رماد تذروه الرياح!

يكتبها اليوم / وديع العبسي

 

يزداد الوضع تعقيدا على الكيان الصهيوني مع هذا التصاعد النوعي لعمليات الإسناد اليمنية، كما وتصاعد درجة الصلابة في الموقف الداعم للفلسطينيين، تعقُّد الوضع ينسحب أيضا على رأس الشر أمريكا التي بدأت تعيش حالة من تقليم عوامل القوة وأدوات فرض الهيمنة.

المرتكز الرئيس في ما يجري من حرب الإبادة الصهيونية في غزة والعدوان الأمريكي السافر على اليمن، أن القوات المسلحة اليمنية تقاتل انتصاراً للحق وللمظلومية ودفاعا على النفس، فيما يمارس الأعداء هواية القتل والاستباحة على طريق مخطط الهيمنة المطلقة على المنطقة.

منذ اللحظة الأولى لعمليات الإسناد اليمني لغزة كان الإعلان واضحا بأن هذه العمليات تأتي إسنادا للمستضعفين في القطاع، وأنها لن تتوقف حتى وقف العدوان ورفع الحصار عنهم. وشهد (21) شهرا من الإجرام والقتل والتنكيل بحق الأطفال والنساء أشكالا يندى لها جبين الأخلاق، فيما استمر اليمن بتنفيذ عملياته في عمق الكيان، كما فرض عليه حظرا بحريا وجويا وهو ما نتج عنه أثار واضحة حركت كل المنظومة الصهيونية بقيادة أمريكا للتدخل والعدوان على اليمن في محاولة لإنقاذ كيانهم غير الشرعي من السقوط.

خسرت التحالفات وانسحبت، وارتد تشنج الأمريكي إلى نحره وانسحب، بينما استمر اليمن بعملياته. المثير هنا هو الإصرار العجيب من قبل العدو على مواصلة حصد أرواح الفلسطينيين، وفرض حالة تجويع عليهم لم يشهدها التاريخ، وتجاوُز عنوان الدفاع عن النفس إلى قتل الأبرياء، وتجُاوز عنوان استعادة الأسرى، إلى تحويل القطاع إلى كتلة من الأنقاض.

المشهد بهذا الحال، يكشف عن نوايا حقيقية لإفراغ غزة من أهلها بالقتل أو التهجير، ولهذا الغرض تبدو الحماقة سيدة السلوك العدواني لنتنياهو الذي يدفع بأعداد كبيرة من مجنديه إلى محرقة غزة مقابل استعادة أعداد قليلة من الأسرى.

وإزاء ذلك يبدو من الفظيع تخيل أن تُترك الأمور على ما هي عليه، بأن يستمر العدو الصهيوني في قتل الفلسطينيين وتجويعهم ومنع الماء والدواء عنهم كما يشاء، بلا حتى سقف زمني لهذه العربدة، ومن الصعب تقبُّل هذا التجاهل لصرخات الأمهات الثكالى، والعدو يقعد مبتسما وفي قناعته بأن هذه الصرخات لن يكون لها أي تفاعل عربي، إسلامي، دولي.

لأجل ذلك كانت الأيام تشهد اجتهادا يمنيا واضحا ليس باستمرار تنفيذ عمليات «الفتح الموعود والجهاد المقدس» وحسب وإنما في تطوير القدرات والتكتيكات، ليصير ما سببته القوات المسلحة من وجع للعدو وحاميته اكثر وقعا وأثرا، فمجتمع الكيان افتقد الأمان، وسمعته الدولية أصبحت تحت الصفر، واقتصاده انكشف، وتبين أنه كيان لا يقوم على أي مقومات تضمن له الاستمرار، ولو دخل أي معركة بإمكاناته منفردا لتشتت بعد فترة وجيزة جدا قادته ومجتمع الغاصبين في أصقاع الأرض.

الإمعان في ارتكاب هذه الجرائم بتعمد وتحد صارخ لكل القوانين ولكل الأصوات الداعية إلى احترام حقوق الشعب الفلسطيني في الحياة، إنما هو توجه نابع من شعور العدو بأنه تحت المظلة الأمريكية المحكوم من اللوبي الصهيوني، فوق القانون، وفوق أي اعتبارات.

ويكشف الإصرار على استمرار الإبادة أن العالم أمام جماعة صهيونية يعتريها الخلل النفسي والعقلي ولا يمكن الركون إلى قدرتها حتى بأن تؤطَر نفسها في شكل منظمة، وهو ما لا يمكن التغاضي عنه وترك حفنة المختلين الصهاينة ينتهكون أبسط الحقوق الإنسانية كالغذاء والحصول على المياه. ولأجل ذلك برز أثر الإسناد اليمني وعلى صخرته ستتحطم المشاريع التي تستهدف الأمة، ولنا في إغراق السفينتين الأسبوع الماضي خير مثال، أما زوبعة البعض وإطلاقهم التهديد بعد عمليتي الإغراق، فإن اليمن قد أكد بصورة واضحة أن الموقف ثابت والعمليات مستمرة، وأن التهديدات ما هي إلا رماد تذروه رياح يوم عاصف.

قد يعجبك ايضا