الشباب لم يخرجوا للانقلاب وإنما بحثا عن دولة مؤسسات


حاورته/ “أحزاب” –

علينا التأسيس لفكرة الاستقلال في الأداء والشباب ليسوا طرفا في الصراع

يذهب الناشط السياسي والحقوقي المحامي خالد الآنسي إلى أن واقعنا الحزبي يمر بتوازن ضعف سيساعد على تخلق الدولة المدنية الحديثة كما ساعد على لجم هذه القوة عن اللجوء إلى العنف لحسم الصراع لصالحه.
ويؤكد الآنسي في هذا الحوار لـ “أحزاب” بأن التعامل بسطحية مع فئة الشباب مسألة لن تخدم قضية كما لن تخدم قضية التغيير التي يطالب بها كل فئات المجتمع.. مشيرا إلى جملة من الخيارات التي ينبغي حسب الآنسي التأمل فيها لاختيار شكل مشاركة الشباب في مؤتمر الحوار الوطني المزمع.
ويقيم خلد الآنسي تجربته السياسية من انتماءه لأكبر حزبي في اليمن بصورة متباينة تخلص إلى نتيجة الاستقالة لإشاعة فكرة الاستلال في الأداء.
إلى اللقاء…
* من زاوية توازن القوى هل تعتقد أن واقعنا السياسي لا يزال يحافظ على هذا المفهوم أم أن هناك برأيك ما ينذر باختلالات¿
– أنا برأيي أننا اليوم نمر بما يسمى بـ “توازن الضعف”.. القوى جميعها دخلت في مرحلة “توازن ضعف” وليس توازن قوة وربما يمكن القول بأن هذا الجانب أو الجانب الأجمل في هذا النوع التوازن أي توازن هذا الضعف يمكن أن يسمح أو يتيح بتخلق دولة مدنية.. ممكن يكون سببا بتخلق تنازل من قبل هذه القوى عن جزء من مصالحها ومن قوتها لصالح الدولة لكي تقوم بأدوارها.. ولعل توازن الضعف هذا هو الذي يمنع او يْضعف خيارات اللجوء إلى العنف.. خيار اللجوء إلى الحرب لإنهاء الصراع.. الدائر كل طرف يشعر انه ضعيف ولذلك فهو لا يريد ان يغامر ويعري نفسه وضعفه.
تجربتان سياسيتان
* وهذه الرؤية هل هي من تقف خلف تبدل الانتماء السياسي لخالد الآنسي فبعد المؤتمر الإصلاح ثم مستقل¿
– بطبيعة الحال خالد الآنسي منذ البداية كان مستقلا غير إن الحياة السياسية في حقيقة الأمر لا تدار الا من خلال القوى المنظمة.. بمعني ان الوجود السياسي بسهل من عملية التعاطي فالتعاطي مع الأفراد او المستقلين مسالة صعبة وليست بالسهولة حتى ان كانوا يمثلون أغلبية.. لذلك أنا خضت تجربتين سياسيتين الأولى كانت انتمائي إلى المؤتمر الشعبي العام واستمر سنة تقريبا وصلت خلالها إلى المؤتمر العام والى إن المنافسة في انتخابات اللجنة الدائمة انما لم تكن الأمور بالشكل المفترض فكان هناك من ينظر إلى إن هؤلاء دخلوا حديثا ووصلوا سريعا.. ودخولي المؤتمر كان بناء على نوع من الطرح باستقطاب بعض الأشخاص الذي لديهم أفكار والعمل من اجل إحداث تغيير.. حقيقة الأمر وجدت أنا أن إحداث التغيير صعب لأني وجدته عبارة عن تجمع يضم عدة قوى.. تجمع مصالح وهو ما لم أجد نفسي فيه وفعلا استلقيت من المؤتمر الشعبي وظليت فترة مستقل.. ثم كان هناك دعوات للانضمام للتجمع اليمني للإصلاح من قبل الأصدقاء وحقيقة كانت تجربة الإصلاح تروق لي لأني وجدت عمل تنظيمي.. ثم انه في مجتمعاتنا أحيانا يمكن تْصنيف الشخص إصلاحي أو اشتراكي او بعثي عن طريق سلوكياته وأنا كان يتم تصنيفي باني إصلاحي دون ان أكون حتى في الإصلاح بسبب ربما الجانب المحافظ في الشخصية.. المهم إستمريت في الإصلاح 13 سنة.. ربما لم أكن خلالها نشيط تنظيميا وإنما حقوقيا بشكل اكثر وخلال تجربتي معه لم يعترض الاصلاح ولم يتدخل في نشاطي الحقوقي والقانوني حتى في المسائل التي كنت أتصادم فيها معه انما خلال تجربة الثورة شعرت بانني انتمي الى قاعدة اوسع فالمؤتمر كان يشعر باني انتمي اليه والاصلاحي كان يشعر باني انتمي اليه.. وجدت نفسي عندما اكون منتميا الى الدائرة الاكبر شخص يؤمن بالعمل السياسي ويؤمن بالعمل الحزبي ويرى ان الحزبية والعمل السياسي هي وسيلة بناء الدولة وفي ذات الوقت غير مؤهل إلى ان يكون في اطار واحد مثل ما كان في الثورة.. كنا نتلقى دعوات بعمل تكوينات وكنت اشعر انه من الصعوبة إن نتكتل مع جزء من الناس لذلك رفضت أن أنشئ اي تكوين لاني وجدت نفسي انتمي ال كل خيمة والى كل شخص يدخل إلى هذه الساحة ويؤمن بفكرة الثورة.. اعتقد ان المشكلة ليست في ان يكون الشخص مستقلا او متحزبا وإنما التحدي امامه هو ان يكون مستقلا في اداءه فقد يكون الشخص غير منتي تنظيميا الى اي حزب إلا أنه أيضا غير مستقل في أدائه.. التحدي الكبير ان نبحث أو نؤسس لفكرة الاستقلال في الأداء سواء كنت تنتمي الى تنظيم ام لا الاستقلال في المواقف.. التعاطي مع التنظيمات على أساس إنها وسيلة تجمعنا لا غاية نقدسها ونعبدها وتصبح مهمتنا الدفاع عنها بينما مهمتها هي تمثيلنا وتحقيق مصالحنا.. أصبحت مهمتنا تحقيق مصلحة هذا الحزب او هذا التنظيم ولذلك.. لاحظ ان نجم الدين ارتكان في تركيا عندما كان يتم حل حزبه لم يكن يضيع وقته في قضايا من اجل استعادة الحزب وانما كان يذهب الى تأسيس حزب آخر لانه كان يفهم بان الحزب هو عبارة عن إطار يتلاقى فيها ناس يؤمنوا بفكرة معينة وليس مكان مقدس يعبدوه.
أفق الشباب
* نتحول الى الشباب ونشاطه في إطار التسوية.. مؤخرا نظمت الأحزاب الناشئة أكثر من لقاء انتقدوا فيها ما قالوا انه تهميش لاشراكهم ضمن اللجنة التحضيرية للحوار وربما تخوف من ان يعني الامر أيضا المشاركة في مؤتمر الحوار أين انت من هذا كيف مالذي تقرأه في افق هذه المسالة¿
– مشكلة اللجنة التحضيرية في حقيقة الامر انها غرقت في التفاصيل وممارسة نفس الأخطاء التي كان يمارسها النظام السابق وهي عدم مأسسة عملها.. يعني نحن في اليمن نتميز بموضة وهي انه حين ننشئ كيان فاننا نظل نحتفي به ونغني له.. تجد اليوم مطعم الحوار وصالون الحوار ومسلخ الحوار.. انا دائما اقول من الذي لديه مشروعية لاختيار ممثلي اليمن للحوار.. شخصيا كنت أأمل انه يتم هذا الحوار عن طريق ناس ينتخبهم المجتمع.
* كيف¿
– عندما تتم عملية انتخابية للبرلمان يكون من صلاحيات هذا البرلمان مثلا انتخاب لجنة حوار.. او ان يتم انتخاب أشخاص ليكونوا لجنة حوار وطني لديها مهام تأسيس للمستقبل ولديها مشروعية شعبية.. لا ان يظلوا مرتهنين للقوى.. لاحظ الآن ممثل الحوثي يمثل الحوثيين وممثل الإصلاح يمثل الإصلاح وهكذا لاشتراكي وبقية الأحزاب وكلما اختلفوا في تقاسم الوظائف أصدروا بيانات كل من جهته.. بمعنى لم يتمثل فيهم التمثيل الوطني.. هم يمثلوا القوى.. بينما في الحالة الأخرى مشروعيتهم من الانتخاب الذي اتى بهم لا ان يكون ممثلا لحزب فإذا غاب تم إرسال واحد بدلا عنه كانه ذاهب الى عرس او مقيل قات.. المفروض ان يمثل اليمن اولا قبل أن يمثل الحركة التي ينتمي اليها.. الآن يتم التعاطي مع لجنة الحوار كمكان كل واحد يعصر يد الآخر.
خيارات المشاركة
* اعود لسؤالي حول الشباب ومشاركتهم¿
– في تقديري ما يتعلق بالشباب وعلاقتهم بالحوار كان يفترض ان تسير الأمور في واحدة من الاطر التالية الإطار الاول ان تكون كل هذه القوى طرف والشباب طرف.. فعندما يذهب الشباب الى الحوار يجب ان يتم تحديد دورهم.. هل يذهبوا كطرف ام كرقابة وكادارة للحوار.. قناعتي وهو خيار او اطار انه اذا كان للشباب دور في الحوار فليتحدد في ادارة الحوار وضمان احترام نتائجه بينما القوى هي من تتحاور.. لا ان يكون الشباب طرف لانهم لم يكونوا طرفا في الصراع السابق.. كان الصراع السابق بين قوى سياسية بين قوى دينية قوى قبلية وهذه القوى هي التي يفترض ان تجتمع وتتحاور والشباب يديرون هذا الحوار ويضمنون احترام نتائجه.. كنت اتمنى لو ان الأحزاب السياسية توافقت على هذا الأمر ان يدير الحوار هؤلاء الشباب بدلا من ان يبحثوا عن ادارة دولية غير معلنة تدير الحوار وتكون وصية عليه.. كما ان ادارة الشباب للحوار سيمكنهم من معرفة من الذي لديه مشروع خاص.. من الذي لديه مشروع شخصي.. من الذي لديه اجندة خارجية.. ومن الذي لديه مشروع وطني.. هذا هو الخيار الاول والذي ارى انه كان المفترض ان يقوم به الشباب.. او الخيار الاخر كما قلنا ان تكون هذه الاطراف المتصارعة طرف والشباب الطرف الاخر.. اما ان يدخل الشباب ويكون وجودهم ديكوري مثله مثل بقية الفئات الضعيفة كفئة النساء وفئة المهمشين عبارة عن مقاعد فيها اشخاص ينتمون الى قوى سياسية تم تقاسمهم وتم تشبيبهم ليقولوا ان الشباب حاضر الشباب لا.. يجب ان تحضر قضاياه.
الحضور الغائب
* قضايا الشباب ستحضر بحضورهم¿
– قضايا الشباب ستحضر اذا كان الحوار وطني.. حتى الان اجندة الحوار تم إرهافها بكثير من التفاصيل حتى تغيب فيها القضايا الرئيسية.. مالذي يبحث عنه الشباب¿ انه يبحث عن فرص متكافئة.. مالذي يأتي بهذه الفرص المتكافئة¿ دولة المؤسسات سيادة القانون.. الشباب لم يخرج للثورة لكي يْسقط نظام على عبدالله صالح ويصبح هو المسئول لان هذا بالمفهوم الحقيقي هو انقلاب.. هو خرج من اجل ان تتخلق اجواء تسمح ببناء دولة تمنع الفساد الذي كان يحرمهم من فرصتهم في حياة كريمة تمنع المحسوبية التي كانت تضيع الفرص المتكافئة.. اي تقوم بسد الثغرات.. لا يوجد فيها شيئ اسمه مصلحة خاصة وما أخشاه هو هذا التعامل السطحي مع مطالب ومشكلات الشباب فيجري تضييقها بأن هاتوا شباب وإدوا لهم وزارة.. هاتوا اثنين شباب حطوهم وزراء هاتوا عشرة شباب حطوهم محافظين.. هاتوا خمس نساء وزينوا بهم مجلس الشورى لا نريد حلا لمشكلة افراد.. نريد حضور القضايا.. لا يهم الاشخاص وانما ان يكونوا ممثلين لليمن وليس للقوى التي ياتوا امنها ويهمنا في القضايا ان تكون هي التي تعالج المسائل الرئيسية.. وعلى الصعيد الشخصي لا يهمني ان تكون اللجنة كلها حوثيين او كلها مؤتمريين او كلها اشتراكيين.
سلبية الكيانات
* هل أنت مع ضرورة توجه الشباب للتكتل تحسبا لحاجة قد تفرضها معطيات المستقبل¿
– اعتقد إن الشباب يحتاج لأن يشكلوا تكتل على نحو لا يزيد من تمزيقهم.. الآن هناك دعوات للشباب بان يشكلوا كيانات سياسية ومعنى ذلك مزيدا من التمزيق للشباب والتمترس حول الفكرة السياسية او الفكرة الدينية.. الشباب برأيي بحاجة لتشكيل تكوين شبابي ثوري تكون وضيفته الدفاع عن أهداف ثورتهم وحمايتها لا ينظر فيه إلى انتماءات الأشخاص وإنما إلى إيمانهم بهذه القضايا وينشأ على أساس مؤسسي وديمقراطي وشفاف.. أنا استغرب أن توجه للشباب دعوات بأن انشئوا أحزاب انشئوا كيانات إذا كانت الكيانات التي لها عمر معوقة ومش قادرة تتحرك فكيف بأحزاب شابة في ظل عدم وجود داعم.. رأسمال محلي يؤمن بالاستثمار في العمل السياسي¿! معنى ذلك أنهم بالشكل الذي يْراد لهم سيصبحون عبارة عن ذيول لمكونات سياسية قائمة أو ذيول لقوى خارجية تريد ان تتواجد في اليمن.. الآن على الشباب أن يعيدوا بناء مؤسساتهم القائمة أي أحزابهم.. شباب الإصلاح يْحدث تغييرا في الإصلاح.. شباب الاشتراكي يحدث تغيير في الاشتراكي.. الحوثيون يتمردوا على الأفكار التي ستقضي على حركتهم وتجعلها حركة عنصرية دينية ويحولوها سياسية.. شباب المؤتمر يخرجوه من تجمع الباحثين عن الوظائف والترقيات إلى تجمع سياسي حقيقي يقوم على نظرية سياسية بمفهوم اليوم.

قد يعجبك ايضا