حلم إسرائيل الكبرى… وهمٌ على سرير الاحتضار

القاضي / عبدالخالق عبدالله محمد اسحاق

 

 

“من النيل إلى الفرات”… حلمٌ في فم نتنياهو، وكابوسٌ ينتظره في كتاب الله، وفي ذاكرة التاريخ، وفي صمت الأرض التي تحفظ دماء شهدائها. «حلم إسرائيل الكبرى… وهمٌ على سرير الاحتضار: حتمية الزوال بين الوحي والتاريخ والسياسة». حين يعلو صوت الغطرسة، يظن صاحبه أنه يكتب فصول الخلود، غير مدرك أن التاريخ لا يبتسم للطغاة إلا ليجرّهم إلى حتفهم. مساء الثلاثاء 12 أغسطس 2025، في تمام الساعة 8:20، أطلق بنيامين نتنياهو من القدس تصريحًا ناريًا يعلن فيه تمسكه بـ”رؤية إسرائيل الكبرى” التي تمتد من النيل إلى الفرات. لكن هذا الحلم ليس إلا نغمة في سيمفونية احتضار مشروع استعماري، سبق أن فضحه الوحي، ودحضه التاريخ، وأكده تحليل العباقرة والمفكرين.
أولًا: شهادة القرآن… بزوال الكيان الصهيوني وحلفائه
وعد الله لا يتخلف قال الله تعالى:﴿وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ..﴾ [الإسراء: 4]﴿… فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ…﴾ [الإسراء: 7]هذا النص القرآني يحسم أن لعلوّهم الأخير نهاية مهينة، وأن مصير مشروعهم هو التدمير الكامل على يد عباد لله أولي بأس شديد.
ثانيًا: أحاديث نبوية بزوال اليهود
المعركة الفاصلة روى مسلم في صحيحه (2922):«لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود…». هذا النص يحدد مصيرًا حتميًا، لا يترك مجالًا للالتباس: النهاية ستكون في مواجهة مباشرة تُنهي كيانهم.
ثالثًا: سنة الله في الطغاة
قال الإمام علي (ع) (نهج البلاغة): «إذا فسد الزمان وساد الظالمون، كان سقوطهم بأيدي المستضعفين».
رابعًا: شهادة توراتية
في سفر عاموس (9:8): «أبيد المملكة الخاطئة عن وجه الأرض». وفي إشعياء (10:1-3):«ويل للمشرعين شرع الإثم… فماذا تفعلون في يوم العقاب؟». حتى نصوصهم تحذّرهم من مصير أسود إذا استمروا في الظلم.
خامسًا: شهادات
1.ألبرت أينشتاين — اليهودي المعارض للصهيونية — كتب عام 1945: «القومية الصهيونية تحمل في داخلها بذور الكراهية التي ستؤدي إلى فنائها».
2.أرنولد توينبي — المؤرخ البريطاني — عام 1967: «المشروع الصهيوني نسخة من المشاريع الاستعمارية الأوروبية، ومصيره كمصيرها… الزوال بعد مقاومة الشعوب».
3.نعوم تشومسكي — المفكر الأمريكي: «إسرائيل تعيش على القمع العسكري، وهذا لا يدوم؛ لأن الشعوب لا تستسلم للأبد».
4. إدوارد سعيد — المفكر الفلسطيني :«إسرائيل مشروع هشّ، لأن بقاءه قائم على دعم خارجي، وهذا الدعم لا يدوم تاريخيًا».
5.ماكسيم رودنسون — المستشرق الفرنسي: «إسرائيل كيان مصطنع، يعيش في محيط معادٍ، وهذه معادلة لا يمكن أن تستمر أبدًا».
سادسًا: المراحل التاريخية للمشروع الصهيوني ونبوءات زواله:
بدأت الفكرة الصهيونية السياسية في أواخر القرن التاسع عشر على يد تيودور هرتزل، الذي اعتبر إقامة وطن لليهود ضرورة للهروب من اضطهاد أوروبا. في عام 1917، جاء “وعد بلفور” ليمنحهم الشرعية الاستعمارية البريطانية. ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبدعم غربي مكثف، أُعلن قيام دولة إسرائيل عام 1948، في وقت كانت الأمة العربية مفككة وضعيفة. لكن منذ البداية، حملت التجربة بذور ضعفها: فهي دولة قائمة على الإقصاء، محاطة ببحر من الشعوب الرافضة لوجودها. جاءت هزيمة 1967 لتمنحها شعورًا زائفًا بالتفوق، تلاه تورطها في احتلالات جديدة عززت كراهية الشعوب لها. ومع نهاية القرن العشرين، بدأت علامات التآكل الداخلي تظهر: الانقسامات السياسية الحادة، الفساد، الأزمات الاقتصادية، والتراجع الأخلاقي. واليوم، يواجه الكيان تحديات غير مسبوقة: مقاومة فلسطينية متصاعدة، عزلة دولية متنامية، وتراجع الدعم الغربي الذي شكّل أساس بقائه. وكل ذلك يتقاطع مع نصوص قرآنية وتوراتية وأحاديث نبوية تؤكد أن الطغيان حين يبلغ ذروته، يبدأ في الانحدار نحو حتفه.
العاقبة نكبة صهيونية كبرى
يا نتنياهو… ويا من ورثتم وهم الآباء المؤسسين… إنكم تبنون قصركم على رمال متحركة، وتزرعون رايتكم فوق صخرة كتب عليها القدر: “هنا ستنتهي الأسطورة”. إنكم لم تقرأوا التاريخ جيدًا، أو لعلكم قرأتموه ولم تفهموا أن الشعوب قد تنحني للعاصفة، لكنها لا تنكسر.
إن وعد الله آتٍ، لا تحجبه الدبابات ولا تحميه الجدران. ستأتي اللحظة التي تنطفئ فيها أضواء تل أبيب، وتخبو فيها صرخات الاستعلاء، ويُرفع فوق أسوارها أذان النصر، ويكتب المؤرخون: هنا سقط آخر حصون الاستعمار في القرن الحادي والعشرين.
سيذكركم التاريخ كما يذكر نيرون حين أحرق روما، وكما يذكر فرعون حين قال “أنا ربكم الأعلى”، فلم يجد إلا الغرق مهربًا.
إن الأرض التي دنّستموها بجرائمكم ستطهّرها أقدام المستضعفين، وسيعلم العالم أن “إسرائيل الكبرى” كانت آخر أكاذيب الإمبراطوريات، وأول أحلامها التي استيقظت على كابوس الهزيمة.
فنم يا نتنياهو على وسادة الوهم، فما أقصر الليل حين يتربص الفجر… وفجر هذه الأمة قادم لا ريب فيه.

قد يعجبك ايضا