ثمن القطيعة التاريخية مع العصر الحميري

محمد صالح الحاضري


 - يتضمن تاريخ اجدادنا  الحميريين أساس محبتنا لهم واعتزازنا الشديد بهم وأنهم أفضل منا شرفا ووطنية وفي الحقيقة اعتزاز اليمني بأصوله هي ناحية تعويضية نفسيا عن اعترافه بالانحطاط الذي أوقعته فيه ظروف الاغتراب التاريخي عن  الذات اليمنية.
يتضمن تاريخ اجدادنا الحميريين أساس محبتنا لهم واعتزازنا الشديد بهم وأنهم أفضل منا شرفا ووطنية وفي الحقيقة اعتزاز اليمني بأصوله هي ناحية تعويضية نفسيا عن اعترافه بالانحطاط الذي أوقعته فيه ظروف الاغتراب التاريخي عن الذات اليمنية.
إن أساس تعلقنا بتاريخ العصر الحميري بقدر ما هو طبيعي عند الوطنيين اليمنيين فإنه يأتي أيضا من واقع المقارنة لواقعنا القديم بواقعنا المعاصر كمقارنة معروضة من واقع الشعور بالاغتراب داخل عالم معاصر حديث من المفترض أن الواقع اليمني فيه متطور بالنظر إلى اتساق الواقع الحميري مع قانون التراكم من الناحية الطبيعية إذا ما لاحظنا واقع البلدان المتطورة التي جذورها التراكمية معادلة لجذورنا وقت تأسيس التراكم في العصر الحميري عندما حمروم كانت بمستوى واحد مع الصين وروما والهند واليونان وفارس ومصر إلخ فهو سؤال التطور عندنا داخل الواقع اليمني المعاصر معروض بصيغة الإجابة لمعرفتنا بالقطيعة التي حصلت بين العصر الحميري وواقعنا المعاصر.
إن الحميريين هم من أسسوا الإسلام مع النبي محمد الذي كان قضى في مكه اثني عشر عاما لم يتبعه فيها غير بضعة وسبعين شخصا إلى أن آواه ونصره أخواله الحميريون في يثرب وبدأت بهم الظاهرة الدينية والاجتماعية للإسلام قبل أن تستولي عليه قريش وتصادره وتهمش اليمنيين وتقتل زعيمهم سعد بن عبادة زعيم الأنصار وهو أساس منطقي بعد ذلك لما قام به اليمنيون من تمرد بقيادة عبهله العنسي على أساس معطيات تأكدت عند اليمنيين مائة في المائة بعد مقتل سعد بن عبادة وأسمي أول اغتيال سياسي في الإسلام فسعد بن عبادة صدمته العصبية القرشية ومصادرتها للإسلام الذي قام على تضحيات ومواقف اليمنيين فرفض سعد مبايعة قريش.
لقد قتلت قريش عبهله العنسي وقالت إن عبهلة ادعى النبوة لتشويهه بينما هو كان قاد حركة وطنية يمنية رفضت فرض الوطنية القرشية لنفسها على اليمنيين باسم الإسلام الذي سرقته منهم وهم أصحابه ومؤسسوه الشرعيون ولم يدخله القرشيون قبل وبعد فتح مكة إلا على سبيل التسليم بالأمر الواقع الذين حققه اليمنيون بقيادة النبي.
لقد استنهض عبهلة الوطنية اليمنية الحميرية في مواجهة الوطنية القرشية بعدما اظهرت الأخيرة نوايا تصفوية للوطنية اليمنية لحساب الوطنية القرشية وليس لحساب مفهوم دولة الأمة الدينية الذي بقي شعارا قرشيا لم تطبقه قريش عمليا وإنما قالوا لسعد بن عبادة أن الخلافة هي في هذا الحي من العرب يقصدون قريش ومعنى هذا أن اليمنيين استعلتهم قريش وتعاملت مع نبلهم وصدقهم بأنه عبارة عن وسيلة حولت الحميريين إلى شقاة وضحايا سالت دماؤهم في سبيل دين يتحول في النتيجة مطية قامت عليها السلطة القرشية فيتضح هنا فصل قريش لموقف عبهلة عن سياقه الموضوعي وحقيقة موقف اليمنيين من فرض العنصر الفارسي عليهم بعدما خلف باذان فيروز الديلمي وهكذا فارسي يرث فارسي على أرض اليمن الممنوعة من استنهاض وطنيتها أمام الوطنية القرشية وتشبيثها عناصر الاحتلال الفارسي في حكم الاقليم اليمني.
وكان من الطبيعي أن يستفز ذلك اليمنيين فقادهم عبهلة في ثورة وطنية ليست إلا امتدادا لموقف سعد بن عبادة الحميري فعندما قتلت قريش ومعها عناصر الاحتلال الفارسي عبهلة قائلة أنه ادعى النبوة كأسلوب لقتل الضحية وتشويهها لطمس معالم الجريمة وتبريرها وكررت نفس الطريقة مع سعد بن عبادة وقالت بأنها بقرت بطنه الجن (تكرر نفس أسلوبهم في تاريخنا المعاصر بقتل الشهيد إبراهيم الحمدي وارفاقهم بعملية القتل حكاية الفتاتين الفرنسيتين لتشويهه) وأن قريش الرسمية لم تكتف باضطهاد اليمنيين عبر تحويل نفسها إلى مركز وتحويلهم إلى هامش بل لحقتهم لعنة قريش (الهاشمية) وأئمتها وإذا اليمن ساحة قتال بين قريش الأموية وقريش الهاشمية إلى اليوم.
إن إسهام اليمنيين في قيام الإسلام يظهره كامتداد لعبقريتهم وبطولاتهم في العصر الحميري وأن ذلك ما هو إلا نتيجة تاريخية لتراكمية العصر الحميري وهذا هو التفسير المنطقي لدور اليمنيين الحاسم الذي لولاه ما كان هناك اسلام.
ولكن العصر الإسلامي القرشي همش اليمن ودفعها إلى مؤخرة الواقع التاريخي على خلفية تقييم الحكام القرشيين لأهمية الأقاليم حسب أهميتها الخراجية فنلاحظ بأنه لم يتم تشييد سد واحد أو تنفيذ مشروع نافع للمجتمع من نوع ما كان يتم تنفيذه في العصر الحميري وكل ما يهم الخليفة هو الخراج فإذا أصيبت اليمن بجفاف وضعفت كمية خراجها أرسل إليها الخليفة الجيوش فقال هارون القرشي العباسي لقائد جيشه اسمعني صراخ أهل اليمن.
فأساس واقع

قد يعجبك ايضا