التعليم الحديث .. مسمار في نعش الحكم الكهنوتي ومحرك الثورة والتغيير


نبيل نعمان –
عبدالحافظ سعيد عبدالله : التعليم والثورة أفاد كل منهما الآخر وأناشيد الصباح ألهبت حماس التلاميذ
طاهر علي سيف:تم تهريب الاسمنت والخشب بعيداٍ عن أعين الإمام على رؤوس النساء وظهور الحمير
منصور محمد البرق :الإمام أرسل عساكره لإغلاق المدارس في الأعبوس لكنه فشل واستمر التعليم

يشكل التعليم المدخل الحقيقي للنهضة على مر العصور وكلما سارت أمة من الأمم في دروب العلم والمعرفة وهيأت له سبل التوسع والتطور استطاعت أن تحجز لنفسها مكانا بين الأمم والشعوب وتساهم بفاعلية في النهضة والحضارة الإنسانية .
والتاريخ حافل بشواهد كثيرة فحيث كانت هناك نهضة كان العلم والتعليم أساسه وقاطرته وحيث حل الانحطاط والتخلف كان ذلك بسبب العزوف عن العلم وانحسار دوره في حياة الفرد والمجتمع .
واليمن ليست استثناء فقد مرت بفترات انحطاط ونهوض وكلما زاد الاهتمام بالعلم والتعليم بمعناه الواسع زادت فرص النمو والتطور ولنا في عصرنا الحديث خير شاهد فعندما كان التعليم غائبا دخلت اليمن في غياهب التخلف ومع تغير مسار الحياة بقيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م اتسعت دائرة الاهتمام بالعلم وحتى قبل ذلك كانت المبادرات الجريئة في كسر الظلام الحالك ومن ذلك المدارس التي أنشأت قبل قيام الثورة المباركة في الخمسينيات ومطلع الستينيات في منطقة الأعبوس ومنها مدارس الحرية و النور والإرشاد .

لقد كان لنادي الاتحاد العبسي الذي تأسس مطلع الخمسينيات في مدينة عدن من قبل أبناء المنطقة المتواجدين هناك الباعث للنهضة والأسبقية التعليمية في المنطقة فضلا عن احتكاك أبناء الأعبوس بالأجواء في عدن التي عرفت التعليم الحديث مبكرا الذين رأوا في أحقية أبناءهم وإخوانهم في مسقط رأسهم الحصول على التعليم الحديث فكانت الفكرة للبدء بتأسيس مدرسة تحولت إلى مدارس أسست للنهضة التعليمية في الأعبوس واليمن عموما .
البدايات الأولى
الأخ طاهر علي سيف البرلماني السابق وأحد أبناء المنطقة يتحدث عن تلك الفترة بالقول : عدن كانت عصر التنوير لليمن بل وللجزيرة العربية وحلم اليمنيين وإليها شدوا الرحال من كل اليمن طلباٍ للرزق وللعلم رغم محدوديته ونخبويته من أجل توفير موظفين للعمل في المصافي أو في بعض الإدارات الحكومية والشركات .. ومن عدن أنطلق الأوائل من اليمنيين نحو شرق أفريقيا وشرق آسيا حاملين معهم تجارتهم ومعارفهم الدينية وحققوا نجاحاٍ لايزال مشهوداٍ حتى اليوم كذلك انطلق البعض لطلب العلم في عدن وأحضروا أولادهم للتعلم فكانت هناك مدارس تحفيظ القرآن ومدرسة بازرعة ثم المعهد العلمي وكلية بلقيس وقبل كل ذلك مدرسة النهضة كما أعتقد في الشيخ عثمان وفي عدن تم الاحتكاك بالآخرين من كل أنحاء العالم وكانت المنافسة على العمل بدرجة أساسية وعرفوا أنهم ليسوا بمستوى الآخرين من حيث العلم وبدأ الآباء إلى جانب إحضار أولادهم إلى عدن للتعليم , التفكير في بناء مدارس في مناطقهم وحتى في عدن نفسها حيث تم إقامة المعهد العلمي بقيادة محمد سالم البيحاني على التبرعات التي شارك فيها الكثير من اليمنيين حتى البسطاء منهم كما ان كلية بلقيس قامت على التبرعات وكان القائمون عليها مدرسين مثل عبدالعزيز عبدالغني ومحمد أنعم غالب وقاسم غالب وكثير منهم أصبحوا من أعمدة الدولة فيما بعد .
ويضيف الأخ طاهر : كان الدافع الأساسي لإقامة مثل هذه المؤسسات هو ما كان يفرضه الانجليز من حرمان لأبناء اليمن بما فيها ماكان يسمى المحميات واتباع سياسة التعليم النخبوي والذي كان في معظمه لأبناء كبار الشخصيات بعدن … كما أن الإمام في الشمال عمل على إنشاء مدارس دينية في زبيد وجبله وصنعاء وكان الهدف أيضاٍ محدوداٍ في تخريج موظفين وللسلك القضائي .
الأخ منصور محمد علي البرق يقول: إن التعليم الابتدائي ظهر في مدرسة الحرية بني علي أعبوس في مديرية القبيطة سابقاٍ مديرية حيفان حالياٍ تقريباٍ في عام 1957م قبل قيام الثورة في 1962م في وضع ملكي متخلف وظلت المدرسة بإمكانيات بسيطة في تعليم الطلاب والمدرسين والأدوات والأشياء الأخرى التي يتبرع بها الخيرون من أبناء المنطقة حتى كان الطالب عندما يكمل صف رابع يسافر إلى عدن للدراسة في المدارس الأهلية التي قام ببنائها بعض الشخصيات الدينية والاجتماعية مثل العلامة محمد البيحاني فيتم الالتحاق بالدراسة من صف أول متوسط في إحدى المدارس الآتية ( المعهد العلمي الإسلامي – مدرسة بلقيس – مدرسة بازرعة ) أما المدارس التي أنشأها الاحتلال البريطاني فكانت تمنع التحاق أو قبول أي طالب من المناطق الشمالية أو من المحميات .
ويضيف البرق : لاشك أن من ساهم في نشر العلم وتأسيس المدارس هم من التجار واصحاب الخير أمثال الحاج محمد عبدالجبار راشد والحاج عبده إبراهيم نعمان وأخيه المرحوم محمد والحاج المرحوم علي جازم العطار والحاج المرحوم حيدرة صالح والحاج المرحوم علي قاسم والحاج المرحوم عبدالباقي عبدالقادر .. أما من رجال العلم والمعرفة والمؤسسين لهذه المدارس فمنهم الأستاذ المرحوم عبدالحافظ محمد طاهر الهتاري والأستاذ المرحوم عبدالواحد عبده عثمان والاستاذ المرحوم محمد عبدالوهاب والاستاذ المرحوم عبدالمجيد أحمد محمد والحاج المرحوم عبد الحكيم عبده راشد والاستاذ المرحوم غانم علي ثابت والأستاذ الحاج محمد راشد والأستاذ المرحوم عبدالصمد سعيد إسماعيل والكثير الذين لهم بصمات تعليمية كبيرة ولازالت الأجيال تذكرها وتعترف لهؤلاء الرواد فضلهم البعض انتقل إلى رحمة الله وآخرون لايزالون على قيد الحياة .
وحول الوضع قبل الثورة وبناء مدرسة النور مراوية أعبوس وهي واحدة من المدارس التي بنيت قبل الثورة يقول الأخ عبدالحافظ سعيد عبدالله أحد الطلاب الملتحقين بالمدرسة عند افتتاحها وأحد مدرسيها لاحقاٍ : كانت قريتي (قرية المراوية) كمعظم القرى المجاورة بل والقرى اليمنية كلها تعيش في حالة من الجهل والفقر والمرض . وكانت الأمية منتشرة بين أبناء القرية فلم تكن توجد مدارس وكان التعليم يقتصر على كتاب بالقرية المجاورة يتكبد الملتحق فيه عناء الذهاب والإياب لتعلم القراءة والكتابة وحفظ أجزاء من القرآن الكريم . وعندما يصاب أحد بالمرض ينصح أو أهله بالذهاب إلى فقيه الكتاب أو المشعوذين أو القائمين على قبور الأولياء وإعطاءهم كل بحسب قدرته وبوضع الشموع وإضاءتها ليلا على تلك القبور لشفاء المرضى ويستخدمون سائل من بعض الأشجار والنباتات لعلاج الجروح…الخ. أما الحالة المعيشية فكانت تقتصر في الغالب على سد الرمق فقد لا يجد الغالبية إلا الوجبة المتواضعة خلال الـ 24ساعة ويلجئون إلى (العلفق) المسمى بـ(الحلس) نبات يطبخ ويؤكل للتخفيف من شدة الجوع ما عدا قلة من أبنائها الذين غادروها إلى عدن للعمل في التجارة أو كعمال ووالدي واحد منهم . كان كل ذلك وأكثر في عهد حكم الأئمة والمشائخ والمتنفذين قبل قيام ثورة الـ 26من سبتمبر سنة 1962م الذين كانوا يحرصون على أن يؤل أي خير أو منفعة إليهم وأن يكون نصيب الغالبية العظمى الجهل والجوع والمرض.
وفي ظل تلك الأوضاع بنيت مدرسة النور في قريتي (قرية المراوية أعبوس) حوالي عام 1959م أو 1960م كثاني أو ثالث مدرسة على مستوى العزلة على نفقة بعض الأهالي بالتعاون مع (نادي الأعبوس في عدن)الذي كان من ضمن أعضائه عدد من التجار لكن التعليم اقتصر فيها على القرآن الكريم وبعض الأحاديث النبوية وتعلم الإملاء والخط والكتابة لعدم وجود مدرسين متخصصين ولا مناهج دراسية حينذاك كما أن الإقبال على الالتحاق فيها كان قليلا في البداية لأن الآباء كانوا يعتمدون على أبنائهم في مساعدتهم في العمل خاصة في المواسم الزراعية التي تعتمد على الأمطار ولعدم قناعتهم بأهمية العلم والتعلم .
مقاومة الإمام للتعليم في المنطقة
أبناء المنطقة ممن عاصروا هذه الفترة يتذكرون هذا الحدث في النصف الثاني من عقد الخمسينيات ومطلع الستينيات ويقولون أن إدخال التعليم النظامي إلى منطقة الأعبوس لم تكن مهمة سهلة بل قوبلت بالعديد من العراقيل خاصة تلك القادمة من دهاليز المملكة المتوكلية وأقبية الحكم الكهنوتي الرافضة لهكذا توجه ترى فيه تهديداٍ لسياسة التجهيل التي تتبعها وتنظر إلى إدخال التعليم النظامي تقويضاٍ لسلطتها .. لكن إرادة المخلصين من أبناء المنطقة كانت أقوى من هذه المحاولات اليائسة لإبقاء الشعب تحت سطوة الجهل والتخلف والمرض .
وهنا يقول الأخ / منصور البرق أن الإمام قام بتحريك أياديه الخبيثة للحيلولة دون إدخال التعليم الحديث إلى المنطقة وبدأ هذه الصروح التعليمية دورها التنويري في المجتمع وأرسل من يشيع الخوف في أوساط الناس ويحرضهم على عدم التعاطي مع هذا التوجه : في تلك الفترة عندما عرف أحمد بن حميد الدين أن الأهالي في الأعبوس قد أنشأوا مدارس وبالذات ( الحرية – النور – الإرشاد ) أرسل كثيراٍ من عساكره إلى مشائخ المنطقة يأمرهم بإغلاقها إلا أن الكثير من رجال المال والأعمال ومؤسسي تلك المدارس من رجال الأدب والفكر ساعدوا في إعطاء الأجرة لهؤلاء الجنود حتى يستمر التعليم ومهما كلف من تضحيات وما إن أنجزت الثورة في عام 1962م كان قد تخرج من تلك المدرسة بالذات تقريباٍ أربعة أفواج أكملوا رابع ابتدائي وتوجهوا إلى عدن تقريباٍ منهم عبدالله عبده صالح وأحمد محمد البرق والدكتور عبدالحليم هاشم والدكتور ياسين عبدالوارث والأستاذ محمد علي بشر والمهندس عبدالله عبدالملك وأنا واحد منهم حيث قامت الثورة وكثير منا يدرس في مدينة عدن وسمعنا ذلك وغالبيتنا كنا في كريتر ندرس في المعهد العلمي الإسلامي وبعضنا في مدرسة بازرعة والقليل في مدرسة بلقيس في الشيخ عثمان وتوجهنا مباشرة إلى مدينة تعز للالتحاق في صفوف المتطوعين للدفاع عن الثورة لكن لصغر سننا اضطررنا للالتحاق في التعليم الإعدادي في عام 63أو 64 تقريباٍ .
من جهته يشير الأخ طاهر علي سيف إلى هذا الأمر بالقول : أذكر عندما بدأ أبناء الأعبوس في بناء المدارس وجمع التبرعات بقيادة نادي الاتحاد العبسي كنت استمع إلى مناقشات أولئك الرجال الأوائل مثل أمين قاسم الزغير وعلي مقبل سعيد والحاج إسماعيل علي والذين كانوا يخشون من أن يعلم الإمام ببناء تلك المدارس فيعمل على منعهم .. كما كانوا يتساءلون هل نقوم بتهريب الأخشاب والاسمنت حتى لايعلم الإمام وتفرض عليهم جمارك لايستطيعون دفعها وحسب ما أذكر أنه فعلاٍ تم تهريب الأخشاب وقامت النساء والطلاب والمدرسون بنقل هذه المواد إلى موقع بناء المدرسة ومن ذلك مدرسة التحرير مشاوز وكان هناك حماس واندفاع منقطع النظير من الجميع دون استثناء .. ونفس الأمر حصل في المناطق الأخرى .
وهكذا ذهبت محاولات الإمام أدراج الرياح وبدأت عجلة التغيير تدور بسرعة وسط تفاعل المجتمع المحلي وإقباله على هذا النوع من التعليم خلال فترة قياسية ولم تنته الخمسينيات إلا وهناك أكثر من صرح تعليمي قيد الإنشاء لتبدأ مدرسة النور والإرشاد دورهما التعليمي قبل عامين من قيام ثورة سبتمبر لتعززان الدور التنويري في المنطقة متجاوزة محاولات حكم الإمام عرقلة هذا التوجه وتلاشت معها تدريجياٍ أنظمة التعليم التقليدية في الكتاتيب الأمر الذي وسع دائرة الدعم والتفاعل الشعبي وزيادة التحاق الصغار في المدارس والتوسع في الاهتمام بالتعليم وحماية هذه المشاريع الحيوية في حياتهم بعد أن لمسوا فوائدها من الوهلة الأولى وأنه من خلال ذلك يمكن تغيير الكثير وتحسين ظروف الناس متجاوزين حالة الخوف التي ظل يشيعها حكم الأئمة في أوساط الناس .
الدعم المتبادل
لقد كان للتعليم دوره في إشعال جذوة الثورة وتالياٍ حمل شعلتها كما كان لقيام ثورة 26 سبتمبر دور في كسر طوق الجهل الذي لفه عهد الأئمة على الشعب وبالتالي فإن هناك دعماٍ متبادلاٍ بين التعليم وقيام الثورة .. فحيث كان التعليم متاحاٍ كان الطلاب في طليعة القوى الثورية التي هتفت للثورة ووقفت إلى جانبها حتى اشتد عودها وترسخت .. حدث ذلك في صنعاء وتعز وحتى في عدن التي كانت لاتزال ترزح تحت الاحتلال البريطاني خرجت طليعتها الطلابية دعماٍ لثورة سبتمبر .
ويشير الأخ عبدالحافظ سعيد: بعد قيام ثورة 26 من سبتمبر سنة 1962م تحسن مستوى الإقبال على الالتحاق بالمدرسة للدراسة فقد بذل المدرسون الموجودون في المدرسة جهودا لإقناع الآباء والعمل على تحفيز أبنا القرية والقرى المجاورة على الالتحاق بالمدرسة وكانت تردد في طابور الصباح وخلال الدراسة العديد من الأناشيد الوطنية التي كانت تذاع من إذاعة صنعاء حينها والتي كانت تشعل الحماس وتشعرهم بالفخر والاعتزاز بقيام الثورة والتخلص من حكم الأئمة مثل: أنشودة بصوت الفنان أحمد السنيدار:
جيشنا يا جيشنا
جيشنا يا ذا البطل
أنت قد حررتنا بنضال وعمل
وبعثت الشعب حيا بعد نوم وكسل
بعد أن عشنا قرونا بين زيف ودجل
وكذلك أنشودة بصوت الفنان محمد مرشد ناجي:
شعبي ثار اليوم جدد ما غبر
لن ينال المجد إلا من صبر
يا أخي في ثورتك حريتك
فيها عهد الحق يحمي عزتك
قم وحيي اليوم جمهوريتك
إن رب العرش بارك ثورتك
ومضى الطغيان بعدك في سقر
شعبي ثار اليوم جدد ما غبر
إضافة إلى أنشودة أدتها فرقة مصرية:
بارك الله خطا شعب اليمن
وكفى أحراره شر المحن
قد أعادوا مجدهم مجد الوطن
وسيبقى خالدا مدى الزمن
بارك الله خطا شعب اليمن شعب اليمن
وغيرها من الأناشيد التي كان لها الأثر الكبير ليس في التحاق الكثير من أبناء القرية والقرى المجاورة فحسب بل والتحاق العديد من الفتيات بالمدرسة للدراسة أيضا اللاتي كن محرومات من العلم قبل قيام الثورة.
ويضيف: بعد عدة سنوات بدأت تصل إلى المدرسة أعداد قليلة من المناهج الدراسية المصرية بعد أن تم تسجيل المدرسة ضمن المدارس المسجلة ضمن مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز وبذلك بدأت العملية التعليمية تتحسن بالتدريج وبدأت تختفي بعض العادات المرتبطة بالجهل والتخلف والتي كانت سائدة في عهد الأئمة البائد (وإن كان الماء الذي هو أساس الحياة لم يصل إلى قريتي حتى اليوم ونحن نحتفل بالذكرى الخمسين ((اليوبيل الذهبي))لقيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر فكيف ببقية الخدمات الضرورية الأخرى).
من عدن إلى الأعبوس
الاهتمام بالتعليم من قبل نادي الاتحاد العبسي الذي تأسس عام 1952م بعدن بدأ مبكراٍ في هذه المدينة والذي أسس مدرسة ليلية فتحت أبوابها أمام أبناء الأعبوس كما يشير إلى ذلك الوالد سعيد عبدالعزيز الذي كان ضمن أول قيادة مديراٍ للنادي ( بمثابة أمين عام حالياٍ ) حيث عينت قيادة النادي فيها الأستاذ عبدالرحمن عبدالقادر عبدالإله ولان سمعة النادي ونشاطاته المتميزة قد أثارت اهتمام الكثير وجذبت عدداٍ من المواطنين من خارج الأعبوس للاشتراك فيه فحصل أن تطوع للتدريس في مدرسة النادي كل من الأستاذين علي عبدالعزيز نصر وعبدالرزاق شائف وكانت للأستاذ محسن العيني رغبة للانضمام للتدريس في المدرسة .
ويضيف الوالد سعيد عبدالعزيز في ذكريات نشرها فرع جمعية الأعبوس بعدن أن النادي أسس مكتبة لنشر الوعي والمعرفة مفتوحة للاشتراك والاستعارة لمن يرغب .. كما ساهم النادي في ترحيل وتقديم الدعم المالي لعدد من أبناء الأعبوس الذين يحصلون على منح دراسية في الخارج وذكر منهم الدكتور أحمد راشد والقاضي محمد راشد وعبدالقوي عبدالله أحمد وكان النادي باستمرار يحث ويحفز أبناء المنطقة على إرسال رسائل إلى الخارج لاستكمال الدراسة .
وحول تشجيع الطلاب الذين يسافرون للدراسة في الخارج يقول الوالد محمد عبدالجبار راشد الذي كان أمين المال في النادي وأحد رواد العمل الخيري والتعليمي في الأعبوس إلى جانب والده : نحن ساعدنا البعض الذين كانوا عند سفرهم لايملكون مصاريف السفر أما حول إرسال مساعدات منتظمة إلى الخارج فهذا الأمر كنا نحله بطريقة أن كل واحد منا أنا وعلي جازم العطار وحيدرة صالح وعبدالوالي محمد صالح يتكفل بمصاريف شخص واحد وكانت تصل في الشهر إلى خمسة جنيهات إسترليني ويذكر من الذين تمت مساعدتهم الدكتور محمد عبدالودود .
وسجل الوالد محمد عبدالجبار راشد في ذكرياته المنشورة لجمعية الأعبوس بعدن الدور المميز للأستاذ عبدالحافظ أحمد طاهر الذي عمل وساهم في نشر التعليم في الأعبوس وخاصة في مدرسة الحرية فقد كان رائداٍ في نشاطه التعليمي والثقافي وكانت نشاطات الطلاب ( والكلام للوالد محمد عبدالجبار ) ومنها الاحتفالات والمسرحيات التي تعرض من خلالها تثير فينا الحماس الفياض وكانت وراء اندفاعنا غير المحدود لتوسيع نشر التعليم وبناء المدارس كما كنا نقدم الجوائز لأوائل التلاميذ بشكل مبادرات .
وأخيراٍ
أخيراٍ لابد من الإشارة إلى أن التعليم يظل دينامو التغيير في كل زمان ومكان والحافظ والحامي لقيم الثورة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وبه ومن خلاله تنهض الشعوب والأمم وتتجاوز عثراتها مهما كبرت وتستطيع تحقيق كل ما تصبو إليه بتراكم معرفي وتقني مواكب لتطورات العصر والشواهد على ذلك كثيرة , فالدول التي حققت نهضة تعليمية استطاعت استيعاب متغيرات العصر كافة وبذلك حققت استقراراٍ ونهضة في آن معاٍ وعبر الأجيال المتعاقبة جراء استمرارية الاهتمام بالتعليم .. وهذا ما يجب أن تأخذ به اليمن مع بداية الخمسينية الثانية لثورة سبتمبر المجيدة إن أرادت أن تعيد الاعتبار للتضحيات والقيم التي جاءت بها الثورة ووضع الوطن على طريق النهضة والاستقرار الذي يتوق إليه الشعب منذ زمن طويل.

قد يعجبك ايضا