زفت البشائر الأولى إلى أبناء الشعب اليمني بإعلان سقوط الملكية وقيام الجمهورية



* كانت الكلمة الإذاعية مؤازرة للبندقية المدافعة عن الثورة والنظام الجمهوري

في ليلة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة كان للإذاعة الدور الكبير والريادي في نجاح الثورة وانتصارها ففي الوقت الذي هي تذيع شعار الجمهورية العربية اليمنية لأول مرة وتذيع البيان الأول للثورة والبرقيات الواردة من المواطنين من داخل الوطن وخارجه.
من خلال المادة التالية نتعرف على الدور الكبير الذي لعبته الإذاعة من خلال منتسبيها من أول ليلة لانطلاق شرارة الثورة ونتعرف على أهم البرامج التي لعبت دوراٍ كبيراٍ في إلهاب الحماس لدى أفراد الجيش وأبناء الوطن كافة:

نبذة تاريخية عن إذاعة صنعاء
تم إنشاء إذاعة صنعاء أواخر العام 1946 في شهر ديسمبر ابان حكم الإمام يحيى حميد الدين حينما قامت بعثة أميركية بزيارة اليمن لغرض الاستطلاع ودراسة البلد جغرافياٍ وسياسياٍ وانتهت الزيارة بإهدائهم أحد الأجهزة والذي كانت قدرته 13 كيلو وات وكانت تلك أول تجربة إذاعية في ذلك العهد مساء كل خميس ولمدة ساعة ونصف ومساء كل أحد ولمدة ساعة ونصف أيضاٍ.
وكانت البرامج كالتالي: (القرآن الكريم أحاديث دينية تواشيح ثم تقديم بعض المارشات العسكرية من الموسيقى النحاسية التي خلفها الأتراك بعد رحيلهم من اليمن بالإضافة إلى تقديم بعض الأناشيد على الهواء أخبار القصر الملكي (آنذاك) واستمر الإرسال على هذا النحو حتى عام 1948م حين أوقف البث الإذاعي عقب فشل ثورة 1948م إلى أجل غير محدد أو معلوم نظراٍ للدور الإيجابي الذي قامت به الإذاعة في مؤازرة الثوار واستمر هذا التوقف حتى عام 1957م ما عدا أسبوع في السنة كانت تفتح الإذاعة برامجها احتفاء لما يسمى بعيد النصر.
وفي العام 1957م أنشأ الإمام أحمد حميد الدين محطة إرسال إذاعية نوع جنرال اليكتريك ذو موجة قصيرة وبقدرة خرج 25 كيلو وات وبعد تجارب بدأت الإذاعة تبث برامجها مساء كل يوم ولمدة ساعتين من الساعة السابعة والربع حتى الساعة التاسعة والربع تبدأ بالقرآن الكريم عند الافتتاح ثم فواصل موسيقية عسكرية يتخللها أحاديث دينية ولمدة سنة حتى أدخلت بعض التحسينات كبرنامج سياسي ضد بريطانيا التي كانت تحتل الجنوب اليمني وبرنامج رسائل المستمعين وتطور البث حتى أصبحت فترتين فترة الظهيرة لمدة ساعتين وفترة مسائية لمدة ساعتين أيضاٍ وهكذا استمرت حتى قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة 1962م.
إذاعة صنعاء لحظة انطلاق الثورة
كان لإذاعة صنعاء الشرف في زف البشائر الأولى إلى أبناء الشعب اليمني بإعلان سقوط الملكية وقيام الجمهورية العربية اليمنية ومن ثم توالت التغطية الإذاعية لمختلف أحداث وتطورات الثورة الميدانية والسياسية منذ اللحظة الأولى لاندلاعها فكانت الكلمة الإذاعية مؤازرة للبندقية المدافعة عن الثورة والنظام الجمهوري بل كانت في بعض الأحيان أشد وقعاٍ على فلول النظام البائد التي حاولت يائسة اسكات صوت الثورة والجمهورية الذي انطلق من هذه المؤسسة الإعلامية الرائدة التي كانت تعد المنبر الإعلامي الأول والوحيد للجمهورية الوليدة.
وكان في الإذاعة كوكبة من الرواد الأوائل حملة مشاعل التنوير الذين حملوا على عاتقهم تسيير دفة العمل الإذاعي ومنهم الأستاذ عبدالله حمران الدكتور عبدالعزيز المقالح الأستاذ أحمد المروني الأستاذ أحمد الرعيني الأستاذ محمد العماري الأستاذ محمد موسى الأستاذ عبدالرحمن جحاف الأستاذ عبدالله البابلي وغيرهم من الأصوات التي تألقت وزفت البشائر الأولى لأبناء الشعب اليمني بالخلاص من النظام الكهنوتي البائد والمستبد وقيام جمهورية تحقق العدل والأمن والاستقرار.
في البيان الأول ركز الثوار على مسألة العدالة والحرية والمساواة وإزالة الفوارق بين الطبقات والملفت للنظر أنهم ركزوا على أمر آخر وهو إعادة العمل بالشريعة الإسلامية التي أماتها الأئمة بتصرفاتهم التي عمقت الفوارق الطبيعية وخلقت نوعاٍ من التفرقة بين أبناء الشعب الواحد.
الاستيلاء على الإذاعة
كانت الإذاعة أحد المواقع الاستراتيجية الهامة في العاصمة صنعاء فكان الاهتمام بها فائقاٍ وكان لابد من الحرص في توفير الضمانات الكافية للسيطرة عليها وتأمينها وساعد في ذلك العناصر الوطنية المتفاعلة مع الثورة وتأثير هذه العناصر على قادة وأفراد المفرزة العسكرية المسؤولة عن حماية الإذاعة وفي مقدمة هذه العناصر العقيد حسن العمري وكان يعمل آنذاك مديراٍ لإدارة اللاسلكي والاستاذ عبدالعزيز المقالح وعبدالوهاب جحاف وكانا يعملان في الإذاعة.
وفي الساعة الحادية عشرة من ليلة السادس والعشرين من سبتمبر الخالد صدرت أوامر التحرك وكانت القوة المكلفة باحتلال الإذاعة تتكون بحسب الخطة من دبابتين ومدرعتين ومدفعين من طراز (م ط37) على الدبابة الأولى طقمها المكون من أربعة ضباط هم: الملازم صالح الأشول (قائداٍ) والملازم مثنى الحضيري والملازم محمد الوادعي وعلي أبولحوم وعلى المدرعة الأولى عدد من الضباط ومجموعة من أفراد مدرسة الإشارة أما الضباط فهم :الملازم علي قاسم المؤيد (قائداٍ) والملازم أحمد الناصر والملازم عبدالعزيز البرطي والملازم طاهر الشهاري والملازم عبدالله ضيف الله.
وبالإضافة إلى هؤلاء: الملازم محمد النهمي والملازم علي البهلولي ويعملان على المدفعية (م ط37 ملم) يعاونهم عدد من أفراد مدرسة المدفعية.
وعند الوصول إلى الإذاعة ترجل كل من الملازم صالح الأشول والملازم علي قاسم المؤيد بعد أن فْتح باب الإذاعة والتقيا مباشرة بالعقيد حسن العمري والنقيب حسن السخيمي وكان معهما أربعة من ضباط صف مفرزة الإذاعة وعلى الفور صرخ الملازم علي قاسم المؤيد بصوت عال وألقى كلمة قصيرة نوه فيها إلى أن وحدات الجيش تحركت لتفجير الثورة ضد الطغيان الإمامي وأن على حامية الإذاعة باعتبارها جزءاٍ من هذا الجيش أن تقف معه وأكد أن الثورة هي ثورة الشعب والجيش وأن على الجميع الوقوف صفاٍ واحداٍ للتخلص من الظلم والقهر الإمامي.
بعد ذلك صرخ الملازم صالح الأشول على الضباط والجنود الذين كانوا على المدرعة بأن يتوزعوا فوراٍ بأسلحتهم على مراكز الحراسة ومنع أي شخص الاقتراب من أسوار الإذاعة واتضح أثناء الحديث مع العقيد حسن العمري والنقيب حسين السخيمي في مقر إدارة اللاسلكي أن قائد حامية الإذاعة معتصم في مبنى تابع للإذاعة كان يسكنه المهندس علي الأبيض مع أولاده وبعد فترة قصيرة انتقل كل من الملازم صالح الأشول والأخ علي أبولحوم إلى استديو المذيعين وقبل أن يصلا إليه انطلقت رصاصات في اتجاههما فأصيب الأخ علي أبولحم إصابة خفيفة وكان إطلاق الرصاص من قبل قائد الحامية وقد حاول بهذه المبادرة أن يدفع الحامية إلى المقاومة داخل الإذاعة ولكن الحامية لم تحرك ساكناٍ فخاب أمله والتزم السكينة ولما سمع قصف الدبابات لمقر الإمام البدر (دار البشائر) لجأ إلى الطابق الذي يسكنه المهندس علي الأبيض وبقي هناك حتى الصباح حيث استسلم وارسل إلى مقر القيادة.
وبعد التأكد من سلامة الموقف في الإذاعة وقد حان الوقت لأن تبدأ الإذاعة في البث بدأ البحث عن المهندسين المختصين بتشغيل الإذاعة وبعد ساعة تم العثور على الأخ عبدالله صالح الهمداني والأخ حمود هادي مراد والأخ محمد الشعيبي حيث استطاع كل من عبدالله صالح الهمداني والمهندس حمود هادي مراد بجرأة عظيمة أن يعدا كل شيء في غضون عشرين دقيقة.
البيان الأول
وفي الساعة السابعة من صباح اليوم الخالد يوم السادس والعشرين من سبتمبر 1962م بدأ الإرسال الإذاعي على الموجة المعتادة بنشيد (الله أكبر يا بلادي كبري) ليعلن على الشعب اليمني وعلى العالم بأسره ميلاد عهد يمني جديد هو عهد الثورة والانعتاق من براثنا لتخلف والعزلة والتحرر من الحكم الإمامي الكهنوتي المستبد وبدأ الملازم علي قاسم المؤيد والشباب المتواجدون في الإذاعة وهم: الأساتذة عبدالعزيز المقالح وعبدالوهاب جحاف وصالح المجاهد بإعلان بيانات الثورة وأهدافها الستة الخالدة وسارت الأمور في الإذاعة سيراٍ حسناٍ حيث أنضم إلى الأخوة المذكورين الكثير من الشباب في مقدمتهم الأساتذة محمد الفسيل وعبدالله حمران وأحمد المروني وتعاون الجميع تعاوناٍ رائعاٍ مما جعل كل شيء يسير على النحو المطلوب.
وكان إذاعة البيان الأول كالتالي: «هنا صنعاء إذاعة الجمهورية اليمنية العربية»
تستمعون الآن إلى بلاغ من القيادة العليا للجيش
بسم الله وبسم الشعب
تعلن القيادة العليا للجيش اليمني أن الجيش قد قام استجابة لإرادة الشعب بثورته المباركة ليلة الخميس 27 ربيع الثاني 1382هـ الموافق 26 سبتمبر 1962م ولما كان الجيش هو منفذ إرادة الشعب ومحقق رغبته في الحرية والعزة والكرامة فإن الجيش يعتبر في الوقت نفسه المسؤول عن شؤون البلاد حتى تتألف حكومة شعبية جمهورية مسؤولة في الوقت المناسب.
التوقيع: القيادة العليا للجيش.
ومن ثم تلي البيان التالي:
باسم الله ثم باسم الشعب اليمني الحر المستقل وباسم الجمهورية العربية اليمنية تعلن قيادة الثورة أهدافها وسياستها العامة في المجال الداخلي والمجال القومي والمجال الدولي وأهداف الثورة هي:
1- القضاء على الحكم الفردي المطلق والقضاء على النفوذ الأجنبي.
2- إنهاء الحكم الملكي وإقامة حكم جمهوري ديمقراطي إسلامي أساسه العدالة الاجتماعية لدولة تمثل الشعب وتحقق مطالبه السياسة العامة للجمهورية العربية اليمنية.
3- في المجال الداخلي:
أ- إحياء الشريعة الإسلامية الصحيحة بعد أن أماتها الحكام الطغاة الفاسدون وإزالة البغضاء والأحقاد والتفرقة السلالية المذهبية.
ب- تنظيم جماهير الشعب في تنظيم شعبي موحد يشارك في عملية البناء الثوري ويمكنها من مراقبة أجهزة الدولة مراقبة تامة يمنعها من الانحراف عن أهداف الثورة.
ت- رعاية الجيش وتنظيمه على أساس حديث ليصبح قوة لحماية الشعب وحماية الثورة.
ث- إحداث ثورة ثقافية وتعليمية تقضي على مخلفات العهد البائدة التي عمقت الجهل والتأخر الفكري.
ج- تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق نظام اجتماعي يتلاءم مع واقع شعبنا ومع روح الشريعة الإسلامية والتقاليد الوطنية الصالحة.
ح- تشجيع رأس المال الوطني على أن لا يتحول إلى احتكارات واستغلال ويحول دون سيطرة الدولة وتوجيهها لقدرات البلاد الاقتصادية.
خ- تشجيع عودة المهاجرين إلى الداخل والاستفادة من خبراتهم وأموالهم.
أهداف وسياسة الثورة في المجال القومي والعربي:
1- الإيمان بالقومية العربية والعمل على تحقيق الوحدة اليمنية الشاملة في دولة عربية واحدة وعلى أساس شعبي ديمقراطي.
2- التضامن الكامل مع جميع الدول العربية فيما تتطلبه المصلحة القومية.
3- العمل على تدعيم الجامعة العربية وزيادة فعالياتها لمصالح الأمة العربية.
4- إنشاء علاقات اقتصادية مع جميع الدول العربية بلا استثناء.
5- يأيها الموظف الصغير إنك تعمل الساعات الطوال في مقابل معاش شهري حقير لا تدري كيف تعيش به.
فشل استهداف الإذاعة
وكانت الإذاعة قد تعرضت للاستهداف في الساعة الواحدة بعد ظهر يوم الثورة من قبل الأمير علي بن يحيى حميد الدين وحراس قصري الأمير العباس والأمير الحسين وحسمت في حينه بتعاون الملازم أول عبدالله عبدالسلام صبره والملازم حسين شرف الكبسي ولما بدأت الدبابة تقصف قصر الأمير علي المسمى (دار الحمد) استسلم ورفعها راية الاستسلام وخرج من داره إلى الثوار فقادوه إلى مقر القيادة وذلك في الساعة الرابعة بعد الظهر من يوم الخميس 26 سبتمبر 1962م أما نجله الأمير الحسن بن علي فقد فر صباح ذلك اليوم إلى منطقة جدر من ضواحي صنعاء وألقْى القبض عليه هناك من قبل المواطنين.
الإذاعة في خندق الثورة
لقد كانت إذاعة صنعاء حاضرة في ميدان المعركة فقد غطت جميع أو كل المعارك التي قادها الثوار الأحرار للانتصار للثورة وللجمهورية وتعرضت الإذاعة لأخطار عديدة من قبل فلول القوى الرجعية الإمامية واشتد هذا الخطر إبان حصار السبعين يوماٍ فقد تعرضت محطات الإذاعة ومبانيها لقصف مكثف وشديد من جبال عيبان نفذته القوى الإمامية المحاصرة لصنعاء.
وفي الميدان السياسي والمدني اطلعت الإذاعة بدور بارز في إبراز الأنشطة والتطورات السياسية للدولة الوليدة والتي كانت تعد بالنسبة للشعب أمر جديد إذ لم يسمعوا بوجود من ينادي بالسلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) والفصل بين هذه السلطات وعدم جمعها في شخصية واحدة وهي شخصية الإمام الذي كان يتولى هذه السلطات فيما أصبح الآن من ينادي ومن يعمل ويسعى للفصل بين هذه السلطات ما من شأنه إقامة مؤسسات دستورية وحكومية تنفذ هذه التشريعات على أرض الواقع فكانت الإذاعة المنبر الوحيد للتواصل بين أبناء الشعب والسلطة والأخبار بما يدور خلف كراسي السلطة التي كانت منفتحة على الشعب بعكس ما كان في الماضي أيام الحكم الإمامي وكان الشعب لا يعلم عن السلطة إلا اسم الإمام.
برامج الإذاعة في الأيام الأولى
لقد واكبت إذاعة صنعاء ذلك الزخم الثوري بالعديد من البرامج الثورية التي جادت بها قرائح كوكبة من الرواد الإذاعيين حيث استقبلت الإذاعة المفكرين والأدباء والفنانين بترجمة مشاعر الجماهير وفرحتها بالثورة وترجمة أهداف الثورة ومبادئها وأهدافها عبر الأغنية الوطنية الهادفة والأنشودة الثورية والكلمة الثورية التي ترفع من الروح المعنوية للشعب وجيشه وترجمة التفاف الشعب حول الثورة ونظامه الجمهوري وبدأت الإذاعة تترجم أهداف الثورة وتعكس التفات الشعب وانتصاراته وذلك بقوالب إذاعية شيقة ومنذ أول يوم للثورة وحتى مضي 3 أشهر من قيامها كانت فترات البث الإذاعي من الساعة السادسة صباحاٍ وحتى العاشرة قبل الظهر ومن الساعة الثانية بعد الظهر إلى الساعة السادسة مساء ومن الساعة السابعة مساء إلى الرابعة بعد منتصف الليل وكان عدد العاملين 24 شخصاٍ فقط.
وفي هذا الوضع الجديد والمرحلة الجديدة وجدت الإذاعة نفسها أمام مسؤولية لا يستهان بها وركزت على عدة نقاط في مسار برامجها المختلفة منها: نسف الماضي المظلم المتخلف ترجمة أهداف ومبادئ الثورة وطموحات المستقبل رفع الروح المعنوية لقواته المسلحة اتخاذ أسلوب الحرب النفسية ضد الأعداء.
وكانت هذه البرامج لها وقت كبير في إلهاب الحماس الثوري ونقل الحقيقة عن الضرورة الملحة لقيام الثورة والخلاص من الظلم والاستبداد لقد ساقت تلك البرامج العديد من المفاهيم الثورية والرؤى والأهداف الثورية التي تلخصت وتمحورت في البرنامج العام الذي أعلنه الثوار وتتلخص في أهداف الثورة وبرنامج العمل الحكومي وصيغت كل هذه الأفكار في محتويات برامج إذاعية قدمت بقالب متميز ونكهة إذاعية صاغتها تلك الأقلام الرشيقة لكوكبة رائدة في هذا المجال ويمكننا أن نستعرض أبرز تلك البرامج:
برنامج «هذه أكاذيبهم وهذه حقائقنا» وقد كان هذا البرنامج يومي يرد على الأكاذيب التي كانت تروج لها وسائل الإعلام المعادية للثورة وكان يقدمه الأستاذ عبدالله حمران فكان يذيع مضمون الخبر أو الشائعة الكاذبة ثم يرد عليه ويدحض الأكاذيب بالكلمة المقنعة وبأسلوب إذاعي راقي واستمر لعدة سنوات.
برنامج «من المحيط إلى الخليج» كان هذا البرنامج يتناول ويجسد فكرة إعادة الوحدة العربية ويدعو لإذابة الفواصل بين أبناء الوطن العربي الواحد وإلغاء الحواجز التي اصطنعها الاستعمار واستمر لعدة سنوات وكان يقدمه الأستاذين عبدالقادر الشيباني وعبدالعزيز شايف.
برنامج «بين عهدين» كان هذا البرنامج يجري مقارنة بين العهد الإمامي (البائد) وبين العهد الجمهوري ويوضح التغيرات الإيجابية التي تحققت في عهد الثورة الخالدة.
برنامج «الصحافة في أسبوع» وهذا البرنامج كان يورد ما تناولته الصحف العربية وخاصة في ما تطرقت له بخصوص ثورة سبتمبر.
برنامج «شعب وثورة» وهو عبارة عن توضيح وسرد ما انجزته الثورة في مختلف الميادين مطعماٍ بالمادة الوثائقية المصاحبة للنشيد والموسيقى.
برنامج «بين وبينك» وهو لقاء يومي عبر الأثير كان باللهجة العامية وكان يقدمه الشاعر محمد حسين الشرفي وكان البرنامج موجه للمواطن العادي يناقش معه أحداث الساعة بأسلوب مبسط يدخل إلى قلبه وينير فكره ومدة البرنامج عشر دقائق.
برنامج «مجلة ألوان» وهو عبارة عن استعراض لأهم أحداث العالم السياسية خلال أسبوع.
برنامج «المقال الأسبوعي» للكاتب والأديب والسياسي محمد حسين هيكل وكان نقل عن صحيفة الأهرام.
البرامج الدينية
ومن البرامج الدينية: برنامج «من هدي النبوة» مدته عشر دقائق يقدم حديث نبوي من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام ويشرحه ويبسطه أمام المواطن العادي.
برنامج «من هدي الإسلام» زاوية يومية تتناول بالشرح والتفسير آيات الكتاب الكريم.
برنامج «طريق النور» زاوية أسبوعية تنظر إلى العقيدة نظرة مستنيرة وتعالج مبادئها معالجة الفرد المسلم في القرن العشرين.
برنامج «طريق الهدى» وهو عبارة عن مجلة دينية تقدم كل أسبوع تشرح للمستمع كل ما يهمه من أمور الدين على وجهها الصحيح وتبين صلاحية الدين الإسلامي في كل مجالات الحياة.
برنامج «مجلة ألوان» الدينية وهي لقاء موجز ومبسط مع المستمع حول فكرة من أفكار عقيدتنا الإسلامية.
وإلى جانب تقدم الإذاعة أحاديث دينية يومية لكبار الكتاب والعلماء لتوعية الجماهير في الناحية الدينية.
برامج المنوعات
ومن برامج المنوعات برنامج «بريد المستمعين» يقدم في الأسبوع مرتين مع إعادتين وهو عرض لكل رسائل المستمعين والإجابة عن إسئلتهم المختلفة عن الإذاعة وتقديم مساهماتهم ولاستكشاف مواهبهم وكان يعده ويقدمه عدد من الأساتذة أمثال: أحمد المأخذي يحيى المقحفي اسماعيل الكبسي عبدالقادر الشيباني عبدالعزيز شايف وغيرهم.
برنامج «مجلة ألوان الأسبوعية» برنامج ثقافي ومنوع يقدم النكتة والقصة القصيرة بشكل تمثيلي يحتوي على الطرفة والقصيدة الشعرية والمسابقات وكان يعده ويقدمه عبدالكريم سعيد الشرجبي.
وعدد من البرامج الأخر مثل برنامج «أفراح الشعب» وبرنامج «جولة الميكرفون» وبرنامج «مذكرات مواطن» وبرنامج «سهرة مع كبار المطربين».
البرامج الأدبية
ومن البرامج الأدبية برنامج «مجلة الفكر والأدب» وهذا البرنامج يتوجه بمواده إلى المثقفين يحيطهم بأخبار الفكر والأدب في الوطن العربي وفي العالم ويقدم لهم نظرات في الفكر والفلسفة والأدب وكان يكبته الشاعر الكبير عبدالله البردوني.
وكذلك برنامج «مجلة الألوان الأدبية والفلسفية وهو برنامج أسبوعي وبرنامج «من روائع الشعر» حيث يهدف إلى جذب المواطن العادي إلى منابع الثقافة وذلك عن طريق الكلمة الشعرية واللحن الموسيقي وبرنامج «أعلام العرب» وهو برنامج تمثيلي خاص يحكي قصة حياة عالم من الأعلام العرب والإسلام وما قدم في حياته من مآثر وخدمات في مجالات الحياة العديدة.
كما كتب الشاعر عبدالله البردوني عدد من البرامج وهي «مواقف أدبية» «وجوه ومرايا» «من أدب الثورة».
وعدد من البرامج التاريخية والتعليمية والرياضية والأسرية والتي تقوم بنشر الوعي المجتمعي والثقافي بين أفراد المجتمع.
ذكريات الرواد
ويستذكر عدد من رواد العمل الإذاعي والإعلامي الذين عايشوا تلك الفترة إمكانيات الإذاعة وبرامجها ودورها والجهود التي بذلت من قبل العاملين فيها حيث يقول الإذاعي عبدالعزيز شايف:
عندما قامت الثورة لم يكن هناك أي تأهيل بالنسبة لمكتبة الإذاعة أو للبرامج ولكن عبارة عن شيء خام ولكن بجهود جميع الزملاء في تلك الفترة استطاعت الإذاعة أن تغطي كل المسافات بموجب الظروف التي كانت موجودة في تلك الأيام كان هناك برنامج يقدمه الأستاذ عبدالله حمران ويكتب التعليقات وكل التحليلات السياسية وكان هناك برنامج «هكذا كنا» وبرنامج «جي نتجابر» والذي كان يقدمه الأستاذ الشاعر محمد حسين الشرفي وكان هناك برنامج «الثوار» كنت أقدمه أنا وعبدالقادر الشيباني والعديد من التمثيلات والمسلسلات التي كانت تقدم في تلك الفترة.
وبالنسبة للتمثيليات كان هناك برنامج تمثيلي بعنوان «موتى بدون قبور» وكنت اقدمه أنا وكان أول برنامج درامي يقدم في الإذاعة وشعار البرنامج كان يقول:
إلى الذين تأكل الطيور من لحومهم
وتمتص الثعابين من دمائهم
إلى الذين يحفرون قبورهم بأيديهم
ويخيطون أكفانهم بأناملهم
إلى الذين تلعنهم الملائكة
ويسخر منهم التاريخ
إليهم نقدم «موتى بدون قبور»
كان هذا البرنامج درامي تمثيلي ولم يكن هناك فرق تمثيلية متخصصة مثل هذه الأيام تقدم مثل هذه البرامج ولكن كان الزملاء هم من يعدون ويقدمون ويخرجون ويمثلون.
وكذلك كان هناك حضوراٍ للبرامج الدينية كان يقدمها الأستاذ أحمد العماري والأستاذ يحيى الدرة وغيرهم وكان هناك بريد المستمعين وكنت أنا من يقدمه والأستاذ اسماعيل الكبسي وبرنامج «صوت الشعب» كان يقدمه المرحوم محسن الجبري ولم يكن هناك مذيعات بل كنا نختار أي طالبة من طالبات المرحلة الإعدادية وكانت من أوائل الأخوات المذيعات كوكب حمود عيسى وفاتن اليوسفي وفايدة اليوسفي وفوزية غموش ونورية راجح وجميلة العزب وأيضاٍ كان هناك العديد من الزملاء الموجودين منهم الأستاذ الدكتور أحمد المأخذي والأستاذ حسن العلفي وجاء الأستاذ عبدالله القهالي وعبدالله شمسان وأحمد الرعيني ومحمد البابلي والأستاذ محمد موسى.
واستطاعت الإذاعة أن تقدم كل البرامج بإمكانيات بسيطة بتعاون مع الأخوة الخبراء العرب من جمهورية مصر العربية من بينهم الأستاذة محمد مرعي ومحمد حمزة وفؤاد فهمي وسعد غزال وأيضاٍ مذيعة هي سهير الحارثي وغيرهم من الخبراء العرب الذين استفدنا من خبراتهم.
أما الإذاعي الأستاذ عبدالله محمد شمسان فيقول:
كان للإعلام ولأذاعة دور مهم جداٍ وعظيم في بداية الثورة والدفع بانتصار الثورة لأنها واجهت تحديات كبيرة من قبل الحكم الإمامي المباد وقامت وسائل الإعلام ومن ضمنها وأهمها هي إذاعة صنعاء التي كان لها الدور الكبير والمحور لإيصال الرسائل الإعلامية المختلفة إلى مختلف المناطق وإلى مختلف والفئات إلى الجبهات وإلى المواطنين فكانت الإذاعة هي الوسيلة الوحيدة لإيصال ذلك خاصة وكنا أمام مجتمع محدودي الثقافي ونسبة الأمية عالية ومع محدودية انتشار الصحافة فكانت إذاعة صنعاء هي صوت الثورة الحقيقي في الداخل والخارج وكانت المصدر الوحيد لأخبار الثورة في الداخل والخارج وكان المذيع يؤدي دور كبير من خلال إذاعة صنعاء فبالتأكيد ومن خلال برامجها المختلفة التوعوية والتثقيفية بمبادئ ثورة 26 سبتمبر والنظام الجهوري.
فكان المجتمع مصدره الوحيد هو إذاعة صنعاء ولفترة طويلة حتى جاء التلفزيون في العام 1975م وكان دور الإذاعة مهم وحتى الآن وكانت الصوت الرئيسي والمعبر عن الشعب ليس فقط في انتصار ثورة سبتمبر العظيمة وساعدت إذاعة صنعاء مع إذاعة تعز في انتصار ثورة 14 أكتوبر.
ومن أهم البرامج كان هناك بعض التعليقات كان يتم بثها بعد نشرات الأخبار ومن أهم كتاب التعليقات ومقدميها المرحوم عبدالله حمران والدكتور عبدالعزيز المقالح.
وكان هناك برامج موجهة للثورة وللشعب اليمني لأن الثورة كانت محاطة بأعداء كثر وكانت قمة المؤامرة في حصار السبعين 1967م فإذاعة صنعاء كانت مسخرة معظم برامجها للدفاع عن الثورة حيث كانت برامجها شعبية وكان من أهمها عدد من البرامج للشاعر محمد الشرفي وللمذيع محسن الجبري.
وكانت جميعها تؤدي دوراٍ كبيراٍ باللهجة الشعبية لتمجيد انتصار ثورة سبتمبر فكانت معظم برامجها ولا زالت إلى حد الآن تؤدي دورها في التوعية والتثقيف .

قد يعجبك ايضا