سقطرى ومحاولة طمس هويتها اليمنية

الثورة/ حميد القطواني

محافظة سقطرى الأرخبيل الجامع بين أصالة التاريخ المتجذر وروعة الطبيعة الساحرة النادرة، صفات ومميزات جعلتها محل أنظار الطامعين من الغزاة المحتلين حيث كان هذا الأرخبيل هدفا من أهداف دول تحالف العدوان فقد أقدم الاحتلال الإماراتي على نهب ثرواته ونقل وتهجير أشجاره وطيوره النادرة، لم يكتف المحتل بهذا العبث بل عمد إلى مسح وطمس الهوية اليمنية عنها وسكانها اليمنيين في خطوة تكشف وتفصح في آن واحد عن الأهداف الحقيقية لدول تحالف العدوان من وراء حربها على اليمن خاصة بعد أن رفض الشعب اليمني الانصياع لمخططاتها الهدامة من اقلمة وغيرها.
صحيفة «الثورة» سلطت الضوء على هذه القضية عبر طرحها على عدد من الأساتذة والمثقفين في هذا الاستطلاع:

في البداية تحدث الأستاذ الدكتور/ أحمد عبدالملك حميد الدين أستاذ القانون الدولي بجامعة صنعاء حيث قال: للحديث عن هذا الموضوع لابد أن ننظر أو نتكلم عن ثلاث مسائل أساسية (المساءلة القانونية والتاريخية والسياسية) فلو نظرنا إلى هذا التجنيس من الناحية القانونية فهو عمل باطل ناتج عن إكراه مادي ومعنوي حيث يتم إغراء المواطنين بالمال والمساعدات والتجنيس من الناحية القانونية لا يعطي الحق في الاستيلاء على الأرض.
أما من الناحية التاريخية فإن الإمارات في حد ذاتها جزء من عمان وكان اسمها بلاد ساحل عمان، ولهذا لا نجد لها مسمى تاريخياً فإسم الإمارات ليس اسما لدولة وإنما لنظام الإمارات الست التي لا توجد لها مسميات وهي في حد ذاتها إمارات متعددة ولكل إمارة وضع قانوني خاص بها.
وأضاف قائلا: أما من الناحية السياسية فقد اتضحت نوايا تحالف العدوان الذي دخل في حربه على اليمن تحت عنوان حماية الشرعية واستطاع من خلال مجموعة سياسية منتقمة من الشعب اليمني أن يدخل بقواته بمختلف أنواعها فاستولى على بعض المناطق مثل عدن وحضرموت وشبوة وجزيرة سقطرى والمهرة وإذا به يضع حكمه المباشر على هذه الأراضي ويفتح سجونه لمن يعترض على ممارساته الاحتلالية وأفصح عن طمعه في ثروات وموانئ الأرض والجزر والمياه التي احتلها.
ووصل به الأمر إلى السعي لضم بعض الأراضي إلى بلاده وليس مجرد احتلال منها جزيرة سقطرى التي نقل كثيراً من أشجارها النادرة وطيورها وأصولها، ومن ناحية أخرى عطل الموانئ والمطارات مثل مطار حضرموت وميناء عدن لغرض ارهاق الشعب اليمني والاستيلاء على موارده .
وتابع الدكتور أحمد قائلاً:لكن من ناحية أخرى هذه الممارسات جعلت أبناء شعبنا في الجنوب يتنبهون إلى الأهداف الحقيقية وراء هذا العدوان وتدخله العسكري في اليمن ما جعلهم ينتفضون على هذا الاحتلال سواء كان في المهرة أو عدن أو حضرموت ،ولكن المحتل قابل هذه الانتفاضات بقوة وقساوة فاغتال كثيراً من الرموز وأعدم صبراً في السجون مجموعة أخرى وعذب واغتصب حالات كثيرة اظهرتها منظمات حقوق الإنسان، وأصبح من البيِّن أن التحالف الإماراتي السعودي الصهيوأمريكي إنما هو احتلال برر وجوده بحماية الشرعية المزعومة ، الأمر الذي يجب على من بقي من المغرر بهم والساكتين لمصالحهم الشخصية أن ينتبهوا إلى الجرم الكبير الذي يشاركون به هذا المحتل ويعودون إلى حضن الوطن الذي يتسع للجميع وما «حربه « الشرسة في الحديدة وانقلابه على اتفاق السويد إلا استمرار لعدوانه والاستيلاء على ما تبقى من منفذ حر لليمن ليحكم حصاره وتجويعه لليمن بشكل كامل.

محاولات مستمرة

من جانبه تحدث الأخ/ محمد محمود الحباري قائلاً: قبل عام 1967م كانت ما تسمى جمهورية اليمن الجنوبي منقسمة إلى عدة سلطنات ومشيخات، منها السلطنة المهرية تأسست عام 1482 م وعاصمتها قشن ثم انتقلت عاصمتها الى حديبو في سقطرى ثم توحدت السلطنات والمشيخات والإمارات لتشكل اتحاد الجنوب العربي الذي انتهى في 30 نوفمبر 1967م لتحل محله جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. وما شدني لذكر ذلك هو ما تداوله أحد المعتوهين الاماراتيين في كلامه مع أبناء سقطرى ووعوده لهم بمنحهم الجنسية الإماراتية محاولا في ذلك إظهار نفسه بالشخص الذى قدم مكرمة لأبناء سقطرى متجاهلا واقعه الحاصل بأنه وشعبه الإماراتي بحاجة ماسة لإلصاق أنفسهم بالسقطريين وبحاجة لهوية تاريخية وموروث تاريخي ظل ينقصهم وسيبقى ينقصهم الى ابد التاريخ، فمن ليس له ماضٍ لا يمكن أن يصنعه الحاضر وأضاف:» وليس هذا التصرف من قبل دويلة خليجية لمحاولة طمس الهوية بالبادرة الأولى من تلك التصرفات فعلى مدى الحقبة التاريخية الأخيرة ظهرت عدة محاولات لطمس الهوية اليمنية بدءاً من استئجار المملكة السعودية لأجزاء من مناطق اليمن الشمالية متمثلة بنجران وجيزان وعسير ومحاولة التهرب من ارجاع تلك المدن للسيادة اليمنية باختلاق الأزمات والصراعات بين اليمنيين وإشغالهم بالشأن الداخلي بدلا من التفرغ للشأن الخارجي، كما حاولت طمس هوية تلك المدن بتهجير أبنائها بالمغريات إلى مناطق غير مناطقهم واستبدالهم بسكان من المناطق السعودية الأخرى كما هو حال بعض المناطق الشرقية كما حاولت طمس هويتهم بتغيير أسماء بعض المناطق والمعالم كما غيرت اسم منطقة جيزان الى جازان معتقدة بذلك أنها قادرة على مغالطة التاريخ.
إحساس بالنقص
ويستطرد الحباري هنا قائلا: «لم تكتف هذه الدويلات بمحاولات الطمس للهوية اليمنية بهذه الاساليب بل قامت دول التحالف باستهداف غير مبرر للعديد من المعالم التاريخية والأثرية والمصنفة ضمن التراث الإنساني العالمي الأمر الذي يدل على عن حقد ناتج عن إحساس بالنقص في تاريخ وتراث تلك الدول حديثة النشأة بل سعت تلك الدول لطمس التراث اليمني والفلكلوري الشعبي والشواهد كثيرة فالعشرات من القصائد الشعرية والتراثية والألحان اليمنية لحنها وغناها فنانون خليجيون ونسبوها إليهم بكل جرأة ووقاحة إضافة الى ما سبق ذلك من تشويه بالهوية اليمنية وبالذات الهوية الدينية حيث قامت دول الخليج وبالذات المملكة السعودية بتصدير الفكر والمذهب الوهابي السلفي والفكر الإخواني محاولة منها لطمس الهوية الزيدية والشافعية والصوفية من خلال المناهج التعليمية والجامعات الخاصة والمعاهد العلمية وتارة من خلال الأحزاب والجمعيات التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
وبالعودة إلى استهداف أرخبيل جزيرة سقطرى اليمنية يقول الحباري: ما يحدث هذه الأيام من تصرفات من دويلة وليدة التاريخ في محاولة لتجنيس أبناء سقطرى معتقدة بذلك أنها ستحقق مكاسب جغرافية ليس إلا مجرد أوهام فسقطرى ليست موضع نزاع كجنوب السودان حتى يستفتى أهلها وليست مجهولة الهوية حتى تكون قابلة للفرز والجدل فالجمهورية اليمنية موثقة حدودها ومساحتها ومحافظاتها وجزرها كغيرها من الدول في مواثيق الأمم المتحدة خاصة بعد عبور اليمن المحكمة الدولية في قضية استعادة جزيرة حنيش من اريتريا .
مجد مزيف
وأردف قائلا: ان ما تقوم به بعض الدول المجهولة الهوية من تصرفات عدوانية ضد الهوية اليمنية التي دونها التاريخ قبل 7 آلاف سنة ودونتها الكتب السماوية جمعاء لهو أمر يثير الشفقة فمهما اقتلعوا من أشجار سقطرى ومهما هربوا من طيور وحيوانات نادرة وآثار قيمة الى بلدانهم محاولين بذلك أن ينسبوه إلى بلدانهم وأن يصنعوا لبلدانهم مجداً مزيفاً فلن يعكس ذلك إلا سخرية العالم والباحثين والزائرين لهم فالتراث اليمني متفرد ومميز عن غيره، معروف بسماته وصفاته وليست سقطرى مجرد قطعة أثرية قابلة للتحويل والتزييف فمساحة جزيرة سقطرى تقدر بـ3600 كم مربع وهي تتجاوز مساحة ثلاث إمارات، فهوية الجغرافيا ثابتة لا تتحول بتحويل هوية سكانها فلن تكون حضرموت يوما ما سعودية رغم أن غالبية أبنائها باتوا يحملون تلك الجنسية ولن تكون العدين أو بعدان يوما ما أمريكية رغم أن غالبية أبنائها يحملون الجنسية الأمريكية وليس كل مسلم عربياً رغم ان القرآن نزل بلسان وهوية عربية ولكن ماذا نتوقع غير الهبل من «أعرابي» يعتبر ناقته وحصانه من ضمن الآثار التاريخية التي أورثها له أجداده».
من جهته تحدث الأستاذ / حمود المرهبي قائلاً: تلعب الإمارات لعبة قذرة من خلال محاولتها طمس الهوية اليمنية مستخدمة أساليب عدة منها شراء الذمم والإغراءات المالية تحت مسمى المساعدات الإنسانية واستعراض القوة كما هو حاصل لتحقيق أهداف استعمارية بمبرر ومزاعم إعادة ما يسمى بالشرعية.. كما ان المحتل الإماراتي تعمد تغيير معالم سقطرى باقتلاع أشجار نادرة الوجود وتجنيس أبناء الجزيرة وهذا ما يؤكد خسة المشروع الاستعماري لقوى العدوان من رعاة الإبل ولصوص الصحراء.
وأضاف قائلاً :»إن هذه الخطوة التي اقدم عليها العدوان وما سبتقها من خطوات والمتمثلة باحتلال المحافظات الجنوبية تكشف عن السبب الذي جعل هذه الدول تضغط بقوة وتدفع باتجاه الأقلمة ومحاولة فرضها على الشعب اليمني لكي يسهل تجزئته وتقسيمه إلى دويلات وهو ما يلبي خدمة المخطط الإسرائيلي والامريكي التوسيعي في المنطقة العربية ويأتي هذا المخطط أيضاً لتضييق الخناق على أي صحوة عربية حرة تنفض غبار الذل والخنوع .

قد يعجبك ايضا