نقل جزء كبير من الاستثمارات ورؤوس الأموال إلى مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى

إيقاف التعامل بالعملة غير القانونية في المحافظات المحتلة

 

اكتشاف وجود عملات مزيفة لا يتم تفريقها عن العملة غير القانونية ما دفع التجار لوقف تداولها

أكدت مصادر مطلعة أن معظم التجار في عدن وفي كبرى المدن الجنوبية الأخرى أوقفوا التعامل مالياً بالأوراق النقدية التابعة لحكومة هادي التي تمت طباعتها خلال الأربع السنوات الماضية بسبب انهيار القيمة الشرائية لهذه الأوراق النقدية المطبوعة بدون غطاء تأميني من الذهب أو العملة الصعبة الذي يفترض أن يحافظ على قيمتها السوقية أو الشرائية وهو ما جعل التعامل بها مخاطرة كبيرة تهدد ما تبقى من القطاع الاقتصادي الأهلي في المحافظات الجنوبية والتي لا زالت تستثمر بعض رؤوس أموالها في المناطق الجنوبية بعد نقل جزء كبير من الاستثمارات ورؤوس الأموال إلى مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني بسبب وجود استقرار أمني في هذه المناطق مقارنة بالمناطق التي تسيطر عليها حكومة هادي والتحالف.
الثورة / أحمد المالكي

هذا الإجراء الذي اضطر التجار لاتخاذه دفع أيضاً بالسواد الأعظم من المواطنين إلى مجاراته والتعامل أيضاً بالمثل، حيث انتشرت مؤخراً ظاهرة التعامل بالأوراق النقدية الأجنبية أبرزها التعامل بالريال السعودي وفي التعاملات الكبيرة يتم التعامل بالدولار.
وبطبيعة الحال؛ فقد أدى وقف التعامل بالعملة المحلية واستبدالها بالعملات الأجنبية، إلى ارتفاع كبير في الأسعار خاصة أسعار الخدمات غير الاستهلاكية ومن ذلك الإيجارات العقارية كالشقق السكنية والمحلات التجارية بالإضافة إلى التعاملات التجارية في بيع وشراء السيارات والمركبات بكل أنواعها وكذا التجارة المتعلقة ببيع وشراء مواد البناء والأخشاب والحديد والأسمنت.

بعد الماء
ويؤكد أكثر من مصدر محلي في أكثر من محافظة جنوبية أن العملة الورقية التابعة لحكومة هادي تكاد تختفي تماماً نظراً لاتجاه المواطنين والتجار إلى التعامل الكلي بالعملات الأجنبية خاصة الريال السعودي، وتضيف المصادر أيضاً أن رداءة العملة المحلية الجديدة التي طبعتها حكومة هادي تجعل منها قابلة للتلف في أسرع وقت وأنها بمجرد أن تتعرض للماء تختفي معالمها تماماً.
كما تؤكد المصادر أن مخاوف القطاع التجاري في المحافظات الجنوبية تكمن أيضاً في إمكانية تزوير كميات كبيرة من العملة المحلية الجديدة حيث تم كشف وجود عملات مزيفة لا يتم التفريق بينها وبين العملة الحقيقية، وهو ما دفعهم لوقف التعامل بها واقتصار التعامل فقط إما بالعملات الأجنبية أو بالعملة اليمنية القديمة التي تتعامل بها حكومة صنعاء .
وأصبحت مسألة التعامل بالعملة الأجنبية في المناطق الجنوبية معضلة كبيرة خصوصاً للمؤسسات الحكومية أو ما تبقى منها، والتي يفترض ألا تقوم بتحصيل إيراداتها من المواطنين إلا بالعملة المحلية.

لجنة
وحسب المصادر الجنوبية فإن هذه المشكلة يبدو أنها تؤثر بشكل كبير على المجلس الانتقالي الجنوبي الذي شارك مؤخراً في الحكومة وأصبح يدير مجموعة من المؤسسات الحكومية في عدن، ولهذا أقر الانتقالي في آخر اجتماع عقدته الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية للمجلس تشكيل لجنة لمقابلة محافظ عدن احمد لملس ومناقشة مشكلة التعامل بالعملة الأجنبية معه بهدف اتخاذ إجراءات صارمة للحد من تفاقمها ورفض التعامل بالعملة الأجنبية الآخذة في التفشي بشكل كبير جداً.

انهيار
ووفقا لخبراء الاقتصاد فإنه من المعروف أن أي انهيار في سعر عملة نقدية معينة، يكون نتاج التضخم الاقتصادي، ولجوء السلطات المالية إلى طباعة كميات كبيرة من الأوراق النقدية الجديدة، دون غطاء من الاحتياطي الأجنبي، إضافة إلى عدم سحب المبالغ القديمة المتواجدة في الأسواق. ومن البديهي أن ينهار سعر العملة، إذا تجاهلت الجهات المعنية بتلك الإجراءات، وهذا ما يحدث اليوم في المحافظات الجنوبية المحتلة، حيث لم تكتف شرعية الإخوان بإيقاف مرتبات الجنوبيين، بل أغرقت مناطقهم بعملتها غير المؤمنة، والنتيجة الارتفاع الحاد في الأسعار، وخاصة الأولية منها، كالغذاء والدواء. ولم تكن تحركات حكومة هادي العميلة في هذا الجانب عفوية، فالخطوة جزء من حرب سياسية بعيدة الأمد، ويتم استخدام العملة كأداة تجويع، ضد خصومها الجنوبيين، لمجرد أنهم لا ينتمون للمشروع الإخواني. ولأن الحقد موجه ضد الجنوب أيضا، فإن سعر العملة بقي على حاله في المحافظات الشمالية لأسباب مختلفة، وفقا للخبراء.، وجميعها بيد الشرعية، التي توجه الاقتصاد حتى في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ.

حافظات الاغنياء
ويشير الخبراء إلى أن العملة الجديدة لم تتجه للسوق الاستهلاكية مباشرةً، بل ظلت حبيسة البنوك ومحلات الصرافة، وتم استبدالها في السوق بالمخزون النقدي القديم لتلك الجهات. وبذلك يتم تعزيز الاحتياطي النقدي في الشمال، وتتحول العملة الجديدة إلى عامل قوة، وكأنها مخصصة فقط للتعاملات البنكية، أو حافظات نقود الأغنياء فقط ،وأن تجار شما ل اليمن ليسوا مضطرين إلى استنزاف النقد الأجنبي من الأسواق، حيث تقوم جهات خارجية مرتبطة بالشرعية في الرياض، بدفع حوالاتهم بالدولار والريال السعودي من السوق السعودية. على سبيل المثال، إذا أراد أي تاجر في الشمال أن يحول مبلغاً ضخما من الدولارات إلى الصين، فإنه يدفع المبلغ بالريال اليمني لجهة تجارية في صنعاء، مثل بنك سبأ وبنك التضامن، وتقوم لجنة مكلفة في الرياض خاصة بتلك البنوك بشراء الدولار من السوق السعودية، ويتم تحويله من هناك إلى الخارج مباشرة. ولأن الجنوب يفتقر إلى مثل تلك الجهات، إضافة إلى حرص ما يسمى الشرعية على تدميره وتجويع شعبه، فقد تعاظمت المأساة، والقادم أسوأ إذا لم تتحرك النخبة الجنوبية، ممثلة بأحرار الجنوب الذين بدأت أصواتهم ترتفع وتضج ضد سياسات حكومة هادي العميلة الاقتصادية والنقدية والمالية الكارثية، وذلك من خلال الضغط باتجاه اتخاذ إجراءات اقتصادية، تحول دون تضخم العملة، وتآكل رؤوس أموال التجار والمواطنين الذين يدخرون مبالغ ضخمة من العملة غير القانونية .
وتستمر أسعار صرف الريال اليمني، في الانخفاض مجدداً أمام العملات الأجنبية في المحافظات الجنوبية المحتلة، ليصل إلى 901 ريال للدولار الواحد في محافظتي عدن وحضرموت.
فيما حافظت أسعار صرف الريال اليمني في العاصمة صنعاء على استقرارها عند 598 ريالاً للدولار الواحد.
أما متوسط سعر صرف الدولار في السوق السوداء فوصل إلى 605 ريالات.

قد يعجبك ايضا