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة إلى مرحلة خطيرة جدا يفاقم من ذلك التدهور السريع لأسعار النفط في الأسواق الدولية والتي قد لا تتوقف في اعتقادي عند المستوى الذي وصلت إليه اليوم وهذا يتطلب من حكومة الكفاءات البحث سريعا وبجد عن مصادر أخرى غير نفطية لدعم الميزانية العامة ومحاولة إنقاذ الاقتصاد الوطني وإخراجه من العناية المركزة المعتمد كما أسلفنا على مغذية واحدة وهذا أمر غير صحيح لإنعاشه .. مع أننا وبكل صدق وأمانة قد حذرنا الحكومات السابقة من خطر ارتكاز الميزانية العامة على النفط كمصدر وحيد غير مستقر أصلا خاضع لتقلبات مناخات السوق والسياسات الدولية من خلال التناولات الصحفية في هذه الصحيفة الغراء وبمختلف القوالب الصحفية .. لكن مع الأسف الشديد لم تلق تلك الدعوات والكتابات الصادقة والمحبة والخائفة على مستقبل الوطن من خبراء الاقتصاد والمختصين والمهتمين إذنا صاغية بل اعتبروها ” كلام جرائد لا يودي ولا يجيب ” كما يقال حتى أضحت البلاد وعلى رأسهم الحكومة في وجه الحقيقة المؤلمة التي قد يأتي يوم من الأيام لا سمح الله غير قادرة على دفع مرتبات موظفيها أو الخنوع واستجداء الدول الشقيقة والصديقة لتغطية ذلك مع أنهم قد قدموا مشكورين الكثير من الدعم المالي والمادي لليمن .
ومن باب ” الذكرى تنفع المؤمنين ” نكرر دعوتنا للحكومة الحالية وحتى تضع لنفسها بصمة مضيئة في نفوس وعقول أبناء الشعب اليمني يجب عليها البدء الفوري بوضع وتنفيذ حزمة من البرامج الاقتصادية الجادة والحقيقية تعمل على كبح جماح التدهور الاقتصادي والمالي الحاصل من خلال التفعيل الصارم والعاجل لقوانين الضرائب والجمارك وتنفيذ مشاريع استثمارية مدرة للدخل تساهم مباشرة في تشغيل العاطلين عن العمل من الشباب وتساهم في نفس الوقت بدعم الميزانية العامة للدولة إلى جانب وضع يد الحق والعدالة على كل فاسد تمادى طويلا بنهب وسلب مقدرات الشعب مهما كان موقعه الجهوي والتنفيذي في الحكومة أو خارجها . وقبل كل ذلك التركيز على الملف الأمني وتحقيق الأمن والاستقرار بالتعاون والتواصل مع كل الخيرين والشرفاء من أبناء هذا الوطن حتى تعود الحياة إلى طبيعتها والخروج من حالة الاستنفار وللاستقرار الذي لا يجلب سوى المزيد من الدمار والحقد والكراهية بين أبناء الأمة الواحدة .. وبالتأكيد فان عودة الحياة الطبيعية وتحقيق الاستقرار الأمني ستكون له مردودات ايجابية واسعة وعلى مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الرفاة والعيش الكريم لكل أبناء هذا الشعب الصابر حيث ستعود الشركات لاستغلال الفرص الاستثمارية في مختلف المجالات الصناعية والمعدنية والاستخراجية والزراعية والسياحية والتي يمكن من خلالها يمكن الاستغناء عن الاعتماد عن النفط لدعم الاقتصاد والميزانية كما هو حاصل في جميع الدول غير النفطية.

قد يعجبك ايضا