الوظيفة العامة .. أمانة دينية ومسؤولية وطنية


استطلاع / أسماء حيدر البزاز –
بانتهاء إجازة عيد الأضحى المبارك تبدأ ساعات الدوام الرسمي في جميع المرافق الحكومية والخاصة , ولكن التهاون والتكاسل لدى الكثيرين لازال سيد الموقف لأدائهم الوظيفي متغافلين أو غير مدركين لفداحة إهمالهم وتقصيرهم وتغيبهم عن الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقهم .. الاستطلاع التالي يسلط الضوء على الظاهرة:

العلامة محمد الذيفاني يفيدنا بالقول : إن الوظيفة العامة أو أي عمل يوكل أي فرد القيام به من أعظم الأمانات التي حذر الإسلام من مغبة التهاون بها وتجعله عرضة للوقوع في الإثم المحرم فعِن ابúن عْمِرِ رضي الله عنه قِالِ : قِالِ رِسْولْ اللِه صِلِى اللِهْ عِلِيúه وِسِلِمِ : ” كْلْكْمú رِاعُ وِكْلْكْمú مِسúئْولَ عِنú رِعيِته , وِالرِجْلْ رِاعُ عِلِى أِهúل بِيúته وِهْوِ مِسúئْولَ عِنúهْمú وِالúمِرúأِةْ رِاعيِةَ عِلِى بِيúت بِعúلهِا وِوِلِده وِهيِ مِسúئْولِةَ عِنúهْمú وِالúعِبúدْ رِاعُ عِلِى مِال سِيده وِهْوِ مِسúئْولَ عِنúهْ , أِلا فِكْلْكْمú رِاعُ وِكْلْكْمú مِسúئْولَ عِنú رِعيِته ” . فِجِعِلúتْهْ نِظúمٍا , وِقْلúتْ : قِوúلْ النِبي الúمْصúطِفِى حْجِةَ مِقúبْولِةَ فيمِا رِوِيúنِاهْ أِميرْكْمú رِاعُ وِكْلْ امúرئُ يْسúأِلْ عِنú حِال رِعِايِاهْ وِتْسúأِلْ الúمِرúأِةْ عِنú بِعúلهِا وِالúبِعúلْ عِنúهِا يِوúمِ يِلúقِاهْ وِالúعِبúدْ مِسúئْولَ مْثِابَ عِلِى ما عنúدِهْ منú مِال مِوúلاهْ .
تبريرات واهية
يواصل حديثه: فالمسلم لا بد أن يدرك أنه في أمانة ولا يخترع التبريرات على تقصيره في أدائها بحجة أنه لا يلقى المردود الذي يوازي ثمن جهده وأتعابه أو بحجة بعض المشاكل والاشكاليات مع زملاء المهنة وأرباب العمل أو قطع إجازات لا مبرر لها غير التهرب والتلاعب بالمال العام وما لذلك من تداعيات على مصالح الناس وتضررهم وتأخر معاملاتهم وفيهم يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه رائحة الجنة )
عواقب
ومن جهته يستهل العلامة مصطفى السروري حديثه بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من ولاه الله شيئا من أمر المسلمين فاحتجب عن حاجتهم وفقيرهم احتجب الله دون حاجته) وقوله : { إذا ضيعت الأمانة انتظر الساعة } , وهذا للأسف ما نراه حادثا اليوم في أول ساعات وأيام الدوام , فمنهم من يحضر فقط للتوقيع في حوافظ التوقيع ويمضي حال سبيله حتى يتجنب الخصومات الشهرية ومنهم من يحضر بالاسم فتراه من مكتب إلى آخر يضيع ساعات يومه بالغيبة والنميمة على فلان وعلان أو بحل الكلمات المتقاطعة أو بإشاعة الخلافات والصراعات بين الموظفين والقيل والقال أي هو حضور وهمي لا مراعاة فيه لأدنى معايير المسؤولية والأمانة
أمانة وتكليف
وأضاف السروري : و من علامات الساعة عند فساد الزمان نزع الأمانة من قلوب الرجال , فعِنú حْذِيúفِةِ قِالِ : حِدِثِنِا رِسْولْ الله صلى الله عليه وسلم حِديثِيúن قِدú رِأِيúتْ أِحِدِهْمِا وِأِنِا أِنúتِظرْ الآخِرِ حِدِثِنِا:أِنِ الأِمِانِةِ نِزِلِتú في جِذúر قْلْوب الرجِال ثْمِ نِزِلِ الúقْرúآنْ فِعِلمْوا منِ الúقْرúآن وِعِلمْوا منِ السْنِة ثْمِ حِدِثِنِا عِنú رِفúع الأِمِانِة قِالِ : يِنِامْ الرِجْلْ النِوúمِةِ فِتْقúبِضْ الأِمِانِةْ من قِلúبه فِيِظِلْ أِثِرْهِا مثúلِ الúوِكúت ثْمِ يِنِامْ النِوúمِةِ فِتْقúبِضْ الأِمِانِةْ منú قِلúبه فِيِظِلْ أِثِرْهِا مثúلِ الúمِجúل كِجِمúرُ دِحúرِجúتِهْ عِلِى رجúلكِ فِنِفطِ فِتِرِاهْ مْنúتِبرٍا وِلِيúسِ فِيه شِيúءَ (ثْمِ أخِذِ حِصٍى فِدِحúرِجِهْ عِلِى رجúله) فِيْصúبحْ النِاسْ يِتِبِايِعْونِ لاِ يِكِادْ أِحِدَ يْؤِدي الأِمِانِةِ حِتِى يْقِالِ : إنِ في بِني فْلاِنُ رِجْلاٍ أِمينٍا حِتِى يْقِالِ للرِجْل : مِا أِجúلِدِهْ مِا أِظúرِفِهْ مِا أِعúقِلِهْ وِمِا في قِلúبه مثúقِالْ حِبِةُ منú خِرúدِلُ منú إيمِانُ.وِلِقِدú أِتِى عِلِيِ زِمِانَ وِمِا أْبِالي أِيِكْمú بِايِعúتْ لِئنú كِانِ مْسúلمٍا لِيِرْدِنِهْ عِلِيِ دينْهْ وِلِئنú كِانِ نِصúرِانيٍا أِوú يِهْوديٍا لِيِرْدِنِهْ عِلِيِ سِاعيه وِأِمِا الúيِوúمِ فِمِا كْنúتْ لأْبِايعِ منúكْمú إلاِ فْلاِنٍا وِفْلاِنٍا .
واجبات
العلامة محمد صبري من جانبه يقول : الأمانة أن يؤدي المرء ما عليه من واجبات على أكمل وجه سواء أكان موظفا أو عاملا أو أجيرا أو حتى طالبا دون تغيب أو إهمال متعمد فعِنú عِائشِةِ رِضيِ الله عِنúهِا : أِن النِبيِ صِلِى الله عِلِيه وسِلِم قِالِ : إنِ الله يْحبْ إذِا عِملِ أِحِدْكْمú عِمِلاٍ أِنú يْتúقنِهْ , وفي حديث : مِا منú عِبúدُ اسúتِرúعِاهْ اللهْ رِعيِةٍ فِلِمú يِحْطúهِا بنِصيحِةُ إلاِ لِمú يِجدú رِائحِةِ الúجِنِة , وقد جاءت آيات كثيرة تبين أهمية وعظمة القيام بالمسؤوليات المناطة واعتبارها من أعظم الأمانات المسئول عنها بل هي صفة مقرونة بالايمان وفي ذلك يقول المولى عز وجل : ( وِالِذينِ هْمú لأِمِانِاتهمú وِعِهúدهمú رِاعْونِ ) وقوله : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) وعِنú عِبúد الله بúن عِمúرُو أِنِ رِسْولِ الله صلى الله عليه وسلم قِالِ: أِرúبِعَ إذِا كْنِ فيكِ فِلاِ عِلِيúكِ مِا فِاتِكِ منِ الدْنúيِا : حفúظْ أِمِانِةُ وِصدúقْ حِديثُ وِحْسúنْ خِليقِةُ وِعفِةَ في طْعúمِةُ , فأول ما يفقد من الدين الأمانة و أول ما يرفع من الناس الأمانة و آخر ما يبقى من دينهم الصلاة و رب مصل لا خلاق له عند الله تعالى , ومهما كانت المبررات موجودة أو مصطنعة أمام الموظفين للغياب والتسيب الوظيفي فذلك ليس مبررا لخيانة وظيفتهم وأماناتهم بقوله صلى الله عليه وسلم : أد الأمانة إلى من ائتمنك و لا تخن من خانك وقوله أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا صدق الحديث و حفظ الأمانة و حسن الخلق و عفة مطعم .
أضبط الشعوب
وأما العلامة عبد الله العروي فقد أفادنا بالقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث إذ جاء أعرابي فقال : متى الساعة ¿ قال : ” إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ” .. مؤكداٍ إن الإهمال في الأداء الوظيفي له تداعياته على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعرقلة التطور لأي بلد , ولو وجدنا الدول الصناعية الكبرى وبحثنا عن سر تقدمها وازدهارها لوجدنا أنها من أضبط الشعوب انتظاما والتزاما بالدوام وأداء الرسالة العملية على أكمل وجه دون قصور أو ملل أو استهانة , فالأمانة والرحم ترسلان فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا ” وقوله صلوات الله عليه وآله :
خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن وصام رمضان وحج البيت إن استطاع إليه سبيلا وآتى الزكاة طيبة بها نفسه وأدى الأمانة , وقال : اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا الأمانة إذا ائتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم .
وختم العروي حديثه بقوله تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم “

قد يعجبك ايضا