كلما صعّد البائس الأمريكي من عدوانه على اليمن، كلما ازداد ثبات اليمنيين على موقفهم، ورفعوا شعاراتهم عاليا بأن لا تراجع عن مساندة المستضعفين والوقوف إلى جانب الأشقاء في فلسطين حتى تحقيق النصر ورفع الحصار عن غزة.
الحشد المليوني الذي عجّت به الساحات اليمنية أمس الأول، أكد ذلك فكان كافيا لأن يقتنع الكائن الأمريكي بأن اليمنيين قد ربطوا مصيرهم، حاضرهم ومستقبلهم بثباتهم على جملة المبادئ والقيم المستمدة من القرآن الكريم، منهج المسلمين جميعا لدنياهم وآخرتهم، وعلى ذلك يصير الثبات على مناصرة غزة مسألة دين وقيم وأخلاق وإنسانية، وهو ما لا يمكن أن يفرط به أو فيه اليمنيون، وما لا بقدرة واشنطن استيعابه فهي التي اعتادت فرض إرادتها وإجبار الآخرين على الطاعة العمياء.
الأسبوع الماضي أكد رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط على هذا الثبات مهما كانت التحديات، والجمعة نظم الشعب اليمني مسيراتهم الداعمة لغزة تحت شعار «ثابتون مع غزة.. رغم أنف الأمريكي وجرائمه»، وهو الذي يأتي عقب تصعيد أهوج وأحمق لرئيس أمريكا، في قتل المدنيين وتدمير الأعيان المدنية.
ودائما كان العدو الأمريكي يصعّد ضد الشعب اليمني وفي أكثر من مجال، إنما أبدا لم يضبُط معه أي تصعيد، ولم يحقق أي هدف استراتيجي، باستثناء السقوط أكثر في وحل الهزيمة وانكشاف العجز وضعف الحيلة.
في مسيرات أمس الأول أحبط بيان اليمنيين نفسية ترامب وكسر «هنجمته» الفارغة، بالتوازي مع الإحباط الذي تلبّسه منذ تنفيذه الهجمة الأولى على اليمن، حين تبين له انه إنما يستنزف أموال دافعي الضرائب الأمريكيين في هجمات عبثية لا طائل منها، سوى التورط أكثر في ارتكاب الجرائم.
أكثر من شهر من العدوان الأمريكي، والتكلفة زادت عن المليار دولار، فضلا عن انهيار السمعة التي كانت تُشِيع بالقوة الأمريكية الخارقة التي لا يقف أمامها شيء، وكلما استمر العدوان أكثر زادت الخسائر وزاد الانهيار لخرافة القوة العظمى في العالم.
الأمريكي رغم ذلك لا يزال يعيش حالة الوهم بقدرته فرض إرادته، فهل أتاه حديث المقاومة الفلسطينية الرافضة للاحتلال الإسرائيلي، حيث مجموعة صغير لا تزال حتى اليوم تضرب كيان العدو بصواريخها وتعطي دروسا في معنى الثبات على الحق، ولم تفلح المليارات الأمريكية في كسرها.
ما يبدو على ترامب اليوم هو أنه إنما يقاتل من باب المكابرة، وحفظ ماء الوجه، خصوصا وأنه الذي وعد الكيان الإسرائيلي وطلب منه أن يدع أمر استهداف اليمن عليه، والنتيجة اليوم تشير إلى نفس الحال الذي انتهى اليه تحالف العدوان الذي تصور أن ينتهي من مهمة تدمير اليمن خلال أسابيع، فصرنا في العام العاشر ولا يزال يحاول.
في مسيرات الجمعة، أكد أبناء الشعب اليمني عدم السماح «بالاستفراد بإخواننا في غزة من قبل الأعداء»، ودعوا إلى الاستمرار بكل قوة في التعبئة العامة والوقفات القبلية وكل الأنشطة الداعمة للشعب الفلسطيني، كما دعوا إلى استمرار تصعيد المقاطعة الاقتصادية بشكل فعال ومقاطعة كل تاجر لا يقاطع البضائع الأمريكية والإسرائيلية.
فهل يقرأ ترامب – أو هناك من يقرأ له – دلالة هذا العنفوان، والتأكيد على أن المناصرة لا تقف عند مسألة التعبير عن الثبات في الموقف وإنما الاستمرار في التحرك العملي من خلال العمليات العسكرية المؤثرة كما هو حاصل اليوم.