تهريب المبيدات في اليمن.. تجارة ثمنها أرواح الأبرياء


الثورة نت تقرير – حمدي دوبلة –
ترد الأنباء تباعاٍ وبشكل شبه يومي تقريباٍ عن ضبط سفن في البحر أو شاحنات في البر تقل كميات من البضائع والسلع المهربة.
آخر الأخبار الواردة وليست الأخيرة بطبيعة الحال في هذا الصدد ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية أمس الأول عن احتجاز الزوارق الأمنية التابعة للقطاع البحري لخفر السواحل بخليج عدن لسفينة تهريب لمئات من “الكراتين” لمنتج السجائر المهربة وأخرى من البودرة المخدرة الممنوع دخولها إلى البلاد لكن أخطر أنواع التهريب تلك المتصلة بإدخال مبيدات زراعية شديدة الخطورة إلى اليمن بطرق غير مشروعة وهي التي شهدت تصاعداٍ ملحوظاٍ خلال الفترة الماضية والتي من شأنها إلحاق أفدح الأضرار كما يقول مسؤولو وزارة الزراعة بحياة الإنسان وسلامة البيئة بل وبالاقتصاد الوطني الذي يصارع عوامل عدة من أجل التعافي والصمود في وجه التحديات المختلفة.
قبل أسابيع فقط قادت الصدفة وحدها السلطات الأمنية إلى اكتشاف كميات من المبيدات الزراعية السامة وقد دفنت وسط حي سكني بالعاصمة صنعاء.. هذه المبيدات التي صنفها خبراء اللجنة الفنية المكلفة بالتخلص من هذه المبيدات وتلافي آثارها الخطيرة على البيئة والصحة العامة بأنها من الأصناف السامة المحظورة دولياٍ وأن قيام الجناة بدفنها في حي شعبي ينطوي على مخاطر مدمرة وكارثية.. قبل أن تقوم اللجنة وعبر مراحل عديدة باستخراج الكميات المدفونة وفرزها وتحريزها تحت إشراف النيابة العامة تمهيداٍ لنقلها إلى خارج البلاد وإتلافها في أحد المحارق الدولية المتخصصة بإشراف مختصين عالميين في التعامل مع مثل هذه الحالات.
هذه الحادثة التي كانت (صحيفة الثورة) أول صحيفة يمنية تكشفها أمام الرأي العام دقت ناقوس الخطر مجدداٍ عن الآثار والتداعيات الكارثية التي قد تأتي على سلامة المجتمع وبيئته جراء تواصل مسلسل التهريب عمداٍ وتهريب المبيدات المحظورة على وجه التحديد خاصة وأن المتورطين في هذه العمليات المتواصلة لم تنلهم سياط العدالة على الأقل حتى اللحظة بالرغم من نظر القضاء للعديد من هذه الجرائم ومنها بالطبع جريمة دفن مبيدات الجراف التي احيلت مؤخراٍ إلى السلطات القضائية وسط دعوات من مسؤولي الزراعة بضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة ضد المتورطين فيها وبما يجعل منهم عبرة ومثلاٍ لكل من قد تسول له نفسه السير في هذا الدرب الخاطئ وممارسة الإضرار بالوطن ومصالح أبنائه.
حمى التهريب بلغ ذروته خلال السنوات القليلة الماضية مع الأحداث التي شهدتها البلاد في العام 2011م وما عاشته من انفلات أمني ساهم بشكل لافت في اتساع الظاهرة إضافة إلى الصعوبات والعراقيل العديدة التي جعلت من مواجهتها أمراٍ عسيراٍ وخاصة مع امتداد الشاطئ اليمني على طوال ألفي كيلومتر ناهيك عن أساليب وحيل المهربين الذين يلجأون إلى طرق شتى لتنفيذ جرائهم المنظمة وبحيث يظلون في مأمن من الضبط الأمني والملاحقة القضائية ومن هذه الأساليب قيام المهربين بممارسة عملياتهم بأسماء وهمية.

وكانت الأجهزة الأمنية قد كشفت مؤخراٍ عن 18 مهرباٍ من المهربين الرئيسيين المتورطين بجرائم تهريب المبيدات والسموم الممنوعة والمحرمة استخدامها دولياٍ وإدخالها إلى البلاد بطرق غير قانونية.
وزارة الزراعة والري هي الجهة الرسمية المعنية بدرجة أساسية بهذه القضايا أكدت في تقرير حديث صدر عنها مؤخراٍ أن ظاهرة تهريب المبيدات إلى اليمن وخاصة من المنافذ البرية والبحرية ازدادت بصورة كبيرة مؤخراٍ محذرة من مخاطر متعددة باتت تتربص بالمواطن اليمني.
وفيما يعدد التقرير الوزاري الصعوبات والعراقيل التي تعترض جهود المكافحة يؤكد مسؤولو وزارة الزراعة على ضرورة تكاتف جهود جميع الجهات لمنع هذه الظاهرة.
ويقول وكيل وزارة الزراعة والري لقطاع الخدمات الزراعية الدكتور محمد الغشم لـ(الثورة) :إن المسؤولية مشتركة وأن على جميع الجهات المعنية القيام بمسؤولياتها في مواجهة التهريب عموماٍ وتهريب المبيدات المحظورة تحديداٍ نظراٍ لما يترتب على هذه العمليات من أضرار وخسائر فادحة تمس المواطنين عموماٍ.
ويضيف الغشم: إن الوزارة يتوقف دورها عند متابعة ومراقبة الأسواق المحلية وضبط أي مواد متداولة من هذه الأصناف بينما تظل مسؤولية ضبط المهربين وعمليات التهريب على الأجهزة الأمنية وقطاع خفر السواحل.
ويبقى الحاضر الأبرز في جرائم تهريب المبيدات غياب ضمائر بعض التجار ممن يسعون إلى التكسب المادي وتحقيق الأرباح المادية على حساب أرواح الأبرياء من المواطنين الذي يقعون ضحايا لهذه السموم والآفات المدمرة كما لا يلقي هؤلاء المستوردون بالاٍ للمصالح العليا للوطن الذي تتعرض بيئته واقتصاده الوطني لضربات موجعة ومؤثرة وتكون التداعيات والممارسات كبيرة ومتعددة وتمس بصورة مباشرة كل فئات الشعب اليمني دون استثناء.
وفي مواجهة غياب الحس الوطني الذي يفتقده تجار السموم لا بد كما يقول الوكيل الغشم من انفاذ القانون بصورة حازمة وصارمة واتخاذ الإجراءات الرادعة ضد كل من يثبت تورطه في هذه الجرائم الأمر الذي سيؤدي إلى انحسار الظاهرة وتقليل الكميات الواصلة إلى البلاد من هذه السموم والمواد شديدة الخطورة والتي بلغت خلال الفترة من مارس 2012م وحتى مارس الماضي 61 ألفاٍ و221 كيلو جراماٍ /لتر بحسب التقرير الوزاري.

قد يعجبك ايضا