هذر الشيطان !!
إبراهيم الحكيم
فرية أخرى ليست جديدة للنظام السعودي وترسانة إيهامه المسماة وسائل إعلام تؤكد انتهاجه التضليل والزيف وافتراء الكذب، أطلقها لاستجداء مزيد من المقاتلين وتعزيز مزاعمه الباطلة لشنه عدوانه الغاشم على بلد عربي مسلم وشعب مسالم بأنه “يدافع عن الإسلام والأراضي المقدسة والعروبة” الممتهنة بأموال نفطه والمذبوحة بفتاوى تكفيره ومفخخات فكره ودسائسه وفتنه المذهبية والطائفية.
لم تكن بنت لحظتها ولا وليدة اليوم، فرية إدعاء النظام السعودي استهداف الجيش اليمني واللجان الشعبية الأراضي المقدسة في مكة المكرمة، فقد زعم ذلك منذ بدء عدوانه، وسبق أن اطلق منذ أسبوعين على نحو مكثف ضباط مخابراته وأبواقه عبر منابر المساجد وعنابر الفضائيات وفجائر الصحافة لشن حملة كاذبة تحمل عنوان “الحوثيون يقصفون مكة” وهاشتاق : #HouthisStrikeMecca
ليس غربيا أن يعمد إعلام النظام السعودي إلى تهييج مشاعر البسطاء من عوام العالم الإسلامي ومحاولة استقطاب السذج لصفه، خصوصا وأنه قد انفق طوال عقود مئات المليارات من الدولارات لنشر فكره الديني المتطرف المكفر للمختلف عنه والمخالف له سياسيا ومذهبيا، وابتزاز حاجة الشعوب وعوزها لشراء الإتباع بعد تسميم صدورهم بالكراهية والشحناء وتطبيعهم بالفجور والبغضاء وتلويث عقولهم بالتطرف وعقيدة الاعتداء.
وليس غريبا بالمرة أن تتوالى اتوماتيكيا بيانات الشجب والاستنكار والتنديد والإدانة المبنية على مزاعم النظام السعودي من منظمات وهيئات مصنفة اسما “عربية” و”إسلامية”، لكنها فعلا تابعة له وبوصلة تمويله؛ فقد اعتادت ترديد ما يمليها عليها وتسجيل مواقف حسب الطلب موالية له، وتعامٍ على كل شروره وجرائمه بحق الإسلام والمسلمين ومجازره الدموية بحق العرب المسالمين.
جامعة الدول العربية و منظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي ومشيخة الأزهر والاتحاد الدولي لعلماء المسلمين الإخوان وغيرها من المنظمات والاتحادات التي تبنت مزاعم وأكاذيب النظام السعودي باستهداف اليمن مكة، التزمت ولا تزال تلتزم الخرس مسبق الدفع حيال مجازر تحالف العدوان السعودي المتواصل على اليمن طوال 19 شهرا، وآثار حصاره الجوي والبحري والبري لليمنيين ونشره المجاعة بطول اليمن وعرضها.
ظلت هذه المنظمات والاتحادات والجمعيات تدين وتستنكر أي رد فعل يمني مشروع دينيا وقانونيا وقبل هذا وذاك إنسانياً على جرائم عدوان غاشم وحصار ظالم وأخر ذلك إدانتها دفاع الجيش اليمني عن مياهه الإقليمية وقصفه سفينة عسكرية إماراتية غازية معتدية، وصمتها حيال مجزرة قصف طيران التحالف السعودي مجلس عزاء بالصالة الكبرى في صنعاء وإيقاعه 700 شهيد وجريح من المدنيين.
يعلم النظام السعودي ودول تحالفه ومشايخ الدفع المسبق أن “هدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم” كما جاء في الأثر النبوي، وأن اليمنيين كانوا أول من كسا الكعبة وجعل لها بابا وإقليدا (مفتاحا) وسدنة لخدمة حجيج بيت الله، وظلوا على رعايته حتى سلب منهم الأمر بالقوة واستغلال دبيب الضعف في دولتهم وتخضع الأراضي المقدسة لنظم سياسية وظفتها لاكتساب هالة قدسية زائفة وسيستها لتصفية حساباتها.
وإذا كان نظام سلمان وتحالف أنذال العربان ومن والاهم من القطعان، بعد فشل ترسانة وسائل إعلامهم في تعميم البهتان، يمهدون بهذا الهذر الشيطاني والافتراءات لمثل هذه الحماقة ويحضرون لقصف مكة أو بيت الله الحرام، فقط لتدعيم فرية عدوانهم وأنه “لحماية دين الإسلام والأراضي المقدسة والعروبة من اليمنيين – أو من يسمونهم – الحوثيين”؛ فإن مثل هذا لا يستبعده أي عاقل من هذا النظام وتحالفه بعدما بان إجرامهم بحق الأمة والدين.
لم يعد يستبعد كل ذي بصر وبصيرة أي شيء من هذه النظم بعد انتهاكها كل الحرم واقترافها ابشع صنوف الجرم، ومسخها كل القيم، وشرائها بالمال عديد الذمم، مثلما يوقن كل مؤمن بأن كيدها وتأمرها سيرتد في نحورها، فالله كفيل بذلك وفضح ما تكيد، وجعل ذلك نهاية لبغيها وآخر طغيانها في نخر ملة المسلمين وتمزيق لحمة العرب وتدمير أوطانهم ومقدراتهم وتفخيخ نسيج مجتمعاتهم بالفتن، لضمان هوانهم وإذلالهم.
لكن المثبت رغم كل محاولات تزوير الحقائق وتحوير الوقائع وتزييف الرأي العام؛ سيظل أن اليمنيين أهل الإيمان والحكمة، والمروءة والنخوة، والعزم والهمة، والبأس والقوة، بشهادة “من لا تأخذه سنة ولا نوم” رب البيت الحرام، ومن “لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى” رسول الله للعالمين؛ لم يقصفوا بعد أحياء سكنية أو مرافق مدنية سعودية، ولن ينجروا لمجاراة بغي النظام السعودي وأعوانه وسفور حقدهم أو محاكاة فجور إجرامهم، وسيظل هدف اليمنيين المشروع المنشآت العسكرية وتلك التي تمول بغيها وعدوانها.
أما مكة فإنها ولا ريب على موعد مع نصر من الله وفتح مبين، على أيدي أنصار رسول الله الأمين، ولسان حالهم حينها سيكون كما كان على لسان رسول الله وهو يقود صلى الله عليه وآله وسلم فرسانهم وجندهم : “من لزم بيته فهو آمن ومن دخل البيت الحرام فهو آمن” .. فقط أما “بيت أبي سفيان” ففيها نظر من زمان، لدى المؤرخين وكتاب السيرة، إذ ما كان رسول الله يساوي بين بيت الرحمن وبيت إنسان، كان لا يزال رمزا من رموز الشرك والبغي والطغيان.