الهروب إلى الهاوية

العقيد/ صالح الماوري
هن أولئك الفتيات والنسوة بائعات الهوى والمتعة، من ساقتهن الظروف الاجتماعية والاقتصادية وظروف أخرى مجتمعة إلى درب المهالك والضياع ملقيات بأنفسهن وأرواحهن في التهلكة.
وخاصة منهن المعنفات أسرياً جراء تصرف طائش ومتهور في لحظة غضب جنونية قررن الهروب من بيوتهن، وأهاليهن وأسرهن القصد من ذلك النجاة من العذاب والمعاناة التي يلاقينها وسط هذا المحيط الصغير في مجتمعهن الأسري. فتقع الفتاة بقرارها المعيب والمشين هذا ومن أول خطوة بعد مغادرة منزلها إلى الشارع مباشرة.. بأيدي ذئاب آدمية باعوا ضمائرهم وإنسانيتهم للشيطان وتحولوا إلى نخاسين ديوثين مجرمين سفلة منتقمين من ذاتهم ومن غيرهم.
فأصبح كل مستذئب منهم ذئباً وكلباً عقوراً يمتلك قطيعاً من هذه الفتيات والنسوة المستضعفات اللواتي لم يعد لهن لا معين ولا ناصر بعد أن أصبحن مختطفات لديهم بالإكراه في غياهب الجُب بالبدرومات والدهاليز المظلمة والمنازل والفلل المحصنة.
ويزداد العدد منهن يوماً بعد آخر نتيجة الموت المتكرر أو القتل إن صح التعبير في ظروف غامضة وبصورة بشعة أو كما قال المثل الشعبي ” جديد جديد لا عاد كل بالي” سجل لحق فص ملح وذاب وجريمة ضد مجهول وهناك منهن على سبيل المثال لا الحصر من أصبحن نزيلات ” السجن المركزي” في إقامة دائمة بعد أن تخلى عنهن الأهل والأحبة حفاظاً على العرض والشرف كون مجتمعنا اليمني مجتمعاً محافظاً له عاداته وتقاليده الخاصة في قصصهن المؤلمة وحكاياتهم المخزنة ما تدمع العين ويدمي القلب ويحرق الفؤاد ألماً وحسرة.
وإذا كان هنالك من لوم يستوجب علينا إلقاؤه فهو على الأسرة نفسها أولاً وأخيراً نتيجة تصرفاتهم الهوجاء وأساليبهم المتعجرفة وطريقتهم الخاطئة في عملية التربية والتنشئة المثلى المتمثلة في العنف والتعنيف.
ما جعل هذه الفتاة أو المرأة تلجأ للهروب فتصبح ضحية سهلت المنال تفترسها وحوش آدمية تنهش جسدها البريء في شرهة وتعبث بطهرها والعفاف دونما رحمة.
الجدير ذكره هنا أن الغالبية العظمى من هؤلاء قد أصبحن مريضات نفسياً وجسدياً نتيجة هذه المعاناة.
ولكن الهروب إلى الشارع كقارب نجاة لأي سبب كان ولأي كان من الجنسين سواء كان رجلا أو امرأة شابا أو شابة صبياً أو صبية.. جرم وعيب أقبح من ذنب لا يبرر بأي حال من الأحوال وإذا كان ولابد منه فليكن إلى قسم الشرطة أو عاقل الحارة أو عضو المجلس المحلي.
وأنا على ثقة بأن مثل هؤلاء رجال الرجال رجال الله ونصرة المستضعفين في الأرض سيجد الهارب أو المستجير عندهم الأمن والأمان والعطف والحنان ورفع الظلم بالإنصاف والعدل سواء بالحل العرفي أو القانوني لنهاية مأساة كانت ستنتهي بكارثة لا سمح الله.
ومن باب التهذيب لا الترهيب والفضيلة لا الرذيلة والحذر من الوقوع في المحذور فلا ينفع الندم بعد الوقوع في هذا الخطأ القاتل.
فهناك حالات ولو في حكم النادر أصبحن مصابات بفيروس نقص المناعة وناقلات له فلا وقاية ولا حصانة من هذا المرض الخبيث للرجل والمرأة على حد سواء إلا بالطهر والعفاف لأنه بمجرد الوقوع في الخطيئة بعلاقة محرمة ومتعة عابرة يصبح هذا الإنسان عضوا جديدا في نادي الإيدز وبعد فترة قصيرة من الزمن لا تتجاوز العامين تقريبا يحل ضيفا قبيحا مقبوحا في مقبرة الأموات غير مأسوف عليه والعياذ بالله.
مسك الختام
إن هذه المشكلة موجودة في المجتمع اليمني وحقيقة لا يمكن إنكارها بل يستوجب على الدولة والمجتمع إيجاد الحلول والمعالجات بإنشاء مؤسسات ودور رعاية لمثل هذه الشريحة والمصيبة الصوباء المغلوبة على أمرها وإحياء الندوات والمحاضرات الدورية بالتنسيق مع المجالس المحلية كثقافة مجتمعية ونشرات توزع على الأسر في البيوت توجه للآباء والأمهات والإفصاح بشفافية كاملة على مخاطرها وطرق معالجتها والوقاية منها.
مع نشر عناوين وتلفونات مقرات هذه الدور والمؤسسات عبر النشرات المقروءة والمسموعة والمرئية.
كما أشيد بدور اتحاد نساء اليمن تلك المنظمة غير الحكومية الطوعية المستقلة والتي أصبحت أخيرا” مستشاراً بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة” هذا الاتحاد والعمل الوطني الخلاق الذي يسعى لتأهيل وتمكين المرأة ودعم قدراتها للمساهمة الفاعلة في التنمية المستدامة والقضاء على كافة التمييز ضدها وتعزيز مبدأ الشراكة والتعاون مع المنظمات المحلية والعربية والدولية بهدف رفع مستوى المرأة اليمنية لتكون شريكاً فاعلا وأساسيا في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكون لها الريادة في التنمية الشاملة والدفاع عن حقوقها.
وألف تحية وتعظيم سلام لوزارة الداخلية ورجال الأمن الأبطال البواسل لما يقومون به من واجب وما قاموا به أخيراً من خطوات جبارة وضربات قاصمة لتجفيف وردم وتدمير أوكار ومنابع الفساد والجريمة المنظمة واستعادة الأمن والطمأنينة لمجتمعنا اليمني المحافظ الطيب المسالم.. والله من وراء القصد.

قد يعجبك ايضا