تنفيذ الاتفاق سيرسخ وضعا سياسيا وأمنيا واقتصاديا إيجابيا

د. العماري: الاتفاق خارطة طريق لإخراج اليمن من الأوضاع المزرية السابقة.

د. الجبر: اتفاق السلم سيرسخ مبدأ الشراكة السياسية.

د. المخلافي: الاتفاق سيؤدي إلى انتعاش اقتصادي وهدوء سياسي.

د. علاية: هو قاعدة لبناء الدولة اليمنية الحديثة الموحدة.

دعا أكاديميون إلى ضرورة وقوف جميع القوى السياسية والاجتماعية والشعبية صفا واحد لمواجهة التحديات التي قد تقف أمام تنفيذ بنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية.
وأكدوا على أهمية الاتفاق الذي جنب اليمن الانزلاق إلى الحرب الأهلية, وأعاد الأطراف السياسية المتصارعة من ساحات الاقتتال إلى طاولة الحوار والتفاوض والوفاق. مثمنين جهود وحكمة رئيس الجمهورية الأخ عبدربه منصور هادي في توقيع الاتفاق من جميع الأطراف السياسية.
وأوضحوا في تصريحات أدلوا بها لصحيفة (الثورة) أن هناك أولويات لتنفيذ الاتفاق الذي سوف يرسخ وضعا يمنيا جديدا أكثر إيجابية في الجانب السياسي والأمني والاقتصادي..كما يبينه هذا الاستطلاع فيما يلي:

كانت البداية مع أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور موسى علاية الذي أكد على أهمية اتفاق (السلم والشراكة الوطنية) في تعميد خيار السلام الذي جنب اليمن الانزلاق إلى الحروب الأهلية وتجاوز الأزمة التي كادت تعصف بالبلاد والعباد لولا حضور الحكمة اليمانية برجوع الأطراف المتصارعة إلى طاولة التفاوض والحوار بفضل حسن سياسة القيادة السياسية ممثلة في رئيس الجمهورية.. ولكن تطبيق بنود اتفاق التسوية بحاجة إلى الإرادة الجادة, وتوافر المصداقية, والتسليم بأنه لا يمكن أن يسيطر طرف على طرف آخر, والأيمان بمبدأ ومفهوم التعايش المشترك بين جميع الأطراف المتصارعة.
مؤكدا أن تطبيق بنود اتفاق التسوية سيؤدي إلى السيطرة الأمنية, وخلق إدارة عامة محترفة لإدارة مرافق الدولة ومحاربة الفساد مما سيخلق قاعدة صلبة ترتكز عليها العديد من المحركات لعجلة الاقتصاد وتحقيق النمو الاقتصادي الذي ينشده المواطن اليمني الفقير والمغلوب على أمره..وأنه لا يمكن أن نحقق تنمية اقتصادية بدون إدارة عامة فاعلة وحتى وإن توافرت موارد مالية سواء كان ذات مصادر محلية أو خارجية عن طريق المساعدات.
ودعا الدكتور علاية جميع الأطراف خاصة المتصارعة إلى نسيان الماضي والتطلع نحو المستقبل لأن الماضي انتهى ويجب أن نستفيد منه في عدم تكرار الأخطاء بأن لا نجعل مصير هذا الاتفاق مثل العديد من الاتفاقات والمفاوضات التي تمت في الماضي التي كانت عبارة عن استهلاك للوقت فقط, لذا فالفرصة سانحة للجميع لفتح صفحة جديدة من خلال الشروع وبشكل جدي في تنفيذ الاتفاق الذي يصب في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني والمحاور التسعة وصولاٍ لبناء الدولة اليمنية الحديثة الموحدة القائمة على العدل والشراكة…
انتعاش
يستقرئ الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالسلام المخلافي مآلات الأوضاع والكيفية التي ستستقر عليها بقوله: أنه من غير المجدي تطبيق بعض مناهج البحث العلمي القائمة على قراءات ارتدادية في ظل إدخال عدد من المتغيرات الافتراضية للأطلاع من خلال نتائجها على الأوضاع المتوقعة أو المتنبأ بها وذلك بسبب مستوى التداخل والتعقيد في المشهد القائم وفي مكوناته وتكويناته التي تضافرت لحظيا وتتباعد على المستوى الاستراتيجي كما هو واضح من الوهلة الأولى .. لكن وبدون الاستغراق في دقائق هذا الوضع فإنه يمكن القول: أن الخطوات القادمة سوف تسهل التنبؤ بالوضع القادم من خلال تشكيل حكومة كفاءات والإسراع لاستكمال ما تبقى من المرحلة الانتقالية وفقا لمخرجات الحوار الوطني الشامل إذا تحلي الجانب البارز في المشهد بروح التسامح وعدم الانجرار إلى ممارسات انتقامية تكون نتائجها مؤذية ومدمرة للوطن في الحاضر والمستقبل.
وحذر الدكتور المخلافي من الوضع الاقتصادي الراهن بقوله: أن اليمن يعاني اقتصاديا من اختلالات هيكلية كبيرة (على سبيل المثال) بين الإنتاج والاستهلاك بين الادخار والاستثمار .. علاوة على الاختلال في الموازنة العامة للدولة مما تسبب في اتساع البطالة وتعميم الفقر بين أكثر السكان, وأن تنفيذ الاتفاق الموقع قد يؤدي إلى حدوث انتعاش وتحسن اقتصادي والتغلب على كثير من المشكلات الراهنة خاصة إذا عملت اللجنة الاقتصادية التي ستشكل من مؤهلين وخبراء على جمع الدراسات الاقتصادية التشخيصية التي تم إعدادها من قبل بيوت ومراكز خبرة عالمية ومولت بقروض -التي سبق أن أهملت بسبب الفساد- وتعمل على ضوئها خارطة طريق تحقيق مستوى من النهوض الاقتصادي, بالإضافة إلى تشكيل فريق وطني محايد ومستقل لمراجعة الإيرادات والنفقات الحكومية وإعادة النظر في دور البنك المركزي من ناحية الأهداف والوظائف وإلغاء أي تبعية له بصفة نهائية للسلطة التنفيذية كما هو الشأن في البنوك المركزية في العالم بما يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وأوضح أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي منذ العام 1990م بدأ بالاتفاق مع الحكومة اليمنية ببرنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي لكن هذا البرنامج برغم كل ما قيل عنه فشل فشلا ذريعا بسبب قوة الفساد الذي كان مرعبا ومحميا من داخل السلطة ومن خارجها.
تفاؤل
يتفاءل المحلل السياسي والأستاذ الأكاديمي بجامعة ذمار الدكتور أمين الجبر أن اتفاق التسوية الموقع من قبل الأطراف السياسية سوف يرسخ وضعا يمنيا جديدا أكثر إيجابية وتفاعلا فعلى الصعيد السياسي سوف يتحقق عمليا مبدأ الشراكة السياسية الذي يشكل المطلب الرئيسي لكل الأطراف وبالتالي سيخلق انسجاما سياسيا نسبيا تغيب معه سياسة الإقصاء والتهميش وتترسخ في ظله ثقافة التعايش التي قوامها تشاركية في صنع القرار وعدم احتكار السلطة والثروة من أي طرف كان وتحت أي مسمى أو مبرر.. ونعتقد أن الوضع السياسي الذي ستشهده البلاد في قادم الأيام سيكون وضعا ديمقراطيا يستوعب جميع أطياف العمل السياسي دونما استثناءات وتحكمه خيارات وآليات الديمقراطية.
وقال: أنه على الصعيد الأمني ووفقا لبنود التسوية وملحقها الأمني ستشهد البلد تحسنا أمنيا واستقرارا ملحوظا خصوصا إذا ما استشعر الكل بحاجة الأمن والاستقرار وأن لا مناص من التعدد والتنوع والقبول بالآخر حيث تكمن وحدتنا في ذلك بالإضافة إلى عدم إغفال البعدين الإقليمي والدولي والذي ينبغي التعاطي معهما بقدر من الإيجابية والواقعية السياسية.. وأن ما ينطبق على الجانب السياسي والأمني ينطبق أيضاٍ على الجانب الاقتصادي باعتباره انعكاسا لهما فحيثما تتوفر الحرية السياسية والاستقرار الأمني يكون الازدهار الاقتصادي…ولكن كل ذلك مرتبط بما سترسخه النتائج المترتبة على تطبيق بنود التسوية في الواقع العملي إذا صدقت النوايا واستشعر الجميع المآلات الكارثية التي ستعصف بحاضر ومستقبل اليمن في حالة عدم تنفيذ الاتفاق لأنه ستسود الثقافة الثأرية وطغيان لغة التشفي والاستعلاء…لذا فإن الأوضاع التي سيرسخها اتفاق التسوية سياسيا وأمنيا واقتصاديا إيجابية لا محالة.
خارطة طريق
بنظرة فيها قدر عالُ من الأمل يرى الدكتور محمد العماري -عميد معهد التعليم المستمر بجامعة ذمار:
أن ما حدث من وفاق سياسي أدى إلى التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي يعد خارطة طريق لحل معظم المشاكل التي تراكمت منذ2011م, وسيترتب عليه هدوء سياسي وانتعاش اقتصادي واستقرار أمني, إذا توافرت النية الصادقة من كل الأطراف السياسية, وعملت جنبا إلى جنب مع جهود رئيس الجمهورية الذي فضل الخيارات السلمية على الحرب والقوة, وعلى الجميع أن يدرك أننا في سفينة واحدة وبأنه لابد ومن الضرورة أن يتقبل كلاٍ منا الآخر بدون إقصاء أو تهميش.. وأن يكون الولاء لله وللوطن قبل الحزب والطائفة والقبيلة.. ونعمل بكل جد مع النخب الاجتماعية والثقافية باتجاه تنفيذ الاتفاق كونه المخرج الوحيد لإخراج اليمن من الأوضاع المزرية السابقة, والارتقاء به إلى مصاف الشعوب المتحضرة.
وأردف الدكتور العماري قائلا: أن اليمنيين عبارة عن أسرة كبيرة تتعايش منذ عبق التاريخ ..لا طائفية ولا مذهبية تفرقهم, ولكن التدخلات الخارجية هي التي غرست الخلافات تحت مسوغات عدة … لذا فإن نجاح الاتفاقية مرهون بالولاء المطلق لليمن العظيم وليس لطمع في حفنة من المال المشبوه أو المناصب الزائلة..ويجب أن يقتنع الجميع بأن أمن اليمن واستقراره وتنمية موارده هو الأفضل والأجدى للجميع.

قد يعجبك ايضا