علي عبدالمغني.. دينامو الثورة السبتمبرية ورائدها الأول

ونحن نعيش أفراح العيد الثالث والخمسين لثورة الـ26 من سبتمبر عام 1962م المجيدة يتبادر إلى أذهاننا ذكرْ أبطالها الميامين حيث يقف في مقدمتهم ديناموها وعقلها المْفكر الشهيد علي محمد عبد المغني الذي كان له كبير الفضل في التغيير المنشود ونقل اليمن نحو غدها الأفضل في ظل النظام الجمهوري الذي قام على أنقاض النظام الملكي.
وهنا سوف نقفْ مِليِاٍ عند سيرة هذا القائد الفذ والبطل النادر لنتملِى صفحات ناصعة من سيرته العطرة والمْشعة التي صنعتú هذا البطل الفريد .

فقد وْلدِ الشهيد علي عبدالمغني عام 1935م في قرية (المسقاة) في وادي (بنا) من مديرية السدة بمحافظة إب وكان من أوائل الشهداء في ثورة 26سبتمبر 1962م وديناموها الذي قادها من السر إلى العلن ..يْعتِبر اسمْهْ الأشهر في تاريخ الثورة اليمنية حيث يعتبره الكثير من المناضلين والثوِار القائد الفعلي لثورة 26 سبتمبر اليمنية الخالدة .
وهناك مِن يقول أنِه وْلدِ في قرية (بيت الرداعي) بمديرية السدة محافظة إب العام 1937م. .
توفي والدْه وهو في الرابعة من عمره وتلقى تعليمه الأوِلي في منطقة “نيعان” وهناك ختم القرآن في مكتب «نيعان» وهو في السابعة وأْقيمِتú له زفة طلابية من تبعان إلى بيت الرداعي وهو راكب على الحصان وأْقيمِتú الولائم والأفراح بهذه المناسبة التي حضرها السيد حسين محمد الكبسي وزير الخارجية حينذاك والذي صادف وجوده في قريته تبعان لزيارة أسرته .
تفوق دراسي
وفي عام 1946م انتقل إلى صنعاء لمواصلة دراسته. .وفي صنعاء ذهب إلى منزل حسين الكبسي في «بستان السلطان» لمساعدته بدخوله مكتب الأيتام الذي رحب به وضمه في بيته واعتبره كأحد أولاده وبعد أيام ألحقه بمكتب الأيتام وقررت لجنة الاختبارات في مكتب الأيتام أن يدخل علي عبد المغني الصف الرابع حسب مستواه وواصل دراسته بتفوق .
وفي ثورة 48م حين وصل ولي العهد أحمد يحيى حميدالدين إلى حجة ومعظم القبائل تجتمع معه وقد بدأت بالزحف على صنعاء ذهب علي عبد المغني إلى منزل السيد حسين الكبسي أحد رموز هذه الثورة فوجد عنده في المنزل الرئيس جمال جميل العراقي قائد الثورة الذي كان دائماٍ معجباٍ بذكاء علي عبد المغني فما إنú وصل وسلم عليهما حتى دعاه الرئيس جمال جميل وأجلسه بجانبه وسأله فيما تكون السعادة¿ فأجابه علي عبد المغني بسرعة وبدون تردد: (السعادة تكون في الحرية) فضمِهْ جمال جميل إلى صدره وقال وهو ينظر إليه بتأمل كبير: «لو فشلت ثورتنا لا سمح الله فهذا الشبل هو الذي سيسحقهم ويكمل ما بدأناه». .
هكذا كان تفاؤل الرئيس جمال جميل بـ علي عبد المغني رغم صغر سنه فهو حينذاك كان لا يتجاوز الحادية عشرة من عمره .
وقد قام الرئيس جمال جميل (كلمة رئيس هي رتبة عسكرية توازي رتبة الرائد) بإعطاء علي عبد المغني «ألف ريال فرانصي» من العْمúلِة الفضية ماري تريزا وقال له هذا المبلغ لك جائزة وعليك أنú تهتم بالعلم ولا يشغلك عن التعليم شيء .
وبفشل ثورة (48م) واعتلاء الإمام أحمد عرش الإمامة والقبض على الثوِار وإيداعهم السجونِ في صنعاء وحجة حيث أمر بإعدامهم وكان منهم الرئيس جمال جميل الذي كان في سجن القلعة بصنعاء وأمر بإعدامه في ميدان شرارة (ميدان التحرير) حالياٍ وقد قال قبل إعدامه للإمام والحاضرين: «لقد حبِلناها وستلد». .
وفعلاٍ كان أمل جمال جميل في محله فقد تم على يد علي عبد المغني سحق عرش الملكية وانبلاج نور الحرية والجمهورية بالثورة السبتمبرية الخالدة وتحقق النصر الذي كان يريده الشهيدان جمال جميل وحسين الكبسي .
استلم علي عبد المغني «الألف ريال الفضي» وأودعه عند شخص أمين هو عبده قاسم من قرية هجارة مديرية السدة محافظة إب كان عنده بيت وفرن للخبز في باب «السباح» بصنعاء وكان يأخذ منه ريالين في كل شهر مصاريف جيب ويأخذ ما يحتاجه من ملابس وغيره وكان يساعد زملاءه الطلبة الأيتام المحتاجين .
وظل هذا المبلغ معه يصرف منه طوال سنوات الدراسة كان يلبس أغلى الثياب محافظاٍ على مظهره دائماٍº وكان يقضي وقته في التعليم وطلب العلم يطالع أي كتاب يقع في يده محافظاٍ على الصلوات في أوقاتها وتلاوة القرآن الكريم كل يوم .
أكمل دراسته في مكتب الأيتام وانتقل إلى المدرسة المتوسطة التي درس فيها ثلاث سنوات بتفوق وانتقل بعدها إلى الثانوية وكان نظام الدراسة في المدرسة الثانوية أربع سنوات .
مدير بالإنابة
 في سنة ثالث ثانوي تْوفى مديرْ المدرسة وأجمع المْدرسون والطلبةْ على أنú يقوم علي عبد المغني بأعمال مدير المدرسة لأنه كان رئيس المدرسة الثانوية والمتصرف بشؤون الطلبة ووافقت وزارة المعارف (التربية والتعليم) على ذلك .
وفي السنة الرابعة دْمجِتú المدرسة التحضيرية مع المدرسة الثانوية وتعين علي عبدالكريم الفضيل مدير التحضيرية سابقاٍ مديراٍ للمدرسة الثانوية بعد الدمج وتخرج علي عبد المغني من المدرسة الثانوية في ذلك العام وطلع الأول بامتياز كما هو شأنه في مراحل دراسته من مكتب الأيتام والمتوسطة والثانوية وهو الأول بامتياز كل سنة. .
وأقامتú وزارة المعارف حفل تخرج وألقى علي عبد المغني كلمة الخريجين وأْعجبِ الحاضرون ببلاغة كلامه وفصاحة لسانه وعند توزيع الجوائز تسلم جائزته وشهادته وأعطاه ولي العهد محمد البدر قلمه الذهبي فيما أعطاه وزير المعارف الحسن بن علي ساعة يد نوع أوميغا ذهب وعينه سكرتيره الخاص بالوزارة .
في عام 1957م فتحت الكلية الحربية باب القبول لأول دفعة باليمن تنتخب من بين طلاب المدارس العلمية والثانوية والمتوسطة وتقدم لها مجموعة من بينهم محمد مطهر زيد وهذه الدفعة هي المعروفة باسم دفعة محمد مطهر ولم يتقدم علي عبد المغني فقد كان يأمل أنú يحصل على منحة دراسية إلى الخارج .
وفي العام الثاني 1958م فتحت الكلية الحربية باب القبول لدفعة ثانية وتقدم علي عبد المغني للالتحاق بالكلية الحربية ضمن الدفعة الثانية المعروفة الآن باسم دفعة علي عبدالمغني وتخرج منها وطلع الأول بامتياز وأقامت الكلية الحربية حفل التخرج وألقى كلمة الخريجين وعند تسليم الجوائز والشهادات لأوائل الخريجين قام ولي العهد البدر بتسليم علي عبد المغني جائزته وشهادته وأعطاه قلمه الخاص وهو قلم من الذهب وهذا القلم هو الذي صاغ به علي عبد المغني أهداف الثورة اليمنية .
وبعد التخرج من الكلية الحربية التحق بمدرسة الأسلحة والتحق معه بهذه المدرسة خيرة الضباط من خريجي الحربية والطيران والشرطة منهم زميله ورفيق دربه محمد مطهر زيد ناجي الأشول حمود بيدر عبد الله عبد السلام صبرة أحمد الرحومي وصالح الأشول وسعد الاشول وعلي علي الحيمي وعبده قائد الكهالي ومحمد مطهر زيد وأحمد بن أحمد الكبسي وغيرهم .
وبعد تخرجه من الثانوية في شهر محرم 1376 هـ وصل الطالب علي عبدالمغني الى مدينة المخا قاصداٍ بذلك زيارة زميله الحميم الملازم أحمد محمد شرف مدير شرطة المخا وطلب مساعدته على السفر عن طريق البحر الى القاهرة لمواصلة دراسته وليلحق بزميله حسين أحمد العيني وحاول الملازم أحمد محمد شرف وبذل كل جهده من أجل ركوب علي عبدالمغني على احدى البواخر التي كانت تحمل البضائع عن طريق قناة السويس إلى أوروبا, فلم تنجح المحاولة لكنه تمكن من تسفير علي عبدالمغني عن طريق الباخرة التي كانت تنقل براميل البترول من عدن إلى المخا بصحبة أحد سائقي الباخرة المسمى محمد البورزان من أهالي تعز, الذي تعهد للأخ أحمد شرف بإيصال علي عبدالمغني إلى مكتب الأحرار بعدن, وظل هنالك مدة ثلاثة أشهر ولم يتمكن من السفر إلى القاهرة, فعاد إلى تعز وزار زميله أحمد شرف وسافر إلى صنعاء بإيمان قوي لمواصلة المسيرة .
مسقط الرأس
وبعد تخرجه من مدرسة الأسلحة وحصوله على المركز الأول بامتياز قام بزيارة لمسقط رأسه في مديرية السدة لأول مرة منذ غادرها وعمره 9 سنوات وبهذه الزيارة كان عمره 22عاماٍ ورافقه في هذه الزيارة زميله وابن عمه الملازم عبدالوارث عبد المغني الذي ألِف عن الشهيد علي عبدالمغني فيما بعد كتاباٍ صغيراٍ والملازم عبده محمد قائد الكهالي وهم خريجو الكلية الحربية وأقام عند ابن عمه وزوج أخته الشيخ صالح بن صالح عبد المغني في قرية المسقاه لمدة عشرين يوماٍ وعاد مع زملائه إلى صنعاء .
الزيارة الثانية مع نفس الزملاء في عام 1960م حيث أقام في نفس البيت الأول عند الشيخ صالح بن صالح لمدة عشرين يوماٍ. .
أمِا الزيارة الثالثة فقد كانت في عام 1961م ونزل فيها أيضاٍ عند صهره الشيخ صالح بن صالح عبد المغني ولمدة خمسة عشر يوماٍ .
وكان برنامج إجازته في البلاد في الثلاث الزيارات واحد حيث يقوم في الصباح بزيارة القرى المجاورة مثل قرية تبعان وقرية بيت الرداعي وقرية ذريد والعرش بين الأشجار والمياه وقرية حفزان وكلها قْرى متقاربة ولمركز ناحية السدة مرة في الأسبوع ويرافقه دائماٍ زميله عبدالوارث عبدالمغني وعلي محمد عبدالمغني ومجموعة من شباب الأسرة وبعد العصر يجتمع مع جميع أفراد الأسرة وأهالي قرية المسقاة للمقيل والسمرة فقد كان يطول الحديث حتى المساء .
وعندما تتاح له أية فرصة تجده مع الكتاب أوغارق في التفكير وكان يردد دائماٍ: «اللهم أسمعني إعلان الجمهورية وأموت» وقد تحقق له ذلك وسمع إعلان الجمهورية لمدة سبعة أيام ومات شهيداٍ في ميادين البطولة والإباء .
في آخر زيارة له للسدة تفقد أهله في (المسقاة) و(بيت الرداعي) و(حرية) وأقام عند والدته يومين .
وحرصاٍ عليها من أن تصلها أخبار سيئة عنه أثناء غيابه صارحها بأنه مقبل على عمل كبير هو وزملاؤه وأوصاها أن تدعو له, ألحت عليه أن يخبرها بما هو مقبل عليه ليطمئن قلبها, فسألها عن رأيها في بيت حميد الدين .
فأجابته بفطرتها النقية: “ما يقومون به لا يرضي الله ولا رسوله” وزادت بقولها: “أمرهم إلى الله” فأدركته ابتسامة عريضة وشعور عميق بالفرح ثم قال: “والله يا أمي ما تسمعي عن ولدك إلاِ ما يسر خاطرك وأما بيت حميد الدين فو الله ما يذبحوني ولن أموت إلاِ موتة الأبطال” .
ثم توجه إلى مدينة تعز وهناك قام بالاتصال بخلية الضباط الأحرار وانتقل إلى الحديدة للغرض ذاته وقيل إنه سافر إلى عدن ومن ثم عاد إلى صنعاء .
في ديسمبر 1961م كان ميلاد تنظيم الضباط الأحرار على يديه وكان معه الشهيد محمد مطهر زيد – رحمهما الله- حيث يْعتبر ثاني فرد بالتنظيم بعد علي عبدالمغني .
وبعد مشاورات ومحاولات عديدة تأسس هذا التنظيم الذي أخذ طابع السرية في عمله وتحركاته مثله كمثل الحركات التحررية الأخرى في الوطن العربي .
وكان علي عبد المغني واحدا من أبرز المؤسسين لهذا التنظيم وتولى مسؤولية إحدى خلاياه وكانت تضم عشرة أعضاء .
عاش علي عبد المغني مهموماٍ بهم الوطن يبحث عن حريته واستقلاله وهو طالب في المدرسة الثانوية وكان يسكن في غرفة صغيرة اسماها الكوخ كان يلتقي مع المثقفين والمشائخ والعلماء والطلبة وكان يحدثهم عن عظماء الرجال في العالم وما صنعوا من معجزات وكيف حرروا شعوبهم .
وينوه دائماٍ إلى ظلم الإمامة في بلادنا وكان يقول:«لولا الإمامة ما بقي المستعمر البريطاني في جنوب الوطن» .
في عام 1956م عندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثي نظِمِ علي عبدالمغني مظاهرة طلابية مهيبة هزِتú عرش الإمامة وكانت أول مظاهرة في اليمن وبسببها تم سجنه في «الرادع» مع مجموعة من زملائه الطلبة .
التنسيق للثورة
بعد تخرجه من الكلية الحربية ومدرسة الأسلحة بدأ مشواره للإعداد للثورة وأسِسِ تنظيمِ الضباط الأحرار وتواصل مع العلماء والمثقفين والمشائخ وكل الأحرار داخل اليمن وخارجها .
وفي شهر يوليو 1962م التقى بالزعيم جمال عبدالناصر على متن باخرة مصرية في البحر الأحمر بشرم الشيخ حيث تم سفره إلى هناك على ظهر الباخرة اليمنية مأرب التي كان قبطانها الرائد محمد علي عبد المغني وكان ركوبه عليها من المخا وقد رتب له لهذه الزيارة محمد عبد الواحد القائم بأعمال السفارة المصرية بصنعاء حينذاك .
وحينها حصل على وعود من الزعيم جمال عبدالناصر للدعم ولنصرة الثورة اليمنية حال قيامها .
بعد عودته من مصر نظم مظاهرة الطلبة في كل من صنعاء وتعز والحديدة في شهر أغسطس 1962م لأنه أدرك أنِ هذه المظاهرة هي الجرس الذي سيجعل جميع اليمنيين يصحون من نومهم وإذا صحا الشعب من نومه فهو القادر والمتكفل بحماية الثورة خاصة وأنِ هؤلاء الطلبة ينتمون إلى كل المناطق اليمنية .
انتهت فترة الدراسة بمدرسة الأسلحة وحاز الملازم علي عبدالمغني على الدرجة الاولى, ثم أرسل من قبل إدارة الكلية الحربية للعمل بعرضي المدفعية مع مجموعة من الضباط أمثال: الملازم محمد مطهر زيد, الملازم حمود بيدر, وآخرين, وبعد فترة أقر الطلبة المتخرجون انتداب الملازم علي محمد عبدالمغني لمراجعة ولي العهد محمد البدر الموجود آنذاك في تعز وذلك لزيادة مرتب الخريجين وصرف أسلحتهم الشخصية مثل المسدسات, فسنحت الفرصة التي كان علي عبدالمغني يحلم بها, فتوجه على بركة الله بعد ان امضى فترة بجانب زملائه قام فيها بتدريب جنود المدفعية حيث التقى في تعز فور وصوله بالزملاء الضباط من الخريجين من نفس الدفعة التي تعينت أعمالهم في تعز أمثال: ملازم علي محمد الضبعي, ملازم أحمد علي الوشلي, ملازم سعد الاشول, كما التقى بالضباط الخريجين من مدرسة الصف الذين تقرر عملهم في تعز أمثال: محمد صلاح الهمداني, كذلك التقى بالأحرار أمثال: عبدالغني علي, عبدالغني مطهر, عبدالقوي حاميم والوالد الشيخ محمد أحمد باشا والشيخ علي محمد نعمان والشيخ عبدالواسع نعمان, وآخرين من عناصر القوى الوطنية, وسنحت له الفرصة للوصول الى محل المجاهد الكبير الشيخ المناضل أمين بن حسين أبو رأس الذي كان يسكن في داره في محل قرية الحوري قريباٍ من مركز مدينة ذي سفال حيث مكث لديه مدة ثلاثة أيام وقدم للملازم علي عبدالمغني مساعدة مادية ثم عاد الى تعز .
وكان الملازم علي محمد عبدالمغني قد قدم المراجعة لولي العهد أثناء مقابلته في مقره بقصر صالة, فوافق ولي العهد على تنفيذ كل ما جاء بقائمة المتطلبات الضرورية لخريجي الكلية الحربية التي قدمها الملازم علي محمد عبدالمغني له بصفته مندوباٍ عن الخريجين وتعهد ولي العهد للملازم علي عبدالمغني بأنه سينفذ كل شيء وأمر بصرف السلاح الشخصي للخريجين .
البيان الأول
 اجتمع الملازم علي عبدالمغني مع الزملاء الخريجين الموجودين في الكلية الحربية ومدرسة الإشارة ومدرسة الأسلحة ومدرسة ضباط الصف والمستجدين في الجيش الوطني وفوج البدر وتلا على الجميع أمر ولي العهد الذي قضى بالموافقة على توفير المعاش وابلغ الجميع تحيات الزملاء الذين يعملون بلوائي الحديدة وتعز .
ثم اجتمع بصورة سرية ومكتومة مع الاخوة الضباط الذين عاهدوا الله وعاهدوه على السير في درب الإعداد والتنظيم للثورة, موضحاٍ لهم ما تم وتحقق في لقاءاته مع الاحرار في تعز والحديدة وما تم اتخاذه وإعداده مع الزملاء الخريجين الذين يعملون بتعز والحديدة, بما في ذلك الزملاء خريجو مدرسة ضباط الصف, الذين يعملون جنباٍ الى جنب مع الزملاء الخريجين بلواء الحديدة وتعز .
أعد الملازم علي عبدالمغني البيان الأول للثورة وأعد الأهداف والمبادئ الستة وتفجرت الثورة ليلة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م وتحرك الملازم علي عبدالمغني قبل المغرب وزميله ناجي محسن المسيلي بجانبه الى إدارة الهاتف وأعطى البطل حسين علي القواس وزملاءه كشفاٍ يحدد من يجب قطع تلفوناتهم وفي المقدمة تحويله قصر البشائر المقر الرئيسي للإمام محمد البدر .
عاد الملازم علي عبدالمغني الى الكلية وتحرك الساعة (الحادية عشرة والنصف) قبل منتصف الليل مع زميله الحميم الملازم محمد مطهر والملازم يحيى الفقيه والملازم محمد الثلايا ومعهم مدفع ميدان, اختار موقع الضرب بخزيمة وقام بقصف دار الشكر ودار البشائر وصد نيران الدفاع في البيوت المذكورة واسكت نيرانها وشكل مجموعات الاقتحام فتقدمت مجموعات الاقتحام لأداء مهامها دون أي دفاع, وحتى سال الدم من أذني علي عبدالمغني مدة يومين .
في صباح يوم الخميس – اليوم الأول للثورة- تحرك في دبابة الى عرضي المدفعية وفتح الباب وأطلق سراح الملازم حمود بيدر وألقى كلمة بعرضي المدفعية قائلاٍ: إن الثورة ثورة شعب يساندها أبناء الشعب, في مقدمة ذلك القوات المسلحة وقوات الأمن والقوات البحرية ثم عاد الى الكلية الحربية بعد انتهاء تلك المهمة وأرسل الشيخ محمد عبدالواسع عبدالمغني الى محطة الإذاعة لإلقاء قصيدة نشوان الحميري المشهورة بالدامغة بعد البيان الأول للثورة مباشرة .
وكان الملازم علي عبدالمغني يوم الأربعاء السابق للثورة قد أخطر بعض المشائخ الأحرار وأبنائهم بالحضور ساعة الصفر (أي ليلة الثورة) وهم من المناضلين الذين لهم رصيد ثوري ويمثل كل واحد منهم رئيس خليته في ذلك التنظيم الذي أعده علي عبدالمغني من خلال لقاءاته بهم فأدى كل واحد ممن ذكر واجبه ساعة الصفر ليلة 26 سبتمبر عام 1962م كذلك في صباح يوم الثورة أفرج عن الرهائن في حبس القلعة من أبناء المشايخ فوصلوا الى الكلية الحربية واشترك كل واحد منهم في واجب .
دفاع واستماتة
كان لعلي عبدالمغني الدور الطليعي الأول في ايقاد شعلة الثورة ليلة 26سبتمبر عام 1962م ولما تفتحت المعارك ضد الثورة منذ الأيام الأولى من قيامها حرص الضباط على أن يبقى الملازم علي عبدالمغني في صنعاء, بجانب النقيب عبداللطيف ضيف الله, والمقدم عبدالله حسين جزيلان, للتعاون مع الزعيم عبدالله السلال المنتخب رئيساٍ للجمهورية باعتبار علي عبدالمغني الرجل الأول المخطط للثورة فتسابقوا الى ميادين القتال للدفاع عن الثورة بكل شجاعة واستبسال ولكن الشهيد علي عبدالمغني لم يرض لنفسه ان يدفع بزملائه الى ميادين القتال ويجلس على كرسي يصدر إليهم الأوامر, قاتلوا واستميتوا وإنِا ها هنا قاعدون, بل قال: إن الدفاع عن الثورة يجب أن يكون من الخطوط الأمامية, حيث اشتعلت المعارك في صعدة والجوف وحريب وقعطبة ومأرب .
ولما اشتد الحصار على مأرب نهض الشهيد علي عبدالمغني من كرسيه في مجلس قيادة الثورة ليتحرك على رأس حملة عسكرية نظامية لإنقاذ مدينة مأرب نظراٍ لما لها من أهمية قصوى في نظر الثورة, وذلك لأن الشريف الهبيلي يحيك مؤامرات استعمارية لاقتطاع السهول الشرقية: مأرب, الجوبة, حريب الى إمارة بيحان في ظل الحماية البريطانية لمد عمق استراتيجي للدفاع عن الوجود البريطاني في عدن .
ولا يخفى ان الهيبلي كان يغازل بعض مشائخ المنطقة من قبل الثورة بفترة, ولما قامت الثورة الخالدة كانت الحامية العسكرية قد جربت أمورها وطلبت إرسال رواتب الأفراد الشهرية وتحركت طائرة عمودية يقودها طيارون من الاتحاد السوفيتي وعليها الملازم زين الله العامري لإيصال رواتب الجنود المتأخرة واستطلاع الموقف وذلك في اليوم الرابع من قيام الثورة .
وما إنú هبطت الطائرة على مطار مأرب الترابي, حتى أحدق بها المرتزقة الأجانب من كل جهة بعد أن غادرها الطيارون والملازم زين الله العامري مباشرة, واستولوا عليها وأحرقوها وبدأوا يهاجمون الحامية العسكرية في المدينة واستطاعوا ان يحاصروا المدينة لفرض الضغط على الحامية العسكرية للتسليم ولكن الأفراد والجنود صمدوا بإمكاناتهم المحدودة واقتضت الشرعية الدفاعية عن النفس أنú تنقذ مدينة مأرب, وقام الشهيد علي عبدالمغني بتجهيز الحملة العسكرية المؤلفة من: 56 فرداٍ من طلاب مدرسة المدفعية جناح م/ط الذين كانوا يتدربون على يد الملازم المدفعي علي عبدالمغني, 4 سرايا من الجيش الوطني, 4 عربات مصفحة 4×4, 4 سيارات نقل فرجو, مدفع ميدان عيار 76م, كما استصحب معه كل من الملازم محمد فايع, الملازم محمد عبدالخالق والملازم محمد غالب الساقي والملازم محمد حسن العمري .
هذا وقد تحركت الحملة حوالي الساعة الرابعة عصر يوم 7 أكتوبر 1962م وعند وصولها مدينة جحانة حوالي الساعة السادسة مساء أمر بالتوقف وقام الشهيد علي عبدالمغني بجمع المسؤولين العسكريين والمدنيين في مدينة جحانة وتدارس معهم الموقف لفترة لا تزيد عن ساعة واحدة, ثم أمر بمواصلة السير ليلاٍ عبر نقيل العرقوب ومنطقة الاعروش فنقيل الوتدة, وفي حوالي الساعة العاشرة صباحاٍ وصلت الحملة مركز صرواح, حيث كان في استقبالها مدير الناحية القاضي حسين العرشي وقائد السرية العسكرية من الجيش الدفاعي وأفراد السرية, وجمع غفير من مشائخ وعقال وأفراد منطقة جهم, وكلهم فرحون مبتهجون بالثورة, ثم أقام المسؤولون الحكوميون والمشائخ والأعيان مأدبة غداء كبرى للملازم علي عبدالمغني والضباط والأفراد وبعد تناول الغداء أمر الملازم علي عبدالمغني بترك الحملة, لكي لا يعطي العدو فرصة لتخريب الطريق ونصب الكمائن وقد انضم الى الحملة حوالي عشرة أفراد من أبناء صرواح بناء على رغبة الملازم علي عبدالمغني استشهد منهم اثنان في معركة باب الضيقة .
فكانت المعلومات التي جمعها عبدالمغني تشير الى احتمال كمين يعترض الحملة في منعطف يقع بين صرواح وباب الضيقة وعند مرور الحملة بهذا المنعطف رشقتها بعض العيارات النارية وحينها اتخذت الحملة وضع الاستعداد للقتال ووجهت بعض نيرانها على مصادر النيران المعادية, غير ان تلك النيران اختفت, فعادت الحملة الى وضعها السابق, وواصلت التقدم نحو مأرب وعند وصولها باب الضيقة حوالي الساعة الخامسة والنصف من يوم 8 أكتوبر سنة 1962م وقعت في الكمين المعد اعداداٍ فنياٍ وتكتيكياٍ بخبرة عسكرية فائقة حيث سقطت المصفحة الأولى في الحفرة المموهة بغصون الأشجار, ثم تلتها المصفحة الثانية, وكان الملازم علي عبدالمغني في المصفحة الثانية وهذا حسب رواية شاهد عيان وبطل من أبطال الحملة الرائد صالح الضنيني أحد الأفراد الذين كانوا يدرسون في مدرسة المدفعية جناح م/ط على يد الشهيد علي عبدالمغني .
وفعلاٍ اشتبكت القوات مع أفراد الكمين واستمرت الاشتباكات لمدة ساعتين, تكبد العدو خلالها خسائر كبيرة في الأرواح وكان الشهيد علي عبدالمغني قد حاول ان يهجم على موقع قريب منه بالقنابل اليدوية .
وعندما فتح باب المصفحة وقفز منها تحالفت عليه عدد من الطلقات, فاضت على إثرها روحه الطاهرة إلى جوار ربه شهيداٍ طاهرا .
حين علم أبو الأحرار محمد محمود الزبيري بخبر استشهاد علي عبدالمغني وهو في جحامة بخولان دمعت عيناه واستدعى المشائخ والأعيان وأعلمهم بالموقف وأخذ منهم اليمين المغلظة بالوقوف إلى جانب الثورة والجمهورية وعدم الخيانة وأخذ الثأر لروح بطل الثورة ومفجرها الشهيد الملازم علي عبدالمغني .
 قائد الثورة بشهادة رجال عظماء
*القائم بأعمال السفارة المصرية بصنعاء قبل قيام ثورة 26سبتمبر الأستاذ محمد عبدالواحد قال في تقاريره التي كان يبعث بها إلى بلاده وتوجد منها نسخة في كتاب “أسرار ووثائق الثورة اليمنية” إن علي عبدالمغني هو زعيم الضباط الأحرار وقائد الثورة .
الضباط الأحرار الذين ألفوا كتاب «أسرار ووثائق الثورة» قالوا إنِ علي عبدالمغني كان قائد التنظيم بالإجماع وهو مِن أسس التنظيم بإنشاء الخلايا التي كانت نواة التنظيم والتي كانت غير مترابطة ولا تعرف كل خلية مِن هي الخلية الأْخرى وكان علي عبدالمغني هو العامل المشترك في كل الخلايا .
رموز ثورة 26سبتمبر الذين دكوا عرش الملكية جميعهم قالوا إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة وأنه مِن كان يٍصدر الأوامر بعد الثورة ومن هؤلاء اللواء الركن حمود بيدر واللواء الركن يحيى محمد المتوكل واللواء الركن ناجي علي الأشول واللواء الركن السفير عبدالله محمد الراعي واللواء الركن علي محمد الشامي واللواء الركن حسين شرف الكبسي واللواء الركن علي عليالحيمي واللواء الركن السفير عبدالله عبدالسلام صبرة واللواء الركن حسين علي خيران واللواء الركن ناجي المسيلي واللواء الركن أحمد قائد العصري واللواء الركن محمد علي النهمي واللواء الركن هاشم صدقة واللواء الركن صالح الأشول واللواء الركن محمد عبدالله الوشلي واللواء الركن يحيى الحياسي واللواء الركن عبدالله المؤيد حيث ذكروا ذلك في عدة مناسبات ومقابلات ومقالات صحفية وتلفزيونية وإذاعية .
فيما قال الأستاذ الكبير عبدالغني مطهر إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة هو توأم جمال عبدالناصر .
والمناضل الكبير المشيرعبدالله السلال ذكرفي مذكراته – حسب علي عبدالله السلال- إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة وهو رئيس الجمهورية .
أستاذنا الكبير الأديب عبدالعزيز المقالح كتب في أكثر من مقال وفي أكثر من مناسبة أنِ علي عبدالمغني كان نابغةٍ في الأدب وفيلسوفِ الكلمة وكان يمكن أنú يكون له شأن عظيم في الأدب وغيره لكن القدر سخِرِهْ لأن يقوم بالثورة ويْحرر الوطن من ظلم الإمامة في الشمال والاستعمار في الجنوب وينقذ الشعب .
الأستاذ محمد حسنين هيكل كتب في كتابه «خريف الغضب» إنِ العقيد علي عبدالمغني قائد الثورة وقد استْشهدِ في ظروف غامضة. .
أمِا اللواء صلاح المحرزي وكيل الاستخبارات المصرية فقد تكلم عن الشهيد علي عبدالمغني ووصفه بأنِهْ قائدْ الثورة الفعلي .
أعضاء قيادة الثورة المصرية 23يوليو كمال الدين حسين وعبداللطيف بغداد وحسن إبراهيم ذكروا إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة اليمنية وأنِهْ استشهد في ظروف غامضة .
محبوب الجميع
 ** المناضل حسين شرف الكبسي قال عنه: – الحقيقة لن يستطيعوا إنصافه ولو كتبوا ما كتبوا لأن دوره كان كبيراٍ جداٍ دوراٍ ليس بسيطاٍ ولا هيناٍ فهو أول من فكر بإقامة ثورة مخخط لها مسبقاٍ وبدأ أولى خطواتها بإقناع كل الفصائل الوطنية التي كانت تحمل أفكاراٍ مغايرة بضرورة الاجتماع على كلمة واحدة ورأي واحد وقد تحقق له ذلك ودمج كافة الكيانات السياسية داخل كيان واحد استطاع من خلاله تأسيس تنظيم الضباط الأحرار الذي أقسم كل أفراده على أن نتخلى عن أي تنظيم سياسي أو حزبي وأن يكون عملناٍ داخل التنظيم من موحداٍ لإجل الوطن والفضل في ذلك يعود للشهيد علي عبد المغني الذي كان محبوباٍ لدى الجميع ولديه قدره عاليه على الإقناع وقد اقسمنا على المصحف والمسدس انا يد واحده في العمل ومواجهة الأخطار بعيداٍ عن الحزبية والعنصرية والطائفية وما إليها .
ودور علي عبد المغني تجلى في خلق هذا الاصطفاف داخل تنظم الضباط الاحرار الذي يعد هو لبنته الأولى والابتعاد بأعضائه عن العنصرية والطائفية التي كان لها تأثير كبير جدأ ما سهل لنا العمل بسرية تامة يد واحدة وصف واحد متماسك لم يستطيع أحد اختراقه أو العلم بأعضائه حتى عشية السادس والعشرين من سبتمبر 1962م حين قررنا القيام بالثورة وتغيير نظام الحكم الذي لم يعد هناك بد من القضاء عليه وإنتشال اليمن من براثنه .
علي عبد المغني كان محبوباٍ من قبل الجميع بسبب أخلاقه العاليه وتواضعه الجم إلى جانب دوره في الابتعاد بالمناضلين عن أساليب الفرقة والتشرذم .
خروج علي عبد المغني على رأس الحملة المكلفة على الملكيين والمتمردين على الثورة في مأرب هل كان بإرادته أم بتكليف من القيادة¿ الشهيد علي عبد المغني خرج يقود الحمله إلى مأرب بإرادته وتصميمه وقد حاولنا إثناءه عن ذلك ولكنه صمم بشده رغم إلحاحنا عليه وقولنا له أن القيادة والثورة بحاجة إليه وإن هناك من سيقود الحمله بدلاٍ عنه لكنه واجهنا الجميع برفض وأنا ممن حاولوا معه وقلت له:ابق هنا في القيادة فأنت مرجعنا ونحن بحاجة كبيرة إليك فقال لي:وهل تريد ياحسين أن يقولوا لي جلستم على الكراسي ونحن نقاتل¿ِ…وصمم على ذلك وخرج بالحملة على مأرب وهناك لاقاه الأجل رحمه الله .
بكاهْ عبدالناصر
 *عندما وصل أنور السادات إلى صنعاء ومعه المشير عبدالحكيم عامر قال أنه أرسلهما الزعيم جمال عبدالناصر ليعزيا الشعب اليمني باستشهاد قائد الثورة علي عبدالمغني .
وقال السادات إنِ عبدالناصر بكى عندما سمع باستشهاد علي عبدالمغني .
رئيس الجمهورية السابق المشير علي عبدالله صالح قال في أكثر من خطاب وأكثر من مناسبة إنِ علي عبدالمغني هو القائد والمخطط ومفجر ثورة 26سبتمبر .
كذلك اللواء عبداللطيف ضيف الله قال في مقابلة مع الزعيم جمال عبدالناصر في القاهرة أنا والسلال وآخرون قال لنا الزعيم جمال عبدالناصر إنِ علي عبدالمغني هو قائد الثورة الفعلي .
القيادة العليا للثورة في ساعة الصفر حين اندلاع الثورة كانت هي الممثلة والناطقة باسم الثورة وكان القائد الأعلى لها هو علي عبدالمغني وهو الذي كان يصدر القرارات والأوامر .
قصب السبق
*المناضل الشيخ عبدالعزيز الحبيشي قال عنه: أودْ أن أشيد بمِن صاغوا أهداف الثورة اليمنية والذين كانوا على قدرُ كبير من الحنكة السياسية والمعرفة بمستجدات الراهن ومتطلبات وطموحات الوطن وقدرُ عالُ من حب الوطن والإيثار فجاءتú تلك الأهداف التي صاغوها بحبات قلوبهم وعمدوهم بدمائهم الزكية مْلبيةِ لطموحات وآمال كل اليمنيين بلا استثناء .
وهنا يجب أنú نشيد بالدور المشهود في هذا الجانب للشهيد علي عبدالمغني الذي كان له قصب السبق في الإعداد لثورة سبتمبر وصياغة أهدافها والمسارعة في الانطلاق إلى ميادين البطولة والقتال لنيúل شرف الموت في سبيل رفعة ومجد هذا الوطن الحبيب .
فعليه وعلى كل الشهداء الأبرار الرحمة والمغفرة ونسأل اللهِ لهم الفردوس الأعلى فليس هناك أكثر وأصدق جوداٍ وتخليداٍ من بذل الروح في سبيل الوطن .
فيما يقول المرحوم أحمد جابر العفيف: عرفته في بداية عام1955م وهو بالمرحلة الثانوية وكانت تربطني به وزملائه روابط الشعور بالمسؤولية فقد كنت يومها مسؤولاٍ عن التعليم بالوزارة وكنت أشعر بان هذا الشاب ليس عادياٍ فهو إلى جانب امتيازه في التحصيل والخلق المتين فهو من الأبطال الذين لابد وأنú يغيروا مجرى الحياة في البلاد .
بطل الثورة
وعن شخصيته الثقافية يتحدث الدكتور عبدالعزيز المقالح ليقول: من الناس من يعيش مائة عام ثم يختفي وكأنه لم يعش يوما واحداٍ ومنهم من يعيش عشرين عاما ثم يمضي وكأنه عاش ألف عام والحياة ليست بطولها وعرضها ولاهي بالسنوات الكثيرة بل هي تلك اللحظات المليئة بالجليل والعظيم. .
والبطل الذي أتقدم بخجل لأضع زهرة على قبره المجهول كان يقول دائماٍ العمر لا يقاس بالسنين وإنما بما يصنعه الإنسان في هذه السنين ذلك هو بطل الثورة الشهيد علي عبدالمغني شاب يمني أسمر في الثانية والعشرين من عمره وقد كتب هذا الكلام وكلاما كثيراٍ رائعاٍ في مجلته الحائطية التي كان يشرف عليها عندما كان طالباٍ في المدرسة الثانوية وفي هذه المجلة الحائطية كان البطل الشهيد علي عبد المغني يكتب دراسات مكثفة وقصيرة عن شخصيات العظماء في التاريخ تحت عنوان”في المرآة” .
ويضيف المقالح: كان الشهيد ألمع زملائه ذكاءٍ وعقلا وكان قادرا على تحديد مدى وعي هؤلاء الزملاء وإمكانياتهم الذاتية وكان بالرغم من تدني الوعي السياسي في صفوف الطلاب أكثر وعياٍ من الذين يشتغلون بالسياسة وكان يتعمق بالدراسات الاقتصادية والاجتماعية كما كان شغوفاٍ بالأدب الى حد بعيد أما حبه لبلاده فكان بلا حدود .
إرادة قوية
 قال العميد المرحوم ناجي الاشول: علي عبدالمغني ظل مرتبطاٍ بمدرسته وبزملائه الطلاب وكان يقيم في غرفة في المدرسة الثانوية أطلق عليها اسم الكوخ مع نخبة من زملائه كانت فيه تعقد الندوات العملية والفكرية والسياسية ويؤمه الكثير من الشباب .
وقد كان الطلاب يتلقون تربيتهم الوطنية من واقع الحياة التعيسة والمحاطة بكل وسائل الكبت والقهر والحرمان إلا أن دور الشهيد علي عبدالمغني في هذا المضمار كان يبني الثقة بين الطلاب والتأليف بين قلوبهم ومشاعرهم ليحطم أشباح اليأس المستبدة بالنفوس..
لم يطمئن لمغريات المنصب الذي هيئه له وزير المعارف ربما كان يعتبره ضرباٍ من ضروب الشراك التي يلجأ إليها نظام الاستبداد وحين أعيد فتح الكلية الحربية بعد مجيء صفقة الأسلحة السوفيتية والتشيكية في العام 1957م تقدم للالتحاق بالكلية الحربية مجاميع من الشباب الذين رغبوا بالانخراط بالسلك العسكري برغم ما يعرفوه عن قسوة الحياة العسكرية وانحطاطها في ذاك الوقت ونجح عدد محدود من الشباب المتقدمين للتجنيد لم يكن علي عبدالمغني واحداٍ منهم ليتم قبوله في الدفعة الثانية الذي كنت أنا منهم .
وكان علي عبدالمغني ذا ذكاء خارق في الكلية الحربية الى جانب همة ونشاط كبيرين وكان يمتلك القدرة الفائقة في التأثير والإقناع فكان يعد نفسه لأمر عظيم. .
وعن تأسيس تنظيم الضباط الأحرار يقول: بالنسبة للجماعة الأولى التي دعت الى تأسيس تنظيم الضباط الأحرار فلا شك أن الشهيد علي عبدالمغني هو أول من تبنى هذه الفكرة .
العقل المفكر
* فيما أطلق عليه المناضل علي الحيمي بالعقل المفكر لثورة سبتمبر العملاقة ويقول: عندما ترأس اجتماعنا الزميل الشهيد علي عبدالمغني وفي بداية الاجتماع قمنا بأداء القسم على المصحف الكريم والمسدس وكان نصه(أقسم بالله العلي العظيم أن أعمل مخلصاٍ لأمتي وبلادي وان أفديها بدمي. . وأن لا أفشي سراٍ ولو أدى إلى إنهاء حياتي) .
رئيس الخلية
* العميد يحيى الحياسي كان عضواٍ في خلية الشهيد علي عبدالمغني وزميله في الدفعة الثانية المتخرجة من الكلية الحربية آنذاك تحدث عن مرحلة الإعداد للثورة والدور الذي لعبه الضباط الأحرار وفي مقدمتهم الشهيد علي عبدالمغني قبل قيام الثورة: كنت في خلية رئيسها علي عبد المغني مكونة من خمسة ثوار علي الحيمي وناجي المسيلي ومحمد الشراعي ويحيى الحياسي الى جانب رئيس الخلية وجميعنا ضمن الدفعة الثانية المتخرجة من الكلية الحربية عام 1960م. .
وكنا نتدارس الأوضاع مع علي عبدالمغني باعتباره رئيس الخلية وكان علي الاتصال بالعسكريين والمدنيين .
أنشطهم
 أما الكاتب البريطاني فرد هاليدي ترجمة د .محمد الرميحي فيقول: إنِ مجموعة من ضباط الجيش اليمني تتألف من أعضاء لجنة سرية من أصل أربعمائة ضابط هم الأقوياء في الجيش اليمني وقد شارك ثمانية ضباط فعلاٍ في تنفيذ الانقلاب وكان من أنشطهم ملازم عمره 25 سنة هو علي عبدالمغني ومعه المقدم عبدالله جزيلان والنقيب عبداللطيف ضيف الله .
شاب نبيل
 أما العقيد محمد عبدالله الوشلي (أحد الضباط الأربعة الذين كانوا يشكلون مجموعة الاقتحام الثانية لدار البشائر) فقد قال: وهب الله لهذا الشعب اليمني من صفوة شبابه المثقف الواعي المطلع بما يجري في هذا الكوكب فجمع شملهم ويسر لهم أسباب الثورة والنصر فكانت القناعة بحتمية الثورة وتتمثل هذه الصفوة الممتازة في الدفعة الاولى كلية حربية برئاسة محمد مطهر زيد والدفعة الثانية برئاسة الشاب النبيل الذي قد لا يولد له مثيل الشهيد علي عبد المغني .
الرمز الأبدي
 اما اللواء متقاعد صلاح الدين المحرزي احد أبرز القادة المصريين الذين عملوا في اليمن قبل الثورة وبعدها وعمل خلال الفترة من 1957م الى 1960م كبيراٍ لمعلمي البعثة العسكرية المصرية وشارك في تدريب وإعداد فوج البدر وكان له دور بارز في إقناع الإمام بفتح الكلية الحربية وعمل في الدفعة الأولى والثانية مدرساٍ للأسلحة وكان محل تقدير وإعجاب الجميع نظراٍ لكفاءته وعلاقاته الطيبة خاصة مع طلبة الكلية الذين غرس فيهم الروح الثورية للتخلص من الحكم الإمامي. .
فقال بعد ان سرد قصة الثورة اليمنية:(على ضوء ما سبق نصل الى الحقيقة التي تاهت مع قيام الثورة ومكنت الانتهازية من سرقة الثورة وهي في بدايتها من يد ابنائها وشهدائها الضباط الصغار كما سموهم في ذلك الحين وقائدهم علي عبدالمغني ولست أدري ان كان التاريخ سوف ينصف هؤلاء ام ستظل الحقيقة تحت التراب تطالب كل قلم حر ان يعطيها ولو كلمة صدق وشرف. .
ومع ذلك سيظل الشهيد على عبدالمغني وإخوانه الشهداء ضباط سبتمبر وآلاف المصريين الشهداء في قبورهم على تراب اليمن الرمز الأبدي لثورة 26 سبتمبر معجزة القرن العشرين) .
قائد الثورة
 *وعن دور الشهيد عند القيام بالثورة يقول الأستاذ يحيى المتوكل: ان القائد الحقيقي للثورة هو علي عبدالمغني وقد كلفني بعدد من المهام المتعلقة بالتنظيم كما كنت خلال اليوم الثاني والثالث للثورة أساعد في التواصل مع مسؤولي قصر السلاح لإعداد وتجهيز الأسلحة والذخائر للحملات العسكرية التي تحركت الى جبهة القتال, ثم كلفني بعدها بقيادة الحملة العسكرية الى جبهة القتال الشمالية الغربية القفلة –شهارة- وشحة. .
كان علي عبدالمغني بعد انفجار الثورة في قلب الأحداث وكانت المعارك تشتعل هنا وهناك فيقوم بتوجيه الحملات لإطفائها ويزودها بما تحتاجه من ذخائر وأسلحة ومواد تموينية, كما كان يكلف زملاءه الضباط بالتحرك الى المناطق المختلفة حسب ما يحددها هو فيزودهم بالتعليمات والمهام التي سيقومون بها وهي مهام في أغلبها قتالية. .
كنا جميع ضباط الثورة نتعامل مع الرئيس السلال بكل احترام وتقدير ونتلقى منه التعليمات وننفذها ولكننا في مهام القتال كنا نتلقى تعليماتنا مباشرة من علي عبدالمغني باعتباره المسؤول عن الشؤون العسكرية بصفة خاصة بينما تولى المشير السلال إدارة شؤون الدولة .
كنا جميعاٍ موالين للتنظيم ومؤمنين بقيادة يكون على رأسها علي عبدالمغني ولكن عند موت الإمام احمد لم يكن قد بت في هذه المسألة, ولم يكن علي عبدالمغني متحمساٍ لتحمل مسؤولية قيادة الثورة وبدأنا بالبحث عن حل وكان القرار نأتي بشخصية من خارج التنظيم, فقد كانت تدور في رؤوسنا التجربة في مصر شئنا أم أبينا, لهذا تم تكليف عبدالله جزيلان وأحمد الرحومي والرحبي للنزول الى الحديدة بهدف إقناع العميد حمود الجايفي ليكون زعيماٍ للثورة وبلغوه رسالة التنظيم وحاولوا طويلاٍ إقناعه لكنهم أخفقوا وتنصل رحمه الله من هذه المسؤولية .
وهكذا عاد الوفد الى صنعاء ليقول إنه لا فائدة من محاولة إقناع الجايفي الذي قال إنه مستعد ليكون جندياٍ للثورة لكنه ليس مستعداٍ لأن يتحمل مسؤولية قيادة الثورة ولهذا بدأنا البحث عن شخصية أخرى فوقع الاختيار على الزعيم عبدالله السلال وقد تحمسنا نحن ضباط كلية الطيران لأننا كنا من المؤيدين للسلال أكثر من الجايفي لوقوفه إلى جانبنا خلال إغلاق الإمام الكلية ومواقفه أثناء ثورة 1948م وفي رد على سؤال: لماذا ترددتم في اختيار علي عبدالمغني, لقد كنتم تبحثون عن زعيم بينكم¿ كان الرد, جاء موت الإمام أحمد المفاجئ ونحن لم نحسم الكثير من القضايا من بنيها قضية من يكون الزعيم بعد انتصار الثورة إضافة الى ذلك لم تكن لدى علي عبدالمغني الرغبة والطموح ليقول لنا أنا فنقول جميعاٍ موافقون, أضف الى ذلك كان هناك من يرى انه لابد أن يكون لدينا واجهة معروفة عند الناس حتى يقبلوا بها وهو نفس السيناريو الذي تكرر في مصر عندما اختير محمد نجيب رئيساٍ بينما رئيس الثورة جمال عبدالناصر .
تفجير
* وفي هذا الإطار يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابه سنوات الغليان الجزء الاول- 1988م وفي فقرة من حديثه عن ثورة اليمن ص 622, (صباح يوم 18 سبتمبر 1962م تسربت من اليمن أخبار تفيد ان الإمام أحمد قد مات وترددت إشاعات توحي بأنه قتل نتيجة لقيام أحد ضباط الجيش بإطلاق النار عليه وما لبثت إذاعة صنعاء ان أذاعت نبأ وفاة الإمام رسمياٍ وخلفه ابنه الأمير (محمد البدر) ولي العهد وبدت الأمور طبيعية في اليمن. .
وفي صباح يوم 26سبتمبر 1962م لم تعد الأمور طبيعية في اليمن فقد أعلنت إذاعة صنعاء صباح ذلك اليوم عن قيام انقلاب قاده العميد (عبدالله السلال) وان هذا الانقلاب استولى على السلطة بعد مقتل (البدر) في معركة مسلحة دارت على أبواب قصره في صنعاء وبعثت السفارة المصرية في اليمن ببرقية تقول فيها إن القادة الحقيقيين للثورة مجموعة من الضباط الشباب أبرزهم علي عبدالمغني” وكان التأييد الشعبي الذي حصل عليه الانقلاب من اللحظة الأولى كاسحاٍ فسجل أسرة حميد الدين لم يترك لأحد دموعاٍ يذرفها عليه داخل اليمن أو خارجه) وهذا الكلام يؤكد الدور البارز للشهيد في قيادة الثورة وتفجيرها مع رفاق نضاله الضباط الأحرار الذين حملوا رؤوسهم على اكفهم وحققوا المعجزة الكبرى والنصر المبين فكانت ثورة سبتمبر أم الثورات اليمنية للتخلص من الاستبداد ومخلفاتهما في ربوع اليمن الواحد .
شهادة الإمام البدر
 * جاء على لسان الإمام محمد البدر انه في مساء يوم 26سبتمبر 62م وقع انقلاب عسكري في اليمن بقيادة ضابط يمني صغير في الجيش يدعى علي عبدالمغني وقد قتل بعد الانقلاب وهذا أعطى العقيد عبدالله السلال الفرصة للاستيلاء على السلطة ويقول ان السلال كان صديقي الحميم وقد عينته قائد الحرس الملكي .
ويقول الدكتور سعيد محمد باذيب: وخلاف ما قيل عن ان قائد الثورة هو العقيد عبدالله السلال الذي عينه الإمام قائداٍ للحرس الملكي فإن مدبر الثورة والمخطط الرئيسي هو ضابط صغير الرتبة هو علي عبدالمغني وقال الإمام البدر انه في ليلة الانقلاب كان يترأس اجتماعاٍ لمجلس الوزراء وبعد الاجتماع حاول الضابط حسين السكري نائب العقيد السلال لشؤون أمن وحماية القصر الملكي لاغتياله من الخلف إلا ان زناد البندقية خانه واما العقيد السلال فلم يحضر الانقلاب ولم يكن موجوداٍ في القصر الملكي تلك الليلة وان مدبر الانقلاب الرئيسي وقائده فهو الضابط علي عبدالمغي .
بيان الثورة
* يشير الدكتور سلطان المعمري بالقول: لا يختلف اثنان على ان الشهيد علي عبدالمغني هو الشخص الذي أوكل إليه مهمة الاتصال والتنسيق مع السفارة المصرية بصنعاء والزعيم جمال عبدالناصر ومن عودته من تعز الى صنعاء صار الشهيد علي عبدالمغني القائد الفعلي للتنظيم وبيان الثورة وضعه الشهيد الملازم علي عبدالمغني وخطه بيده غداة الحدث العظيم .
لقد برهن ذلك الثائر المؤمن بأن الحياة عطاء وتضحية وانها ليست مناصب ومكاسب كما فعل الذين كذبوا على أنفسهم وعلى ثورتهم وخرج رحمه الله ليواجه القبائل المضللة ويقنعهم بأن الثورة هي من أجلهم لتنشئ المستشفيات وتبني المدارس ولتعيد للشعب اليمني كرامته وعزته ولكنه لم يتمكن من اقناعهم فقد كانت قلوبهم مشتاقة للمال والسلاح .
ان الشهادات لقائد ثورة 26سبتمبر
 كثيرة ومتعددة ونود الإشارة هنا الى ما كتبه اللواء أحمد قايد العصري انه في ليلة الثورة سلم الى الأخ الملازم علي عبدالمغني زنبيل مملؤ بالقنابل اليدوية الهجومية الذي كان يشتريها من قبل الثورة من عدن وثلاث عجلات ديناميت وكنا مجموعة الاقتحام وكان هو من اصدر إلينا الأوامر بالهجوم الفوري على دار البشائر وكان القائد المنظم والمنفذ والمخطط الوحيد وكنا لا نعرف إلا أوامره .
قائد ثورة 26 سبتمبر
 اما الصحفي محمد الشعيبي على الرغم ان موضوع كتابه (مؤتمر حرض ومحاولات السلام باليمن) إلا انه افرد صفحة خاصة رقم (4) عليها صورة الشهيد الملازم علي عبدالمغني كتب أدناها قائد ثورة 26سبتمبر 1962م (للعلم ان الكاتب المشار إليه احد المعاصرين للثورة وإرهاصاتها أعقبت قيام الثورة وإعلان النظام الجمهوري وشغل عدة مناصب في وزارة الإعلام الإذاعة التلفزيون وعمل مسؤولاٍ إعلامياٍ في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وعمل مع المشير السلال والفريق حسين العمري ورافقهما في مسيرة العمل والنضال داخل الوطن وخارجه .
استشهاده
يقول الاستاذ يحيى المتوكل: كان علي عبدالمغني صاحب مثالية عالية وعندما رأى انه أرسل زملاءه الى جبهات القتال واستشهد منهم من استشهد قال لماذا لا يشارك هو أيضاٍ وقام بالمغامرة غير المدروسة والتي أودت بحياته وأنا شخصياٍ لا استبعد ان يكون هناك من السياسيين والعسكريين من خارج التنظيم من كان يضيق به وربما شجعوه على الأقدام على هذه المغامرة ليتخلصوا منه أتصور هكذا وباستشهاده خسرت اليمن أحد أهم رجالات الثورة وصانعيها وهي خسارة تركت آثاراٍ سلبية على مسيرة الثورة وتوجهاتها وللإجابة عن السؤال هل كان السلال هو السبب في خروج علي عبدالمغني أم ان علي عبدالمغني خرج من نفسه إلى جبهة القتال¿ لكنني بصراحة اعتقد ان قرار الخروج يعود إلى علي عبدالمغني الذي كان يتمتع بمثالية وتجرد غير معقولين مثله مثل الشهيد محمد مطهر الذي ذهب هو الآخر ليستشهد في معركة خاسرة وهو رئيس اركان الجيش بعد مرور عامين على قيام الثورة وذلك في نظري نقطة ضعف أخرى تسجل على قيادة التنظيم بالإجابة عن سؤال هل كان هناك تكليف واضح لخروج علي عبدالمغني الى مأرب¿ يقول علمت من زملاء لي كانوا مع علي عبدالمغني عند استشهاده انه عندما عرف ان الوضع بدأ يتدهور على جبهة صرواح- مأرب وان بعض مشايخ المنطقة الذين كانوا مع الثورة نكثوا بالعهود وأيدوا الإمام قرر الخروج الى مأرب مع عدد من الضباط من ضمنهم المرحوم العميد محمد غالب الشامي والعميد محمد حسن العمري (نجل الفريق العمري(وغيرهم بهدف ضرب التمرد والسيطرة على المنطقة التي تعرف أهميتها ولم يكن معه من القوات عدا عدد من المدرعات والأفراد الذين كان معظمهم من أفراد الجيش النظامي غير المدرب على القتال وقد ضربت الحملة في كمين نصب لها في صرواح واستشهد علي عبدالمغني مع آخرين وأسر الذين نجوا من الموت وكانت معركة خاسرة في بدايتها وقتل وهو داخل المدرعة .
وللإيضاح فإن الكمين نصب في منطقة الجفينة باب الضيقة جوار سد مأرب القديم قرب مأرب وكان كميناٍ محكماٍ خطط له عسكرياٍ .
 السلال يعترف
 *يذكر ابن عم الشهيد علي عبدالمغني أن الرئيس المشير عبدالله السلال رحمه الله كان تربطه به صداقة حميمة وللأمانة أنه بعيد كل البعد عما يقوله البعض أنه تآمر وأن له يداٍ في قتل علي عبدالمغني وهذا غير صحيح فقد التقيت به عدة مرات في الثمانينات وفي إحدى هذه المرات في منطقة حده بين الأشجار ودار النقاش لأكثر من ساعتين بيننا وقال لي بنفسه يتهموننيممن تامر على قتل علي عبدالمغني وقال اقسم بالله لكني قاطعته وقلت لا تحلف وأنا مصدق لكلكلمة تقولها ثم انه روى لي قصة وقال هذا الكلام الذي سأقوله لك لم يعلم به احد إلا انا وعلي عبدالمغني وانت واستحلفك بالله ألا تقوله لأحد الا وقت اللزوم وقد أوفيت بوعدي ولم اذكره لأحد إلا الانفهو وقته قال جاءني علي عبدالمغني قبل الثورة بيومين وقال لي ستقوم الثورة وقد اخترناك رئيس مجلس قيادة الثورة فقلت انا مستعد لكن خلوني بعيد حتى تفجروا الثورة وتقضوا على الإمام قال علي عبدالمغني ادعو لنا بالتوفيق فقلت الله يوفقكم ويعينكم وصباح يوم الثورة جاءني أحمد الرحومي الى منزلي وقال علي عبدالمغني يدعوك للحضور الى قيادة الثورة الى الكلية الحربية قلت: هل قتلتم الإمام قال لا ادري قلت: أنا أسف لن استطيع الذهاب معكم ورجع وبعدها جاءني ومعه عبدالله جزيلان وقال جزيلان قال لي عبدالمغني احضر الآن ومعك مفاتيح قصر السلاح فقلت لا استطيع المجيء معكم الا بعد ان اتاكد ان الإمام قد قتل ورجعوا وبعدها جاء علي عبدالمغني ومعه آخرين الى بيتي وقال يا عبدالله الثورة قد قامت وانتهى الأمر وأنت الآن بين خيارين ان تطلع معي لتكن رئيس مجلس قيادة الثورة أو تموت الآن والبيت محاصر فقلت بدون تردد ان معك لحياة أو موت وكان إمامي العلم الملكي فأخذته دوسته بقدمي وطلعنا سوى إلى قصر السلاح وفتحنا مخازن الذخيرة وأخذنا ما نحتاجه منها .
انا عندما طلبت أن أكون بعيداٍ عن الثورة ليس خوفاٍ من الموت لكن خوفاٍ من السجن فقد سجنت في سجن حجة بعد ثورة 1948م وتعذبت عذاباٍ شديداٍ وكنت أتمنى الموت أكثر من مرة بدلاٍ من العذاب الذي كنت أواجهه .

قد يعجبك ايضا