مدير مركز النور للمكفوفين حسن إسماعيل لـ ” الثورة “: استهداف المكفوفين جريمة بشعة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً

 

• لم نكن نتوقع أن يتعرض مركز إنساني للقصف الوحشي
• الخوف دفع بكثير من الأهالي لطلب إخراج أبنائهم المكفوفين من المركز
الجريمة ألحقت أضراراً كبيرة بالمركز .. وهناك طلاب ما زالوا يعانون من آثارها النفسية والاجتماعية إلى اليوم
نناشد المنظمات الإنسانية والجهات المعنية الوقوف إلى جانب المركز كي يكمل رسالته الإنسانية

مركز النور للمكفوفين في العاصمة صنعاء لم تشفع له رسالته الإنسانية وخدماته التأهيلية التي يقدمها لأكثر من 300 طالب كفيف من العاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية الأخرى أمام آلة القتل الأمريكية السعودية الإماراتية التي قصفت المركز منتصف ليلة الخامس من يناير 2016م، بينما كان أكثر من مائة طالب كفيف جلهم من الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة ينامون في السكن التابع للمركز الذي كان هدفاً لطائرات العدوان في تلك الليلة ..
” الثورة ” التقت بمدير مركز النور للمكفوفين الأستاذ حسن إسماعيل للوقوف على تفاصيل تلك الجريمة والأضرار التي لحقت بالمركز والطلاب المكفوفين الذين كانوا متواجدين فيه أثناء القصف .

 الـ 5 من يناير 2016م يوم أليم عندما قصف العدوان الأمريكي السعودي مركز النور للمكفوفين في العاصمة صنعاء .. كيف كان وقع الجريمة عليكم ؟
– في البداية أشكر صحيفة الثورة لاهتمامها بهذا الموضوع المهم جداً عن جريمة العدوان بحق المكفوفين في مركز النور التي حدثت في الخامس من يناير 2016م.
وحقيقة أن هذه الجريمة كانت صادمة جداً لأنها لم تكن متوقعة على الإطلاق ، فلم نكن نتوقع أن يتعرض مركز إنساني يوجد فيه ما يزيد عن مئة طالب كفيف لجريمة قصف ظالمة وغير مبررة .. هذه الجريمة لم تكن في الحسبان ولم يكن يتوقعها أحد، وهي بمثابة فضيحة كبيرة لدول العدوان التي أقدمت على ارتكاب هذه الجريمة .. مركز النور للمكفوفين لم يكن فيه سوى طلاب فقدوا نعمة البصر ، أتوا من مختلف محافظات الجمهورية ، تركوا أسرهم ومنازلهم ، أتو مهاجرين إلى مركز النور للمكفوفين لتلقي العلم ، ومع هذا تعرضت حياتهم لجريمة قصف جوي ظالم على المركز.
طبعاً المركز تعرض للكثير من الأضرار ، تحطمت معظم الإمكانيات والتجهيزات الخاصة به ، والتي اكتسبها المركز على مدى أكثر من أربعة عقود ، سواءً كانت أجهزة نقل ومواصلات ، أو أجهزة تعليمية نادرة ، باهظة التكاليف ، هذه الوسائل التعليمية تعرضت للتلف ، ومبنى المركز ونوافذه وسطوحه تعرضت للدمار .
هذه الجريمة جريمة كبيرة ومؤلمة ، وألحقت ضرراً كبيراً بممتلكات المركز وطلابه، يوجد لدينا من أبنائنا الطلاب المكفوفين من لا زالت الصدمة مؤثرة عليهم نفسياً واجتماعياً ، الكثير منهم حصل لهم تبول لا إرادي ، بسبب الخوف ولهول الجريمة ، وكثير منهم عندما يسمعون إغلاق الأبواب أو أي ضربة في أي مكان يحصل لديهم قلق وخوف .
هذه الجريمة، كما قال عنها قائد الثورة السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي – في كلمته التي ألقاها بذكرى العام السادس من الصمود “الشيطان قد استغرب لحدوثها”، وهذه الجريمة كانت فضيحة تاريخية لدول العدوان ، فلم نسمع أن أشخاصاً من المكفوفين أو من المعوقين قد تعرضوا لمثل هذه الجرائم في تاريخ الحروب كلها.
جريمة ممنهجة
برأيكم ما الهدف الذي أراده العدوان عندما ارتكب هذه الجريمة ؟
– الهدف كان إفراغ مركز النور للمكفوفين من محتواه ، هذا المركز الذي يقدم مختلف الخدمات التعليمية والتأهيلية لأبنائنا المكفوفين ، وإفراغ العاصمة صنعاء من كل الشرائح بما فيها شريحة المكفوفين .
* ما الآثار التي خلفتها تلك الجريمة على الطلاب الملتحقين بالمركز ، وهل هناك طلاب تركوا المركز أو أهالي قاموا بسحب أبنائهم من المركز بعد الجريمة ؟
– الحقيقة عندما حصلت الجريمة الكثير من أولياء الأمور كانوا قد قدموا من أجل أن يخرجوا أبناءهم وطلبوا أن يأخذوهم إلى منازلهم ، وكان الكثير منهم قد أصبح عرضة للحرمان من العملية التعليمية ، والبعض منهم أسرهم فقيرة وكان يمكن أن يتعرضوا للتسول نتيجة الظروف الاجتماعية القاهرة ، إلا أن إدارة المركز بذلت جهداً كبيراً لدى أمانة العاصمة في تلك الفترة، حيث سارعت إلى بناء المركز ، وإعادة التجهيزات ليس بمستوى ما كان قبل حدوث الجريمة ، إلا أن هذه التجهيزات قد عادت للمركز ، وأصبحت إمكانيات المركز متوفرة ما جعل أولياء الأمور يقومون بإعادة أبنائهم إلى المركز لاستكمال العملية التعليمية .
¶ بما أن المركز كان مدمراً وقتها .. كيف استطعتم مواصلة العملية التعليمية ؟
– كانت هناك تدابير من قبل الإدارة السابقة للمركز ، حيث تم نقل المركز إلى دار التوجيه الاجتماعي ، وهناك درس الطلاب فترة ما يزيد عن شهرين، وبالنسبة للسكن فقد تم نقل الطلاب إلى أحد الفنادق القريبة وتكفلت أمانة العاصمة وعدد من فاعلي الخير بتسكينهم خاصة الطلاب الذين ليس لديهم مأوى أو أماكن يسكنون فيها، تم تسكينهم في الفندق حتى تم إعادة البناء ، ثم عادوا إلى مركز النور للمكفوفين لاستئناف العملية التعليمية ، واستئناف السكن بعد أن بذلت جهود كبيرة لإقناع أولياء الأمور بأن المركز قد أعيد بناؤه وأعيدت تجهيزاته ، وأصبح وضعه آمناً وتم الرفع بإحداثيات المركز إلى مكاتب الأمم المتحدة لتوفير الأمان والاطمئنان للمكفوفين الساكنين في المركز وأولياء أمورهم .
آثار نفسية
ذكرتم أن العديد من الطلاب أصيبوا بأمراض نفسية.. ما الذي قمتم به لمعالجة تلك الآثار النفسية ؟
– الآثار النفسية كانت كثيرة ومتعددة، لكن بذلت جهود ومنها توفير الدعم النفسي للأطفال الذين كانت لديهم مشاكل نفسية ، وتأثروا بالجريمة وكان هناك تعاون مع منظمة الهجرة الدولية التي فتحت مساحة صديقة للأطفال الذين تأثروا من جريمة القصف ، وتم توفير الكوادر التي بذلت جهوداً كبيرة لتوفير الدعم النفسي للطلاب المكفوفين، وأيضاً تعزيز الجوانب الاجتماعية والنفسية لديهم .
* بالنسبة للمنظمات الإنسانية الدولية .. هل هناك منظمات تفاعلت معكم عقب القصف أو قدمت الدعم؟
– على رغم ما تعرض له المركز من جريمة قصف كبيرة يندى لها الجبين ، إلا أن دور المنظمات الدولية كان ضعيفاً جداً باستثناء ما قدمته منظمة الهجرة الدولية من خلال مشروع دعم المساحة الصديقة ، أما بقية المنظمات فقد كانت استجابتها ضعيفة بل وشبه منعدمة خاصة منظمة الصحة العالمية ، ومنظمة رعاية الأطفال ، وغيرها من المنظمات التي كنّا نتوقع أن تكون في مقدمة المهتمين بأوضاع المركز وإعادة بنائه والاهتمام بتوفير الإمكانيات والتجهيزات وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي أبنائنا الطلاب المكفوفين ، وهذه فرصة من خلال صحيفة “الثورة” أن نناشد هذه الجهات والمنظمات الدولية التي لها اهتمامات إنسانية أن تعيد النظر في موضوع الاهتمام بمركز النور للمكفوفين ، وأن تعطيه أولوية باعتبار أن هذا المركز يضم شريحة إنسانية بحاجة ماسة إلى العملية التعليمية والتأهيلية ، وبحاجة إلى أن يتم الوقوف إلى جانبها خاصة وأنه يوجد الآن في مركز النور للمكفوفين ما يزيد عن ثلاثمائة طالب من الأطفال المكفوفين وهم بحاجة إلى الرعاية والاهتمام ، بعد أن توقفت الاعتمادات المالية من قبل أمانة العاصمة والجهات الحكومية ، هذا أثر طبعاً تأثيراً كبيراً على سير العملية التعليمية في المركز وعلى سير العملية الاجتماعية ، المركز كما هو معروف يقدم خدماته بصورة مجانية وهو بحاجة إلى الكثير من الإمكانيات لدعم التغذية، لدعم المحروقات ومواد النظافة والصيانة .. مركز النور بحاجة للوسائل التعليمية ، والمركز بأمّس الحاجة اليها خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة التي توقفت – كما أشرت- الكثير من الاعتمادات والمخصصات المالية للمركز .
حصر شامل
 هناك توجه لمقاضاة دول العدوان على جرائمها في اليمن في المحاكم الدولية .. هل تنوون مقاضاة دول العدوان على جريمتها بحق المكفوفين ؟
– بلا شك نحن حصرنا الآثار المادية والنفسية والاجتماعية التي لحقت بالمركز وطلابه ، وتم الرفع بها إلى الجهات المختصة ومنها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ، والإدارات المشرفة على المركز والجهات المعنية ، ونتمنى أن يتم رفع هذا الملف إلى الجهات الحقوقية كي تقف إلى جانب المركز في تبني قضيته، ومقاضاة دول العدوان على هذه الجريمة !
* رسالة أخيرة توجهونها عبر صحيفة الثورة ؟
– رسالتي للحكومة والقيادات العليا في البلد أن تولي المركز اهتماماً كي يستمر في تقديم رسالته التعليمية والتربوية والاجتماعية تجاه أبنائنا المكفوفين ، وترفده بالإمكانيات والتجهيزات المطلوبة، خاصة وأن أعداد المكفوفين تتزايد ، سواء المكفوفين الذين تعرضوا لإصابات من قبل العدوان أو المكفوفين الآخرين .
وأدعو المنظمات الدولية وفاعلي الخير إلى أن يقفوا إلى جانب المركز برفده بكل ما يستطيعون ليستمر في تقديم رسالته الإنسانية تجاه أبنائنا المكفوفين ، ورسالتي لأبنائي الطلاب وأولياء أمورهم أن يستمروا في حقهم من التحصيل العلمي والتأهيل كي يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم ، ويتم إدماجهم في المجتمع كبقية أقرانهم .
ورسالتي لدول العدوان أن تحكَّم ضميرها الإنساني إذا كان لديها ضمير إنساني لوقف الحرب والحصار على اليمن .. ونقول لهم بالرغم مما تعرض له مركز النور للمكفوفين إلا أننا نؤكد لكم أن عزيمة اليمنيين بشكل عام وشريحة المكفوفين خاصة، لن تلين ولن نتنازل عن حقنا في العيش كرماء أحراراً.. وإرادتنا كانت وما تزال الأقوى بدليل أن مركز النور للمكفوفين الآن يتعلم فيه الطلاب المكفوفون، وها هي العملية التعليمية مستمرة على قدم وساق دون أن تؤثر تلك الجريمة في معنويات وإرادة ذوي الإعاقة البصرية، الذين يصرون على أن يحصلوا على حقهم في التعليم .

قد يعجبك ايضا