أساس نظري لفهم وإحياء اللغة الحميرية

محمد صالح الحاضري


 -  إن أسوأ مفهوم لانقطاع النشاط الوطني التاريخي هو سقوط اللغة الحميرية داخل ظروف الاغتراب الوطني الناشئ عن عملية الانقطاع وليس إنهاء لغة انقرضت فالوطن كله سقط في براثن الاغتراب

> إن أسوأ مفهوم لانقطاع النشاط الوطني التاريخي هو سقوط اللغة الحميرية داخل ظروف الاغتراب الوطني الناشئ عن عملية الانقطاع وليس إنهاء لغة انقرضت فالوطن كله سقط في براثن الاغتراب ذلك أن اللغة الحميرية هي لغة الحميريين الوطنية تطورت على اللغة السبئية وتعتبر اللغة الحميرية هي الشكل النهائي للغة السبئية بعد اكتمال شكل الهوية الوطنية التاريخية في العصر الحميري لقد اتضح أن أساس المشكلات اليمنية المعاصرة اغترابي وتتوقف على معالجتها الجذرية العودة إلى الذات اليمنية واستئناف عملية النشاط الوطني التاريخي وذلك لن يأتي إلا باستعادة اليمن لسانها الحميري عبر مشروع وطني لإحياء اللغة الحميرية بموجب استلهام تجارب إحياء العديد من اللغات السامية وأبرزها استعادة اللغة العبرية بعد أن كانت اندثرت خلال ما بين فترتي اللغة العبرية القديمة واللغة العبرية الجديدة فتتم بناء على نظام هذه التجربة عملية إحياء اللغة الحميرية القديمة في صورة اللغة الحميرية الجديدة.
تنتمي اللغة الحميرية إلى عائلة اللغات السامية وهي لغات تشترك في قاعدة لغوية واحدة فتتبادل فيما بينها المفردة اللغوية مع تعديل على نحو مثلا أن «يحر» في العربية المعاصرة تشكيلها اللغوي في الحميرية «يحرن» ويابس «يابس» وأما «يم» كمفردة ريفة لمفردة بحر تندرج في خانة المترادفات اللغوية العامة وكذلك اللهجان اليمنية التقليدية كانت لهجات اللغة الحميرية قبل وبعد أزمة الاغتراب أن ما سبق ذكره عن المشتركات اللغوية بين لغات الشعوب السامية المتحررة من اللغة السامية الأم يشكل أساسا لفهم اللغة الحميرية انطلاقا من اللهجة اليمنية التقليدية وأن المخزون اللغوي الاحتياطي الحميري في شكل اللغة الحميرية المحكية يظهر لغير المطلعين على النظام اللغوي الحميري المستند إلى النظام العام اللغوي لعائلة اللغات السامية بأنه نظام لغوي ترادفي في إطار اللغة العربية على اعتبار أنها اللغة السائدة باليمن بعد القرن السابع للميلاد بينما الصحيح أن اللهجة اليمنية التقليدية هي اللغة الحميرية المحكية في مخزونها الاحتياطي لآلاف الكلمات الحميرية وما يظهر منها بأنه عربي هو مندرج في خانة المشترك العائلي اللغوي السامي.
كذلك فإن حميرية المهرة وسقطرى المعاصرة هي شكل لهجوي للحميرية خارج ظروف تطور اللهجة اليمنية التقليدية بعد القرن السابع للميلاد كفارق هو بين لهجات الحميرية القديمة ولهجات الحميرية المحكية المعاصرة من منظور مباشر للمخرون اللغوي يمكن على أساسه إحياء الشكل القديم للحميرية وتطويره إلى الحميرية الجديدة.
إن ثمة أساسا مركزيا لفهم اللغة الحميرية نأخذ عليه مثالا هو القبل وجمعها أقبال وهم (الزعماء الحميريون) فتعني قبل «الحكيم» من القول باعتبار الكلمة هي موضوع الحكمة وكذلك نلاحظ مثلا شكل الفارق اللغوي للمفردة الحميرية عن العربية في أن (سلبة) في الحميرية تعني (حبل) في العربية (وحنش) في الحميرية تعني (ثعبان) في العربية (وعكبار) في الحميرية تعني (فار) في العربية (وقنبر) في الحميرية تعني (اجلس) في العربية (وابسر) في الحميرية تعني (انظر) في العربية وهكذا آلاف الكلمات الحميرية تعبر عن استقلالها اللغوي كشخصية لغوية وطنية يمنية محكية فنلاحظ بأن الشين تنتهي إليها الكثير من المفردات مثل ما اشتيش ما يعجبنيش أو أحبش بدل احبك في العربية كما نلاحظ أن الأصل اللغوي للمفردة الحميرية مستقل عن بقية اللغات السامية مثل أن أصل المفردة الحميرية لايقاس على أصل المفردة العربية كونها السائدة رسميا في الواقع اليمني المعاصر ويتم تجاهل الحميرية المحكية وتقديمها على أنها عربية وكثيرا ما أدى ويؤدي ذلك إلى قياس أصل الحميرية على أصل العربية وصولا إلى نتيجة عكسية خاطئة مثل أن كرب السبئية الحميرية عند تأصيلها وفق أصل المفردة العربية تؤدي إلى معنى الكرب الضيق (الاكتئاب) بينما معناها الحقيقي هو قرب فكاف العربية هي قاف الحميرية كذلك سبأ تؤدي بالتأصيل اللغوي العربي إلى معنى السبي في الحروب بينما هناك في الحميرية معنى تأصيلي لسبأ جذوره زراعية منه السبة نسبة إلى القطعة الزراعية المروية على أساس توزيع الحول الزراعي إلى قطع صغيرة عند الري لمعالجة عدم استواء سطح التربة فيؤدي نظام السباب أو السبان إلى حفظ الماء فيها لمدة كافية لامتصاص التربة للماء دون تجمع الماء في الجزء المنخفض على حساب الجزء المرتفع وسبه بهذا المعنى اشتقاق من منظومة اشتقاقات لغوية سبأ كإسم لنظام حضارة زراعية أقرب في أصول المسميات اللغوية اليمنية القديمة مثل عدن إب الجنة أو المزرعة أو الخضراء وبالعودة إلى اختلاف المدلول اللغ

قد يعجبك ايضا