المثقفون العرب ينتفضون ضد اتفاق العار:

مثقفو اليمن والعرب يرفضون المتاجرة بمقدرات وحقوق الفلسطينيين

 

الدعوة إلى مواجهة عمليات التطبيع ومقاطعة الأنشطة الثقافية الإماراتية
رئيس اتحاد الأدباء بصنعاء وعضو اتحاد الأدباء العرب: نطالب بنقل مقر اتحاد الأدباء العرب من أبوظبي إلى أي عاصمة عربية أخرى

تتوالى ردود الأفعال المنددة باتفاق العار الذي وقعته دولة الإمارات مع “الكيان الإسرائيلي” في الثالث عشر من الشهر الجاري، حيث ألقى هذا الاتفاق بظلاله القاتمة على المشهد العربي برمته، فأحدث بها العديد من الشروخات الغائرة في جسد الأمة.
وإن كان الساسة العرب يتوجهون وفق أجندات ومصالح سياسية دون أي اعتبارات أخلاقية أو تاريخية ملجمة، فإن الشعوب العربية والإسلامية وفي المقدمة المثقفون هم ضمير الأمة اليقظ، ومرآتها الصادقة، وعنوانها وقت الأزمات حين يتخلى الجميع عن مناطات مسؤولياتهم.

الثورة / خليل المعلمي

بيانات استنكار وتنديد
وقد عبر المثقفون والأدباء اليمنيون ومن خلال بيانات أطلقوها على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم واستنكارهم لما قامت به دولة الإمارات من توقيع اتفاق مع الكيان الصهيوني وإقامة علاقات بينهما، وهي بذلك تعلن التآمر على أهم قضية من قضايا الأمة وهي قضية فلسطين والاستنكار لحقوق الفلسطينيين والتخلي عن الأراضي العربية، والرضوخ للإدارة الأمريكية والتطبيع مع أعداء الأمتين العربية والإسلامية، الغاصبين للأراضي العربية والمقدسات الإسلامية، والضرب بعرض الحائط بمصالح الشعوب العربية والإسلامية ومستقبل الأجيال الحالية والقادمة.
كما أشاروا في تعبيراتهم إلى آثار التطبيع على قيمنا وأخلاقنا ومجتمعاتنا الإسلامية، منددين بالمواقف المتخاذلة للحكومات والشعوب العربية الخاضعة لهذه السياسات التي تمس مستقبل وحاضر الشعوب والمجتمعات الإسلامية والعربية وتظهرها بمظهر الضعف والهوان..
ودعوا الشعوب الحرة إلى التنديد بهذه السياسات ومواجهتها من خلال الخروج في وقفات احتجاجية معبرة عن الرفض والاستهجان والاستنكار والتنديد بهذه السياسات وهذه المواقف المخزية والتي لا تعبر عن تطلعات الأمة ونضالها في الحصول على حريتها واستقلالها واستعادة أراضيها ومقدساتها المحتلة.
المطالبة بنقل مقر اتحاد الأدباء والكتاب العرب
وقد أعلن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين موقفه الرافض لاتفاق العار وطالب بنقل مقر اتحاد الأدباء والكتاب العرب من أبوظبي إلى أي عاصمة عربية أخرى.
وقد جاء ذلك في بيان نشره رئيس فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بصنعاء وعضو اتحاد الأدباء العرب الأديب محمد القعود، أوضح فيه موقف الأدباء والكتاب في اليمن من عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني وإقدام الإمارات على التطبيع معه، والرفض التام لهذا التطبيع والمطالبة بنقل مقر اتحاد الأدباء العرب من أبوظبي إلى أي عاصمة عربية.
وشدد البيان على أن إقدام الإمارات على التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي هو خيانة للقضية الفلسطينية وللقضايا العربية، وتجاهل لكل التضحيات والحقوق العربية.
وأضاف: أن التطبيع مع الاحتلال الإسرائيل هو تمهيد له للسيطرة على مقدرات وثقافة وقرارات الأمة، مطالبا بتشكيل جبهة عربية من الأدباء والمثقفين العرب لمواجهة التطبيع، وتفعيل قرارات المقاطعة العربية وقرارات اتحاد الأدباء العرب السابقة والخاصة بمواجهة عمليات التطبيع، وفي مقدمتها التطبيع الثقافي، والسياسي، والاقتصادي.
خيانة للأمة ومقدساتها
فيما اعتبرت الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان إعلان الإمارات التطبيع مع الكيان الصهيوني خيانة للأمة ومقدساتها، وأكدت في بيان أن الاتفاق الإماراتي الصهيوني، استخفاف بالشعوب العربية وقضاياها العادلة ودماء الشهداء.
وقال البيان: “لم تكن إلا مسألة وقت ليٌعلن كيان الإمارات العبرية هويته الخائنة للأمة ويجهر بطعن القضية الفلسطينية وبيعها دونما ثمن للعدو الصهيوني”.
وأشارت الجبهة الثقافية إلى أن الإمارات تصهينت منذ زمن وكانت تؤجل المجاهرة بجرمها، حتى جاء زمن الخيانات المعلنة، وزمن الإعلان عن الطعنات المسمومة لقلب الأمة بنفطها وبأياد مشبوهة الهوية مجروحة الانتماء.
وتابعت أنه لم تكن الإمارات والكيان الصهيوني في يوم من الأيام أشد وضوحا وعلانية كما هو قبحهما منذ نابتا عن العدو الصهيوني الأمريكي في جريمة العدوان على اليمن، وصولا للانخراط الكلي والمعلن في جريمة اغتيال مقدسات الأمة وصهينة كيانيهما، أمام تضحيات الأمة في المعركة المقدسة مع الاحتلال الإسرائيلي.
المثقفون العرب ينتفضون
وعربيا قاد كتًاب وفنانون وباحثون من مختلف الدول العربية موجات متتابعة من المقاطعة الثقافية للإمارات، تسجيلًا منهم لموقف وطني رافض للتطبيع دون حصول الفلسطينيين على كامل حقوقهم المشروعة، وقد تضمنت تلك الخطوة صوراً عدة، منها الانسحاب من بعض الجوائز البارزة مثل جائزة الرواية العربية “البوكر” أو مقاطعة العديد من المعارض الفنية التي تنظّمها مؤسسات إماراتية أيضاً.
وبينما يجيش النظام الإماراتي وحلفاؤه في المنطقة عبر الفضاء الإلكتروني حملات تبريرية لوصف ما أقدموا عليه بـ”الخطوة التاريخية”، إلا أن هناك فريقاً آخر ممسكا بجمر الثوابت القومية العربية، واعتبار أي خطوة تطبيعية مع الكيان المحتل – في ظل سياساته الحالية- خيانة تستوجب رد فعل قوي يتناسب وحجمها رغم الضغوط التي يتعرضون لها من هنا وهناك.
مقاطعة فلسطينية كاملة
الفلسطينيون أصحاب القضية، أكثر الموجوعين من خناجر الغدر، حيث أعلن عشرات المثقفين الفلسطينيين مقاطعتهم لكافة الأنشطة الثقافية الإماراتية أو التي تشارك فيها الإمارات، ساعين إلى إيصال رسالة واضحة أن التطبيع مع العدو خيانة تستوجب المقاطعة.
المجموعة الفلسطينية “ثقافة في وجه التطبيع” وهي إحدى الكيانات الثقافية المناهضة لأي تحركات تطبيعية مع تل أبيب، كشفت أنها ستقوم بإعداد قائمة سوداء لكل مثقف أو فنان أو باحث فلسطيني لا يلتزم بقرار المقاطعة لكافة أنشطة الدولة الإماراتية.
الباحث حسن الداوودي، عضو المجموعة، يقول إنه استشعر إرهاصات الخطوة الإماراتية مبكرًا، وعليه رفض رئاسة لجنة تحكيم جائزة البوكر حينما اقترحها عليه مجلس أمنائها في فبراير الماضي، معللا رفضه بالانشغال بالعمل الأكاديمي وغيره.
وأضاف المثقف الفلسطيني في تصريحات له أن مؤشرات التطبيع الإماراتي كانت واضحة للجميع، ولم تكن مفاجئة، موضحًا “علينا ألا نتردد، ونقولها بمرارة إننا لا نريد خسارة أي بلد عربي، لا تتملكنا الغبطة ونحن نتخذ مواقف المقاطعة، نحن نريد لُحمة ثقافية فكرية وعربية، ونريد أن يبقى التواصل العربي كثيفاً وعميقاً، بالنسبة إلى أن هناك خطوطاً حُمراء، و”إسرائيل” ليست خطاً أحمر”.
وفي الإطار ذاته سحب الشاعر الفلسطيني أحمد أبو سليم، ترشيح روايته “بروميثانا” لجائزة “بوكر”، كما أعلن مقاطعته الكاملة لكل الفعاليات الثقافية في دولة الإمارات، معلقا على موقفه بأنه من الطبيعي أن يكون للمثقف الفلسطيني موقف من هذا التطبيع المشين والمخزي.
أبو سليم يعتبر أن الثقافة الفلسطينية جزء لا يتجزأ من المشروع الوطني للثقافة العربية، والتي يأتي في مقدمة أعمدتها ثقافة المقاومة والحرية والدفاع عن الثقافة القومية، لافتا إلى أن ما فعله أبناء زايد “خيانة للقضية الفلسطينية يرقى لما فعله الاستعماريون الذين مهدوا لإيجاد دولة الاحتلال”.
رفض التطبيع المجاني
ودعما لمثقفي فلسطين، أصدر مثقفون عراقيون بيانا نددوا فيه بما أسموه “التطبيع المجاني مع دولة الاحتلال” معربين عن خيبة أملهم حيال الخطوة الإماراتية، ومجددين العهد على استمرار دعمهم للقضية الفلسطينية عبر رفض كافة أشكال التطبيع مع المحتل وحلفائه.
وأشار المثقفون في بيان لهم إلى رفضهم الكامل لاتفاق العار، داعين كافة القوى العربية الفاعلة من أحزاب وكيانات ثقافية وسياسية واتحادات مهنية إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية في الإعلان عن رفض الاتفاقية، داعين إلى “إنشاء محورٍ ثقافيّ يستمد قوته من عدالة قضايانا، وأن نسعى بكل أدوات إبداعنا لرفض مختلف أشكال التطبيع والتبعية، باعتبارها خيانة عظمى”.
طعنة من الخلف
كذلك استنكر “اتحاد الكتّاب التونسيين” في بيان له التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني، واصفا ما حدث بأنه طعنة من الخلف في ظهور العرب المتمسكين بمبدأ الحرية لفلسطين باعتبارها قضية العرب المركزية وعنوان الكرامة والحَمِيّةِ والحق، ضاربة عرض الحائط بكل ما عُرِف به العرب من اعتزاز بالنفس ومن قدرة على المغالبة ورفض الاستسلام والمهادنة”.
وأشار الاتحاد التونسي في بيانه إلى أنه لم يتفاجأ بتلك الاتفاقية، متوقعا الأسوأ، من أنظمة صارت عنوان الرجعية والعمالة، على حد قوله، داعيًا القوى الوطنية في تونس من أحزاب ومنظّمات إلى رفض هذه الخطوة والتصدي لها من خلال منهجية عامة لمناهضة كافة مسارات التطبيع مع العدو.
كما أعلن كتاب وروائيون مغاربة سحب ترشيحهم لجائزة الشيخ زايد للكتاب، وكذا الانسحاب من بعض المؤسسات الثقافية الإماراتية، رداً على قرار التطبيع، حيث أشار الأكاديمي والناقد المغربي يحيى بن الوليد إلى أنه سحب ترشيح كتابه عن “المثقفين العرب” من المنافسة في صنف “التنمية وبناء الدولة”، وألغى مشاركة أخرى مقترحة ومبرمجة لعام 2021م في الإمارات.
الموقف ذاته تبناه الروائيان والمترجمان أحمد الويزي وأبو يوسف طه، حيث أعلنا انسحابهما لنفس السبب من الترشح لنيل الجائزة في صنف الرواية، فيما أعلن الكاتب عبدالرحيم جيران استقالته من هيئة تحرير مجلة “الموروث الثقافي” التابعة لمعهد الشارقة، وانسحابه من كل الأنشطة التي تقيمها الإمارات.
اعتراف جديد
من جهتها أصدرت “رابطة الكتّاب الأردنيين” بياناً استنكرت فيه الاتفاق واصفة إياه بأنه “اعتراف جديد بالارتباط بين قوى البترول العربي والصهيونية والإمبريالية لنهب ثروات الأمة وتكريس الهيمنة الاستعمارية الصهيونية على وطننا العربي عامة وفلسطين خاصة”.
ورغم الضغوط الممارسة لتمرير هذا الاتفاق شعبياً فإنه من المرجح أن تشهد الأيام المقبلة تحركات مماثلة من مؤسسات المجتمع المدني العربية بعيداً عن الحسابات السياسية للأنظمة والحكومات والتي في الغالب لا ينتظر منها أي تحرك في مضمار الرفض الرسمي.
انسحابات متتالية
وضمن الاحتجاجات المتتالية من قبل الكتاب والأدباء العرب ضد التطبيع الإماراتي مع الكيان الإسرائيلي، فقد أقدم الشاعر المغربي محمد بنيس على تعليق عضويته في الهيئة العلمية لجائزة الشيخ زايد للكتاب.
فيما أعلن الشاعر والناقد الجزائري بشير ضيف الله سحب ترشيحه لــ”جائزة الشيخ زايد” وذلك تضامناً مع فلسطين ضد التطبيع، الشاعر والناقد الجزائري بشير ضيف الله يسحب ترشيحه لــ “جائزة الشيخ زايد للكتاب”.
وقال ضيف الله على حسابه على موقع “فيسبوك” إنّه سحب ترشيح كتاب “العولمة وتحولات الكتابة.. من الورقي إلى الرقمي” ومخطوطة “الحساسية الشعرية العربية الجديدة”، من “جائزة الشيخ زايد للكتاب”.
لكن الناقد والشاعر الجزائري أكد أن موقفه من السلطات الإماراتية لا يعني قطع تواصله مع أصدقائه من الكتاب والشعراء والروائيين والأكاديميين الإماراتيين.
وعزا ذلك إلى إيمانه بأنّ الشعوب لوحدها هي من تقرر مصير القدس، آملاً أن تخرج قضية القدس إلى دائرة الواقع والفعل الملموس، على حد قوله.
كما أعلنت بطلة تونس في “تحدي القراءة العربي”، أماني بن علي، انسحابها من مبادرة حاكم دبي بعد وصولها إلى مرحلتها النهائية، وذلك رفضاً للتطبيع بين الإمارات والكيان الإسرائيلي.
وقررت بن علي (19 عاماً) مغادرة الإمارات، قائلة: “لا أرضى لنفسي أن أظلّ ضمن مسابقةٍ منظموها يطبّعون مع الكيان الصهيوني”، مؤكدة تضامنها المطلق مع فلسطين وشعبها.
دعوة للمثقفين العرب
وقد دعت مجموعة نشطاء تطلق على نفسها اسم “ثقافة في وجه التطبيع”، كل الكتاب الفلسطينيين الذين قدموا أعمالهم للمنافسة في الجوائز الإماراتية، إلى “الإعلان الفوري عن سحب ترشح أعمالهم”.
كما دعت التشكيليين والمسرحيين الذين تشارك أعمالهم في الأنشطة الثقافية المنظمة قبل جهات إماراتية إلى “سحب كل مشاركاتهم”.
وأعلنت هذه المجموعة أنها ستعد قائمة سوداء باسم كل من لا ينسحب، “لأنه يضع نفسه في صف من انتهك الحقوق الوطنية الفلسطينية”.
وحيت “ثقافة في وجه التطبيع” الكتاب العرب والفلسطينيين الذين أعلنوا عن انسحابهم من الجوائز الإماراتية وأهمها “البوكر”، و”جائزة الشيخ زايد للكتاب”.
ولا تزال خطوات الانسحاب من الجوائز المذكورة أعلاه فضلاً عن إدارة المجلات والإصدارات الأدبية التابعة للإمارات.
فقد توجه الشاعر والروائي الفلسطيني أحمد أبو سليم، بالدعوة إلى كل الشعراء والأدباء العرب إلى الردّ على خطوة أبوظبي بمقاطعة النشاطات والجوائز الثقافية في الإمارات.
ولا تزال الاحتجاجات والتنديدات متوالية والانسحابات متكررة من قبل الهيئات والمنظمات الثقافية العربية، وكذا الشخصيات الأدبية والثقافية من مؤلفين وكتاب وشعراء من أي مسابقات أو ندوات أو محافل تراعاها دولة الإمارات، وذلك تضامناً مع قضية العرب الأولى وهي قضية فلسطين، ومع الحقوق العربية الفلسطينية في أراضيهم المحتلة.

قد يعجبك ايضا