يوم توارى الشمس

أسماء عبدالوهاب

كأنّ وتدًا نُزع من الأرض فارتجت واضطربت وتصدّعت وأشرفت على الإنهيار.

لكن لا والذي رفع السماء بغير عمد ، فلا يزال لهذا الوتد جذورا ممتدة في الأعماق، وبراعم باسقة الأوراق تشربت نهجه وغُرست في ذات أرضه ، وعندما ذرتها الرياح أنبتت مقاومةً حيدرية تمسك الأرض من أطرافها لئلا تزول.

وليست الشمس من ستوارى يوم الثالث والعشرين من شباط ، وليست أرواحنا وأفئدتنا ومهج قلوبنا فحسب، بل عالما وكونا من العظمة والشموخ والعزة والكبرياء بكواكبه ومجراته.

بل كأنَّ السماء ستطوى من أطرافها والأرض ستطبق على أهلها.

أيُّ هولٍ عظيم وأيُّ حدثٍ أعظم !

هل سمعتم يوما أن رحم الأرض تتسع لمجرة بأكوانها وعوالمها٠

وكيف ستقوى السماوات أن تحمل هذا الثّقّل!

فكيف بحال قلوبنا وارواحنا٠

ولا والله فقدت البواكي مثلك ، وإن كادت أن تُظلم العيون وتالله لقد كدّنا أن نهلك.

لم يكن فردًا ولا حتى أمة.. بل كان إرث الأنبياء وتسابيح الملائكة وتراتيل الشهداء..

كان الكتب السماوية في بشر ، ولو كان مَلَكًا يمشي على الأرض مطمئنًا ما كان غيره على الأرض من بشر.

ويّحَ قلوبنا.

لن نكون أيتاما من بعدك فحسب ، بل الحرية والإنسانية وكل القيّم البشرية.

أبا هادي وما أدراك ما فعل الفراق بنا ، فلو أنّا تصّعّدنا في السماء أو هوت بنا الريح في مكانٍ سحيق لكان أهون ألف مرةٍ من فراقك.

ولا طيب لنا الله العيش بعدك.

وما طلبناه بعدك إلا أخذًا لثأرك وتنكيلًا بأعداء الله وأعداءك وحتى يظل ثغرك الوضّاء باسمًا في سماء مجدنا وأمنياتنا بتحقيق حلمك والإيفاء بوعدك الذي أفنيت لأجله سنون حياتك.

القدس يا سيدي نعم ، نعدك بالقدس ولا والله نرضى غيرها ثمنًا مهرًا لدمائك التي تحنّت بها أكناف بيت المقدس ، وإنّا لكلِّ الطغاة بقوة الله وببركة دمائك الطاهرة قاهرون ، وكيف نرى نحن أنفسنا وإياك بها مصلين. ويظنون أنّهم بغيرها قد يكونوا ظافرين ، ولا يعلمون أن بعدك رجالا ما كانوا ولن يكونوا يومًا لعهدك من الناكثين.

وفي القدس ستكون أنت إمامنا بها ونحن أباةً مكبرين منتصرين أو شهداءً خلف مقامك تصلي بنا فيها صلاة العيد و ركعتين.

وإنّا على العهد .

 

 

قد يعجبك ايضا