الأمم المتحدة في اليمن.. إعادة تقييم للتفعيل

عبدالرحمن علي الزبيب
مازلنا في اليمن ننفخ في بالونة الأمل بدور إيجابي للأمم المتحدة لإيقاف طاحونة الحرب واستبدالها بطاحونة الغذاء والدواء والاستقرار .
وبالرغم من تشاؤم عدد كبير من إننا ننفخ في قربة مخرومة وان الأمم المتحدة أصبحت تقوم بدور المتفرج لبشاعة الحرب في اليمن لكن مازال عندنا أمل أن الأمم المتحدة ستقوم بإعادة تقييم جاد ومهني لدورها في اليمن المفترض والمأمول والواقع لتفعيل دورها المنشود .
يجب أن تتوقف الأمم المتحدة لتقييم معوقات وقصور دورها في اليمن لتجاوزها في جميع المسارات وخصوصاً في المسارات التالية:
1- المسار السياسي:
مازالت الأمم المتحدة تراوح مكانها في المجال السياسي ولم تقم بدور إيجابي ملموس، حيث مازالت في المربع الأول بخطة يتم تداولها بنقل السلطة إلى نائب رئيس توافقي وانسحابات وغيرها والذي اثبت الواقع فشل هذه الخطة ووجوب مناقشة بدائل أخرى بالإمكان تحقيقها فلا يوجد شخص ينال ثقة أطراف دخلت في حرب طاحنة لمدة عامين ونتيجة وقوف الأمم المتحدة في مربع تلك الخطة فقد قامت جميع الأطراف مؤخرا بتنفيذ إجراءات أحادية الجانب لتحقيق أهدافها وتجاوزت الأمم المتحدة بسبب عدم قيام الأمم المتحدة بجهود ايجابية على أرض الواقع تؤدي إلى ثقة الأطراف بها ليس فقط كوسيط بل كمنظومة عالمية تصنع السلام وتفرض على الأطراف احترامها بقوة إرادتها وثقة العالم فيها وبالرغم من أهمية المسار السياسي لإيقاف الحرب في اليمن وصناعة السلام لكن ذلك المسار
انغلق وتوقف وتجاوزها الجميع ويستلزم على الأمم المتحدة سرعة مناقشة خطط وبدائل مبدعة وإيجابية تحظى بثقة الجميع لان هذا هو الدور المأمول للأمم المتحدة.
2- المسار الإنساني :
بتقييم جاد لدور الأمم المتحدة في حلحلة المسار الإنساني في اليمن نجد انه متوقف وشبه مشلول بسبب عدم قيام الأمم المتحدة بأي إجراءات فاعلة لإيقاف استهداف المدنيين والمنشآت المدنية والذي يستلزم القيام بخطوات صارمة تجاه أي طرف يتجاوز ذلك وإيقافه ومحاسبته دون محاباة وفي مقدمتها وجوب تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في جميع انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في اليمن .
بالإضافة إلى أهمية قيام الأمم المتحدة بإعداد وتنفيذ خطط كاملة وشاملة لتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمني لتقديم الإغاثة الإنسانية لجميع محافظات ومناطق اليمن بالرغم من إجماع جميع الأطراف على أهميتها ووجوبها لكن قصور الأمم المتحدة في تفعيل المسار الإنساني جعل من جميع الإطراف يحملون فشل المسار الإنساني إلى الطرف الآخر ويتنصل كل طرف من مسؤوليته والمفترض على الأمم المتحدة أن تخرج من مربع الحياد السلبي إلى الحياد الايجابي بإعلان خطط شاملة للإغاثة الإنسانية الكاملة ابتداءً بتجهيز مواد الإغاثة الغذائية والطبية الكافية لإشباع الاحتياج الإنساني مروراً بفرض ممرات آمنة لإيصال تلك الإغاثة وصولاً إلى توزيع تلك الإغاثة للجميع بآلية شفافة وخالية من الفساد ودون تمييز ويواكب ذلك حملة إعلامية ودبلوماسية واسعة لكشف أي طرف يعرقل جهود الإغاثة الإنسانية دون محاباة واتخاذ إجراءات رادعة وسريعة لإيقافه.
بالإضافة إلى وجوب قيام الأمم المتحدة بفصل المسار السياسي عن المسار الإنساني لأن ربطهما معاً يجعل من المسار الإنساني أداة ضغط وابتزازاً لتحريك الملف السياسي وهذا تصرف شاذ يجب أن يتوقف ويستلزم تحريك الملف المسار الإنساني بسرعة وشمولية واستقلال .
3- المسار الاقتصادي :
الورقة الاقتصادية في اليمن من المفترض أن تكون جسراً لإعادة ترميم جسور الثقة بين الأطراف لكن للأسف الشديد تحولت إلى ورقة مساومة وورقة ضغط لإركاع كل طرف للطرف الآخر والضحية
هو المواطن الضعيف الذي إذا نجا من قذائف الموت تختطف روحه قذيفة الجوع والمرض .
بالرغم من إقرار جميع الأطراف بحيادية واستقلال الاقتصاد اليمني وفي مقدمتها البنك المركزي، لكن تقصير الأمم المتحدة بالقيام بدور مستقل وحيادي فاعل لتفعيل تلك الإقرارات على أرض الواقع وإيقاف تدخلات أي طرف فاقمت من تدهور الوضع الاقتصادي الذي يؤثر بشكل كبير على جميع المسارات الأخرى السياسية والإنسانية وأصبح هناك طابور طويل من ضحايا تدهور الاقتصاد وفي مقدمة ذلك الطابور مليون وثلاثمائة ألف عائلة هي عائلات موظفي الدولة في المجال المدني والأمني والعسكري الذي توقفت مرتباتهم الشهرية في جميع مناطق ومحافظات الجمهورية منذ شهرين والأمم المتحدة لم تحرك ساكناً لإيقاف الاستخدام الخاطئ للورقة الاقتصادية بالرغم من أن هناك فرصاً وإمكانية كبيرة للأمم المتحدة للقيام بدورها خاصة وان الجميع مقتنع بتحييد الاقتصاد عن الحرب والذي بتحييده ستتوقف تلقائياً الحرب لعدم جدواها .
وفي الأخير :
نرفع آمالنا إلى منظومة الأمم المتحدة لتخفيف آلامنا ولعلها تتحقق والذي يتمثل فقط بالقيام بمسؤوليتها المدونة في ميثاق تأسيسها والذي مازال عندنا ثقة أنها يمكن أن تقوم بذلك الدور المأمول لاستعادة ثقة العالم فيها كمنظومة مستقلة وحيادية تطفئ نيران الحرب وتصنع السلام الذي بدأت للأسف الشديد تلك الثقة بالذوبان مثل كسرة بسكويت في كأس شاي ساخن .
والذي لن يتم استعادة تلك الثقة المفقودة ما لم يتم إعادة النظر في دور الأمم المتحدة في اليمن بإعادة التقييم للتفعيل.
law771553482@yahoo.com

قد يعجبك ايضا