لماذا احتلال المهرة.؟

علي الشرجي

الاحتلال بالوكالة كالحروب بالوكالة .. لكن الأفظع أن يتحول المستعمر من خصم إلى حكم!
قد يثير استغراب الكثير عودة بريطانيا إلى اليمن من بوابة المهرة وليس من عدن أو أي ميناء آخر، بعد 54 عاماً من الجلاء!!
كما يثير الاستغراب أيضا التواجد الاحتلالي العسكري السعودي- الإماراتي في المهرة التي كانت عبر التاريخ تقع في هامش الصراعات السياسية والعسكرية، فصارت نقطة لتصفية الحسابات.
وقد يسأل البعض: ما هو موقف سلطنة عمان مما يجري في المهرة الحدودية؟
وفي الحقيقة والواقع أن عُمان غير غافلة عن هذا التواجد السعوإماراتي في المهرة، بل هي أكثر حساسية واستشعاراً لخطورته وتعتبره واحداً من مهددات أمنها القومي، لكن لها أسلوبها الخاص والهادئ في التعامل مع الأزمات.
إذ تحاول الإمارات والسعودية الضغط على عُمان لإعادة ترسيم الحدود معها، وهو ملف شائك وقديم ومُعقّد طال تأجيل حسمه خاصة في منطقة الواحات أو ما تسمى البريمي الغنية بالنفط والتي تطمع السعودية بانتزاعها من السلطنة، إضافة إلى خلافات حدودية برية وبحرية بين الإمارات وعُمان التي كان نفوذها فترة ما واسعاً وممتداً إلى أدغال أفريقيا.
ولأن بريطانيا تمثل إحدى المرجعيات المهمة في ترسيم الحدود بين الدول والمشيخات في الخليج، فقد جاء وجودها العسكري في المهرة بتنسيق الجميع.. وربما لتخفيف الاحتقان أو تبديد المخاوف وفرملة طموحات ابن زايد وابن سلمان.
ستظل الخلافات الحدودية في المنطقة العربية عموماً – ومنطقة الخليج والجزيرة العربية خصوصا – بمثابة قنابل موقوتة الانفجار وألغام نائمة تحت الأرض لن يدوم إسكاتها بالدبلوماسية ولغة المقايضة بالمواقف والمنافع المؤقتة.
والكل في الخليج حريص على دوام العلاقة المنسجمة مع لندن، مع عدم إهمال أنقرة، لكونهما المرجعيتان الاستعماريتان في المنطقة، وهما كلمة السر في الخلافات الحدودية وما أكثرها بين الدول العربية.
والدليل على ذلك طيران طحنون بن زايد إلى تركيا أواخر الشهر الماضي لإعادة الدفء إلى علاقات البلدين وتقديم عرض باستثمارات إماراتية في تركيا.. هي لمن يفهم رشوة سياسية.
لا توجد دولة خليجية أو عربية خالية من الخلافات الحدودية، وقوى الاستعمار القديم والجديد تعرف تفاصيلها وأبعادها جيداً ولذلك لا تتوانى بين الحين والآخر عن إيقاظها وممارسة الابتزاز السياسي والاقتصادي والأمني على الجميع، لخدمة المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة.
ونحن في اليمن نعتبر أن التطورات الخطيرة في المهرة هي احتلال متعدد الجنسيات، لزاما على كل الشرفاء الأحرار مقاومته ومناهضته بكافة السبل والوسائل المتاحة والممكنة.
وما يحدث في المهرة له علاقة وارتباط مباشر بخارطة الحدود الملتهبة في الجزيرة والخليج والتي يجب أن تُقرأ جيداً.
الحدود.. مفاتيح الأزمات والحلول .. وكمائن الحروب المؤجلة.
وللتنويه.. فإن ما سبق قراءة متواضعة من الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة.

قد يعجبك ايضا