الثورة / متابعات
لليوم الثاني على التوالي، تشهد منطقة وسط الخرطوم معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إذ يسعى الجيش إلى استعادة السيطرة على وسط العاصمة، الذي يُعد مركز الحكم والسياسة ويضم مقار منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخدمية والصحية، بينما تتمسك قوات الدعم السريع بمحيط المنطقة، خاصة مقر القصر الرئاسي.
يأتي ذلك وسط تقدم للجيش، الذي نجح في قطع عدد من الطرق المؤدية للقصر والسيطرة على مبان شاهقة، كان آخرها العمارة الكويتية، الواقعة على بُعد 500 متر شرق القصر.
وبحسب مراقبين، اتبع الجيش السوداني خطة مُحكمة للسيطرة على وسط الخرطوم، الذي يعج بالقناصة والكمائن، في معركة تعد من أصعب حروب المدن وتتطلب تكتيكا إستراتيجيا دقيقا.
وتمثلت الخطوة الأولى في استعادة وسط الخرطوم بعبور قوة مقاتلة لجسري النيل الأبيض والإنقاذ، الرابطين بين بحري والخرطوم، والتمركز في منطقة المقرن، رغم خطورة العملية التي نُفذت بفعالية كبيرة.
ونظرا لموقعها المكشوف، شكلت المقرن تحديا كبيرا، إذ كانت قوات الدعم السريع تتحصن في الأبنية الشاهقة، مما منحها أفضلية استهداف عناصر الجيش، ومع ذلك، تمكن الجيش من ترسيخ وجوده هناك، مستنزفا قوات الدعم السريع عبر القصف اليومي والمناوشات المستمرة، مما أرهق دفاعاتها تدريجيا، وفقا لمصدر عسكري.
كما دفع الجيش برتل “عزم الرجال” بقيادة العميد ركن أنور الزبير نحو وسط الخرطوم، وهو الرتل ذاته الذي أدار العمليات الحربية في أم درمان القديمة ونجح في استعادتها.
وخاض الجيش معركة وسط الخرطوم، التي تُعد الأكثر تعقيدا، عبر عدة محاور، فمن القيادة العامة، دفع الجيش بقواته عبر قوة أُطلق عليها “لواء النخبة الأول”، وهو تشكيل قتالي اكتسب خبرة في حرب المدن خلال مشاركته في معارك استعادة مصفاة الجيلي، ويتكون من مقاتلين من هيئة مكافحة الإرهاب بجهاز المخابرات العامة إلى جانب متطوعين يقاتلون في صفوف الجيش.
وتمكن اللواء من استعادة السيطرة على مناطق وأبنية إستراتيجية في شارعي الجامعة والسيد عبدالرحمن، من بينها مستشفى الزيتونة، الذي يعد من أطول الأبنية وسط الخرطوم، بالإضافة إلى مستشفى الخرطوم التعليمي وبرج أفريقيا.
جاء ذلك في إطار تنسيق محكم مع قوات العمل الخاص، مما مكّن الجيش من تمشيط شارع البلدية وجسر المك نمر، الذي يربط مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري.
وإلى جانب الجيش، شاركت في معارك وسط الخرطوم عدة كتائب إسناد منضوية تحت لوائه، من بينها كتيبة “البراء بن مالك”، كذلك كتيبة “الفرقان”، التي كانت من أوائل المجموعات التي تقدمت باتجاه محطة شروني للنقل.
وتشهد وسط الخرطوم ومحيط القصر الرئاسي استخداما لمجموعة واسعة من الأسلحة، الثقيلة والخفيفة على حد سواء.
وقال مصدر أمني إن قوة الدعم السريع المتمركزة في وسط الخرطوم تُقدر بحوالي كتيبة مقاتلة (500 فرد أو أكثر).
وأضاف أن الجيش نفذ، فجر أمس الخميس، ضربة جوية بواسطة المسيرات، استهدفت عددا من عناصر الدعم السريع أثناء محاولتهم الفرار من القصر، مما أدى إلى مقتل عدد منهم بدفاعات الجيش ومسيراته الانتحارية.
كما كشف المصدر عن وجود عناصر أجنبية تقاتل إلى جانب الدعم السريع في وسط الخرطوم، خاصة القناصة، مشيرا إلى أن معظمهم ينحدرون من دول مجاورة للسودان.