توصيف مجرد من القناعات المسبقة، والتمترسات الحادثة، دون الاستعانة بمصطلحات طرفية نتداولها هو أقرب ما يكون للحقيقة، وأعني حينما نوصفهم بالمرتزقة والعملاء وأدوات العدوان، وانما تقليب في المسارات من واقع المعايشة لتفاصيل الصراع، تبدو الأزمة الأعمق التي يعاني منها الخصوم المحليون لصنعاء والتي سببت لقواعدهم وحتى لكثير من قادتهم حالة انفصام وإحباط .. وألقت بظلالها على المشهد اليمني المتشظي بلا أفق سياسي، (من وجهة نظر شخصية)، أن “حلفاءهم الإقليميين والدوليين” يمنعونهم من اتخاذ قراري الحرب أو التفاوض بشكل مستقل بما يخدم مشروعهم الداخلي، وإذا حدث وتحركت الجبهات أو المفاوضات – بإشارة ودفع خارجي – باسم الأزمة الداخلية، فهذا يأتي بناء على حسابات الحلفاء للضغط على صنعاء، وليس على حسابات وأجندة هذه الأطراف.
هذا الواقع حدث في مناسبات مختلفة خلال السنوات العشر وبشكل ملحوظ يمكن قراءته بدون تخيلات، وسيتكرر، لم يختلف الوضع، إذ من المتوقع أن تتحرك الجبهات الداخلية في ظل التوتر الإقليمي والدولي الحادث، وأعني به سعي الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها إلى كبح قرار الإسناد لغزة واستهداف السفن والمصالح الأمريكية والصهيونية، وبطبيعة الحال فإن استئناف الحرب الداخلية واستمرارها سيكون مضبوطاً برتم النتائج والتطورات الناجمة عن هذا الإسناد و بناء على مخرجاته على اختلاف مآلاتها، تلك التي تتعلق بصراع صنعاء والحلفاء مباشرة، والتي لا ولن تتوافق مع أماني وتطلعات هؤلاء الخصوم بطبيعة الحال.
يستغل الحليف خصومتهم مع النظام في صنعاء ونزواتهم للسلطة والثروة كأداة ضغط.. لا طرف يتم احترام كيانه وجمهوره ومساندة مشروعه الخاص – إن كان لهم مشروع- يسعون به للوصول إلى السلطة والحكم، وعلى هذا الطريق قام الحلفاء بتفريخهم إلى كيانات وظيفية تؤدي أدواراً قتالية وسياسية تابعة، ألغت الكيان الواحد المفترض لهم وجزأتهم حتى لا يشكلون معضلة لها مستقبلاً، كما دفعتهم في أكثر من محطة إلى اتخاذ قرارات داخلية كبيرة ومؤثرة، قبل أن تصدر التوجيهات لهم بالتراجع عنها بشكل محرج ومهين، عزلتهم بشكل خبيث عن الجمهور الذي يفترض أن يشكل لهم حاضنة، فزادت من ابتزازهم، وهذه الحقيقة الصادمة التي لا يريد خصوم الداخل تقبلها ويواصلون انكارها، نقول ذلك ليس تشفياً، وإنما استعراضا لواقع مؤسف القى بظلاله على المشهد الوطني والتصالح والتسامح والشراكة، زاد من حجم المعاناة وتأجيل الحل والتسوية وإنهاء النزاع في البلاد.. وهو ما دفع صنعاء لرفض الذهاب مع تلك القوى إلى مفاوضات لا أفق لها، وذهبت لمراكمة خياراتها الضاغطة على الأعداء الفاعلين مباشرة، وهو الطريق الوحيد الضامن لإنهاء الصراع وصناعة الحل.