التعامل بروح الإسلام

 

حسن سعيد الدبعي
نؤمن نحن المسلمون ونجزم بأن الإسلام بُني على خمسة أركان: الشهادتان ، إقامة الصلاة ، إيتاء الزكاة ، صوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.. وأن الإيمان يقوم على ستة أركان: الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، بالإضافة إلى ركن يقيني واحد هو ركن الإحسان ” أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإن يراك” وقد أجمع أئمة المذاهب ورواة الحديث على أن هذه الأركان تشكل محور العبادات أي بنسبة 5 % من ديننا، بينما 95 % تتعلق بالمعاملات وقد أكد ذلك الرسول الكريم محمد بن عبدالله – صلى الله عليه وآله وسلم- بالقول ” الدين المعاملة” وما يتفرع عنه من أخلاق وقيم وحسن العشرة والرحمة والايثار والإنسانية، التي من خلالها استطاع الإسلام أن يستقطب شعوبا كثيرة من خلال هذه الصفات الحميدة التي يتميز بها ، وقد أشار إلى ذلك رسول الله أيضا بقوله” إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق ” ومعنى كلمة “لأتمم” أن القبائل الجاهلية كانت تتمتع بأخلاق وقيم حميدة رغم شركها فجاء الإسلام ليضيف إليها اخلاقيات أكثر رقياً وأوسع سماحة..
ما جعلني أتطرق إلى هذا الموضوع أن أحد الأصدقاء المقربين وهو رجل ثقة في معلوماته أخبرني أنه قرأ بحثاً أكاديمياً قام به باحث بريطاني في عدد من الدول للاستقصاء عن الشعوب والدول التي تطبق فيها روح الإسلام بما فيها الدول العربية وخرج من خلال هذا البحث بنتيجة صادمة بالنسبة لنا كمسلمين ، حيث أفاد بما يلي: أن ايرلندا والسويد والدنمارك أخذت المراتب الأولى في التعامل بروح الإسلام، وعندما عرج إلى الدول الإسلامية كانت ماليزيا الدولة الإسلامية الوحيدة التي تتعامل وتطبق روح الإسلام وأخذت الدرجة رقم 30، أما بالنسبة للدول العربية التي من المفروض أن تكون القدوة في هذا المجال فقد سجلت الكويت القائمة رقم 48 في التعامل بروح الإسلام، أما السعودية التي تحتضن الحرمين الشريفين فقد سجلت الرقم 92م وهذا هو الخبر الصادم والمحير، أما مصر فقد أخذت الرقم 129، في حين سجلت بقية الدول العربية الدرجات المتدنية في سجل قائمة الباحث البريطاني..
تصوروا ثلاث دول مسيحية تتصدر قائمة المعاملات التي يجب أن يكون المسلمون هم أصحاب السبق فيها وباقي الدول الأوروبية في المراتب التالية بينما العرب والمسلمون في آخر القائمة.. لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا نستغرب من هذا الانحدار الأخلاقي والقيمي الذي أصيبت به الأمة العربية ، فالشواهد منظورة على كل المستويات والتي جعلت من الأمة العربية مثار سخرية العالم من خلال الممارسات التي لا تمت إلى الاسلام بصلة ، ولنعط مثالاً حياً على ذلك : انظروا ماذا تفعل دولة الامارات المتحدة التي تمثل نقطة في الخارطة ويقطنها حوالي 900 ألف من اللقطاء لكن لديها المال والثروة، وكذلك السعودية ذات المليوني كيلو متر وحوالي 29 مليون نسمة من الخلطاء انظروا ماذا تفعل هاتان الدولتان من مصائب وخرائب على الرقعة العربية وتبذلان أموالاً طائلة لتغذية الصراعات الداخلية خدمة للمصالح الغربية ودوائر الاستخبارات العالمية التي تسعى لجعل الأمة العربية والإسلامية بؤرة للمشاكل والمشاغل الجانبية، انظروا إلى التدخلات غير المبررة في حياة الشعوب وبث روح الفرقة وتغذية النزاعات والاحقاد التي كانت مدفونة منذ زمن بعيد وفشل الاستعمار بكل آلاته وتقنياته في بعثها إلى السطح من جديد، لكن هذا الاستعمار أوكل المهمة إلى دول تحمل الصفة العربية والإسلامية لنبش هذه الأمراض، ولنا فيما يحصل في اليمن وليبيا وسوريا والعراق أسوة سيئة تتحمل وزرها الدول النفطية التي حباها الله بالثروة والمال فاستغلتها مع الأسف لإضعاف الصف العربي والإسلامي..
إننا بحاجة إلى تقييم شامل لتعاملاتنا مع بعضنا البعض استناداً إلى روح الإسلام الحنيف، وتسخير ثرواتنا لخدمة التنمية والتطور والولوج إلى مجموعة الدول التي تحترم ذاتها وتقدس خصوصياتها التي أرسى مداميكها الدين الإسلامي كي يرتفع رصيدنا الأخلاقي في التعامل مع بعضنا البعض بدلاً من هذه الانحدارات المؤسفة التي جعلت منا أضحوكة أمام الأمم الأخرى ومصدراً لحلب الثروات والأموال التي بحوزتنا والمستخدمة في عرقلة تقدمنا ومواكبة التحديات الماثلة أمامنا وما أكثرها .

قد يعجبك ايضا