مؤتمر الحوار يرد الاعتبار للوحدة وينصف”القضية الجنوبية”


إعداد/ محمد السيد –
عاش اليمنيون “شمالاٍ وجنوبا” ظروفاٍ صعبة ومعقدة عاشوا على أمل ميلاد حلمهم” الوحدة اليمنية”. أحلام كانت تزداد قوة سواء في العهد الإمامي أو في ظل الاستعمار الأجنبي. فأخذ النضال الوحدوي يتعاظم وينمو ويشتد ويزداد تلاحما رغم كل المؤامرات الداخلية والخارجية التي كانت تسعى لتكريس تجزئة اليمن الواحد. فشهد الإنسان اليمني في الشمال والجنوب قيام وضعين مختلفين على الأرض اليمنية الواحدة. لكن مع ذلك ظلت واحدية النضال في الشمال والجنوب كابوسا يْقلق المستعمر والحكم الفردي. حتى تفجرت ثورة الـ26 من سبتمبر بسواعد ودماء المناضلين في الشمال والجنوب لتشكل هذه الثورة أهم منعطف في تاريخ اليمن وأول إنجاز حقيقي نحو توحيد الوطن المجزأ فقد كانت هذه الثورة وحدوية في آفاقها وأهدافها وجسدت الترابط الحقيقي بين جماهير الشعب اليمني في الشمال والجنوب وكان العمال والفلاحون الذين توافدوا من كل أنحاء الوطن نواة جيشها وحملة علمها. وانطلاقا من ذلك جعلت الثورة هدف قيام الوحدة اليمنية ضمن أهدافها الستة. وبهذا الإنجاز بدأت ملامح المشروع الوحدوي في التشكل. حتى قامت ثورة أكتوبر 1963 في الجنوب من هنا اعتبر مراقبون مسألة ميلاد اليمن الموحد حلماٍ قابلاٍ للأكثر من أي وقت مضى. فازداد النضال الوحدوي في شطري الوطن الواحد أكثر اشتعالا وعنفوانا.
العمل الوحدوي (1967 –1978م)
لقد نال الشطر الجنوبي استقلاله وسقط مع هذا الاستقلال المشروع البريطاني الاستعماري التشطيري وأثبت الشعب الأبي أنه أقوى من كل مؤثرات الثقافة الانفصالية التي كرس الاستعمار كل جهوده في غرسها طيلة فترة بقائه لمدة 128 سنة … فقد ظل حضور التاريخ الوحدوي ماثلا في وعي الحركة الوطنية في مختلف مراحل نضال شعبنا التي بلغت ذروتها في حرب التحرير التي أنجزت الاستقلال …وعلى الرغم من أن استقلال الشطر الجنوبي جاء في ظروف حرجة بالغة الخطورة إذ كان النظام الجمهوري في صنعاء يتعرض لأعتى هجمة شرسة استهدفت إسقاطه وذلك عقب عودة القوات المصرية من اليمن الأمر الذي لم يكلل فيه انتصار الثورة في الشطر الجنوبي بإعلان مشروع يمني وحدوي فوري مع الشطر الشمالي من الوطن. لكن – وفقا لأدبيات الوحدة- ذهبت جماهير الشعب في الشطرين هبة رجل واحد لفك الحصار المضروب على صنعاء ومضت في تصعيد المقاومة الشعبية ورفع الجاهزية القتالية في أعلى مراحلها على مدى حرب السبعين يوما حتى انتصرت إرادة الشعب وحل السلام في ربوع اليمن.. وأضحى النظامان السياسيان في شطري اليمن أمام استحقاقات الوحدة التي ظلت هي الحقيقة الكبرى المستحوذة على جدول أعمال النظامين السياسيين في الشطرين مهما تباينت وجهات النظر فثقافة الوحدة هي الثقافة المقروءة وهي لغة التفاهم الوحيدة وهي الأقوى من الاتجاهات الإيديولوجية الدخيلة ومن الطائفية والمناطقية…وقد كانت أولى بوادر العمل الوحدوي بين الشطرين في نوفمبر/تشرين الثني 1970م عندما اتفقت القيادتان في اجتماع تعز على ضرورة البدء باتخاذ إجراءات وخطوات وحدوية إدارية كانت تستهدف تكوين اتحاد فيدرالي! وعزي هذا الطرح إلى وجود واقع متباين في نظامي الحياة الاجتماعية والسياسية في الشطرين خلال عهود الاستعمار والاستبداد ..وقد ظهرت مؤثرات وعوامل صراع لإعاقة العمل الوحدوي لكنها في كل الأحوال لم تكن أقوى من تيار الوحدة والإرادة الشعبية التي مضت تكتسح هذه الألغام مهما كلفها ذلك من تضحيات عرضت الطاقات الوطنية والموارد للإهدار الناجم عن التجزئة.. ولئن بدت خطوات الوحدة بطيئة ومتعثرة من حين لآخر لكنها اكتسبت الرسوخ والصلابة الشديدة في وجه كل المحاولات المضادة لمسيرة الوحدة.. فقد كان لاحتماء جماعات وقوى من كلا الشطرين بالشطر الآخر دور في توتير العلاقات بينهما.
بلغت حد الأزمة التي أفضت إلى حدوث صدام مسلح بينهما عام 1972 على جولتين الأولى في 1 فبراير/شباط 1972والأخرى في سبتمبر/أيلول من العام نفسه نجم عنهما اتفاقية القاهرة التي تم التوقيع عليها بين القيادتين التنفيذيتين في الشطرين في مقر جامعة الدول العربية في 28 أكتوبر 1972 تجاوبا مع جهود لجنة التوفيق العربية المشكلة بقرار من مجلس الجامعة العربية في 13 سبتمبر 1972م من أجل تسوية الخلافات بين شطري اليمن..
وقد شكلت صياغة اتفاقية القاهرة نقطة وسطا بين تصورين لمشروعين للوحدة من قيادتي الشطرين وكيفية إنجازها وأعقبها بيان طرابلس في 28 نوفمبر 1972 الصادر عن لقاء رئيسي الشطرين القاضي عبدالرحمن الإرياني وسالم ربيع علي ويعتبر جزءا مكملا لاتفاقية القاهرة حيث تضمنت المادة التاسعة منه إنشاء تنظيم سياسي كما يعتبر تفسيرا لبعض بنود اتفاقية القاهرة وشاملا مجموعة من الأسس التي تسترشد بها اللجان المشتركة في عملها لإنجاز عملية الوحدة. ومما يميز الاتفاقية والبيان نصهما على قيام دولة واحدة تذوب فيها الشخصية الدولية لكل من دولتي الشطرين في شخص دولي واحد وربط هذا النص بإنجاز مشروع دستور دولة الوحدة الأمر الذي أعاد العمل الوحدوي إلى مفهومه الاندماجي وأسس لمشروع إعادة الوحدة بالوسائل السلمية وإسقاط الخيار العسكري وأدى الاتفاق والبيان إلى توالي اجتماعات الممثلين الشخصيين لرئيسي الشطرين فضلا عن لقاءي قمة أحدهما في الجزائر في أيلول/ سبتمبر 1973 والآخر في تعز-الحديدة في تشرين الثاني/نوفمبر 1973 وقد تم فيهما الاتفاق على إعطاء فترة زمنية كافية لإنجاز اللجان الفرعية أعمالها تجاوزت الفترة المحددة في اتفاقية القاهرة كما تم الاتفاق على إيقاف أعمال التدريب والتخريب في كل أنحاء اليمن وإغلاق معسكرات العناصر المخربة والاتفاق كذلك على إيجاد صيغ للعمل المشترك في المجالات الاقتصادية.
وأخذت لجان الوحدة في التشكل ثم في عقد اجتماعاتها لتحديد مهامها والاتفاق على وضع برامج زمنية لأعمالها وفقا لاتفاقية القاهرة وبيان طرابلس.. ثم ما لبثت أن توقفت أعمالها حوالي ثلاثة أعوام تأثرا بالظروف والأحداث الداخلية في كلا الشطرين وبخاصة إثر حادث اغتيال محمد علي عثمان عضو المجلس الجمهوري نائب رئيس الوزراء في الشطر الشمالي.
وفي ظل هذا الوضع المتأزم قامت حركة 13 يونيو التصحيحية عام 1974م.. ومهد ذلك إلى نزع فتيل الأزمة . واستعادت قيادتا الشطرين الظروف المهيئة للتفاهم فيما بينها بإسناد قوى التيار الوحدوي والتقاء النظامين في تحديث سلطة الدولة وإدراكهما للأخطار الإقليمية والدولية التي تهدد أمن البحر الأحمر ومدخله الجنوبي فضلا عما كان لقيادة الشطر الشمالي من دور قومي ملموس في وضع رؤية عربية للأمن في البحر الأحمر فكان الترتيب لقمة قعطبة في 15 فبراير/شباط 1977م التي وقعت على اتفاق أنهى فترة القطيعة وأعاد النشاط إلى لجان الوحدة . وقد اعتبر اتفاق قعطبة مكملا للاتفاقات السابقة ومنفذا لبنودها ومستحدثا مجلسا مشتركا برئاسة رئيسي الشطرين وهو بمثابة مجلس تخطيط وتنسيق ومتابعة لرسم وتوجيه الخط العام للسياسة اليمنية داخليا وخارجيا إبان فترة الإعداد واستكمال اللجان المشتركة أعمالها.. فضلا عما تضمن الاتفاق من إيجاد علاقة عضوية للنشاط الدبلوماسي للشطرين وأن يمثل أحدهما الآخر في البلدان التي لا يوجد لأي منهما فيها سفارات إلا أن اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي قبل يوم واحد من توجهه إلى عدن لاستكمال اتخاذ خطوات أخرى حال دون الاستمرار في التطبيق العملي لاتفاق قعطبة.
العمل الوحدوي (1978م-1990م)
إن عملا عظيما كمشروع الوحدة لا بد أن تحف به المخاطر وأن يواكبه الكثير من التضحيات ولا سيما حين تستبد المخاوف المتبدلة بأصحاب الشأن وأولي الأمر وصانعي القرار وحين تسود الانطباعات الخاطئة والمفاهيم المغلوطة علاقات النظامين بل والعلاقات الداخلية لكل شطر على حدة.. وحين تلتقي هذه السلوكيات السلبية مع رغبات إقليمية وصراعات دولية يزداد حجم المعاناة وغالبا ما ينتهي إلى أزمة متفجرة.. ولكن أيا من هذه الأخطار والأزمات لا تقوى على حرق ملف الوحدة فالممسكون به يدركون أن ما يتعرض له النظامان من اضطرابات وعدم استقرار سياسي يتصل اتصالا وثيقا بعرقلة مسيرة الوحدة لذا ظل السعي نحو إعادة الوحدة أقوى من كل التحديات . فقد حدثت تطورات دامية في كلا الشطرين جرى فيها اغتيال الرئيس أحمد الغشمي وتم انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح رئيسا للجمهورية في 17 يونيو 1978 في ظرف كانت فيه البلاد في حالة غليان في الوقت الذي أخذ فيه الصراع على السلطة في عدن يشتد حتى بدأ التوتر بين شطري الوطن يظهر من جديد لتنشب حرب
1979 بين الشطرين أسفرت عن وساطة للجامعة العربية وعقد قمة الكويت وصدور بيان الكويت في 30 آذار/مارس 1979 الذي أكد فيه الرئيسان السابقان علي عبد الله صالح وعبد الفتاح إسماعيل على تصميم الشعب في الشطرين على إقامة دولة الوحدة في أسرع وقت ممكن وحث اللجان على إنجاز مهامها وبخاصة اللجنة الدستورية التي حدد لها فترة أربعة أشهر لإعداد مشروع دستور دولة الوحدة والالتزام باتفاقية القاهرة وبيان طرابلس . وقد أعقب تلك القمة عقد قمة صنعاء في 4/ 10/ 1979 تم فيها التأكيد على بذل جهود مشتركة لتحقيق التكامل الاقتصادي بين الشطرين وإعطاء مهلة إضافية للجان الوحدة لاستكمال أعمالها . لقد أسفرت الصدامات المسلحة عن تولد اقتناع لدى الطرفين بأن أسلوب القوة والعنف لإنجاز الوحدة غير ممكن الأمر الذي ترتب عليه البحث عن صيغ مناسبة تقوم على الحوار السلمي وهو ما شهده عقد الثمانينات الذي اتسم بعقد لقاءات متتالية كرست الحوار وأسفرت عن خطوات عملية ملموسة على طريق إعادة تحقيق الوحدة.. فما كان يتفق عليه في عقد السبعينات ولا ينفذ بصورة جيدة أضحى في الثمانينات يحظى بالاهتمام وقابلا للتنفيذ.. فقد عقد لقاء صنعاء في حزيران/يونيو 1980 وتم فيه الاتفاق على إقامة المشاريع الاقتصادية المشتركة وإزالة المواقع العسكرية في مناطق الأطراف في الشطرين وحث لجان الوحدة على إنجاز أعمالها. وفي لقاء تعز في 15 أيلول/سبتمبر 1981 اتفق على تشكيل لجنة لالمادة (9) من بيان طرابلس 1979 الخاصة بتشكيل التنظيم السياسي الموحد.. وفي 30 كانون الأول/ديسمبر 1981 انعقدت قمة عدن وتم فيها إنشاء المجلس الأعلى برئاسة رئيس الشطرين لمتابعة سير اتفاقيات الوحدة بين شطري الوطن وللإشراف على لجان الوحدة وكذا إنشاء اللجنة الوزارية برئاسة رئيسي الوزراء.. وكان انعقاد أول قمة عقب أحداث يناير 1986 في تعز في نيسان/أبريل 1988 اتفق فيها على اتخاذ خطوات أكثر جدية في استكمال الجهود المشتركة لاحتواء ومعالجة آثار أحداث يناير 1986 والالتزام الكامل بما تم الاتفاق عليه في مجال العمل الوحدوي قبل تلك الأحداث والتأكيد على أهمية المشروعات الاستثمارية المشتركة ومنها ما يتعلق بالثروات الطبيعية في محافظتي مأرب وشبوه وتلاها قمة صنعاء (3-4مايو/أيار1988) وقد كان لقاء القمة هذا لقاء تفصيليا لما اتفق عليه في قمة تعز وقدرت فيه منطقة الاستثمار المشترك بمساحة قدرها 2200كم مربع كما اتفق على تنشيط عمل لجنة التنظيم السياسي الموحد ووضع تصور مشترك للعمل السياسي الموحد في أقرب وقت ممكن وإعداد برنامج زمني لإبرام دستور دولة الوحدة والاتفاق على إلغاء النقاط القائمة بين الشطرين واستبدالها بنقاط مشتركة وتسهيل حركة تنقل المواطنين بين الشطرين والمرور بالبطاقة الشخصية وعدم فرض قيود على المواطنين والبحث عن مصادر تمويل لربط الطرق بين الشطرين وقد أنجزت جملة من الأعمال الوحدوية التي تم الاتفاق عليها وأهمها إنشاء شركة مشتركة للاستثمارات النفطية والمعدنية وتسمية أعضاء لجنة التنظيم السياسي الموحد وتبادل الشطرين مشروعات حول شكل دولة الوحدة وطريقة إنجازها. فشهد النظامان ضغطا شعبيا في شطري الوطن مطالبا بالتسريع بإعلان الوحدة اليمنية وهو ضغط وجد صداه لدى القيادتين حيث كونت ضغطا وحدويا قويا ماج به الشارع السياسي وعزز الجهد الشعبي من الجهد الرسمي ويسر على قيادتي الشطرين الانطلاق نحو الخطوات الأخيرة لإعلان الوحدة . وقد عبر لقاء قمة عدن في 30/11/1989م عن ذلك خير تعبير فقد نجم عنه اتفاق تم فيه تصديق القيادتين على مشروع دستور دولة الوحدة. وإحالة مشروع الدستور على المجلسين التشريعيين خلال ستة أشهر بإجراء الاستفتاء الشعبي والانتخابات التشريعية الموحدة لدولة الوحدة . وفي ضوء لقاء قمة عدن أوفدت قيادتا الشطرين العديد من الوفود المشتركة إلى الأقطار العربية الشقيقة وبعض الدول الكبرى الصديقة لتقديم صورة واضحة عن حقيقة دولة الوحدة بهدف تحييد الأطراف الإقليمية الدولية وتخفيف حدة العوامل المضادة لقيامها والتهيئة لاستقبالها وتقبلها في المحيطين العربي والدولي بما من شأنه تعزيز العلاقات مع هذه الدول والإسهام في تحقيق الاستقرار الإقليمي وأردفتها بقيام القيادتين والشطرين بإجراء الاتصالات الهاتفية لعدد من القادة وبالزيارات لعدد من قادة الدول واستقبال بعضهم. وشكل ذلك النشاط المتكامل حشد التأييد الإقليمي والدولي لدولة الوحدة فضلا عما يترتب عليه من نتائج طيبة تمثلت في تعزيز الثقة بين جماهير الشعب وقيادته بما مثلته من جدية السعي المشترك نحو تحقيق الوحدة والدخول في مرحلة العد التنازلي الوشيك لإعلانها. ولا يغيب عن البال ما كان يحاك من محاولات للقيام بإجهاض للوحدة في طورها الجنيني غير أن الحسم كان سيد الموقف وعلى أساسه تتالت اجتماعات القمة اليمنية عقب قمة عدن في إيقاعات وحدوية متسارعة حيث عقدت خمسة لقاءات . وقد أخذت قيادتا الشطرين في هذه القمم على عاتقها التغلب على مختلف الصعوبات لتسفر قمة أبريل 1990م عن اتفاق بالغ الأهمية لإعلان قيام دولة الوحدة .
ميلاد حلم اليمنيين
ليكون ميلاد الحلم اليمني في يوم 27 رمضان 1410 ه الموافق 22 إبريل 1990 حيث تم التوقيع على اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية من قبل زعيمي الشطرين . فقد نص الاتفاق على وحدة اندماجية كاملة تذوب فيها الشخصية الدولية للشطرين في شخص دولي واحد يسمى (الجمهورية اليمنية) ويكون للجمهورية اليمنية سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة .
مؤتمر الحوار الوطني
لكن المراقبين يؤكدون على أن الثلاث السنوات الأولى من قيام الوحدة كانت الفترة الذهبية للوحدة اليمنية إلى أن بدأت الازمة السياسية وصولا إلى حرب 94م وهي الحرب التي كانت لها أخطاء جسيمة. اضافة إلى تراكم المظالم مع حدوث اخطاء كبيرة رافقت ما بعد ذلك التاريخ. وفي مساعي لإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية خاضت أحزاب اللقاء المشترك مع الرئيس صالح وحزبه المؤتمر حوارات عديدة على مدى (2007 – 2011 ) وتم التوصل فيها إلى العديد من الاتفاقيات التي لم تنفذ وعلى إثرها دخلت البلاد في أزمات سياسية متكررة لم تفلح أحزاب المعارضة في إنجاح الاتفاقيات في ظل سيطرة الرئيس السابق صالح والمؤتمر الشعبي العام على مقاليد الحكم في البلاد وعلى البرلمان . ليكون تفاقم الحوار الوطني أحد أسباب قيام الثورة الشبابية الذي سبقها في ذلك الحراك الجنوبي . حيث تعطلت مساعي الحوار منذ بداية الثورة في فبراير 2011 حتى نهاية حكم صالح بالتوقيع على المبادرة الخليجية وانتخاب الرئيس هادي وعادت المطالبات بإجراء الحوار الوطني الشامل لحل المشاكل والاتفاق على تعديل الدستور والقضايا الأخرى .
ليكون مؤتمر الحوار الوطني – بإجماع الداخل والخارج- خارطة الطريق لإنقاذ اليمن من الحرب الاهلية. فالمؤتمر الذي جرى التحضير له مر بمراحل طويلة وتعرقل لأكثر من مرة حظيا بدعم خارجي غير مسبوق فبدأ أول جلساته في 18 مارس 2013 . واستمر لمدة عشرة أشهر حتى 25 يناير 2014 في سعي طموح لمداوة جروح البلد بعد الانتفاضة التي استمرت لمدة عام والتي أجبرت النظام السابق على ترك السلطة بعد حكم دام 33 عاما. وانعقد تحت شعار “بالحوار نصنع المستقبل” برئاسة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي . ضم المؤتمر 565 عضواٍ 50% منهم من مواطني المحافظات الجنوبية و30% من الجانب النسائي و20% من الشباب .
القضية الجنوبية
وبرزت القضية الجنوبية كأهم التحديات أمام مؤتمر الحوار الوطني فعلى الرغم من دعوات مقاطعة الحوار الوطني من قبل بعض الفصائل الجنوبية إلا أن هدف الوصول باليمن إلى بر الأمان من خلال حلول تضمن معالجة كل المظالم الجنوبية دفع بالعديد من القوى الجنوبية إلى المشاركة بفعالية بكل الجلسات والمناقشة الإيجابية النابعة من الروح الوطنية حتى اختتام المؤتمر. فقد تبنى مؤتمر الحوار بإجماع مختلف القوى السياسية” وثيقة القضية” التي تضمنت بدورها حلولاٍ وضمانات القضية الجنوبية منحت بموجبها شراكة أكبر للجنوب خلافاٍ لما هو قائم اليوم في ظل دولة الوحدة التي تم الإعلان عنها العام 1990م .وذلك بعد أن ظلت القضية الجنوبية محور الأزمات التي عاشها اليمن بخاصة في السنوات القليلة الماضية وفجرت ما بات يعرف بـ”الحراك الجنوبي” العام 2007 فقد منح مؤتمر الحوار القضية دفعة قوية من خلال تبني وثيقة الحلول والضمانات للقضية الجنوبية بعد ان وقعت عليها الأطراف والمكونات المشاركة في الحوار. حيث تؤكد الوثيقة أنه خلال الدورة الانتخابية الأولى وبعد تبني الدستور الاتحادي سيمثل الجنوب 50% في كافة الهياكل القيادية في الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية بما فيها الجيش والأمن التي يتم التعيين فيها بموجب قرارات يصدرها رئيس البلاد أو رئيس الوزراء على أن يمثل الجنوب 50% في مجلس النواب . وهو ما أعتبره مراقبون ومحللون إعادة لاعتبار الوحدة اليمنية وتصحيحا لمسارها بفضل الثورة الشبابية والحراك السلمي. ليشهد الـ 25 يناير 2014 عقد الجلسة الختامية للحوار وإعلان الوثيقة النهائية للمؤتمر الحوار وسط حضور دولي وعربي كبير. حيث أقرت الجلسة العامة الختامية للمؤتمر (وثيقة الحوار الوطني) بعد التصويت بالإجماع على ضمانات مخرجات مؤتمر الحوار . ليقر اليمن رسمياٍ شكل الدولة الاتحادية المستقبلية وتقسيم البلاد إدارياٍ إلى ستة أقاليم اثنان في الجنوب وأربعة في الشمال. وذلك بعد حوارات ونقاشات في كيفية الصورة القانونية والنظامية من أجل قيام إدارة حديثة في الأقاليم تشرف عن قرب على قضايا التنمية والتطوير والنهوض والأمن والاستقرار تم التوافق بأعلى درجة من التقارب واعتماد الأسس العلمية لقيام الأقاليم الستة.

قد يعجبك ايضا