–
الجميع يعلم جيداٍ أن المغتربين اليمنيين كان لهم دور قوي في قيام ثورة الــ26 من سبتمبر والدفاع عنها بكل غالُ ونفيس استشعارا منهم بروح المسئولية الوطنية في القضاء على الحكم الكهنوتي والذي أدى إلى فرار الكثير من أبناء الوطن قسراٍ من البطش الإمامي الظالم منهم من ساقته الأقدار إلى بريطانيا وفرنسا وأمريكا بحثاٍ عن الأمن ولقمة العيش الكريمة بعد أن تجرعوا ويلات الظلم والقهر والاستبداد في وطنهم بسبب حكم الطاغية أحمد حميد الدين وأبيه وزمرتهم التي كانت تحلق بسيوفها حول رقاب أبناء اليمن… والشواهد كثيرة في ميدان الشهداء بتعز وغيرها من الميادين والتي تروي اليوم لأبناء الوطن ما جرى قبل خمسين عاماٍ من سفك دماء الشهداء الذين خرجوا يطالبون بحقوق المواطنة وبحياة كريمة في وطن كانت تحتكره الأئمة بجبروتها الفاقد لعين الرحمة والمتمسك بهلاك البشر وعزلهم عن العالم ليظلوا بين جدران الظلام والجهل والمرض والفقر والتخلف ولهذا لم يكتف المغتربون اليمنيون بخروجهم من الوطن قسراٍ وتعسفاٍ وإنما كانت تلك الشواهد دافعاٍ لهم لدعم القوى الشعبية لمواجهة الإمام وبعد انتصار الثورة الشعبية في الـ26 من سبتمبر رأى قادة الثورة ضرورة الاهتمام بشريحة المغتربين ورد الجميل لها في تشكيل أول حكومة بعد قيام الثورة ولم يكن إنشاء وزارة المغتربين في أول حكومة بعد الثورة مجرد سد فراغ ولكن كان له معان ودلالات كبيرة.. فبعد قيام الثورة وبعد أن عرف أبناء شعبنا في الداخل والخارج أنه تم تشكيل وزارة للمغتربين عرف الجميع أن حكومة الثورة تهتم بمواطنيها ومنهم المغتربون ولذلك انجرف الناس وبدون شعور للالتحاق في الحرس الوطني للدفاع عن الثورة لأنهم وجدوا فيها ضالتهم فهم كانوا يشعرون بالذل والإهمال في الاغتراب أيام الحكم الإمامي مما دفع الكثير للتطوع في الحرس الوطني والذي كان يعتبر إحدى القوى الضاربة في الدفاع عن الثورة والجمهورية وكان معظم أفراده من المغتربين اندفعوا من تلقاء أنفسهم للدفاع عن الثورة وحمايتها لما عانوه من مرارة وقسوة من حكم الطاغية أحمد وزبانيته.. طبعاٍ اختير لهذه الوزارة الأخ محمد سعد القباطي والذي يعتبر أول وزير للمغتربين في أول تشكيل حكومي بعد ثورة 26 سبتمبر .
واعتبر الجميع قرار مجلس قيادة الثورة في صنعاء قراراٍ صائباٍ مع أن الجميع يعلم أنه عند قيام الثورة كانت البنية التحتية بشكل عام مفقودة ومنها وزارة المغتربين فلم يكن هناك مبنى للوزارة ولا موظفين ولا بيانات أو إحصاءات ولا شيء يذكر من معلومات العمل ورغم ذلك بدأ الوزير القباطي في ممارسة عمله في إحدى الغرف في قصر السعادة لأن الدولة كانت بحاجة إلى الكوادر وعمل الأخ الوزير حينذاك على إحالة المغتربين العائدين والراغبين في الانضمام إلى مؤسسات الدولة الجديدة كل بحسب مؤهله وتخصصه أو حتى خبرته لأن الوطن كان في حاجة لكل الكوادر وفعلاٍ تدفق الكثير من كل بلدان الاغتراب لنهضة اليمن والدفاع عن ثورة اليمن وطبعاٍ الوزير القباطي استمر يدير وزارة المغتربين ثلاثة أشهر فقط ومن ثم تم تعيينه وزيراٍ مفوضاٍ لبلادنا لدى الصومال وحل محله الأستاذ محمد مهيوب ثابت والذي كان تاجراٍ معروفاٍ في عدن وبعد ذلك بفترة قصيرة أرسل وفداٍ برئاسته لزيارة المغتربين في كل من بريطانيا وأمريكا وفرنسا لحشد الدعم المادي للثورة من المغتربين وإيقافهم عن حالة الهيجان التي يعيشونها واندفاعهم للانضمام في القوات المسلحة للدفاع عن الثورة إلا أن الوفد استطاع تقديم النصائح والتوعية بأن الثورة لديها القوات الكافية والقادرة على حمايتها وأن المطلوب منهم هو تقديم الدعم المادي لأن الحكومة اليمنية كانت تعاني عقب الثورة من نقص في الإمكانات المادية والتي كانت من ضمن الأسباب التي أدت إلى إلغاء الوزارة فيما بعد تحسبا للنفقات لأن الموارد المالية قليلة أو معدومة ونفقات الدفاع عن الثورة كبيرة جداٍ.. لقد أسفرت تلك الزيارات التي قام بها الوفد لمناطق المغتربين والتي استمرت ثلاثة أشهر عن نتائج مثمرة من حيث جمع التبرعات للثورة كما ساهم المغتربون بنصيب كبير في إنشاء البنك اليمني للإنشاء والتعمير وعلى الرغم من إلغاء الوزارة فيما بعد إلا أنها أنشأت إدارة خاصة بالمغتربين تتبع وزارة الخارجية كما لا أغفل القول إن أبناء الجالية اليمنية في الصومال وجيبوتي وأثيوبيا وخاصة في السودان لعبوا دوراٍ كبيراٍ بعد قيام ثورة سبتمبر تمثل في إعداد مجموعة كبيرة من خيرة الشباب للالتحاق بالحرس الوطني في الوقت الذي اتجه فيه بعض الشباب من أصحاب المؤهلات والتخصصات للعمل في مجالاتهم وكما يقول الباحثون والمؤرخون للثورة أن الجالية اليمنية في السودان جمعت عشرات الآلاف من الجنيهات السودانية دعماٍ لثورة سبتمبر وكانت تسلم على دفعات للسفارة اليمنية بالسودان وكان ذلك تحديداٍ عام 1963م وهو العام الذي بدأت فيه الهجرة المعاكسة من السودان إلى اليمن حيث لم يبق من المغتربين حتى بداية الثمانينات سوى نسبة ضئيلة تمثل خمسة في المائة فقط.. من خلال كل هذه الحقائق عرفت قيادتنا السياسية الدور الكبير للمغتربين في انتصار ثورتي سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ودعم ومساندة إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في ٢٢ مايو 90م ظلت من أولويات همومها شريحة المغتربين في توفير الرعاية التي تليق بها على مدى الخمسين عاماٍ من خلال التواصل المستمر والذي نجم عنه انعقاد ثلاثة مؤتمرات خاصة بالمغتربين والهادفة إلى تعزيز روابطهم القوية بالوطن الأم وإشراكهم في بناء وتطوير اليمن الحديث يمن سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر والـ٢٢ من مايو ليضاهي الدول التي تحررت من أنظمة ظلامية واستعمار بغيض..
Next Post
قد يعجبك ايضا