الأستاذ طه عبدالصمد.. الغائب الحاضر

صولان صالح الصولاني

لم يكن “العم” طه عبدالصمد العريقي الزميل والأستاذ بل والمرجعية بالنسبة للزملاء في إدارة التصحيح اللغوي بصحيفة “الثورة” ليدَّخر جهداً في تأدية عمله وواجباته الوظيفية كمصحح لغوي في الصحيفة بكل تفانٍ وإخلاص منقطع النظير والتزام أخلاقي ووطني مسؤول حتى في أحلك الظروف والملمَّات التي مرَّت بها صحيفة “الثورة” والوطن عموماً بما في ذلك خلال السنوات الخمس من عمر العدوان والحصار وفي ظل عدم صرف المرتبات والمستحقات الأخرى التي كان الموظفون- والعم طه واحد منهم- يستلمونها قبل العدوان بصورة شهرية ،إلا أن انقطاعها وعدم صرفها لم يعق “العم طه” وأمثاله المرابطين من الزملاء بصحيفة الثورة والاعلام الحكومي بشكل عام عن أداء أعمالهم الوظيفية دونما حصولهم على المقابل المادي الذي يكفي لسد احتياجاتهم الشخصية فما بالك بالاحتياجات والمتطلبات المعيشية اليومية لأسرهم التي يعولونها .. ولكن تقديراً منهم للظروف التي تمر بها البلاد جراء العدوان والحصار واستشعاراً منهم للمسؤولية الوطنية والأخلاقية، أبوا –وفي مقدمتهم العم طه- إلا أن يخوضوا معركة الدفاع عن الوطن في وجه العدوان في الجبهة الإعلامية إلى جانب إخوانهم المرابطين من ابطال الجيش واللجان الشعبية الذين يخوضون معركة الذود عن حياض الوطن في جبهات العزة والشرف ،وذلك من خلال كشف أساليب العدوان وأدواته وفضح زيفهم وأكاذيبهم والإعلان عن جرائمهم اليومية ومجازرهم الوحشية بحق شعبنا اليمني.
أما المواقف الأخوية الصادقة والنبيلة لـ “العم طه” تجاه كل من حوله من الزملاء وغيرهم فحدِّث ولا حرج، فقد جسَّد الوفاء والطهر ونقاء السريرة وكان على مقربة من كل الزملاء يستشعر معاناة كل واحد منهم ويشاركهم جميعاً أفراحهم واتراحهم، فلا مجلس عزاء أو عرس لاحد الزملاء أو حتى مريض بأحد المستشفيات إلا وكان “العم طه” في مقدمة الحاضرين والمبادرين للزيارة والمشاركة..
بعد كل مواقفه الرائعة والصادقة التي جسَّدها في حياته قرَّر “العم طه” أن يغادر دنيانا الفانية ‘إلى دار الفناء والبقاء نزولاً عند أمر وقضاء الله وقدره.
إن مواقف “العم طه” وأدواره النبيلة كثيرة ومتشعِّبة لا يتسع المقام لذكرها ،بل يعجز القلم عن أن يفيه حقه من الوصف ،كما يعجز اللسان ايضاً عن التعبير عمّا ألمَّ بنا جراء رحيله المفاجئ من أسى وحزن على فراقه.
رحم الله “عمنا طه” وأسكنه فسيح جنانه .. إنا لله وإنا اليه راجعون.

قد يعجبك ايضا