في زمن تتكاثر فيه التحديات، وتتزاحم الفتن، ويبحث الإنسان عن منارة تهديه وسط العواصف، تبرز سلسلة دروس القصص القرآني التي يقدّمها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي خلال شهر ذي الحجة، كواحدة من أهم المحطات التربوية والفكرية التي تعيد للأمة وعيها، وتربطها بجذورها الإيمانية، وتمنحها البصيرة لمواجهة معركة الوجود والهوية.
هذه السلسلة لا تُقدَّم كمحاضرات دينية تقليدية، بل تُبنى كمنهجية قرآنية أصيلة، تُخرج القصص من دائرة التلقين الساكن، إلى ساحة الفعل الحي والتوجيه الواقعي. فالسيد القائد لا يقرأ القصص القرآني بعيون المفسرين فقط، بل يقرؤونه كقائد ومُرب، وصاحب مشروع إيماني تحرري، يستنبط من كل قصة معالم الطريق، وأسباب النصر، ووسائل النجاة.
ويقدّم قصة إبراهيم – عليه السلام – كرمز للتضحية الكاملة والانقياد المطلق لله، مثلاً يحتذى به في الصبر والثبات أمام التيارات السياسية والفكرية المتشابكة التي تعصف بالأمة اليوم.
في شهر ذي الحجة، -حيث يتجلى الإيمان في أبهى صوره، وتتجدد ذكرى التضحية والخضوع لله- تأتي هذه الدروس لترفع منسوب الوعي، وتعزز في النفوس روح العبودية والولاء لله، والثبات على الموقف الحق. فمن خلال قصص الأنبياء والصالحين، يُعاد بناء الإنسان المسلم كما أراده الله: حرًّا، شجاعًا، واعيًا، لا تغلبه شبهة، ولا تُرعبه قوة طاغية.
السيد القائد لا يتحدث إلى جمهور مستمع فقط، بل يخاطب عقل الأمة وروحها. يستخدم القصص كأداة لصياغة وعي جماعي، يربط الماضي بالحاضر، ويُقدّم النماذج القرآنية كأمثلة حية تشرح كيف يُمكن للأمة أن تنهض، وتقف في وجه المستكبرين بثقة ويقين. إن كل قصة تُروى، تُبعث معها قيمة، وكل قيمة تُفتح بها نافذة نحو موقف عملي مسؤول.
إن ما يميز هذه السلسلة عن أي خطاب ديني آخر، هو قدرتها على أن تكون صوتًا قرآنيًا معاصرًا، يستحضر التاريخ لا ليستأنس به، بل ليستخرج منه قوانين الهداية والصراع والتمكين. إنها دروس تُربي وتُسلّح، تُهذّب وتُعبّئ، وتُصنع منها رؤية متكاملة تبدأ بالإيمان وتنتهي بالتحرك.
القصص القرآني هنا ليس مجرد خطاب تربوي، بل ركيزة من ركائز مشروع قرآني كامل، يُراد له أن يُخرج الأمة من واقع التيه، ويعيد صياغتها على أساس الإيمان والعزة. وفي ظل ما تتعرض له الأمة من هجمات ناعمة وصراع شامل على الهوية والانتماء، فإن هذه السلسلة تُشكّل جبهة مقاومة فكرية وثقافية لا تقل أهمية عن الجبهات العسكرية.
إن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -في دروسه- لا يقدّم ترفًا فكريًا، بل يقدّم خريطة نجاة. وما أحوج الأمة، في هذا الزمن، إلى خطاب يعيد وصلها بالقرآن، لا ككتاب يُتلى فقط، بل كمنهج يُقاتَل به، وتُبنى على أساسه المجتمعات والدول.
في ذي الحجة، حيث تتجدد مشاهد الإيمان والتضحية، يتجدد في هذه السلسلة صوت الأنبياء، ونور الرسالة، وروح الثورة على الطغيان. إنها دعوة لأن نصغي للقرآن كما أراده الله، وكما يُجسّده السيد القائد: نداءً للوعي، وبوصلة للموقف، ووعدًا بالنصر.